2025/08/03 | 0 | 1314
قراءة في قصيدة "خارطة الحنين" للشاعر السعودي ناجي حرابة.
بقلم : أنور حافظ مصر
قراءة في قصيدة "خارطة الحنين"
للشاعر السعودي ناجي حرابة.
في البداية النصّ نابض بالعاطفة، متخمٌ بصور وجدانية عميقة تزاوج بين مجموعة من الأبعاد المتنوعة حيث نجد البعد الشخصي والإنساني الشامل، وتُظهر في جنبات القصيدة حسًّا شعريًّا عاليًا في الاشتغال على ثنائية الذاكرة والغياب.
مفاتيح في قراءة القصيدة :
1. العنوان:
"خارطة الحنين" عنوانٌ مُحمّل بالرمز والدلالة. حيث كلمة خارطة توحي بالتفصيل، بالاتجاه، بالمناطق، ما يوحي بأهمية المكان بأن الشاعر يرسم ملمحًا لخطواته وهو يسير في دهاليز الحنين كما لو أنه يتتبع تضاريسه على خارطة روحية.
2. المعجم العاطفي والصوري:
القصيدة تفيض بالمفردات العاطفية القوية المرتبطة بالعاطفة والوجدان: (الحنين، القلب، الذكريات، الحلم، الألم، الجرح، الحب، الصوت، البخور...)، مما يخلق انسجامًا داخليًا بين المضمون واللغة.
الصور الشعرية مثقلة بالدلالات العاطفية:
"صوت أمي يُضمّخ أردانه بالبخور"
هنا استحضار للذاكرة الحسية، عبر الصوت والرائحة، في تمازج حسيّ فنيّ.
3. الإيقاع والموسيقى الداخلية:
رغم أن النص حرّ، إلا أنه حافظ على موسيقى داخلية متولدة من التكرار:
"الحنين..."
التكرار الفني و البنائي لدى الشاعر يمنح الكلمة مدلولا عميقا منح القصيدة طابعًا ترانيميًّا ونسقيًّا جذابا خاص بالشاعر.
كذلك الجناس بين كلمات مثل: (الدم/الألم، الحنين/الأنين، نراه/نُغمض أعينَنا كي نراه) أضفى رنينًا صوتيًّا مؤثّرًا جديدا ومتميزا قلما نجد هذا الاهتمام لدي الشعراء الحاليين.
4. البنية التصويرية والفكرية:
نجد أن الشاعر قد لجأ في تصوير معاني الحنين يصوَّر بأشكال متعدّدة في النص:
رسول
ابتكار للمضارع
صيّاد ثأر
خارطة للعمر
انتفاضة نبض الزمان
هذا التنوع في التشكيل الصوري يدل على عمق تجربة الشاعر مع الحنين، بحيث لم يَره حالة شعورية عابرة، بل كيانًا يتطوّر ويتّخذ أشكالًا متعدّدة.
5. التناص الأدبي:
نجد لدي الشاعر إشارة واضحة إلى الشاعر الكبير محمود درويش:
"لا (أحنّ إلى خبز أمي) لأني أنا خبزها..."
وهذا تناص جميل، قلب فيه الشاعر المعادلة، فجعله هو نفسه "خبز الأم"، ما يعمّق العلاقة بين الذكرى والهوية.
كذلك إشارة إلى مجنون ليلى قيس بن الملوّح:
"قالها (قيس) في وجهِ جيشِ الهوى فانهزمْ"
مما يضفي على النص بُعدًا تراثيًا ويعزز ربط الحنين بالتجربة العشقية الخالدة.
نقاط يمكن تعزيزها:
1. إدماج لحظة واقعية أو سردية بسيطة:
القصيدة تميل إلى المجاز الكثيف، ولو أدرجتَ فيها لمحة سردية بسيطة (كصورة من الطفولة أو مشهد يومي) لأضفى ذلك تجذّرًا واقعيًا يوازن التجريد الشعري.
2. ترتيب الصور من الأقل إلى الأكثر تكثيفًا:
لتقوية التصاعد العاطفي والبنائي، كان يمكن أن يلجأ الشاعر الي ترتيب المقاطع بما يجعل كل صورة جديدة أعمق من سابقتها. حيث نجد حاليًا ان هناك بعض التشظير في الانتقال من صورة إلى أخرى، رغم أن هذا قد يكون مقصودًا لتمثيل الحنين كمشاعر متقطعة.
3. الختام:
البيت الأخير في القصيدة قوي جدًا، كما لو كان قنبلة المشاعر والحنين لكنه يترك القارئ في قمة الحزن. ربما لو كانت الخاتمة بجملة فيها دهشة روحية أو مفارقة وجدانية (حتى لو ظلت حزينة) سيكون الوقع أوسع.
خاتمة:
"خارطة الحنين" ليست مجرد قصيدة، بل عبارة عن رحلة وجودية بين القلب والذاكرة. إنها قصيدة الذات الباحثة عن نفسها وسط جنبات ودروب من خرائط غارقة في تفاصيل من تحب، في العطر، في الصوت، في الزمن الضائع.
كل التحية للشاعر المبدع ناجي حرابة وفي انتظار إبداعاتة القادمة.
خارطةُ الحَنين ( للشاعر ناجي حرابة)
يَهزُّ الحنينُ الحَنايا
ويَطرقُ قلبًا
ليبعثَ من عمقهِ فرحًا أو ألمْ
صوتُ أمّي يُضمّخُ أردانَهُ بالبخُورِ
وذكرى أبي وردةٌ في يديهِ
فإنْ لزّهُ الوَجدُ أَحنى وشَمّْ
الحنينُ رسولُ القِدمْ
الحنينُ ابتكارُ المضارعِ يسعى لتعلوَ أعناقُهُ فوقَ سقفِ العَدمْ
الحنينُ ارتحالُ المشاعرِ نحوَ المجاهيلِ يقتادُ لحظاتِهِ مثلَ حُمْرِ النِّعمْ
أَوْرِ يا قلبُ ناركَ من حطبِ الذّكرياتِ
وقطِّرْ عليها من الحُبِّ
واستدعِ رُوحكَ حتى تُبلِّلَ موَّالَها بالنّدى والضَّرمْ
خَلِّ يا قلبُ (ليلاكَ) تغرقُ في بحرِ نسيانِها
والتَحِفْ حُلمَكَ المُشتهى ثمّ نَمْ
قالها (قيسُ) في وجهِ جيشِ الهوى فانهزمْ
الحنينُ انكسارُ المواويلِ في أُذُنِ العشقِ حدَّ الصّممْ
وهو صيَّادُ ثأرٍ قديمٌ
فإنْ نسيَتْهُ التّقاويمُ داهَمها وانْتَقمْ
وهو ذاكَ الذي لا نَراهُ
فنُغمضُ أعينَنا كي نَراهُ
ونسبحُ في غَيمهِ
ثمَّ نهطلُ فوقَ صحارى الأضالعِ
من فُوَّهاتِ الدِّيَمْ
دُلَّنِي يا حنينُ على مُشرعاتِ الزّقاقِ
وأَوتِدْ على كلِّ حادثةٍ لي عَلمْ
أَنتَ وحدَكَ تملكُ خارطةَ العُمرِ
تَعلمُ أينَ اخْتَلتْ شَفتايَ بأعذبِ فَمْ
وكيفَ اسْتقرَّ بصدريَ أَرْهفَ سهمْ
وكيف أُوَاريْ انكساراتِ روحيْ وأَبسُمُ كيما يقالُ:
انظروا الجُرحَ عضَّ على نزفهِ وابتسمْ
الحنينُ انتفاضةُ نبضِ الزّمانِ الذي جرّحتْهُ الخطوبُ
فعادَ على شكلِ لحمٍ ودَمْ
لا (أَحنُّ إلى خُبزِ أمي) لأنّيْ أنا خبزُها
إنما لارتشافِ يديها أحنُّ
وللزّهرِ في مقلتيْها أَحنُّ
وللذِّكرِ في شفتيها أَحنُّ
وللنّهرِ والشّعرِ والطُّهرِ في صدرِها هادرًا بالمناجاةِ من دونِ قافيةٍ أو نغمْ
الحنينُ الحنينُ
احتدامُ المعاركِ في داخلي
وانتصارُ الألمْ
جديد الموقع
- 2025-10-26 أفراح العبد اللطيفف والنمير تهانينا
- 2025-10-26 مفتي عام المملكة ينوّه بدعم القيادة لجهاز الإفتاء ويُثني على جهود الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله
- 2025-10-26 مستشفى العمران العام يُجري أول عملية منظار لمفصل الركبة ضمن خدمات العظام والإصابات الرياضية
- 2025-10-26 أبناء "بصمات" يتألقون في ماراثون أرامكو للأمن السيبراني ضمن فعاليات التحول الرقمي برعاية مدير تعليم الأحساء
- 2025-10-26 سمو محافظ الأحساء يكرّم المتقاعدين من منسوبي المحافظة تقديرًا لجهودهم
- 2025-10-26 بحضور متوهِّج لأبنائها في الملتقى الأسري لعام 1447هـ.. سادة آل سلمان تعزِّز أواصر القربى وتحتفي بالعلم والعطاء الاجتماعي
- 2025-10-26 رئيسة "مشكاة التعليمية" العراقية تزور متحف "للماضي أثر" التراثي وتطلع على كنوزه
- 2025-10-26 د. صبري زيادة استشاري جراحة العظام بمستشفيات الحمادي.. في حديث عن: الإحساس بالحرقان في باطن القدمين
- 2025-10-26 وفد خليجي يزور مؤسسات الطاقة في ألمانيا وبلجيكا لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات
- 2025-10-26 ملتقى يجمع المتعافيات و المصابات بسرطان الثدي في تجمع الأحساء الصحي