2016/03/17 | 0 | 3712
صاية ووصاية
استغل البعض موضوع الدين بما يمثله من قيم عليا سامية لأغراض دنيوية, وساهمت بعض شرائح المجتمع لتصنع من ذلك الرجل شيطاناً تجسد في لباس ديني. فبعد ما كان يدخل المجلس ليسلّم على الكبير والصغير , صار يدخله باحثاً عن صدر المجلس ليتربع فيه, وبعدما كان يقبل رأس من يكبرونه سناً احتراماً لهم أصبح يطأطئ برأسه الشريف ليقبله الناس ولا يتورع حتى وإن كان المقبّل له في عمر جده.
هذه الصورة المتعالية لم تقف عند ذلك الحد فما أن يحين موعد قراءته, حتى يعتلي ذلك المنبر الذي يحمل قدسية في نفوس الناس, معتقداً بأنه اعتلى عقول الناس فلا يبالي ماذا يقول، ولماذا يقول، فهو يدري في النهاية أن الجميع مجبر على سماعه، ولن يستطيع أحد مقاطعته أو إسكاته, وحتى إذا تمكن أحدهم من انتقاده فإنه سينتقده في السر وليس في العلن .
ينقل لي أحد المؤمنين بأنه استمع في أحد الأيام لخطيب مرموق في المنطقة, يتقاضى مبالغ خيالية على المجلس الذي يلقيه, وكان حديثه عن ظلامة السيدة الزهراء عليها السلام, وذكر بعض التفاصيل الدقيقة وختم كلامه بأن الناكر لهذه التفاصيل ضال مضل ملمّحاً للسيد محمد حسين فضل الله في حديثه. بعد نزوله من المنبر جلس ليشرب الشاي فجلست بجواره مستفسراً عمّا قاله, فلاحظت لغته حادة وصوته مرتفعاً مما لفت انتباه الجالسين الذين احتشدوا عندي في حالة صوّرها ذلك الخطيب على أنها مناظرة، وأنني ذلك الضال الذي يعنيه, فلم أخرج بنتيجة معه, ولكن المؤلم أن أحد الجالسين قال أثناء خروجي من المجلس: (يا وليدي لا تقرا كتب هالخمة!).
هذه الحادثة التي نقلها لي ذلك المؤمن تدل على مقدار الوصاية التي يمارسها بعض هؤلاء ممن يدعون الفضيلة فهم لا يتورعون عن الخوض في الناس، ولا يبالون إن كان حكمهم جائراً، فهم في النهاية محميون بتلك الصاية التي ترسخت في عقول المجتمع على أنها مقدسة ومن يرتديها لا يخطئ.
نحن بحاجة ماسة فعلاً لمراجعة ذلك السلوك والوقوف حول تداعياته, فالمستمع اليوم ليس كما يعتقد ذلك الخطيب وإذا استمرت هذه الطريقة في الخطاب الديني الملقن فإنّ الشباب الواعي سيختار العزوف عن تلك المجالس أو سيأتي يوم ليقوم أحدهم مقاطعاً لذلك الخطيب في ذلك المجلس حتى وإن هاجمه الحضور .
أختم كلامي بأن هذه الحالات لا تعني التعميم فهنالك ممن يحملون تلك القيم الأصيلة ولا يحيدون عنها, فالبعض كالذهب, الانصهار لا يغير في معدنه، و الضغط لا يحط من قيمته, ومهما قلبته الظروف يبقى ذهباً.
جديد الموقع
- 2024-04-27 صدور الكتاب الرابع عشر لـ عدنان أحمد الحاجي
- 2024-04-26 الوائلي.. في أوج العلم والثقافة والأخلاق
- 2024-04-26 القراءة خارج الدائرة
- 2024-04-26 الشيخ الصفار يدعو لمواجهة تحديات الحياة بالثقة والأمل والنشاط
- 2024-04-26 مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري يكرم بر حي الملك فهد
- 2024-04-26 فرع مركز الملك عبدالعزيز بالشرقية للتواصل الحضاري يكرم مركز بر الفيصلية .
- 2024-04-25 اترك أثراً إيجابياً.
- 2024-04-25 مؤسسة رضا الوقفية تكرم الفائزين في مسابقتها التصوير الفوتوغرافي - النسخة الثانية
- 2024-04-25 «خيوط المعازيب».. والذاكرة المنسية
- 2024-04-25 ناشط قرائي