التطوع تحت المجهر

وقفة مع هذه الهمسة:

"إذا لم تجعل لك هدفاً ستكون مجبراً على العمل طوال حياتك من أجل تحقيق أهداف الآخرين".

عندما تخرج من بيتك في كل يوم وتجد بعض الأمور التي تحتاج اهتماما وعناية ولمسة فنية في مستوى النظافة او الإصلاح البيئي او إشارة متعطلة أو رصيف أو حفرة في الطريق أو اضاءة قنديل او إيجاد مضمار للمشاة مع حديقة أو صيانة مرفق عام.

وبعد وصولك الى عملك تحتاج أن تهتم لبعض الأمور وتشارك في البرامج التوعوية او التطوير او الاستفادة من بعض البرامج، مثل: دعم إعادة تدوير الطعام أو المخلفات الأخرى.

وكنا في الزمان السابق نتجه الى بعض الجرائد اليومية الصادرة في المنطقة الشرقية ونرفع شكوى ويتم التواصل مع الجهات الحكومية المعنية وتتم الاستجابة. وقد وجدنا بعض الجرائد التي ترحب وتستقبل الملاحظة وتعتبرها سبقا صحفيا ولي تجربة ناجحة مع جريدتي المحبوبة (صحيفة اليوم السعودية) في تحسين البيئة وجعل منطقتي والمناطق الأخرى أكثر إشراقا، وأيضا المشاركة في التوعية الصحية والرد على بعض التخرصات الطبية الغير مسندة الى مصدر علمي.

وبعد فتح مجال التواصل مع الجهات الحكومية وجعل باب كل إدارة حكومية او خدمية مفتوحا، وايضا استقبال أي ملاحظة عبر برامج التواصل الاجتماعي مثل تطبيق (الواتس اب) والآن عبر التطبيقات الرسمية الأخرى.

بدأت مشاركة المجتمع وكما طرح سابقا المواطن شريك في التنمية وهو الجندي الأول والمرشد والمعين في سد الخلل والتقصير من أي جهة أخرى وارشاد كعين ترصد كل شاردة وواردة. بدأ الموطن في الرصد والمتابعة والتواصل الإيجابي وكانت تجربتي مع جهات متعددة مفيدة في طرق بابها عدة مرات.

ولنبدأ بالماضي بجزء مما علق في الذهن.

تعود الذكرى إلى أمي وأبي حيث تقوم الأم بالذات في حث الأبناء على المحبة وطلب مساعدة الأخوة فيما بينهم في ترتيب الغرف وإعداد الطعام وجلب المواد الضرورية من البقالة القريبة من البيت.

ومع التناوب بين الأبناء في رمي المخلفات حيث عشنا في بيت كان يبنى تدريجيا وكنا نساعد أبي (رحمه الله) في البناء واشتدت قوة أجسامنا من حمل بعض مواد البناء واكتساب بعض المهارات والخبرة التي انعكست في حياتنا في المستقبل.

بدأت الدراسة وكنت احتاج إعداد وجبة الفطور بعد توقف (وجبات التغذية المدرسية) وللعلم ان برنامج التغذية المدرسية توقف في عام 1400 هـ.

 بدأت الاسرة تجهز الوجبة في البيت حيث تجهز الخبز مع بعض الجبن أو البيض وبعد إيجاد مخبز يعمل (صامولي) نحرص على الشراء منه بعد الوقوف في طابور طويل أو تذهب اليه عصرا مع بداية عمله لتحصل على حبات عديدة بريال واحد.

وكنا نحمل بعض الفاكهة مثل اليوسف أفندي (فاكهة موسمية تشبه البرتقال) او الموز حيث خفتها وسهولة تناولها ولذة طعمها.

حيث تحرص الأم على تعويد الأبناء من تجهيز الفطور والمذاكرة وترتيب السرير وتجهيز الغرفة وإعداد البرنامج اليومي ومتابعة التلفزيون من أفلام كرتون ومباريات الكرة ومتابعة بطولة دوري الخليج وكأس العالم والدوري السعودي، وكنا نشجع بحماس وقوة أحد النوادي السعودية حيث ينعكس على اللباس والعلم في الغرفة وكذلك صور الفريق والشعار على بابها.

وتطور الأمر وجاء أحد الطلاب بالشعيرية (البلاليط) ملفوف في خبزة وكان محل تنمر في الفصل. وبعد ذلك تم استبدال الوجبة في المنزل بالنقود بعد فتح المقصف اليومي الذي يعد في المدرسة وهي أم المعارك بقصر الفسحة بعد  الحصة الثالثة ويبدأ الزحام على المقصف ويبدأ بعض الطلاب بالمساعدة في الصف بعد اعطائه النقود  لجلب السندوتشات المطلوبة وكان  الطلاب  هم من يقومون بالبيع  في المقصف ويوزع الاشتراك السنوي  كأسهم  تجارية  ويرد لك ربح  سنوي  مضاعف لما تم  دفعه، وكذلك المساهمة  في  الشراء من  "ريال فلسطين السعودي" وأيضا  المشاركة في  البرامج  مثل الكشافة ومراقبة الفصل او تجهيز  الصف بالطباشير ومسح السبورة وكتابة تاريخ اليوم واسم المادة والاعمال الفنية والاشتراك في الدوري المدرسي والمعارض  الفنية  والأنشطة الصيفية .

وهذه المشاركة تعد نوعا من التطوع والتدريب لفعل الخير تبدأ من البيت والمدرسة. ينعكس ذلك بالمشاركة الاجتماعية في الميادين العامة، مثل: المشاركة في نظافة وعناية المساجد وأيضا توزيع الشاي والقهوة في مجالس الذكر من المآتم الحسينية وفاتحة العزاء من الأسرة. غير الاشتراك في أندية الحواري التي تضم جانبا رياضيا وثقافيا واجتماعيا وتفعيل البرامج التطوعية من خلالها. وكانت الرحلات العائلية و الشبابية تجد من لديه نشاط وما يسمى (هاب ريح) من استعداد وترتيب وتنظيم ويقف في كل ميدان تجده .كانت الرحلات العائلية للمزارع و الأماكن السياحية في  الأحساء الحبيبة مثل  المنتزه الوطني أو المشتل  وكنا نطلق عليه ذلك والان تحول اسمه الى (منتزه المشقر الاحساء ” الشيباني”) وعين نجم ورحلات نحو شواطئ البحر على أرض الوطن الغالي .أما رحلات الشباب فكانت  طلعة صغيرة أو رحلة يومين أو ثلاثة لشاطئ البحر، مثل: العقير او شاطئ نصف القمر او سلوى وهنا تجد هاب الريح والذي يبذل ويعطي وكل تلك التجارب تعتبر دروس لا منهجية نحو التطوع والاستفادة من الخبرات كتعلم تجهيز ونصب الخيم والطبخ وإعداد جلسة الشاي والمسابقات  الرياضية و الفكرية والمساجلة الشعرية وغيرها .

تطور الامر الآن بعد:

- إقرار منصة هاوي (إحدى مبادرات برنامج جودة الحياة والتي تم تأسيسها من قبل 12 جهة حكومية والتي تعمل على تطوير وتفعيل قطاع الهوايات في المملكة العربية السعودية من خلال إنشاء وتسجيل أندية الهواة وتقديم الدعم اللازم لهم) -.

- وبدأ الوطن مرحلة جديدة بعد إقرار التطوع، العمل التطوعي سمة المجتمعات الحيوية، لدوره في تفعيل طاقات المجتمع، وإثراء الوطن بمنجزات أبنائه وسواعدهم. عبر منصة العمل التطوعي يمكنك أن تتطوع في المكان والزمان، والمجال الذي يناسب خبراتك ومهاراتك كما تتيح لك المنصة توثيق ساعاتك وإصدار شهاداتك التطوعية. كن جزءا من رؤية السعودية 2030 –

ونلاحظ بعين مجرب الأعمال التطوعية حيث تسابق بعض افراد المجتمع من كافة شرائحه العمرية من ذكر وأنثى بالدعم والاشتراك وتأسيس أنشطة متنوعة تناسب كل فرد أو مجموعة وأصبح الوطن أكثر إشراقا بسواعد أبنائه وأبدع في الابتكار والتنوع من مجالات المبادرات التي تحتاج منا معرفتها ودعمها وتشجيع أفراد الأسرة للالتحاق بها.

ومن نافلة القول الكل يريد أن يقدم ما لديه من وقت وجهد وأسلوب بنفس راضية وسعادة واحتساب الأجر من الله في سبيله الذي يحثنا إليه القرآن الكريم:

(لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) (سورة الأنسان 9)

همسة:

كل الخسائر رِبح دام النتائج كرامة!!