2022/03/29 | 0 | 2156
فلسفة الشعر لدى عبدالمجيد الموسوي في شروده المؤجل
الشعر لدى هذا الشاعر المجيد نافذةٌ بكرٌ تنفتح على الحياة كضوءٍ حين ينبثقُ فتارةً يتجلى كأغنيةٍ ، تُطرب مستمعها و تارةً تُنزَّلُ عليه كوحيٍ سماويٍ، و ربما يأتي على هيئة فلسفة وجودية أو ينساب كنهرٍ من البوحِ منه الروحُ تندفقُ و في كل قصيدة تجد الكاريزما التي يتمتع بها حاضرةٌ في حركاته و سكناته و علاوةٌ على ذلك تجدْ فخامة نبرته لا تنفك عن رسمة حروفه.
في كل مقطوعةٍ أتمعنُ بها للمتألق الموسوي تُطرح عليَّ أسئلة كبرى من أهمها ماذا تفتح أمامي من آفاق؟
و عندما يتذوق القارئ طعم قصائده يتذوقها كما هي مجردة بكثافتها و غموضها .
و كما عبر أدونيس في زمن الشعر (إن طاقة الكتابة الإبداعية مرتبطة بقدرته على طرح الأسئلة و على التجاوز المستمر لذاته و لما يكتبه)
والضمير يعود هنا للمبدع أو الشاعر
يمتاز شعر الموسوي بجاذبيةٍ آسرةٍ لا لشيءٍ إلا لأنه كُتب بعاطفة متوهجةٍ و بإتقانٍ و لا أبالغ إن قلت بأن النص لديه يُطبخُ على نارٍ هادئةٍ ليُقدمُ للقرَّاء على طبقٍ من الدهشة رغم ما يعتريه من الظمأ :-
و أمسكتُ حبلَ القصيدةِ
أملأُ دلواً من البوحِ
أشربُ معنىً شفيفاً،
شربتُ كثيراً
و لكنني من لظىً
ما ارتويتْ
الموسوي في شروده المؤجل حاول قدر المستطاع أن يؤطر الشرود ضمن دائرة تضيق و تتسع حسب خصوبة الخيال ليُبهرَنا بقصائدٍ متنوعةٍ الأغراض متفاوتةٌ في المشاعر منها الوطنية من الطراز الرفيع :-
عشقي تَلوَّنَ بالخَضَارِ هُويةً
قلبي البياضُ و كلُّ نبضيَ أخضرُ
(سيفان) كالبَرقِ المهيبِ و (نخلةٌ)
ريَّانةٌ منها العَطـا يتفجَّرُ
و منها الرثائية التي يغلب عليها طابع الفكرة لا العَبرة فحسب :-
من بعد ذاك الأُنسِ تُلبِسنا الأسى
و تكون أنتَ رهينةَ الأرماسِ
و منها الغزلية/القبانية التي تداعب المشاعر كمداعبة الرياح لأوراق الشجر :
كم لذةٍ حُلوةٍ
عِشنا الهَيامَ بها
و لم نَتُبْ بعدُ
من هذي الملذَّاتِ
و منها الوجدانية التي تعكس انفعالاته الفطرية :-
إني أنا الإنسانُ
نفحةُ آدمٍ
الحبُّ
من أسمائيَ البيضاءِ
و لك عزيزي المتمعن بديوانه أن تلاحظ كم هو مخلصٌ لشعره و ذائبٌ بقصائدِهِ حتى الانتشاءِ :
حملتُ قصائدي بدمي
كــ(ساعٍ)
يوزِّعُ نبضَهُ، ليفي بريده
و لك أن تتخيل كم عانى من كثافته في مرحلة ما!
و أي كثافة تلك التي يصرُّ بكل ما أوتي من الشاعرية أن يتخفف منها، حين يقول :
خلعتُ كثافاتي
تجرَّدتُ ربما
أشقُّ سماواتي شفيفاً ،
لأعبرا
...
و هي ذاتها هذه الكثافة في مرحلة أخرى يجدُّ السيرَ لاصطيادها ليتخفَّف من البؤس :
ما زلتُ أبحثُ عني
من يُكثِّفني
نفسي هوايَ شكوكي شقوتي خطري
كل الكثافاتِ
أسرجتُ الجمال بها
حتى تخفَّفتُ من بؤسي
و من كدري
...
و تتجلى الكثافة في مرحلة تتفوق على المرحلتين السالفتين برقصةٍ من الاندهاش:
كوني القصيدة
كي أبقى يُكثفني معناكِ
مندهشاً
أشدو بمفردتي
...
الشعر لديه أيقونة جمالية وظَّفها ليشفي الخواطر مرةً،و مرةً آخرى ليكسر الصمت و ثالثة للرُقية :
بالشعرِ يمكنُ أن نشفي خواطرنا
بالشعرِ يمكن أن نُهدي الرياحينا
...
أيا امرأةً
بطعم الشعر
عودي
واكسري صمتي
...
أُرقيكِ بالشعرِ،
إذ بالشعر يُمكنُنا
منحَ الحياةِ
حياةً ...
للغدِ الآتي
جديد الموقع
- 2024-05-07 فاطمة السحاري : لا يسعفني قلمي ولا وجعي .. فالمسافر راح .. فرحمة الله تحتويك يا "البدر"
- 2024-05-07 الخريف يرعى تكريم اللجنة المنظمة للنسخة الثالثة لـ حرفيون
- 2024-05-07 ضمن برنامج الاحتفاء بأسبوع الأصم العربي ٤٩
- 2024-05-07 أهمية الكتب الورقية: لماذا الكتاب الورقي الذي يحمله الطفل بيديه أفضل من الكتاب الذي يقرأه على الشاشة؟
- 2024-05-07 الدور الخفي لدرب التبانة في الميثولوجيا المصرية القديمة
- 2024-05-07 القراءة ونشوة المعرفة
- 2024-05-07 أنامل على الأعتاب في مدح السادة الأطياب اصدار جديد
- 2024-05-07 أنامل على الأعتاب في مدح السادة الأطياب اصدار جديد
- 2024-05-06 ابن المقرب في بيت الشعر بالقيروان
- 2024-05-06 مدينة مصغرة لواحة الأحساء الزراعية