اللغة العربية في التعريب

مع كتاب اللغة العربية والتعريب في العصر الحديث، للمؤلف/ الأستاذ الدكتور عبد الكريم خليفة، الطبعة الرابعة: 1412هــ /1992 م.

بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية هو يوم للاحتفال باللغة العربية ويصادف 18 كانون الأول (ديسمبر) من كل عام.

جزء من المقدمة:

اللغة العربية أساس نهضة أمتنا ووحدتها:

تحتل الدراسات اللغوية مكانة متميزة في الوقت الحاضر، في مؤسسات البحث العلمي في الأمم المتقدمة؛ فهي دعامة أساسية في توثيق الصلات وتوطيد دعائم التفاهم بين الأفراد والجامعات في مجال تكوين الأمة. وقد استطاعت هذه الدراسات أن تبين الصلة الحيوية بين اللغة، من حيث هي لغة، وبين أفكار الناس وأحاسيسهم وأعمالهم. وبعبارة أخرى استطاعت أن تبين أن اللغة ليست أداة للتعبير فقط، ولكنها على صلة وطيدة بالحياة الفكرية والعاطفية والاجتماعية لهذه الشعوب، أفراداً وجماعات. وبالتالي فإن لها آثاراً عميقة في السلوك الإنساني بمختلف أشكاله وأنواعه.

وسائل تطوير اللغة العربية العلمية:

كانت اللغة العربية، لعدة قرون خلت، لغة العلم والفكر فقد نقلت إليها أنواع العلوم والثقافات المختلفة منذ القرن الثاني للهجرة. فاستطاعت أن تستوعبها وتهضمها. ولم تقف عند هذا الحد، بل تجاوزته إلى مرحلة الإبداع والابتكار. فأضافت عن طريق أبنائها إضافات أصيلة إلى العلوم بأنواعها. وكانت حلقة مهمة في سلسلة التطور الحضاري الإنساني. ثم عدت عليها عوادي الزمن، وأصاب أمة العرب ما أصابها، من تكاتف الأعداء في الخارج متمثلة بالحروب الصليبية في الشرق، ووجهتها بيت المقدس في فلسطين، وفي الغرب مارة بإسبانيا الإسلامية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نالتها التمزقات الداخلية والحروب الأهلية وما صاحبها من انحلال سياسي واجتماعي وكانت نتيجة هذا كله أن انزوت هذه اللغة الشريفة، لغة القرآن الكريم ولغة العلم والحضارة، بانزواء أهلها ولم تستيقظ إلا في عصر الطاقة عصر التلفاز والرادار والصواريخ العابرة للقارات الذرية وغزو الفضاء والنزول على القمر.. فيا لها من حقيقة أشبه بالحلم. فها هي لغتنا الحبيبة تستيقظ بيقظة أقطار أمتنا العزيزة لتواجه الواقع بكل ما يحمله من مهام وواجبات، وما يثيره من صعاب وعقبات.

 ليت شعري ماذا يكون موقف اللغة العربية!!! في هذا العالم المتطور، وفي خضم المعارف الأنسانية المتسارعة، التي تضع الأنسان في فجر تاريخ بشري جديد. فهل تختار طريق الجمود والانطواء على الذات، فتتراجع إلى العدم كما يشاء لها أعداء العروبة والإسلام، أم تنفض عنها غبار الزمن لكي تثير الأدوات الكامنة في طبيعتها اللغوية، والتي تجعل منها لغة حية متطورة، تستطيع أن تستوعب ما يجد من المعاني الحضارية والعلمية. وهنا تكمن أسباب الخلود في هذه اللغة الخالدة.

لا بد من إعادة النظر بصورة جذرية في تعليم اللغة العربية في جميع مراحل الدراسة:

من حيث أساليب تدريس اللغة العربية، واستخدام التقنيات الحديثة في التربية، ومن حيث الكتاب المدرسي، مادة وطباعة وإخراجا، ومن حيث المنهاج في مرونته وشموله وقابلياته لمسايرة حجم المعارف الأساسية المتسارعة في وقبل ذلك كله، العمل على إعداد المعلم الناجح نموها إعدادا خلقيا وعلميا ومهنيا.

وإن أهم قضية تواجهنا في عملية تعريب الكتب العلمية الجامعية:

تتمثل في موضوع تقرير المصطلح الواحد والشكل الواحد والرمز الواحد حتى يصل هذا الشكل أو المصطلح أو الرمز بصورة واحدة إلى جميع الطلاب وفي جميع العلوم ومن جميع المدرسين وفي جميع الكتب..

فالمصطلحات والرموز العلمية يتداخل بعضها في بعض، وبخاصة في الرياضيات والفيزياء والجيولوجيا والأحياء. فإن ترحيد المصطلحات المشتركة مثلا بين الفيزياء والرياضيات تصبح ضرورة بالغة حتى تكون لغة الرياضيات هي نفسها في الفيزياء والألكترونيات...

وإن طرح هذه القضايا العلمية ، من خلال هذه التجربة المتواضعة يقودنا إلى الوقوف أمام حقيقة الترابط اللغوي الوثيق بين العلوم الطبيعية ، باعتبارها جميعا هي جوانب مختلفة لتفسير طبيعة الوجود.