وجدت دراستنا التي نشرت مؤخرًا أن عدد ساعات النوم القليلة ووقت النوم المتأخر مرتبطة بتغيرات قد تكون ضارة بالاتصالية الوظيفية (1) في مناطق الدماغ المهمة للتعامل مع التوتر النفسي والسيطرة على المشاعر السلبية (2). ولا سيما في الأطفال من الأسر ذات الموارد الاقتصادية المتدنية فهم بشكل خاص معرضون لاحتمال حدوث هذا التغيرات الضارة بهم.
نحن الباحثون في علم الأعصاب متحمسون للحد من الفوارق السسيواقتصادية(3 4) في تنمية الطفل. لفهم كيف يؤثر الحرمان السسيواقتصادي(5) في صحة النوم(6) ونمو الدماغ لدى الأطفال بشكل أفضل، قمنا بحشد 94 طفلاً يتراوح سنهم بين 5 إلى 9 سنوات من أسر متنوعة من الناحية السسيواقتصادية تعيش في نيويورك. الدخل المالي لحوالي 30% من الأسر المشاركة كان تحت خط الفقر(7) في الولايات المتحدة.
لقد طلبنا من أولياء الأمور الإبلاغ عن بيئة (البيت، بما فيه غرفة نوم أطفالهم) واتساق روتين الأسرة (8)، ووقت نوم أطفالهم ووقت استيقاظهم. كما أجرينا تصويرًا بالرنين المغناطيسي لأدمغة الأطفال لمعرفة حجم منطقة في الدماغ تسمى اللوزة الدماغية(9) وقوة اتصاليتها بمناطق أخرى من الدماغ. تلعب اللوزة الدماغية دورًا حاسمًا في معالجة المشاعر وفي مقدار المشاعر السلبية التي يتعرضون له (10). الصعوبات والشدائد [ومنها الفقر وسوء المعاملة والعنف الأسري والفصل بين الطفل والأم، وما إلى ذلك](11) التي يتعرصون لها في وقت مبكر من حياتهم قد يؤثر قي قيام اللوزة الدماغية بوظيفتها.
الرسم المتحرك هذا للتصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ يبرز باللون الأخضر منطقة متعمقة في الدماغ تسمى اللوزة الدماغية. |
لقد وجدنا أن الأطفال من أسر مواردها الاقتصادية متدنية لا يحصلون إلَّا على مقدار (ساعات) أقل من النوم في الليل وينامون متأخرين مقارنة بأطفال من أسر مواردها الاقتصادية عالية. وبدورها، تلازمت فترة النوم الأقصر والنوم المتأخر مع انخفاض في حجم اللوزة (12) الدماغية وضعف في الاتصالية بين اللوزة الدماغية ومناطق الدماغ الأخرى التي تعالج المشاعر(13). وُجد هذا التلازم بين الحرمان السسيواقتصادي، وعدد ساعات النوم وتوقيت النوم وحجم اللوزة الدماغية والاتصالية بينها وبين مناطق دماغية أخرى حتى في الأطفال الذين لا يتجاوزون سن الـ 5 سنوات.
تشير نتائجنا إلى أن عدد ساعات النوم وتوقيته مهمان لوظائف مناطق الدماغ المعنية بمعالجة المشاعر [كاللوزة الدماغية].
ما أهمية ذلك
عدم الحصول على قسط كاف من النوم يزيد من احتمال الإصابة بمشكلات الصحة العقلية ويؤثر سلبًا في التحصيل الدراسي. قلة النوم قد تصعب على الأطفال التعامل مع التوتر وإدارة المشاعر . قد يكون الأطفال من الأسر أو الأحياء ذات الموارد السسيواقتصادية المنخفضة أكثر احتمالًا للتعرض إلى مشكلات الصحة العقلية المرتبطة بالتوتر النفسي، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الآثار السلبية لبيئتهم في صحة النوم (6).
قلة النوم قد يكون لها دور في ضعف الصحة العقلية والأداء المدرسي. |
أثناء مرحلة الطفولة، يتطور وينمو الدماغ بوتيرة سريعة (14). ولهذا السبب، يمكن أن يكون لمشكلات مرحلة الطفولة تأثيرات سلبية في وظائف الدماغ تدوم مدى الحياة. مشكلات مرحلة الطفولة هذه قد تستمر معهم طوال الحياة.
النتائج التي توصلنا إليها تعزز أهمية ضمان حصول جميع الأسر على موارد اقتصادية كافية لإعالة أطفالها. تشير الأبحاث إلى أن المساعدات (أو الهبات) المالية(15) للعائلات المحتاجة يمكن أن تساعد في دعم وظائف دماغ الأطفال وبالتالي تعزز صحتهم العقلية ونتائجهم الأكاديمية (المدرسية)(16).
ما لا يزال غير معلوم
لماذا تصعب البيئات المحرومة سسيواقتصاديًا النوم على الأطفال؟
نفيد نتائج بحثنا بأن أولياء الأمور الذين يسعون من أجل سد احتياجات أسرهم من النفقات الضرورية واجهوا صعوبة في الحفاظ على روتين عائلي متسق (8)، مما قد يؤدي إلى روتين أقل اتساقًا في وقت النوم (17)، مما يكون قد ساهم في حصول الأطفال على ساعات أقل (قسط غير كافٍ) من النوم.
ومع ذلك، من المحتمل أن تكون هناك عوامل متعددة (18) تربط بين الحرمان السسيواقتصادي وسوء جودة النوم، كـ عدم القدرة على شراء سرير مريح والاكتظاظ في المنزل والضوضاء في الحي، وكمية الضوء والحرارة المرتفعتين.
ماذا بعد
ركزت معظم دراسات النوم على المراهقين، الذين يتعرضون بشكل خاص لاحتمال قلة النوم (19). ومع ذلك، تشير نتائج دراستنا إلى أن التأثيرات البيئية في أنماط وعادات النوم تبدأ في مرحلة أبكر بكثير من مرحلة المراهقة .
التدخلات لتحسين النوم قد تحتاج إلى أن تبدآ قبل سن المراهقة لتكون فعالة على النحو الأمثل. قد يكون لتعزيز الموارد الاقتصادية للعائلات المحتاجة أيضًا دورًا أساسيًا لدعم صحة نوم الأطفال وتطور ونمو أدمغتهم وصحتهم العاطفية(29).