![مخايطة حساوية في بلاد العرب (١) مخايطة حساوية في بلاد العرب (١)](https://almoterfy.com/upload_list/source/Article/writer/1/rasmy.jpg)
2021/08/28 | 0 | 7896
مخايطة حساوية في بلاد العرب (١)
سيرة الخياط (أحمد علي المؤمن(بوجبار)) (ذكرى ال٤٥ على الرحيل)
مقدمة:
أشتهرت الأحساء بخياطة البشوت من مئات السنين ويقدر بأكثر من ألف سنة، ويعتبر من اللباس العربي، الذي تعتد وتفتخربه به كبار القوم ويلبسه الوجهاء والأمراء، وانتقلت خياطة البشت من الأحساء بيد أبنائها إلى دول الخليج، كعمان والإمارات والبحرين ودولة الكويت والي الشمال من دول الخليج كالدول المطلة على الخليج من عرب الاهواز(الأحواز) والعراق والي الغرب سوريا ولبنان وغيرها،ويؤكد أحمد الأمير: ((كان للأحسائيين هجرات قديمة إلى العراق بمختلف المهن والحرف أبرزها صياغة البشوت في البصرة والزبير وسوق الشيوخ، ثم امتدت إلى الكاظمية في بغداد، ثم انتقل الأحسائيون بالبشت الحساوي إلى سوريا ولبنان على إثر الشراكة بين الحاج عبد الله إبراهيم بوحليقة والتاجر الدمشقي نبيه حمد الله)).
ويرى الدكتور محمد جواد الخرس بأن البشت الاحسائي: ( كان العباءة المفضلة لدى النخبة الاجتماعية في البلاد العربية من وجهاء، ورجال أعمال، ورجال دين، ووزراء، وأمراء، وملوك، ليس على مستوى دول الخليج فقط، بل في بلاد الشام أيضا، و في أرض الكنانة، و العديد من الدول الأفريقية) .
و البشت الاحسائي أخذ سمعته عربيا وعالميا وذلك لجودته ولتفاني أبنائها وحب مهنتهم واعتزازهم التاريخي والورإثي من الأجداد إلى الأحفاد عبر قرون، ويقول الخرس أن القائمون علي هذه المهنة في تعاملهم معها على (أنها ليست مصدر عيش فقط، بل يتعاطونها كفن راقي، لا تقل أصالة عن تلك التي تسكب من خلال فرشاة فنان تشكيلي) .
فعراقة خياطة البشوت في الأحساء تحتاج إلى نسيج ومن يحيك تلك الأقمشة ومن ينقشها ويزخرفها بفن لكي تلبس ويتزين بها الرجال والنساء وحتى الاطفال بأي طريقة على شكل بشت أو لباس أيا كان نوعه.
فينقل لنا التاريخ بأن الأحساء كانت تشتهر بالثوب الهجري الذي له شهره في عالم النسيج وينقل لنا التاريخ بعض الأمور؛:
١.فقد ذكر ابن سعد أن هوذة بن علي الحنفي كسا سليط بن عمر العامري أثوابا من نسيج هجر.
٢.وجاء عن ابن سلام الجمحي أن أولاد عامر بن عوف أهدوا الحطيئة حللا من بز هجر.
٣.كما جاء عن عبد الله بن معاذ أن سويد بن قيس ومخرمة العبدي جلبا بزا إلى مكة فاشترى الرسول صلى الله عليه وسلم منها سراويل.
٤. كانت الأحساء مشهورة في زمن القرامطة بمهنة الفوط، وقد وصفت بأنها ثياب قصيرة غليظة مخططة.
سأتناول عدد من ااشخصيات ألاحسائية من عائلة واحدة قادتهم الحياة للعمل في مواقع وظروف مختلفة أجبرتهم الحياة واستطاعوا أن يبرزوا طاقاتهم الأبداعية في إنتاج العديد من البشوت(المشالح) لتقديمها لمختلف المجتمعات العربية والخليجية.
ساستعرض بداية هذا البحث بمناسبة مرور ٤٥ عاما على رحيل أحد أعلام هذا الفن الأحسائي وكان في العمر ٤٥سنة حين رحل إلى جوار ربه إلى آخر لحظه من حياته وهو في عبادة وهي طلب الرزق، َوورد في الأحاديث الشريفة ومانقله السلف عن الرسول عليه الصلاة والسلام، فيروي : أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه واله وسلم (من سعَى على عيالِه من حِلِّه فهو كالمجاهد في سبيل الله, ومن طلب الدُّنيا حلالًا في عفافٍ كان في درجةِ الشُّهداءِ)،(... عن أبي عبد الله قال: الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله)، والمرحوم قد أبدع في خياطة البشوت بأنواع النقوش وكانت تعطى أجرته مقدما دائما كما ينقل لي ذلك الاستاذ أحمد البقشي بأن الحاج حسن البقشي يعطيه مقدما وذلك طريقة لحجز الحرفي الأحسائي المتميز في مهنته.
(١) ((سيرة الخياط أحمد المؤمن))
عاش رحمه الله في المهجر وتوفي بالأحساء وهوأحد رجالات الاحساء الذين صدروا ثقافتهم خارج وطنه الأحساء ويمثل أحد قصص الكفاح للرجل الاحسائي وهجرة العائلات الاحسائية في طلب الرزق خارج الوطن.
أسمه ولقبه:
أحمد بن علي بن محمد بن الشيخ عبدالله(الكبير) المؤمن. ويشتهر ب ( بو جبار)
ولادته:
و لد كما يذكر ابنه الحاج جمال بويوسف أنه ولد في الغربة في جزيرة(آل صلبوخ) شرق البصرة والبغلانية.
بعض أحوال والديه:
أبيه : الحاج/ علي بن محمدبن الشيخ عبدالله(الكبير) المؤمن.
ولد بالأحساء في حي السياسب بالمبرز، ومرت الأحساء في نهاية حكم العثمانيين للأحساء وقيام الدولة السعودية الثالثة، ظروف صعبة هاجر بعض الأحسائيون الأحساء لطلب الرزق وتحسين ظروفهم المعيشية فكان الحاج علي منهم كغيره من الأحسائين، والحاج علي (رحمه الله) عاش في نواحي بلاد الرافدين بالجزيره(آل صلبوخ) وهو من أسر تمتهن الصياغة وورثها بعض أبنائه، ووالده من كبار حملادارية المؤمن والاكثر ذرية من والده الشيخ عبدالله المؤمن وكان يسكن حي السياسب. فله الكثير من الاخوة يبلغ عددهم الثمانية، وكان يتمتع بشخصية شديده، وكان يلقب(بومدهون) فكانت له عصاه يدهنها وترى لمعتها مع الشمس، له بعض المواقف تدل على جسارته قد ننقلها في مورد اخر.
امه:
والده متزوج من اربع نساء من الأحساء من أسر مختلفة من:
أسرةالحواج، والسليمان،والمؤمن
ووالدة المترجم له من أسرةالمهنا المرحومه الحاجة مياسه(رحمهم الله).
وأمه الحاجة مياسة بنت حسن المهناء/
وأخوها الحاج كاظم المهنا(خياط بشوت) والدحسن بوياسين(خياط بشوت) المهناء،
ومحمدجوادالمهناء،(كهربائي)
ومهدي المهناء. (صائغ)
وكانت الحاجة مياسة آخر زوجاته (رحمها الله) .
وتوفي الحاج علي المؤمن بعد ولادة ابنه المرحوم الحاج أحمد بوعبدالجبار باربعين يوماً ،وبوفاة أبيه عاش اليتم والغربة لم يرى والده في صباه ولم يتزود منه ويتشبع من رعايته، فعاشت أمه مع اولادها في الغربة فتره من الزمن وضيق المعيشه وضعف الحال، ثم تزوجت بالحملاداري الحاج علي بن حسن المؤمن (ابو عبد الهادي) وبعد زواجها لم تستطع التكيف في بيئة زوجها ومنطقة زوجها بعيد عن أهلها فرحلت مع اولادها وانتقلت الى الزبير، عند اخوها الحاج كاظم وعاشت معه فتره من الزمن، ومازالت حتى بعد انتقالها تعيش قساوة الحياة ومرارتها، في تلك الحقبة بعيده عن زوجها.
سبب الهجرة إلى بغداد(الكاظم)؛
وبعض الحساوية في بدايةشبابهم وشق طريق مشوار حياتهم اضطر بعض الشباب الي الهجرة بحثا عن ظروف معيشية أفضل فجاؤا إلى بغداد، وبعضهم جاء كزائر الا انه طاب له المقام لما وجد فرص عمل جيده، ووضع اقتصادي ممتاز، فنظم مع الحساوية التي تقيم هناك. وبعض الاحسائين الشباب، تصاهر مع العراقيين وكونوا اسر في بلاد الغربة من عراقيات أو من غير العراقيات، أو تصاهر الحساوية بينهم ببعض، وبعضهم اكتفي بالعمل ورجع مكوناً نفسه.
سأوجز سبب الهجرة فيما يلي كما أشار لهاالبقشي بالنقاط التالية :
١.المكانة التاريخية والروحية لبغداد في قلوب الأحسائيين، وبها احدالاسواق المهمة ويتمركز بها أو يعبر بها رجال ووجهاء الدولة وشيوخ العشائر والناس لغرض ديني أو غرض أخر (الحكم الملكي الهاشمي).
٢- ممارسة المهنة في الكاظم، لكونها مركزًا تجاريًّا كبيرًا لقربها من بغداد، ومن جهة أخرى يكثر زوارها الذين يأتون من أرجاء العالم الإسلامي؛ لذا قصدها الأحسائيون للعمل؛ خاصة من يحترف خياطة «البشوت»،(وأن صناعة “البشت الحساوي” المطرَّز بخيوط «الزري» كانت -حتى تلك الفترة- حكرًا على الأحسائيين فقط.
٣- الاستقرار السياسي والأمني في العراق ساعدت على نماء الاقتصاد ،جعلها منطقة جاذبة للعمل والمهنيين، وكان في طليعتهم الأحسائيون.
٤-البحث عن زيادة في الدخل لما يواجهه الناس من صعوبة العيش في وطنهم والبحث عن دخل أفضل.
٥- سخاء أرباب العمل على المخايطة و المعاملة اللطيفة جدًّا في الكاظمية من (المعازيب)، فإذا كان غير متزوج فإنه يؤمّن له السكن والمأكل، والمشرب بل إن (المعازيب) كانوا يتبارون في اجتذابه من خلال تحسين مثل هذه الخدمات، ، ويتم إعطاؤه الأجر مباشرة بعد تسليمه العمل الذي أدَّاه، وقد يُدفع له الأجر مقدمًا، وهذه مغريات لا تتوفَّر لهم في الأحساء.
٦- الرخاء والرفاه الاقتصادي
على الرغم من وفرة الخيرات في الأحساء في تلك الفترة، إلا أن -المهاجر للعراق في تلك الفترة- من التمتع بقدر أفضل؛ نظرًا لتوفر الأطعمة، وتنوعها، ورخصها الشديد؛ بالإضافة لتوفر وسائل المواصلات، والكهرباء والملابس وغيرها.
تعلم الحاج (بوجبار) خياطة البشوت:
وينقل الحاج جمال بويوسف عن بعض العلاقات الأجتماعية للأحسائين فكان الحساوية في خارج الوطن تربطهم علاقات كبيرة وقوية، إذ لايوجد تمايز مابينهم حيث أصبحوا كأسرة واحدة سواء من مدينة المبرز اوالهفوف أو من غيرها من مدن وقرى الأحساء اومن أصحاب مهن اخرى. فكان يطلق على أصحاب مهنة مخايطة البشوت لقب (المخايطة الحساوية) .
ويذكر بويوسف يقول أن. والدي:
أنضم مع هذه الأسر في الكاظم في بغداد وهم خليط من المبرز والهفوف، وكانوا من عوائل الحساوية المختلفة كالبوجبارة، والبوحليقة، والمؤمن، (واغلبهم من أسرالصاغة، كانوا ينتقلون بين الخياطة والصيانة حسب ظروف السوق والطلب وكلها تحتاج إلى مهارة كبيرة).
كان المجتمع والجالية الحساوية قوية، وكان وضعهم الاقتصادي جدا ممتاز ومثل مايقال (مدهره).
وكل ماجاء لهم من الشباب الأحسائيين استضافوه وعلموه المهنة، لذلك أصبح مجتمعهم كثير وكبير، وانتاجهم ضخم، و عالي الجودة، وبشوتهم كانت خاصة للملوك والأمراء، والمشايخ، الذي كان يسمى بالبشت الحساوي اي البشت الذي في مستوى (القمة/top).
كان الحاج أحمد(بوجبار) عنده أخ من أمه يقال له عبد الكريم (هجول ) المؤمن يكبره بسنوات الذي سكن بالكويت لاحقا والد كلا من الدكتور حسين والدكتور جواد.
وانتقل الحاج عبدالكريم بعدما أصبح شاباً من الزبير فسكن بالكاظم في العراق، واخذ معه اخوه الحاج أحمد(بوجبار) وامهم، وتنقل ابنته الحاجه أمل أم هاني : (أنه لما كبر عمي عبدالكريم اخو أبوي من الأم وتدرب على الخياطه عند الخال حجي كاظم المهناء الذي كان يعيش بالزبير في العراق ومنها توجهت مع اولادها للكاظم وعاشت الى ان توفاها الله ودفنت بالنجف).
وينقل الحاج جمال بويوسف بدأ والدي الخياطة كمهنة لما بلغ(١٨سنة)،إذ هاجر مع أمه إلى الكاظم في بغداد، حيث التقى بمجموعة من الحساوية يعملون في خياطة البشوت،
ففي الكاظم التقى واشتغل الحاج عبدالكريم أخو الحاج أحمد عند (المعزب) الحاج حسن البقشي في خياطة البشوت ومع الايام، تعلم ابوجبار بسبب أخوه وبيئة المخالطة والمحاكاه وكان رغم سنه المبكر يملك من الذكاء والنباهه مما ساعده على تعلم مهنه الخياطة بسرعة واصبح خياط عند نفس المعزب،
وكان معاه مجموعه من الحساويه بعضهم جاؤا على فترات مختلفة من تلك الأسر وهم من المبرز والهفوف/
١.الامير.
٢.والبقشي.
٣.وابو خمسين.
٤.والشواف.
٥.والبغلي.
٦. المحمدعلي
٧.النمر.
٨.الدجاني.
٩. السليمان.
١٠.المحمدصالح.
١١.المهنا.
١٢.البوحليقه...... وغيرهم.
ويؤكد البقشي بأن المؤمن مارست خياطة البشوت مع بعض الأسر الاحسائية فيقول:
(وكان أهم العوائل والأسر الأحسائية التي سكنت الكاظمية في تلك الفترة هي:
«آل الأمير»،...... ، «آل السليمان»، «آل الرمضان»، «آل الخرس»، «آل المؤمن»، وغيرها).
مهارة عالية في الخياطة:
وكان المخايطة الحساوية كل منهم متخصص بشئ من البشت كواحد في (الدرزه)،لذا كان عمل البشت بالنسبة للأحسائين، جدا متقن يمر على خمس أو ست من المخايطة، ولكن عرف المرحوم الحاج أحمد(بوجبار) بالبراعة والإتقان وتمكن من أنواع مختلفة من خياطة البشت ، فأصبح يشار له بالبنان فكان يجيد الخياطة بأنواعها المختلفنه من النقوش مما يدل على البراعة والإبداع وبالذات نوعية/
١/المكسر.
٢/ والطوق.
٣.والبروج.
٤.والهيله.
أحياء الحساوية في الكاظم:
وكان للأحسائين تجمعات ومواقع سكنتها في عدة أحياء بالكاظم منها كما ذكرها البقشي منها:
١.الأنباريين
٢.أم النومي
٣.العقيلات
٤.البحيّة... وغيرها من الأحياء.
وأما المترجم له فقد سكن في الحي المسمى(الانباريين).
يذكر البقشي أن من عمل بالكاظم من المبرز أقل من أهل الهفوف وكانت وجهت أهل المبرز جهة عمان، ومن المبرز الذين عملوا بالكاظم من البوصالح في تجارة الزري ومن المخايطة من أسرة(المؤمن) الذي عمل لدى الحاج حسن البقشي، (وكان يقصد به المرحوم الحاج أحمد المؤمن.)
زواجة في بغداد:
كما يعرف ان بغداد سكنتها منذ القدم بعض القوميات والاعراق المختلفة،عربية وغير عربية وأخذوا الجنسية العراقية مع السنين، واختلطوا مع المجتمع وأصبحوا جزء من المجتمع العراقي وبعضهم اصبح موظف عند الحكومة العراقية.
فكان هناك رجل يسكن الكاظم من خارج العراق، ويلقبون بالمجاورين وكان هذا الحاج عنده من الاولاد ولدين وثلاث بنات، وكانت ابنته اصغرهم بين اخواتها الكبار الذيم تزوجوا من اقربائهم من سكنة الكاظم اما هذه الفتاة فكانت مع والدتها واخوانها الاولاد بعد ان توفى والدها ولم تترك امها الكاظم في تلك المرحله، واخوها الاكبر اسمه رضا ساكن في بيت مجاور لبيت الحاج احمد (بوجبار) وكان معجب بشخصيتة، وقد أصيب رضا بالسرطان ولما تقدم لها الحاج أحمد بوجبار عن طريق صديقة امه وافق عليه رغم معارضة امها، بسبب صغر سنها وانه ليس من اهلها لكن رضا رحمة الله عليه اصر على موقفه عند امه لانه اراد ان يطمئن عليها قبل ان يختاره الله فتزوجها بعد عدة وساطات وأخذ ورد، فتم الزواج والفرحه بين الأهل والاصدقاء، وأنجب منها أبناء منها اربع بنين وخمس بنات فمنهم ولد بالعراق وسوريا وواحدة في وطنهم الأحساء .
الانتقال إلى سوريا:
الحارة الحجازية في سوريا؟
تغيرت ظروف الأستقرار في العراق بسبب الاضطربات والانقلابات السياسية المحمومة، مما اضطر للكثير من الأحسائيون للهجرة إلى سوريا، ووصول البعث إلى سدة الحكم بعد الملكية،
فيذكر الحاج جمال بويوسف أرادوا تجنيد إخوانه الكبارللحزب البعثي ممن جعل ابوي يخرج من العراق)، اما مغادرته الى سوريا كانت سنة ١٩٥٦ او ١٩٥٧ ميلادي.
فكان في سوريا يقيم الحاج عبدالله بو حليقه والد بوفواز وعبد العزيز ازواج بنات عمه فيما بعد الحاج عبدالمحسن المؤمن بومنصور لاحقاً، فكان يشتغل مع سوري اسمه (نبيه حمدالله) وأرسل الحاج عبدالله بوحليقه للاحسائيين الذين في الكاظم أن يأتون الي دمشق وواعدهم بالعمل والشغل عند (نبيه حمدالله) فانتقلت تقريباً كل المجاميع مع عوائلهم الى دمشق وسكنوا بمنطقه الشاغور، حتى ان السوريين أصبح يسمونها (حارة الحجازية)، ويقول الأمير انه:((وصل عدد الأحسائيين في دمشق إلى مائة عائلة)).
أجرة خياطة البشوت بسوريا:
قكان السوري الحاج (نبيه حمدالله) يعطيهم على خياطه كل بشت 50 ليره والتي كانت في حقبةالخمسينات والستينات تعتبر ثروه ومبلغ ممتاز وكبير فعاشو في سوريا عيشه مترفه وميسورين الحال.
أحمد المؤمن مرشد سياحي في سوريا:
فتنقل أم هاني/(ففي الفتره التي قضاها الوالد (رحمه الله)، في دمشق سوريا كان بمثابه السفاره والمرشد السياحي للزوار الحساويه بحكم وجوده بدمشق وفيها معالم ومزارات دينية، وكان يساعدهم ويوجههم ويقضي لهم امورهم لوجه الله ولصلة الرحم.
وفي هذه الفتره، رجع للأحساء، وتركنا في دمشق، للاطلاع على الاوضاع قبل ماينقل العائله كلها، لكن اجّل الموضوع لفتره ورجع الى سوريا، وبعد فتره استدعاه اخوه عبد الكريم، اذ كان في ذلك الوقت في دولة الكويت، وطلب منه ان ينقلنا وذهبنا الى الكويت، ونفس الشيء لم تعجبه الاوضاع هناك لأن الكويت في فتره الستينات، كانت في بداية النهضة اقتصاديا، وكان بها نقص في بعض الخدمات، وحتى الحصول على الماء الحلو ليس من السهل، وطعمه غير متعود عليه مثل عذوبة الماء في الشام، وهو متعود على خضرتها وأنهارها، فقرر يرجع معانا الى الشام ثم العوده الى الأحساء موطن أبائه واجداده) .
أسباب العودة للوطن الأحساء :
بعد أن أسسوا لتلك الحرفة في بلاد الغربه وأظهروا فنونهم وأبداعهم، وراجت تجارة البشت، وعرفت في بلاد الشام، ولظروف قرروا العودة فيذكر الأمير:((قفلوا إلى الأحساء من الستينيات والسبعينيات الميلادية بعد أن أسَّسوا تلك الحرفة في تلك البلدان))، فسأتناول أهم العوامل التي ساهمت عودة المترجم له:
هناك عاملين ساهم وشجع الحاج أحمد المؤمن ترك سوريا والتعجيل برجوعه للأحساء بين عامي ١٩٦٥ و١٩٦٧ وقد تجتمع الأسباب منها مايلي:
١. اندلاع الحرب السورية الإسرائيلية: ونظرا لتغير الأحوال ودخول دمشق في حرب لاتعرف نهايتها ساهم بعودة مخايطة الأحساء لوطنهم، فغادروا دمشق سنة ١٩٦٧م.
٢.وفاة ابنته (ندى):
وتذكرابنته ام هاني البقشي ان (الوالده كانت تساعد أبوي في الخياطه في شيء اسمه الفرش او البطانه وهوالقماش الذي يحطونه على قماش البشت و يطرزون عليه بالزري وكانت تلفّ معاه الزري الذي كان يأتي على شكل شلل واستمر على هذه الحالة الى ان حصلت حادثه وهي وقوع اختي(ندى) عمرها تقريباً سنه ونص من البكلونه في الدور الثاني من العماره التي كنا ساكنينها وهي اصغر العيال وتوفت في تلك الفتره و الوالد مر في حاله نفسيه صعبه وقرر انه يترك دمشق ويذهب الى الحسا، مع عائلته المكونه من ٨ أطفال، مع الوالده كان هذا في الفتره عام ١٩٦٥م، وبدأت رحلة الذهاب الى الحسا طبعاً سافرنا الى الحسا.
مسكنه بعد العوده للوطن من سوريا:
البيوت التي سكنها المرحوم بوجبار من يوم قدومه من سوريا إذ استأجر عدد من البيوت في محلة الشعبة بالمبرز ديرة أهله وأرحامه وأجداده :
ولما نزل إلى الأحساء وتنقل ابنته (كانت الحسا في ذلك الوقت نوعاً ما قسم من البيوت من طين وقليل من البيوت التي بنتها شركة ارامكو لموظفيها فنتقلنا بكذا منزل حتى استقرينا في بيت بوموزه في تلك الفتره كانو اولاده و هم عبد الجبار والمرحوم عبد الخالق في الاعمار ١٥ و١٤سنة، وكانت العيشه في الحسا صعبه نوعاً ما من ناحيه الكهرباء والماي الذي كان قليل في بعض البيوت التي تمتلكها وكان اخواني في المدارس، وكان ابوي يشتغل ليل ونار في الخياطه حتى يؤمن لنا الحياة الكريمه وكان في الليل يخيط على ضوء الفانوس (السراج).
١.اول بيت سكن فيه بيت شيخ علي المؤمن ابوعبدالله الشيخ في الداغري عند حوش المؤمن(كان المجتمع والأسر تعيش التكافل مع الأرحام).
٢. ثم سكن بجوار بيت الحاج عبد الوهاب المؤمن بوعلي في المبرز حي الشعبة.
٣.وسكن في بيت من أسرة البوموزه.
٤ واخر بيت الى حين وفاته كان بيت
استأجره من علي النجدي الملقب بالصهد (رحمهم الله)، الذي يسكن في نفس الشارع اغلب اسرته المؤمن كبيت الحاج عيسى المؤمن(طبيب عربي/مجبر) والحملاداري الحاج عباس(بوعبدالغني) وأخوه الحملاداري الحاج موسى المؤمن(بوسلمان) ، والحاج حاتم المؤمن، وبقرب ابناءالحاج حسن بن أحمد المؤمن كبيت راضي بوياسر (صائغ ثم عقار) وغيرهم.
مجالس مخايطة البشوت بالأحساء :
كان في مدينة المبرز عدد من المجالس للخياطة، وكانت مجالس عامرة، اتذكر احد المجالس، قبل خمس وعشرين سنة مضت مجلس على شارع المتنبي عند (المقطع)بجوار (مستودع الوصيبعي للأخشاب) ، التي تحول مكانها إلى صيدليه يجتمع كلا من الحاج ناصر بوبريه وأحمد الدوخي وعبدالصاحب المهناء (رحمهم الله)، وعلي المهناء وغيرهم فكان مجلسهم جميل عمل مستمر وحديث متبادل، وأحيانا يذهبون إلى جبل القارة كرحلة للتنزه ويكملون خياطتهم هناك في الجبل وحتى ايام الشهر الكريم.
فينقل بعض أبنائه يصف تلك المجالس: انه لما كان بالأحساء كان يخيط البشت فكان المعازيب في الهفوف امثال ابو حليقه.،والقطان، والمهدي،والحرز، وكان معه في تلك الحقبه مخايطه من المبرز.
فكان بالمبرز عدة مجالس فكانوا يتجمعون في ديوانيات ويتابدلون الاخبار، وكانو معظمهم مثقفين بالفطره، وكان منهم الشعراء، والمؤلفين للقصص، والنسابين، ويتبادلون الخبرات، وبعضهم يدرب الجيل الجديد علي الخياطة، لخوفهم من اندثار هذه المهنه العريقه وكان الوالد اغلب الاحيان يخيط في المنزل وكان يجلس في موزع باب الشارع مايسمى في ذلك الوقت بالدهليز وينطق(دهريز)، ويفتح باب الشارع ويستقبل بالتحيات الرايح والجاي وكان محبوب من الجميع،
وكان في الليل يخيط على ضوء الفانوس (السراج).
بعض صفاته :
كان المترجم له، يتميز بعدة صفات فمنها واشهرها مايلي:
١.الشهامة وقضاء حوائج الأخوان :
يتميز المرحوم بعدد من الصفات النبيلة كحب خدمة الأرحام والجيران وقضاء حوائجهم كيف؟
أ. من المواقف التي تدل على شهامته وحبه لأرحامه والجيران، انه كان بعض رجال اسرته والجيران يشتغلون في البقيق او الظهران ويضطرهم العمل للغياب طويلا، فكان (رحمه الله) ، يمر على بيوتهم ويتسوق لهم ويقضي احتياجاتهم بحب، حيث علمته الغربة مايمر به راعي الدار، وخصوصا أطفاله والزوجه في غياب الاب في طلب الرزق، وحاجة البيت الي الرعايه وقضاء حوائجهم، فعنده خصلة لاتنسى من (روح التعاون والفزعه للمجتمع الذي ينتمي له) .
ب. تبرعه بدمه هو وزوجته المتكرر لأبناء عائلته وغير عائلته كالمرحوم جاره شعب البراهيم ومن أسرة البحراني الكريمة وابن عمه المرحوم بوعماد ومازال بعضهم على قيد الحال أطال الله في إعمار الجميع، وكانو يعرضون عليه المال فيرفض قائلاً :
(ليس عندي مال لأساعد المحتاجين ولكن اساعدهم بدمي اللذي املكه) رحمة الله عليه.
٢.وكان يتصف بالحكمة في أموره، وله محبة وقبول فكان بعض ارحامه يطلبونه للمشوره ويساعد في حل مشاكلهم ويبين لهم الطريق الصحيح كما يعتقد، والكل في ذلك الزمن يشهد له بذلك كما ينقل،
واستمر على هذا الوضع الى ان توفاه الله.
٣.اهتمامة بالعلم:
يعد المرحوم من الرواد في الأسرة الذين اهتموا بالعلم،واصبح مضرب مثل في ذلك في عائلته، فكنت دائما أسمع والدي يذكر الحاج أحمد وأم أولاده في تعليم أبنائهم، كل ما ذكره يترحم على جاره وابن عمه.
وكان في الفترة التي عاشها الحاج احمد، في الوسط الشعبي العام، اما يشجع أبنائه على العمل خصوصا في بدايات النهضة الاقتصادية بالمملكة، وأما يحرم التعليم والالتحاق بالمدارس الحكومية، ومعارضة تعليم المرأة والاكتفاء بالمطوع(الكتاتيب) ، لكنه (رحمه الله) كان ينظر للبعيد، وأن المستقبل للتعليم.
وينقل عن سيرته في التعليم وحرصه عليه أن زملائه الذين كانوا معه بالعمل فينقل بعض أبنائه أنه( لما يستلمون فلوس الشغل التي هي ال٥٠ كانوا يصرفون النصف والباقي يبعثونه الى الحسا ويشترون فيهم اراضي لكن الوالد كان يصرفها كلها وعاش عيشة الملوك ويهتم بدراستنا وكانت الاوليه في مخططات حياته وكان الكل من عياله في المدارس حتى أنه يوميا يشتغل ليل ونهار في الخياطه حتى يؤمن لنا الحياة الكريمه ،فكان الوالد حريص كل الحرص على دراستنا ويشجعنا عليها سواءً الاولاد والبنات وكان يقول انه يتمنى انه يقرأ ويكتب ولذلك اهتم بالدراسه، وبما ان الاحوال والمعيشه كانت صعبه مادياً، اقترح عليه كبار رجال العائله واعمامي على الوالد، أن يخلي اخواني تشتغلون ويساعدونه كأمثال شباب جيلهم مثل فلان وفلان من الشباب لكنه رحمه الله رفض رفضاً قاطعاً ورد عليهم انه لن يورّثهم اموال ولا اراضي ولكنهم سيحملون شهاداتهم اللتي ستجعلهم اثرياء ان شاءالله، والحمدلله كان له ما أراد) :
أ-عبدالجبار (مهندس مدني)
ب-عبدالخالق (مهندس كيميائي)
ج-علي (ادارة اعمال)
د-جمال( مهندس في مولدات الطاقه)
ه-خمس بنات فائزة، امل، إيمان (ثانوية) واثنتان جامعيات وهناء ومنى (معلمه توفت بطريق الرياض بحادث برفقة أبنائها بعد أن سلمهم الله، لتسجيل ابنها بالجامعة (رحماالله ). وكانت ولادة الأبناء في في رحلة الكفاح والسعي بطلب الرزق بين سوريا والعراق والأحساء: عبد الجبار وعبد الخالق وعلي وفائزه وامل في العراق. وأحمد وهنا ومنى وندى في دمشق.وايمان في الحسا.
٤.كان جدا مثقف ومتابع لأخبار العالم والحراك في العالم العربي أيام الستينات من القرن الماضي، وتأثره في ذلك الوقت وإعجابه ببعض الحركات القوميه العربيه كغيره من جيل الشباب بافكارجمال عبدالناصر، مما سمي احد أبنائه به فيما بعد.
هواياته:
كان (رحمه الله) لديه مجموعه من الهوايات منها:
١.كان قناص يهوى صيد الطيور والعصافير وينقل ابنه بويوسف انه من الاحسائين الذين يقصدون الأصفر قبل أن يعرفها الناس في يومنا هذا قبل وفاته قبل أربعين سنه مضت وكان يصطحب أبناء عمه معه، وكان قناص مثله المرحوم الحاج حاتم محمد المؤمن وغيره، وكان من الأنواع التي يصطادها الخضيري، وكان يحضرها للبيت ليتم طبخها..
٢.تربية الحمام، كان بالأحساء انواع قليله كالحساوي والزاجل، ومع السفر للعراق احضر معه انواع أخرى منها الشماعي، والقلابي، والعراقي، حتى كان بعض مربين الطيور يضربون المثل عن بعض الحمام انها من سلالة المربي أحمد المؤمن، وكان يقصده بعض الشخصيات من أمراء ومشائخ، منهم الشيخ حمد شيخ قطر في شبابه، في زيارة للأحساء للصيد أو للتخيم بقرب الأحساء فكان يشتري منه الحمام النادر والمميز رحمة الله عليه.
مرضه ووفاته وتسليم البشت:
اما عن سبب وفاته رحمة الله عليه فقد كان يشكو من الضغط المرتفع قبل وفاته، كان هو وأهل بيته يستعدون لزواج الحاج علي (ابو بندر ) الذي كان يصادف يوم الخميس في الرياض، وفي يوم الاحد ماقبل يوم الاثنين الذي توفى فيه كان رحمه الله غداءه الوجبة الشعبية المفضلة ( باچه)وهي اخر وجباته المفضلة التي أكلها.
وفي صباح يوم وفاته يوم الاثنين ذهب الى الهفوف ليأخذ اجرة (خياطة البشت) الذي انتهى من انجازه وشراء هديه ذهب للعروس ولما كان قريب من مستشفى القريب من سوق الذهب بالمبرز، دخل على طبيب الذي وصف له دواء لتنزيل الضغط ولكن لم يحذره من الأعراض الجانبية، الذي يسببه الدواء وهو الدوار في الرأس(الدوخه)، إذ اخذ المرحوم جرعه من الدواء، ولما وصل المبرز حيث مسكنه، حاول الاسراع للوصول للبيت، حتى انه مر على دكان المخايطه وعادةً يبسط ويجلس عندهم، ولما تم النداء عليه، أشر لهم بانه في عجاله من أمره، وكذلك مر على بقالة جاره بونهار العوض، ونفس الموقف حياهم بيده وهو يسرع بخطواته ولكن شاء الله ان تأتيه دوران الرأس، ولأن المرحوم كان من الوزن الثقيل وقد وقع على الارض وارتطم راسه بالرصيف فقد اصابه ارتجاج بالمخ، ادى الى وفاته (رحمه الله) ، قبل وصوله الى البيت بعدّة امتار وقريب من دكان المخايطه.
توفى الحاج احمد (بوجبار)، يوم الاثنين من اليوم السابع من شهرذو الحجه(١٣٩٦) هجري / والتاسع والعشرين من نوفمبر ١٩٧٦ميلادي عن عمر يناهز ال٤٥ اثر ذبحه صدريه (رحمه الله) .
المراجع:
١.من الذاكرة الأحسائية(صفحات من تراث الأحساء في القرن العشرين)، جداول للنشروالترجمة، ط٢٠١٣.
٢.رحلة البشت الحساوي من الخليج إلى الوطن العربي، احمد علي الامير، مركز حويرب للدراسات، العدد ٣٤-٣٥ السنة الثالثة فبراير /مارس ٢٠٢١.
٣.مشجرة أسرة المؤمن، عبدالله حجي المؤمن.
٤.مجلة الواحة،مهنة خياطة البشوت(١)،
محمد جواد الخرس، 2011م، العدد (33).
٥.مقابلة مع أبناء المرحوم أحمد بوجبار المؤمن.
٦.مقابلة مع بعض الأهل والارحام والوالد.
٧.مقابلة هاشم محمد(بوزكريا) المؤمن.
جديد الموقع
- 2025-02-12 في فعالية مميزة بمركز المواهب للرعاية النهارية بالاحساء الأبناء مسؤولية وأمانة: قراءة في مفاهيم التربية الصحيحة
- 2025-02-12 سمو محافظ الأحساء يكرّم الفائزين بجائزة تميز خدمة ضيوف الرحمن
- 2025-02-12 بين الزهور والبحر بلدية القطيف تفتتح مهرجان الزهور الرابع بالواجهة البحرية بالقطيف
- 2025-02-12 بين الزهور والبحر بلدية القطيف تفتتح مهرجان الزهور الرابع بالواجهة البحرية بالقطيف
- 2025-02-12 يو منايه" للطيّار غيث الهايم تتجاوز مليون مشاهدة على "يوتيوب"
- 2025-02-12 أمين الأحساء يفتتح معرض فن الإنترسيا بثقافة وفنون الأحساء
- 2025-02-12 سبل والمربع الجديد توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز الممكنات اللوجستية والجيومكانية
- 2025-02-12 انطلاق الملتقى الزراعي في الأحساء
- 2025-02-12 ما ورد عن السرقة البيضاء
- 2025-02-12 (مع ستيفن كينغ في مقالته : كيف تكتب ؟ )