سمـاحة الشيخ محمد العباد أم البنين (ع) وقدسية حب آل البيت عليهم السلام

قال تعالى (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ) 1

▪بداية أعزيكم وجميع المؤمنين والمسلمين بذكرى وفاة امرأة عظيمة جليلة كتب الله لها الخلود على مر العصور بإحياء ذكراها هي أم البنين فاطمة بنت حزام الكلابية والتي أصبحت باباً من أبواب قضاء الحوائج نسأل الله تعالى بحقها أن يقضي حوائجنا وحوائجكم للدنيا والآخرة ، وحري بنا في هذه الذكرى أن يكون حديثنا حول ( أم البنين وقدسية محبة آل النبي -ع-)

إن محبة أهل البيت عليهم السلام مكتسبة من خلال قدسيتهم والقدسية تعني المباركة والمطهرة ، فعندما نقول فلان مقدّس يعني مبارك وكذلك مطهر ، وفي قوله تعالى (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ) 2 يعني جبرائيل عليه السلام هذا الملك المبارك والطاهر الذي لايمكن أن يصدر منه خطأ بحيث لاسمح الله أن يُتهم بالكذب بما جاء به من الله سبحانه وتعالى على رسوله الأكرم صلى الله عليه وآله ، فعندما نقول أن اهل البيت عليهم السلام مقدسون يعني هم مباركون ومطهرون ولايمكن أن يصدر منهم خلاف الطهر والبركة ، فالنبي الأعظم (ص) أيضاً مقدس منزه عن كل عيب وآفة 

وأهل البيت قدسيتهم ناشئة من بركاتهم على الخلق عموماً سواء هذا الخلق من البشر أم من غير البشر ، ونحن نعلم قدسية الشريعة الطاهرة بقدسية ماجاء به القرآن الكريم والرسول الأعظم (ص) وفي آية المودة جعلت مودة أهل البيت عليهم السلام موازية للرسالة المحمدية ، فإذا كانت الرسالة التي أنزلها لله مقدسة فكذلك مودة أهل البيت (ع) أيضاً تحمل القداسة. ،وآية التطهير من دلائل قدسية أهل البيت عليهم السلام وقد وردت آيات كثيرة تؤكد على قدسيتهم  بحيث أن النبي الأعظم يقول عندما يحضر ملك الموت وعندما يكون الإنسان في حالة الإحتضار فإنه يشاهد النبي الاعظم والإمام عليا والسيدة فاطمة عليهم السلام ، فإن كان محباً لأهل البيت (ع) يطعم من طعام الجنة أثناء الإحتضار حتى يشتاق الى الجنة ، وإن كان مبغضاً لأهل البيت يُطعم من الزقوم وهو طعام أهل النار حتى في حالة نزاعه وخروج الروح ينال العذاب وذلك لبغضه أهل البيت عليهم السلام ، 

وهذا يعني أن محبة أهل البيت محبة مقدسة 

   عن علي بن أبي طالب عليه السلام  قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله : - ( والذي نفسي بيده لا تفارق روح جسد صاحبها حتى يأكل من ثمر الجنة أو من شجرة الزقوم، وحتى يرى ملك الموت، ويراني ويرى علياً، وفاطمة والحسن والحسين، فإن كان يحبنا، قلت: يا ملك الموت ارفق به فإنه كان يحبني وأهل بيتي، وإن كان يبغضني ويبغض أهل بيتي، قلت: - يا ملك الموت شدد عليه فإنه كان يبغضني ويبغض أهل بيتي)، وفي  رواية أخرى  ( لا يحبنا إلا مؤمن، ولا يبغضنا إلا منافق شقي )" 3

ومن طرق إخواننا السنة الحديث المروي عن الإمام أحمد في مسنده والترمذي قال أن النبي الأعظم (ص) وهو آخذ بيد الحسن والحسين قال : - ( من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي وفي درجتي في الجنة ) " 4

 ويروي الديلمي عن الإمام علي عليه السلام عن النبي الأعظم(ص) قال : - ( ادبوا أولادكم على ثلاث خصال حب نبيكم وحب آل بيته وقراءة القرآن )" 5

والزمخشري في كتابه الكشاف في تفسير القرآن وهو من علماء السنة ، وكذلك الرازي في كتابه التفسير الكبير وهو علماء السنة أيضا  ويرويه المجلسي رحمه الله في كتابه البحار  أن النبي الأعظم (ص) قال : - "من مات على حب آل محمد مات شهيداً  ،ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له ،ومن مات على حب آل محمد مات تائباً ألا ومن مات على حب آل محمد مات مستكمل الإيمان "  كل هذا يشير ويبين قدسية المحبة لأهل البيت عليهم السلام  فهذا الحب مقدس بإجماع المسلمين ، كذلك هناك  إجماع المسلمين أن من ابغض أهل البيت عليهم السلام فهو في النار ، ومن أحبهم كان على سبيل النجاة .

 أم البنين (ع) وتجسيد قدسية محبة أهل البيت عليهم السلام

--المعرفة :- عرفت أم البنين من هم أهل البيت (ع) ويقول الشيخ المفيد رحمه الله أنها من النساء الفاضلات العارفات بحق أهل البيت عليهم السلام ، 

معرفتها (ع) بأهل البيت ليست معرفة بالأسماء كما هو حال الكثير اليوم يعرف أهل البيت باسمائهم لكن يجهلون حقيقة مقاماتهم ومناقبهم ودورهم في الحياة ونشر العلم وكذلك حقوقهم علينا وغيرها من الأدوار العظيمة فهذه المرأة جسدت قدسية لمحبة أهل البيت من خلال معرفتها الحقيقية بمنزلة أهل البيت عليهم السلام.

الخدمة :-  أم البنين ليست امرأة بسيطة ونحن عرفناها من خلال اقترانها بأمير المؤمنين (ع) ، لكنها أيضاً كانت متميزة اولاً من خلال نسبها فهي من اسرة عريقة عرفت بالشجاعة والبطولة والكرم وهي شاعرة فصيحة كما يقول عمر كحالة في كتاب تحت عنوان أعلام النساء يقول ( وأنها شاعرة فصيحة ) وهذا تقييم للشعر الذي نقله التاريخ عنها ويدل على موقعها في الأدب والشعر ، أم البنين عالمة أيضاً كما يقول المازندراني عندما يتحدث عنها وعن ابي الفضل العباس يقول : - وقد حمل من العلم ماورثه من أبيه وأمه  " 

فأم البنين لايتوقف فضلها في أنها زوجة أمير المؤمنين أو انجبت أبطالاً لكربلاء وإنما هي عالمة وخادمة لأهل البيت ، ومعنى ذلك أن تجسيد قدسية المحبة لأهل البيت عليهم السلام يكون بخدمتهم في كل المجالات العملية والفنية فكتابة الشعر والخطابة والمشاركة في المجالس كلها تدخل ضمن خدمة أهل البيت . فإذا كان الإنسان يريد اختبار نفسه في تقديس المحبة فلينظر الى ما ذا قدم من خدمة لهم عليهم السلام 

في الروايات تذكر عندما زُفت أم البنين إلى دار أمير المؤمنين قالت لأبناء السيدة الزهراء ماجئت لأحل مكان أمكم فاطمة وإنما جئت لأخدمكم .

وكان لهذه الخدمة الأثر الكبير في خلود هذه المرأة العظيمة .

 أم البنين مثل الحب لأهل البيت (ع)

 أعطت الصورة الرائعة لمحبة أهل البيت من خلال تدينها وإلتزامها وعلمها وخدمتها التي لابد أن يتحمل مسؤوليته الموالون لأهل البيت فهل أعطوا قدسية المحبة لأهل البيت في السلوك والعمل والخطاب الذي يرجع بالدرجة الأولى الى رجال الدين والأكاديمين الذين يمتلكون القلم والخطاب المؤثر تقع عليهم مسؤلية تقديس أهل البيت أكثر من غيرهم للتأكيد على هذا المنهج من خلال السلوك الفعلي . (كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم) 

كل ذلك يحقق معنى قدسية المحبة واستخدام هذه النعمة وشكرها برعاية هذه الأمانة 

 تربية الأبناء بحب أهل البيت

 النبي الأعظم (ص) يقول : - " أدبوا أولادكم على حب نبيكم وحب آل بيته وقراءة القرآن الكريم" وقد جسدت أم البنين هذا المعنى وقدمت اربعة من ابنائها مدافعين عن إمام زمانهم حباً لله وحباً للرسول وآل بيته الى أن استشهدوا في كربلاء وذلك بزرع قداسة الحب فيهم تجاه أهل البيت ع ، واليوم نحن إمام زماننا الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف الذي ينتظره العالم  ، ونحن لنا دور كبير في تربية أبنائنا على الإستعداد لاستجابة النداء المهدوي لتجسد قدسية المحبة والولاء لأهل البيت (ع) .

الصبر 

وتحمل الإبتلاءات التي تواجه الإنسان نتيجة حبه لأهل البيت ، هناك ابتلاءات تصيب أي انسان وهناك ابتلاءات تحيط بالإنسان لأنه محب لأهل البيت 

الشيخ المفيد رحمه الله عندما يتحدث عن أم البنين قال: وقد محصت في حبها لأهل البيت " 

كل هذا تبيان لمعنى التقديس عند أم البنين تجاه محبتها لآل البيت.

والحمدلله رب العالمين