2016/08/05 | 0 | 4596
التقيّة والنفاق
يختلط على البعض الفروق بين التّقية والنفاق وفيما يلي نظرتي القاصرة للفروق بينهما.
التقية هدفها مشروع ومسالم لا يتعارض مع الأخلاق فمن يمارس التقية يهدف إلى أن يمارس شيئاً مشروعاً ليس فيه إضراراً بالآخرين أو اعتداءً عليهم. كل هدف من يمارس التقية هو أن يتركه الآخرون وشأنه وهو يمارس هذا العمل المشروع الذي لا يتعارض مع الأخلاق كأن يمارس دينه الذي يرتضيه أو فكره الذي يرتئيه وأن يدفع عن نفسه أذاهم ويتقي شرورهم ومنعهم له من ممارسة هذا العمل.
النفاق هدفه غير مشروع ويتعارض مع الأخلاق والمنافق يُمارس النفاق عندما يريد أن يحقق هدفاً غيرَ مشروع فيه تعارض مع الأخلاق أو اعتداء على الآخرين وهو يمارس النفاق لكي يُغطّي على هذا الهدف القبيح عن أعين الناس حتى لا ينكشف لهم ويفسدوا عليه خطته الخبيثة.
التقية هي "إخفاء" فقط للعمل المشروع عن أعين أعداء هذا العمَل وليس فيه كذب على الآخرين.
أما النفاق فهو "إظهار" لعمل أو مظهر زائف وخادع ووهمي لا وجود له في الحقيقة ولذلك فهو تعمّد للكذب.
إذن فالتقية هي مجرّد عدم إظهارٍ لحقيقة والنفاق إظهارٌ لكذب (عدم حقيقة).
التقية "اضطرار" فمن يمارس التقية لم يكن ليمارسها ولم يكن ليخفي تلك الحقيقة لو أن الآخرين -الذين يحاول أن يخفي عنهم هذه الحقيقةَ - كانوا على مستوى من الأخلاق والإنصاف كافٍ لأن يتركوه وشأنه وهو يمارس ما شرّعته له القوانين والأعراف.
أما النفاق فهو "تبرّع" فالمنافق لا يوجد شيء يجبره شيء على نفاقه (إظهار الكذب) وإنما يختاره بمحض إرادته لأنه يرى في ذلك وسيلةً ضرورية لكي يصل بها إلى أهدافه الخبيثة وغير المشروعة.
ولذلك فمن يمارس التقيّة لا يتبرّع بمدح الظالمين أو الإطراء عليهم بعكس المنافق الذي دائماً يبادربمدح الظالمين والإطراء عليهم وتبرير أعمالهم على الملأ حتى يصلهم ذلك وينال عطاياهم ويكسب رضاهم على حساب الأخلاق وغضب الرب فأهم شيء عند المنافق هو أهدافه القبيحة وغير المشروعة.
أمّا من يمارس التقيّة فلا يقول غير الحق إلا إذا هُدِّد أمنه أو حياته وأجبره الظالمون على قول غير الحق فقد يقولها اضطراراً بعد أن يتأكد أن تلفظه اللساني بذلك لا يزعزع موقفه الداخلي من الحقيقة وتمسّكه بها ونصره لها..
(مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن من شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)
(لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ)
فشتّان ما بين التّقية والنفاق..
جديد الموقع
- 2024-12-19 (قصة عجائبية من المخيال الاجتماعي الشعبي) (حلال المشاكل...القصة التي حفظتها أمهاتنا عن ظهر قلب)
- 2024-12-19 جمعية ابن المقرب تحتفي باللغة العربية في يومها
- 2024-12-19 سلطة النوع الأدبي وقراءة النص
- 2024-12-18 لماذا يتفوق الطلاب على الطالبات في مادة الرياضيات؟: وكيف يمكن تضييق الفجوة بينهم في هذه المادة
- 2024-12-18 الغذاء السيء لكل من الأم والأب قد يؤثّر سلبًا ويسبب ارتفاع الضغط وأمراض الكلى المزمنة في نسلهما إلى الجيل الرابع
- 2024-12-18 ورشة المرأة في اللوجستيات _ بمؤمر سلاسل الإمداد و الخدمات اللوجستية بالرياض
- 2024-12-18 جامعة الملك فيصل بالاحساء تحقق المركز الثالث في قياس التحول الرقمي لعام 2024 على مستوى قطاع التعليم والتدريب
- 2024-12-18 سمو محافظ الأحساء يدشن "برامج أكاديمية ريف السعودية"
- 2024-12-18 الأحساء.. وجهة سياحية تنبض بالتاريخ والطبيعة الخلّابة
- 2024-12-18 اللغة العربية في التعريب