
2012/11/22 | 0 | 801
سماحة الشيخ عبدالجليل البن سعد يعد: خطورة التأويل لنصوص الثورة الحسينية
ومدخل الموضوع من خلال ثلاث مسميات.
1- التأويل العلمي وهو التأويل الذي باركه القرآن الكريم قال تعالى : (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب).
وهو يعتمد على العلم الباطني والنوراني وعلى الإلهام الإلهي والذي هو مختص بأهل البيت عليهم السلام.
فيقول الإمام الباقر عليه السلام (لو وجدتُ لعلمي الذي آتاني الله عز وجل حَملَة لنشرت التوحيد والإسلام والإيمان والدين والشرائع من الصمد).
ويقول أمير المؤمنين عليه السلام: ((سلوني قبل أن تفقدوني)). فهم لم يجدوا حملة لعلمهم.
2-التأويل الأصولي أو المحكم. فهو يستمد رأيه وتصوره من الأصول ثابتة والاصول الواضحة والمقررات في المناهج العلمية والمحكمة التي نزهة عن الخلاف في الدراسة العلمية فهي أحكام عقلية ثابتة أو محاورية.
فمن قديم الزمان العلماء يتحدثون ويتعاملون بها كبديهيات واضحات.
فمثلاً: نرى أن العلماء يتأولون عموم الآيات والمطلقات من الآيات والمتشابه من الآيات وكل ذلك بحمل العام على الخاص لان ذلك أصلاً مؤصل وذلك برجع المطلق إلى المقيد أو برفع المتشابه بالمحكم أو رد المنسوخ إلى ناسخه.
3-التأويل ألابتكاري أو ألاعتقادي. وهذا الاسم يكون تحته مثالين لماذا ؟
الاول: ان الاعتقاد تارة يكون عن مبدأ صحيح ثابت فيكون صحيح النتيجة وثابت بسند عقلي وديني اي ثابت الصحة.
فالتأويل ألاعتقادي يقوم على تأويل الثابت من النصوص والأسانيد العقلية الدينية.
فيقول الله تعالى { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ }.
فتأويل هذه الآية كمبدأ عقدي وثابت هو أن الله لا يرى وهذا مبدأ وعقيدة لدى الأمامية دون غيرهم.
لان كتاب البخاري تحدث عن ألرؤية طويلاً.
ففي رواية لابن مسعود: ضحك ابن مسعود ، فقال : ألا تسألوني مم أضحك ؟ فقالوا : مم تضحك ؟ قال : هكذا ضحك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فقالوا : مم تضحك يا رسول الله ؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : من ضحك رب العالمين ..
فعندما يكون عندنا مبدأ عقدي ثابت بالسند التام على عدم إمكانية رؤية الله عز وجل ويأتي نص يتراء منه جواز الرؤية فنتأوله على عدم الرؤية. فنقول على الآية { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ }. أنها رؤية ناضرة إلى ثواب الله لا إلى الله عز وجل والمصرح لنا بهذا التأويل هو المقطوع العقلي الذي ينفي ألجسميه عن الله. فالشيء لا يرى قبل أن يكون له جسم.
وأيضاً يصرح له المقطوع الشرعي في قوله تعالى (لا تدركه الأبصار).
المثال الثاني: أن يكون عبارة عن شبهة مستحكمة يسمونها أصحابها عقائد فمثلاً السيخ يرون انفسهم اصحاب عقيدة.
والشبهة المستحكمة تحول الذهن الى صخرة تتحطم عندها كل القراءات مهما كانت مستحكمة ومن بل قبل من.
فالثورة الحسينية هي الثورة الإنسانية الأولى بمعيار القيادة والتخطيط والاهداف وفي ظلها وطياتها نصوص حملة معنى الموت وتكلمة عنها قبل مرحلة المواجهة.
الا ان اصحاب الفكر التأويلي ذهبوا بقولهم ان الحسين خرج للنصرة والخلافة.
وسنذكر نصين في مقابل هذه التأويلات :
النص الأول : في كلام لخطبة الامام الحسين عليه السلام عند خروجه من مكة : (خُط الموت)( وما أولهني إلى أسلافي)( وخيرَ مصرعٌ لأنا لاقيه. كأني بأوصالي تقطعها عُسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء،)( (من كان باذلا فينا مهجته، وموطنا على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا فإنني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى).
فهذه الخطبة المباركة لها انسياق ذهني عام يشير الى ان الحسين خرج للشهادة والموت في سبيل الله .
الا ان اصحاب التأويل ذهبوا بقولهم ان الحسين خرج للنصرة لا للشهادة. وذلك لأنه ليس من الغريب في دعواهم ان يزرع القائد النصر لأصحابه بنداء الموت فكيف لو اتى من شخصية كالحسين.
وبالتالي فكلمات الحسين لم تعطي بنتيجة مع هؤلاء المتأولين.
لذا نحتاج الى قراءة بيانيه وتحاليل لخطبة الامام الحسين وسنذكر ثلاث منها.
التحليل البياني الأول: ان العبارات والشعارات التي أتت على ألسنة القادة (لم نجد لها صحة ولا مستند فهي نسج من الكتاب) كـ(قدم المهج تغلبوا)(تقدموا للموت تنتصروا) هذه جمل شرطية تتكون من شرط وجزاء تصنف لغة على اساليب الأنشاء.
أما قول الامام (خط الموت)( لا مـحيص عن يوم خط بالقلم،) هي جمل اخبار تصنف على الاساليب الاخبارية.
فيوجد فرق بين مؤدى الاخبار والانشاء.
التحليل الثاني: ان طريقة كلام الامام عليه السلام هي نعاء فالحسين ينعى نفسه فليست هي بتخطيط ولا حرب ودليلها ان الحسين لم يتحدث عن الموت دون تفاصيله. ومن تفاصيله:
1- ان الحسين تكلم عن القدر الالهي وهو مفهوم عقدي في قوله (خط الموت)(لا محيص عن يوم خط بالقلم).
2- ان الحسين تكلم عن جزعه من الحياة في قوله (وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف) فلم يقل أولهني الى النصر او الخلافة والسلطة.
3-ان الحسين تكلم عن الوحشية البشرية بصوره بلاغية لم يسبق اليها وذلك بتشبيهه لوحشية البشر بالذئاب في قوله (كأني بأوصالي تُقطِّعها عُسلانِ الفلاة).
التحليل الثالث: نقول ان الامام الحسين عليه السلام كان يريد الشهادة وكان يتحدث بها فالإمام الحسين عند استخدامه للفظة الموت التي لا تنافي في قولها بين النصر والشهادة ولكن لو كان الموت نصراً وثمناً للحياة فموت البعض هو حياة للبعض الآخر فالموت ضريبة لانتشار الفتح والامن.
والرسالة الاسلامية لم تنتشر الا بأرواح ضحة بحياتها من اجل الاسلام.
والموت رمز وعلامة لكل الثورات الناجحة.
فالإمام الحسن عليه السلام قال لأصحابه: (فإن أردتم الموت رددناه إليه ، وحاكمناه إلى الله، وإن أردتم الحياة قبلناه، وأخذنا بالرضا).
فهي دلالة على ان الموت بمعنى الحياة وهذا ما أشار إليه الكاتب بأن الموت ثمن للحياة.
النص الثاني: لقاء الامام الحسين عليه السلام مع ام سلمة: لما عزم الحسين عليه السلام على الخروج من المدينة أتته أم سلمة رضي الله عنها فقالت: يا بني! لا تحزني بخروجك إلى العراق، فإني سمعت جدك يقول: يقتل ولدي الحسين بأرض العراق، في أرض يقال لها كربلاء، فقال لها: يا أماه! وأنا والله أعلم ذلك، وإني مقتول لا محالة، وليس لي من هذا بد،).
فإن الناقدين قالوا في هذا النص حديث منكر: بقولهم بأن هذا الحديث يضرب في ايمان ام سلمة وان هذا الحديث يعني ان ام سلمة لا تؤمن بقول رسول الله فحين تمانع الحسين من الخروج الى مكان اخبر عنه رسول الله فبنتيجة ان ام سلمة لا تؤمن بحديث رسول الله وهذا لا نقبله فالحديث منكر.
ومن هنا نفكك هذا النص من عدة جوانب:
الجانب الأول: ان ام سلمة رضي الله عنها كانت مؤمنه بقول رسول الله لأنها لو كانت ترى كلام الرسول هذياناً لكان قولها للإمام الحسين عليه السلام :(اخرج) فالرسول لا يصدق. ولكنها ذَكرت الحسين بحديث الرسول وهذا قمة الايمان بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ان ما قاله الرسول لا بد ان يتحقق.
الجانب الثاني: ان ام سلمة هي فقيها بهذا الحديث فالرسول لم يقل عن الحسين (ان اخرج) وانما هو اخبار وهذا ما فعلته فهي لم تعترض ولم تمتنع ولم تنكر حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي هذا اشارة الى النصوص والاحاديث والروايات الكثيرة المستفيضة التي ذكرت ان المعصومين عليهم السلام مخيرين من قبل الله في طريقة الموت التي يردونها. كما هو حديث الوصية في اصول الكافي وغيره.
ففي وجهة هذه الاحاديث اشارة الى ان الامام الحسين لم يكن مرغم على الخروج كما جاء في حديث ام سلمة.
الجانب الثالث: في حديث ام سلمة للإمام الحسين عليه السلام نجد امور وكلام وحديث له طابع الخصوصية قد لا يعرف من قبل الغير كما هو الناقد.
ولكن نرى الجواب في حديثها عند الامام الحسين عندما قال لها :( يا أمّاه، وأنا والله أعلم ذلك، وإنّي مقتول لا محالة، وليس لي من هذا بد، وإنّي والله لأعرف اليوم الذي أُقتل فيه، وأعرف من يقتلني، وأعرف البقعة التي أُدفن فيها، وإنّي أعرف من يُقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي، وإنْ أردتِ يا أمّاه أُريكِ حفرتي ومضجعي.
ثمّ أشار عليه السلام إلى جهة كربلاء فانخفضت الأرض حتى أراها مضجعه ومدفنه وموضع عسكره وموقفه ومشهده، فعند ذلك بكتْ أمّ سلمة بكاءاً شديداً، وسلّمتْ أمره إلى الله.
فقال لها: يا أمّاه، قد شاء الله عزّ وجلّ أنْ يراني مقتولاً مذبوحاً، ظلماً وعدواناً، وقد شاء الله أن يرى حرمي ورهطي ونسائي مشرّدين، وأطفالي مذبوحين مظلومين، مأسورين مُقيّدين، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصراً ولا معيناً …. ثّم أخذ تربة فجعلها في قارورة ، وأعطاها إياها ، وقال : (اجعليها مع قارورة جدي ، فإذا فاضتا دماً فاعلمي أني قد قتلت ) .
فنجد ان الامام الحسين ذكر التفاصيل لام سلمة دون غيرها كابن عباس وهذا دليل واضح لعظمة ام سلمة رضوان الله عليها عند اهل البيت عليهم السلام وعند الامام الحسين عليه السلام بشكل خاص.
جديد الموقع
- 2025-04-27 أقوى تلسكوب في العالم لاستكشاف أسرار الكون
- 2025-04-27 برعاية سمو محافظ الأحساء وكيل المحافظة يدشّن النسخة الخامسة من مبادرة "امش 30"
- 2025-04-27 سمو محافظ الأحساء يرعى الحفل الختامي لميدان الفروسية بالأحساء لعام 2025 ويتوج الفائزين
- 2025-04-27 زوار معرض الرباط الدولي يشيدون بركن وزارة الشؤون الإسلامية: تجربة معرفية وتقنية تبرز ريادة المملكة في خدمة الإسلام
- 2025-04-27 زواج ثنائي سادة الهاشم (( الدكتور علي والمهندس حسين )) بالاحساء
- 2025-04-26 العمل التطوعي بين التنظير والممارسة
- 2025-04-26 تجربتان شعريتان في أمسية ابن المقرب
- 2025-04-26 أفراح الجاسم بالمطيرفي والبوحسن والخليف تهانينا
- 2025-04-25 سمو محافظ الأحساء يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة ماتحقق من إنجازات لرؤية المملكة 2030
- 2025-04-25 سمو نائب أمير المنطقة الشرقية: رؤية السعودية 2030 تواصل ترسيخ مكانة المملكة في مصاف الدول المتقدمة