2020/02/17 | 0 | 2067
المخلص المتفاني
رسم الكاريكاتير الأستاذ هيثم السلطان
ربما أقطع أن كثيرا من الناس كانوا يرون أن أفراد مجتمعنا كانوا أكثر ترابطا و أكثر انكشافا لبعضهم البعض ، لكني أعتقد أنه بعد ثورة وسائل التواصل الاجتماعي بات الناس أشبه بالعرايا أمام بعضهم خاصة فيما يتعلق بالأفكار و السلوك الاجتماعي و نظراتهم له ، و شخصيا سيما بعد انتشار استخدام تطبيق الواتساب الذي يتيح التفاعل اللحظي و السريع كنت أدعى و لازلت للانضمام للكثير من المجموعات المتعددة الاهتمامات العامة و الاجتماعية و الادبية و التاريخية و التراثية و احيانا الاقتصادية ، و على رغم عدم اهتمامي ببعض المجالات فقد كنت أتحرج من الخروج من تلك المجموعات و التي قد تضم أشخاصا كثر لا أعرفهم و لا أعرف اهتماماتهم أو واقع أمزجتهم ، لكني كنت أرحب بتلك الدعوات ، و ابقى قدر الامكان حتى و لو من باب المجاملة لمن استحسن انضامي لمجموعة واتسابية او حتى أحيانا أستبقي تلك العضوية كي تكون نافذة لمعرفة ما يجري في المجتمع أو من حولي كحد أدنى ، و في أحايين عديدة أكون متفاعلا إذا كانت ضمن اهتماماتي الشخصية طبعا .
من خلال وجودي في بعض المجموعات و لعدة سنوات مضت لاحظت نموذجا استعصى على نفسي تق ّبله ، و هو
نموذج المتثيقف الجلاد ، و هو عادة شخصية سليطة ال ّلسان يضع المجتمع تحت مجهر نقده و يتصيد الزلات ّ
ح ّد تعيير المجتمع و أحيان كثيرة يشخص العلل و بأساليب فجة تنم عن حالة مريضة ، و يثار الجدل في مواقف اجتماعية من موقع المتم ّحك لا الداعي الناصح الشفيق .
خلال الشهور الثمان الماضية جمعتني بستة أو سبعة أشخاص من هذا النموذج مناسبات اجتماعية أو لقاءات أسرية ، كان الواحد منهم عادة يكون فارس حلبة النقاش ، مثبتا أو مفندا حالة دينية او ممارسة طقسية أو عادة اجتماعية ، لكن يتسم الأمر عادة بالصوت المرتفع ، و الحلق الواسع ، و التهريج ما أمكن ، لكن لفت نظري أمران في أغلب هؤلاء ! و هو التركيز على السؤال : متى نتطور ؟؟ و متى نساير من حولنا من المجتمعات المبدعة و المنجزة و نخرج طاقاتنا ؟
الثاني لاحظت كل واحد من هؤلاء في مواضع كثيرة يشير لتفايه المتفرد في عمله ! و أن هذا ينم عن حالة وطنية تشربها من مراضعه الأولى .
ذات ظهيرة و على عادتي عند خروجي من العمل ارتاد مزرعتي أو مزرعة الوالد كي أنفض ما يعلق في نفسي من أتعاب العمل و من طنين صياح الأطفال )الذين أدرسهم كل يوم ( بزقزقة العصافير أو حفيف سعفات النخيل و في لحظة تجلي ، برقت في ذهني تلك التمتمات و اللازمات التي كنت ألاحظها في بعض أولئك المثقفين من فرسان الواتساب .
فعادة و في الأحساء بالذات اعتاد المنجزون أن يكون انجازهم الشخصي هو المتحدث باسمائهم دون ترداد الحديث عنه ، كما أن التفاني فيه أي العمل خاصة في وقت أدائه حالة تص ّوف و ذوبان تذهل المرء عما سواه حتى ٌع ّد العمل عبادة ، و الاخلاص فيه هو سبيلنا للتقدم و التطور الذي كان أولئك الفحول )يشيلون و يبطون ( في المجتمع بسببه .
الخلاصة سنحت مني سانحة فكر ، كنت قد خصصت ساعة لتفريغ ذاكرة تطبيق الواتساب التي تكاد تنفجر من هول الكتابات و التعليقات الكتابية و الصوتية التي كانت تدار في تلك الحلبات الفكرية و الاجتماعية و احيانا الاقتصادية التي يجول فيها هؤلاء الفحول الأشاوس و التي لا يفصلها إلا تعقيبات الاستحسان أو الموافقة من بعض أعضاء هذه المجموعة أو تلك .
لكن لفت نظري ملاحظة لا أدري أهي خبيثة أم ذكية . ) كانت كل تلك التعليقات و الكتابات كلها تكتب في وقت العمل !!! و تتوزع من بداية الصباح حتى نهاية الدوام الرسمي
عادة !!!!!
( مما جعلني فمي فاغرا !!! أين تلك المثاليات عن العمل و التفاني و وجوب الاخلاص و المنجزات و كيف يكون سبيل للرقي و دعاته يفنون أياما و أوقاتا ثمينة في العبث الكتابي و في جولات مرضاهم و طلابهم و مراجعيهم و المستفيدين من خدماتهم هم أولى بها !
قلت في نفسي ربما هذه السانحة هي فكرة من افكار أبليس لتغريني بسوء الظن بهؤلاء . لكن وجدتني اتسلي لمدة تقرب من أربع شهور على تلك الملاخظة و التي تأكدت لي كل يوم أن هؤلاء أبطال من ورق . و تأكد لي المثل ) الثم ما عليه قفل (
المخلصالمتفاني .
لكن ما استوقفني هم أولئك المصفقون ، هل سيكون الواحد منهم سعيدا عندما يستودع ابنه لمعلم او فيمن هو في حكمه و هو يفني يومه في الواتساب او هل سيكون سعيدا عندما تضيع مواعيده أو مواعيد امه العجوز لطبيب يسوف علاج مرضاه او هل سيسعد عندما يكون تتتعلق معاملته بين يدي موظف مسوف !! لانه مشغول برفع وعي المجتمع و دفع عجلة التفكير فيه .
لقد صار دخولي على الواتساب ظهرا حالة من التسلية كي أضحك كثيرا من تلك الظاهرة اليومية التي اراها . حتى صرت أردد قول الشاعر السيد مهدي الأعرجي : كم بالمزاعم تملأ الأشداق و لدى الحقيقة مالها مصدا ُق
قد أجحفوا بحقوق أهلهموا كما بلحاهموا قد أجحف الحلاق
و الذي تطور هذه الايام إلى الكي بورد ماعليه قفل .
جديد الموقع
- 2024-05-02 تزامناً مع اليوم العالمي للصحافة و باستضافة نادي كيو بارك .المعلق الرياضي جعفر الصليح .16 عام أمام المايك في 6 قنوات و المعلق العربي و الأجنبي اضافة لمتعة الكرة السعودية
- 2024-05-02 أفراح العايش والفرحان تهانينا
- 2024-05-01 النقد الأدبي بين الفاعلية والمجاملات الرقمية والإعلامية.
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس المجلس المحلي للمحافظة
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس اجتماع اللجنة العليا لإنشاء المستشفى الجامعي التعليمي
- 2024-04-29 وعي القلم والأمل نص مستخلص من مجموعة (كلام العرافة) للدكتور حسن الشيخ
- 2024-04-29 ريم أول حكم سعودية لرياضة رفع الأثقال حازت على الشارة الدولية
- 2024-04-29 بيئة الأحساء تدشّن أسبوع البيئة 2024 تحت شعار "تعرف بيئتك"
- 2024-04-29 منتدى البريكس الدولي يكرم الفنان السعودي الضامن في غروزني الشيشان ..
- 2024-04-29 حققوا المركز الأول على مستوى المملكة كأعلى تسجيل للطلاب طلاب "تعليم الرياض" يفوزون بـ13 ميدالية في أولمبياد "أذكى"