2010/08/08 | 0 | 4917
خطاب الجمعة : المهدي الموعود(عجل الله الشريف)
وقد سعى الأنبياء بكل ما أوتوا من قوة من أجل ذلك ,إلا أن ذلك لم يتحقق في جميع أطراف المعمورة ,والله سبحانه وتعالى وعد أن الأرض يرثها الصالحون كما قال {والأرض يرثها عبادي الصالحون} وهذا الوعد الإلهي يتحقق على يد الإمام المهدي (عليه السلام) الذي بشر به الأنبياء (عليهم السلام) وعلى رأسهم النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما قال لو لم يبقى من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلاً من أهل بيتي يواكب أسمه أسمي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملأت ظلماً وجوراً, ونحن الشيعة الإمامية نعتقد كما أشارت لذلك الروايات أنه ولد وهو غائب- أي لا يعرفه الناس بشخصه -وقد مد الله في عمره الشريف,ولكن هناك مجموعة من الأسئلة قد تطرح منها مايلي:
هل يمكن أن يكون إماماً وقائداً وهو غائب عن الناس؟ثم ماهي الفائدة من غيابه؟
أولاً : نقول غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) ليس أمراً غريباً في الساحة الإلهية حيث نجد أن بعض الأنبياء قد غابوا عن قومهم فترة من الزمن قد تطول وقد تقصر بحسب ما تقتضيه المصلحة والمهمة الموكلة بذلك النبي ,فنجد أن موسى بن عمران(عليه السلام) قد غاب عن قومه قرابة أربعين ليلة كما حكى القرآن الكريم لنا ذلك بقوله{وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة } وأيضاً نموذجاً أخر وهو نبي الله يونس (عليه السلام)غاب عن قومه كما قال تعالى{ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }فهل يمكن أن نقول بما أن هذين النبيين(عليهما السلام) قد غابا عن قومهما قد أنتفت نبوتهما وقيادتهما ؟وأنه ليس هناك فائدة منهما لأنهما غابا عن قومهما؟ لا شك أن هذا لا يقول به مسلم,فلآبد أن هناك فائدة من غيابهما وعدم علمنا بتلك الفائدة من ذلك الغياب لا يدل على عدم وجود فائدة وكذلك الكلام حول غيبة الأمام المهدي (عليه السلام).
وثانياًً:أن المسلم عند علمائنا (رضوان الله عليهم) هو عدم إمكان اتصال عموم الناس به (عليه السلام) أما عدم اتصال الخواص والمقربين به فليس من المسلم فالصلحاء من الأمة لهم التشرف بلقائه , ومن الذين يلتقون به الخضر (عليه السلام)كما أشارت الأحاديث.
ثالثاً:ليس هناك ملزمه بين الغيبة وعدم التصرف في الأمور,وعدم الإستفادة من وجودة ,بل يمكن أن يكون غائبا عنا ولكن له من التصرف في الأمور وله عناية بقضايا الإسلام ونحن لا علم لنا بذلك,وقد دلت الروايات أنه (عليه السلام) يحضر الموسم في شهر الحج ويكون من ضمن الحجاج ويصاحب الناس وإن كان الناس لا يتعرفون على شخصه المبارك.
رابعاً:بما أن الإمام (عليه السلام) هو قائد وزعيماً دينياً وسياسياً لا يلزم أن يتصرف في القضايا بنفسه مباشرة بل ربما يوكل ذلك إلى غيره ,كما كان يفعل ذلك في الغيبة الصغرى التي استمرت ما يقارب من سبعين عاما حيث كان السفراء الأربعة هم الواسطة بين الإمام(عليه السلام) وبين شيعته ومريديه,وفي الغيبة الكبرى ارجع الناس إلى الفقهاء والعلماء العدول, وجعلهم حجة على الناس كما جاء عنه (عليه السلام){وأما الحوادث الواقعة,فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا,فإنهم حجتي عليكم, وأنا حجة الله عليهم) فغيبة الإمام فيها من الحكم الإلهية وليست عبثاً وهناك فائدة من وجودة وأن كان غائباً كما أن لوجود الشمس فائدة وأن سترها السحاب كما قال (عليه السلام){وأما وجه الإنتفاع بي في غيبتي ,فكالانتفاع بالشمس إذا غيبها عن الأبصار السحاب}
ما هو السبب في غياب الأمام المهدي (عليه السلام)؟
لو قلنا أن عقولنا قاصرة عن أدراك أسباب هذه الغيبة (التي لها أكثر من 1150تقريبا)لا يجرنا الأمر إلى أن ننكر الروايات المتواترة .
لكن على رغم ذلك نجد أن أسباب غيبة الإمام (عليه السلام) واضحة خصوصاً لمن أمعن في الروايات حيث تشير إلى أن السبب من غيبته هو القتل والقضاء عليه حيث يعتبر الإمام المهدي(عليه السلام) هو آخر الأئمة الإثني عشر الذين بشر النبي(صلى الله عليه واله وسلم )بهم ولشك أن أصحاب الدنيا والسلطات تتربص به من أجل القضاء عليه حفاضاً على سلطانهم وسلطتهم كما صنعوا بإبائه وأجداده الذين قضوا إما قتلن بالسيف وإما اغتيالاً بالسم ,وهذا الأمر مستمر إلى يومنا هذا فلو كان الإمام روحي فداه ظاهراً لأقدموا على قتله وتصفيته.
عمر الإمام المهدي الطويل:
من الأسئلة التي تطرح هل يمكن أن يعيش هذا العمر الطويل أكثر من ألف ومائة وخمسين عاماً؟
والجواب على ذلك في نقاط:
1- بما أننا مسلمون ونؤمن بالله سبحانه وتعالى ونعتقد أن الله على كل شي قدير فليس من الغريب أن يطول عمر كائن من الأحياء بقدرة الله تبارك وتعالى.
2- نجد أن بعض الأنبياء(عليهم السلام) قد طالت أعمارهم ومنهم شيخ الأنبياء نوح(عليه السلام) فقد عاش عمراً طويلاً كما صرح القران الكريم بقوله(فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً) وبعض المفسرين قال لبث فيهم أي مقدار الدعوة لقومه وألا فعمره أطول من ذلك فهناك بعض الأقوال تقول عاش( 2500)سنة, وأيضاً عيسى(عليه السلام) لا يزال بقدرة الله حياً قد رفعه الله إليه وسوف ينزل إلى الأرض ويصلي بإمامه الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)و أيضاً يشير القرآن الكريم إلى قصة نبي يونس (عليه السلام) عندما التقمه الحوت فلولا تسبيح يونس (عليه السلام) لبقي في بطن الحوت إلى يوم يبعثون كما قال تعالى{فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}؟ ومعنى هذا أن الحوت أيضاً سوف يطول عمره.
3- وقد أكد الأطباء أن رعاية أصول حفظ الصحة من عوامل طول العمر .
ما هو دورنا في زمن الغيبة:
1- أن نرسخ المعرفة بإمام الزمان ,ويكون عندنا يقين وجزم بحتمية ظهوره وأنه الإمام الموعود الذي بشر النبي (صلى الله عليه واله وسلم) به ويظهوره وأن نرسخ هذه الأمور في أذهان أبنائنا وأن نربيهم على التعلق بالإمام (عليه السلام).
2- أن نكون دائماً ممن يحي أمر أهل البيت (عليهم السلام) بأن نعيش بقلوبنا معهم أن نحي أفراحهم وأحزانهم ,وأن تكون سيرتهم هي القدوة لنا في حياتنا وسلوكنا.
3- أن نقوي الجانب الإيماني في قلوبنا وأن نكون يدا واحدة في أقامة العدل بيننا , وأن نتواصى بالحق والصبر كما قال تعالى(والعصر.إن الإنسان لفي خسر.إلا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)
والحمد الله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين.
