2021/02/05 | 0 | 4463
شذرات من خصائص الزهراء (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين. واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾([1]).
سيدة نساء العالمين:
روى الطبري بسنده عن عمران بن حصين، «أن النبي (ص) قال لفاطمة: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين، قالت فاطمة (ع): فأين مريم بنت عمران؟ قال لها: أي بنية، تلك سيدةُ نساء عالمها، وأنت سيدة نساء العالمين»([2]).
لا زال الحديث عن الزهراء (ع) وسوف نتحدث في هذه المسألة، ثم ننتقل إن شاء الله تعالى إلى خصائص السيدة الزهراء (ع).
فمن المتداول في حق الزهراء (ع) أنها سيدة نساء العالمين، منذ الصدر الأول للإسلام، وقد ركز هذا المفهوم رسول الله (ص). وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أن الله اصطفى مريم على نساء العالمين أيضاً، لكن رسول الله (ص) خصص ذلك الاصطفاء بكونه في نساء عالمها فقط، أي نساء أهل زمانها، أما الزهراء (ع) فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين. وكان يركز على هذا المطلب في المسجد، بحضور الكثير من الصحابة.
كما روى الصدوق بسنده عن المفضل بن عمر قال: «قلت لأبي عبد الله (ع): أخبرني عن قول رسول الله (ص) في فاطمة (ع) أنها سيدة نساء العالمين، أهي سيدة نساء عالمها؟ فقال: ذلك لمريم، كانت سيدة نساء عالمها، وفاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين»([3]).
فهنالك تأكيد وإصرار على التفريق بين (سيدة نساء العالمين جميعاً) وبين سيدة نساء عالمها.
«وقيل للصادق (ع): قول الرسول (ص): فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، أي سيدة نساء عالمها؟ قال: ذاك مريم، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة من الأولين والآخرين»([4]).
فهنالك نخبة من النساء اختارهن الله تعالى، وهن مريم، وآسيا، وخديجة، وفاطمة. وفاطمة أفضلهن جميعاً على الإطلاق.
خصائص الزهراء (ع):
هنالك خصائص اختصت بها هذه المرأة الطاهرة، الكوثر، النقية، ومنها:
1 ـ العصمة: فمما أُجمع عليه أن الزهراء (ع) داخلة في آية التطهير: ﴿إِنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْرَاً﴾([5]). ومدرسة أهل البيت (ع) تخصص الخمسة أصحاب الكساء بهذه الآية، والمدرسة الأخرى تعمم، وكلتا المدرستين تُدخل الزهراء (ع) تحت هذا العنوان. وهذه الآية المباركة تبين أن الزهراء (ع) معصومة.
ولا نكتفي بهذه الآية فقط، إنما هنالك آيات أخرى وسيرة عملية كانت تُمارس، وكان يُتعامل مع الزهراء (ع) على أنها معصومة في حياة أبيها، وكان (ص) يؤكد ذلك.
2 ـ العلم: وهو من الخصائص التي اختصت بها، فهي عالمة، وهذا مما لا شك فيه. ومن نعم الله تعالى على أوليائه عندما فضّلهم، أنه أنعم عليهم بعلمه. فكانت الزهراء (ع) عالمة، وهي من الخصائص التي اختصت بها. وكانت نساء قريش، من المهاجرين والأنصار، يرجعنَ إليها في الكثير من مسائلهن، وكانت الزهراء (ع) تجيب عنها. وكان رسول الله (ص) يحيل إليها أمر النساء. فكانت متصدرة للإجابة عن المسائل، الصغيرة منها والكبيرة. فعنوان العلم من العناوين الملفتة للنظر في حياة الزهراء (ع).
ومما يؤكد ذلك في سيرتها (ع) ما رواه المجلسي في بحار الأنوار عن الصدوق عليه الرحمة، فيما أوصى به النبي (ص) لعلي بن أبي طالب (ع) حيث قال: «يا علي، إن الله أشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين. ثم اطلع الثانية فاختارك على رجال العالمين بعدي، ثم اطلع الثالثة فاختار الأئمة من ولدك على رجال العالمين بعدك، ثم اطلع الرابعة فاختار فاطمة على نساء العالمين»([6]).
ومما يشهد بذلك ما تشير إليه بعض الروايات: «إن الله تعالى أعطى عشرة أشياء لعشرة من النساء: التوبة لحواء زوجة آدم، والجمال لسارة زوجة إبراهيم، والحفاظ لرحمة زوجة أيوب، والحرمة لآسية زوجة فرعون، والحكمة لزليخا زوجة يوسف، والعقل لبلقيس زوجة سليمان، والصبر لبرخانة أم موسى، والصفوة لمريم أم عيسى، والرضى لخديجة زوجة المصطفى، والعلم لفاطمة زوجة المرتضى»([7]).
فهذه الرواية تؤكد أيضاً أن فاطمة عالمة، ومن يدخل تحت هذا العنوان، فلا شك أن الأمور التسعة الأخرى التي مُنحت لغيرها تدخل تحت هذا العنوان أيضاً. فهي أفضلهن على الإطلاق.
3 ـ أنها محدِّثة ومحدَّثة: فقد اختصت الزهراء (ع) بهذين الأمرين، والفرق بينهما واضح، فكونها محدِّثة أنها تُحدث عن أبيها وتروي عنه، وكونها محدَّثة أنها كانت تُحدثها الملائكة وتؤنسها، وهنالك روايات كثيرة في هذا الشأن، إذ كانت الملائكة تنزل عليها بعد وفاة أبيها فتحدثها، وتؤنسها وتخبرها عن أبيها، لأنها كانت تمر بمرحلة عصيبة ومأساوية بسبب فقد أبيها.
ومن الروايات التي تؤكد أنها محدَّثة، ما ورد عن الإمام الصادق (ع): «سُميت فاطمة محدَّثة لأن الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها، كما كانت تنادي مريم بنت عمران، فتقول: يا فاطمة، ﴿ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعَالَمِيْنَ﴾([8]). يا فاطمة، ﴿اقْنُتِي لِرَبِّكِ﴾، الآية[9]، وتحدثهم ويحدثونها»([10]).
والسؤال الذي يطرح هنا: هل قال غيرنا بنزول الملائكة على أحد من الناس؟ الجواب: نعم، هنالك وقائع تذكرها روايات لدى العامة، ويقولون بصحتها، ومنها أن الملائكة كانت تنزل على الخليفة الثاني، فهذا ليس مما انفرد به الشيعة دون غيرهم.
4 ـ عبادتها: فقد كانت عابدة تعيش حالة الخشية من الباري جل وعلا، وكان رسول الله (ص) يلاحظ ذلك عليها. وقد اشتهرت الزهراء (ع) في الصدر الأول للإسلام، بين أبناء المجتمع بعبادتها وزهدها، فكانت قائمة الليل صائمة النهار، والروايات والأخبار تؤكد ذلك.
وكانت تدعو لجيرانها من المؤمنين والمؤمنات بالأسماء، وهو من الأمور المستحبة، فيقال: اللهم اغفر لفلان وفلان. فكانت تسمي من تدعو لهم من الجيران وغيرهم، الأقرب فالأقرب. وكان يقال لها: لا نراك تدعين لنفسك، فتقول: الجار ثم الدار.
5 ـ خشيتها من القيامة: فقد كانت تخاف عند ذكر القيامة، فالكثير منا عندما تذكر عنده القيامة وما يجري فيها، فإنه لا يعبأ بما يسمع وما يذكر عنده، ولا تغير في نفسه شيئاً، أما فاطمة (ع) فلأنها تدرك ما يحصل فيها، تخاف عند ذكر ذلك الموقف، يوم تبعث الأمم منذ بداية الخليقة. وكانت تقول لرسول الله (ص): حدثني عن يوم القيامة.
تقول الرواية: إنها (ع) «قالت لأبيها: يا أبت، أخبرني كيف يكون الناس يوم القيامة؟ قال: يا فاطمة، يُشغلون، فلا ينظر أحدٌ إلى أحد، ولا والد إلى ولده، ولا ولد إلى أمه. قالت: هل يكون عليهم أكفان إذا خرجوا من القبور؟ قال: يا فاطمة، تَبلى الأكفان، وتبقى الأبدان، يُستَرُ عورةُ المؤمنين، وتبدو عورة الكافرين. قالت: يا أبتِ، ما يَسترُ المؤمنين؟ قال: نورٌ يتلألأ لا يُبصِرُون أجْسَادَهُم من النور...»([11]).
6 ـ تلاوة القرآن: فقد روي عنها (ع) أنها كانت تحب قراءة القرآن كثيراً.
هذا ما يسع الوقت لذكره، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
([1]) طه: 25 ـ 28.
([2]) بشارة المصطفى لشيعة المرتضى، الطبري الآملي: 69.
([3]) معاني الأخبار، الشيخ الصدوق: 107.
([4]) مناقب آل أبي طالب، ابن شهرآشوب3: 323.
([5]) الأحزاب: 33.
([6]) بحار الأنوار، المجلسي16: 354. الخصال، الشيخ الصدوق1: 206.
([7]) بحار الأنوار، المجلسي43: 34.
([8]) آل عمران: 42.
([9]) آل عمران: 43.
([10]) دلائل الإمامة، الطبري: 81.
([11]) جامع الأخبار، الشعيري: 175.
جديد الموقع
- 2024-11-23 جمعية الكشافة تُشارك في الاحتفاء باليوم العالمي للجودة
- 2024-11-23 العرابي يتوّج في الاحساء بطلاً للجولة الثالثة والأخيرة لمنافسات بطولة السعودية تويوتا الدرفت 2024
- 2024-11-23 الفتح يتصدر ترتيب الأندية في الدوري المشترك للبلياردو
- 2024-11-23 ذاكرة القلم
- 2024-11-23 الأدلجة السلوكية
- 2024-11-23 في يومين : الأدباء الشباب في ضيافة ابن المقرب
- 2024-11-23 أفراح الملفي و الفليو تهانينا
- 2024-11-22 عادات قرائية مفيدة
- 2024-11-22 مع أن الأديان تتحدث عن قيمة التواضع الفكري، لكن قد يصعب على رجال الدين بشكل خاص تطبيق ما يدعون إليه الناس
- 2024-11-22 يرجع الفضل في استمرارك في تذكر كيف تركب دراجتك الهوائية إلى منطقة المخيخ في دماغك.