2021/05/06 | 0 | 1757
مال اليتيم في سجّل وصيّ أحسائي .
مقدّمة :
يواجه الوصيّ على مال اليتيم معضلة كبيرة في شأن مال اليتيم الموكل له حفظه و الإنفاق منه عليه ، فماذا كان يفعل الوصيّ ؟
هذا نموذج لخلاصة قيد للمرحوم الشّيخ محمد بن علي السّليمان البقشي - رحمه الله - .
هذا نصّه :
بيان ليعلم بأنّي عندي لليتيمة فطيمة بنت أحمد آل جعفر البقشي ثلاث عشر ماية ريال حين موت أبيها سنة 1361هـ ، إلى سنة 1367هـ فكنت أنفق عليها منها ، و ذلك بعد أن أجريتها على نفسي العشرة أحد عشر ، و قد أنفقتُ عليها من على أمّها بنت عيسى في هذه المدّة من أوّل التّاريخ المذكور إلى سنة 67هـ في نصف ربيع الثاني من هذه السّنة إلى سنة 67 سبع ماية ريال من الأصل غير المصالح التي تبعها في المدّة المذكورة داخل في الإنفاق المذكور ، أجرةُ البيت الوقف ، مع التّمور كلّ سنة و ما تحتاج إليه فصحّ الباقي لها في ذمّتي ست ماية ريال العشرة أحد عشر من تاريخ النّصف من شهر ربيع الثاني سنة سبع و ستين من الهجرة داخل فيها أجرة البيت عن خمسين ريال إلى ذي القعدة سنة 1366 فيكون الستّ المائة المذكورة صافية من كروتها البيت سنة 67 هـ
أيضا وصلها ماية ريال مصالح فالباقي لها خمس ماية ريال .
مطلوب فيها كروة البيت خمسين ريال عن سنة 67هـ .
ليعلم بأني دخّلت عليها ماية الخامسة داخل فيها كروة البيت و جميع الدّخالات من المئات التي دخلناها عليها بمصالحها و قد بقي لها حال التّاريخ بعد الحساب التّام و التحقيق
أربع ماية ريال لا غير و هي تجري بالمصلحة العشرة أحد عشر مبدأ التاريخ بالنصف من ربيع الثاني سنة 1368هـ .
أيضا دخل عليها خمسين ريال تخريجا و خمسين ريال مصالح فبالباقي لها ثلاث ماية .
أيضا دخلنا عليها كروة البيت خمسين ريال عن سنة 69 هـ فالباقي لها مايتين حرر في غرّة محرّم 1370 هـ .
أيضا دخّلنا عليها خمسين ريال تخريج من مصالحها فالباقي لها مايتين ريال لا غير على التاريخ 30 محرّم 1370هـ .
السجلّ من كتابة الشيخ محمد البقشي و هو
: المرحوم سماحة الشيخ محمد بن علي بن عبدالله بن حسن بن أحمد السليمان البقشي رحمه الله ولد حدود 1292هـ
* والدته هي المرحومة مريم بنت محمد بو حليجة [1][1] البقشي .
• نشأ نشأة صالحة بين أبوين كريمين فوالده المرحوم الحاج علي بن عبدالله من الأباء الصلحاء و أهل النسك و العبادة و كان ملاكا للنخيل مشتغلا بالصياغة .
• كان المرحوم الشيخ محمد و أخوه الأكبر الحاج عبدالله العلي البقشي رحمهما الله يشتغلان بالصّياغة , و كان الشيخ رحمه الله كما شأن أهل الورع و التقى من الآباء الصاغة الأوائل يحرص على فتات الذهب أثناء الاشتغال , مما يوقعه أحيانا كثيرة في الحرج العملي لتعذّر الدقّة في البحث عن تلك الشظايا المتطايرة من الذهب و العائد لمشتري القطعة , حيث السائد قديما أن الراغب في اقتناء قطعة ذهبيّة هو الذي يحضر الذهب كعملات ذهبية أو سبائك و الصائغ هو الذي يصوغ منها تلك القطع التي يرغب فيها المشتري . و بعد سنين من العمل في صياغة الذهب تاقت نفس الشيخ محمد لطلب العلوم الدينية , فبدأ الشوط متأخرا نسبيا , فبدأ مع الشّيخ إبراهيم الخرس - ت 1353هـ , ثم الشّيخ موسى أبو خمسين ثم الميرزا علي الحائري و في أثناء اشتغاله كان حريصا على كسب رزقه من كدّ يمينه ، فاشتغل باستنساخ المصاحف و الكتب الفقهية[2][2] و كتب المقاتل , لامتيازه بخطّ جميل و واضح و كان يستخدم الكتابة بالقصبة و قد رأيت عددا من نسخ المصاحف حبكها كأجزاء وقد مصحفا تاما بأجزائه الثلاثين بطلب أستاذه المرحوم الشيخ موسى بوخمسين , و وجدت نسخة أخرى في مكتبة الشيخ صالح السلطان رحمه الله , و نسخة أخرى لدى أسرة آل بن خليفة الصاغة , كما انتسخ عددا من الكتب الدينية أشار لها الاستاذان الشيخ محمد الحرز و الأستاذ أحمد البدر في بعض مقالاتهما , إضافة لكتابة الوثائق و الوصايا الكثيرة و هي مبثوثة في أيدي الكثير من حافظي التراث خاصة التراث الأسري و المتعلّق بالتملّكات و التركات .
• و لكونه متصديا للأمور الحسبية حسب وكالته عن بعض أعلام الأحساء كالمرحوم السيد حسين العلي ( ت 1369هـ ) و السيد ناصر السلمان ( 1358 هـ)و الشيخ موسى بو خمسين (ت 1353هـ) و أخيرا المرجع الشيخ محمد رضا آل ياسين ( ت 1370هـ) فقد اطلعت على كونه كان يتولى الولاية على أموال و مصالح الكثير من الأيتام و القصّر و فاقدي الأهليّة من أقاربه و من أهالي بعض الفرجان في الهفوف كالرفعة و النعاثل و الرقيات و غيرهم و أيتام في الجفر و التويثير و المطيرفي و المبرّز , كما يتولّى تنفيذ وصايا الموتى و يشرف على إخراجها من صدقات و أعمال برّ و كان شديد الدقّة في هذه الأمور .
• كان يقيم الجماعة بشكل منتظم في بيته و في حسينية المرحومة الحاجة زينب بنت علي البقشي , تولّى إمامة الجماعة في الجامع الكبير ( مسجد بو خمسين ) بعد انتقال المرجع المرحوم الميرزا علي الحائري للكويت , كما أقام الجماعة بشكل متقطّع في مسجد الرفعة الشمالية و يصفه معاصره المرحوم الحاج علي المرزوق – بو سعيد رحمه الله - :
(كان يمتاز بصوت رخيم خاشع يتصرّف فيه كيف يشاء كأنّ سلك أبريسم و يفضّل تلاوة سورة الأعلى في صلاته , كنت أأنس بسماع صوته في تلاوة دعاء الافتتاح في رمضان )
• عندما بدأت جمع مادة تتعلّق به رحمه الله كنت أتفاجأ بمقدار وفير من التّوقير ممن عاصروه و شاهدوه , لكن أكثر ما استوقفني هو شهادة من كانوا أكثر دقّة من غيرهم في مدح أحد كالمرحوم الشيخ صالح السلطان رحمه الله فقال لي : ( كان رحمه الله دينيا في كلّ شؤون حياته , يعرض كلّ تصرّفاته على الشرع فإن وافقت قام بها وإلا توقّف ) .
في خطاب جمعة للمرحوم الشيخ محمد بن محمّد المهنّا في مسجد الصاغة في فريج الشعبة استوقفتني عبارة قالها ( كيف لا نشعر أن البركة تنزع من بيننا و من ثمار نخيلنا و لم يعد بيننا الآن أمثال الشيخ محمد البقشي و السّيد عبدالله الأحمد الحاجي [3][3] و أمثال أولئك السلف الصالح من الآباء ؟ )
• كذلك قال لي المرحوم شيخ المؤرخين الشيخ جواد الرمضان : ( لم يكن للشيخ محمد رحمه الله نظير في الاحتياط في الدين و النزوع عن الدنيا )
و من هذه الأقوال يتضح أننا أمام واحد من الآباء ينتمون لشريحة من الصلحاء و أهل السلوك و العرفان لم يتسنى رصد سيرتهم كما رصدت لغيرهم كي تكون مثالا يحتذيه السالكون .
• تمت الإشارة له في عدة كتب سواء بالترجمة له أو الإشارة له منها ( مطلع البدرين في تراجم علماء و أدباء الأحساء و القطيف و البحرين ) للشيخ جواد الرمضان , ( آية الله الشيخ موسى آل أبي خمسين رمز القيادة و المرجعيّة ) للشيخ موسى الهادي بوخمسين . كما أشار له الأستاذان محمد بن علي الحرز و أحمد البدر في أبحاثهما عن النُّساخ و المخطوطات الأحسائيّة , و ( مدينة الهفوف , مدخل حضاري ) د محمد جواد الخرس و الذي عدّه من طلبة مدرسة الشيخ موسى آل أبي خمسين و مدرسة الميرزا علي الحائري و مدرسة الشيخ إبراهيم الخرس .
• توفي رحمه الله في 15 من رجب 1375 هجرية و دفن في مقبرة البغلي بطرف الخدود .
تعليق على السّجل :
السجلّ المذكور يتعلّق بوالدتي حفظها و التي توفي والدها المرحوم الحاج أحمد بن محمد بن جعفر البقشي في البحرين ، فقد انتقل للبحرين للعمل في خياطة البشوت عند خاله المرحوم الحاج محمد بن أحمد السليمان البقشي و كان أحد معازيب خياطة البشوت في المحرّق فمكث معه عدّة سنوات ثم استقلّ بدكان مستقلّ في سوق المحرّق بجوار دكّان المرحوم الحاج طاهر التّاجر إلا انّه توفي مبكّرا و لم يبق من عقبه إلا والدتي حيث توفي العديد من نسل أبيها أطفالا في حياته .
تذكر الوالدة أنها ولدت في بيت خالها المرحوم الحاج علي بن حسين البقشي و الذي كان وقتها يقيم في راس رمّان تلك الفترة .
* كما أشرت في مقدّمة الموضوع أنّ الوصيّ يكون في مأزق و هو أن أموال اليتيم أو اليتيمة تتآكل بالإنفاق فماذا يفعل كي يؤخّر هذا التآكل خاصة أنّ الأموال يجري عليها ما يجري من آثار التضخّم الأقتصادي من جهة و من جهة أخرى فإنّ مصروفات اليتيم تنمو باضطراد مع نموّه .
كان الحلّ الذي يسلكه الوصي هو أن يثمّر تلك الأموال باستدانتها لنفسه أو للآخرين بإسلوب التورّق بحسب وكالته الشرعيّة و وصايته و ضمانه لرأس المال ، حيث يعمد لشراء بضاعة حاضرة و بيعها على نفسه أو على آخرين بالآجل بفارق سعريّ معقول ، يضمن القيمة السّوقيّة للنقد المؤتمن عليه ، فيمدد فترة الانتفاع بمال اليتيم حتى تتزوج اليتيمة أو يبلغ اليتيم مبلغ الرّجال و يتمكّن من العمل و يكسب مصدر دخل .
* ثلاث عشر ماية ريال
لاحظت في الكثير من سجلاّت الحسابات القديمة أنّهم يستخدمون هذا الأسلوب فلا يعبّرون عن مقدار 1300 ريال بقولهم ألف و ثلاث مئة ، بل بهذه الطريقة كما وردت هكذا في هذا السجلّ بعدّ المئات .
* أمّها بنت عيسى
هي المرحومة آمنة بنت حسن بن عيسى السّليمان البقشي من أهل الجبيل بالأحساء توفيت عام 1394هـ
* ماية كثير من بيانات الحسابات يستخدمون لفظة ماية بدلا من مائة أو مئة .
البيت الوقف هو بيت صغير موقوف على عين البريكيّة [4][4]و هي عين ماء تقع في سكّة المهنّا الصّاغة لانتفاع أهل السكّة ، و كان الشيّخ رحمه الله وليّا على هذا البيت و العين .
مع التّمور كلّ سنة لا يخفى على أنّ عماد طعام المنطقة ذلك الوقت هو التّمر ، و تأمين البيت باحتياجه السّنوي من التّمر هو ضمانة لسداد الاحتياج الأساسي للبيت يحرص عليه الجميع سواء من كان له نخل بتخزينه ، أو من لم يكن يمتلك نخلا عبر الشّراء .
كروتها الكروة هي الأجرة و الفعل أكترى يعني استأجر و هي شائعة على ألسنة الأباء و الأمهات لكنها تكاد تختفي حاليا على ألسنة الشباب حاليا .
[5][1][1][1]محمد بو حليجة من البقشي و ليس من أسرة بوحليقة كما قد يتبادر للذهن , و إن كان بين الأسرتين مصاهرات حديثة وقديمة و قد سمي بذلك لتعليق حلقة في أذنه و هذه عادة قديمة في الميثولوجيا الحساوية حيث تثقب أذن الطفل الذي يخشى عليه من المرض و الموت أو من جاء بعد عدد من البنات !
[6][2] من هذه الكتب ( رسالة في إثبات المعاد الجسماني بالعقل للشيخ محمد بن عبدالله بن حاجي رحمة الله , تبصرة للأخوان الخلان في بيان سورة الرحمن , للشيخ محمد بن إسرائيل بن رحمة الهجري , الرسالة العملية للشيخ محمد بن عبدالله آل عيثان , أجوبة مسائل الشيخ محمد بن عبدالله بن حاجي . للشيخ محمد بن أسرائيل بن رحمة الهجري , ديوان النور للشيخ محمد بن الشيخ حسين الصحاف
[7][3] من علماء الأحساء من سادة الحاجي بالتوثير من أرباب الورع و التقوى و السلوك و ترويض النفس سبق الإشارة له في ترجمة سالفة لعلنا نعود لها يوما بالبسط و الشرح .
[8][4]كلمة عين هنا يقصد بها الئر ، حيث اعتاد الناس في الهفوف على تسمية البئر المنزلية بالعين بينما يسمّى في المبرّز عادة جفر و قد يسمّى جليب .
جديد الموقع
- 2024-09-26 افراح العبدالله والشقاق تهانينا
- 2024-09-25 سمو محافظ الأحساء يطلع على مبادرة التعليم "نعاهدكم ببناء جيل منافس عالمياً"
- 2024-09-25 مؤسسة البريد السعودي | سبل تصدر طابعاً تذكارياً بمناسبة اليوم الوطني السعودي الـ 94
- 2024-09-25 برلمان الطفل العراقي حاضرا في معرض بغداد الدولي للكتاب
- 2024-09-25 رئيس مركز يبرين يهنئ القيادة بذكرى اليوم الوطني ال 94
- 2024-09-25 ( في رثاء المعلمة بتول الحمادة )
- 2024-09-25 اليوم الوطني 94 في دائرة الأوقاف والمواريث بالأحساء
- 2024-09-24 أفراح البخيتان وسادة الحسن تهانينا
- 2024-09-23 أمين عام جمعية البر بالاحساء م. صالح بن عبدالمحسن ال عبدالقادر: اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى
- 2024-09-23 حسين الجسمي يصدح في حب السعودية بأغنية "الفخر من هنا" في اليوم الوطني الـ 94