
مسجد الامام علي بالمطيرفي ومسجد العباس بالمطيرفي ومسجد الشيخ الاوحد بالمطيرفي
2017/08/22 | 0 | 1403
الشيخ حسين العباد : وظائف المنتظرين ومسؤوالياتهم ـ ( 5 )
( موقع المطيرفي )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين. واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ (طه : 25 ـ 28 ) .
قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾( آل عمران : 104 ) .
لا زال الحديث أيها المؤمنون في المسؤوليات الملقاة على عاتق المؤمن في زمن الغيبة تجاه صاحب العصر والزمان، وقد بلغ بنا المقام في الجمعة الماضية إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
روي عن رسول الله (ص) أنه قال : «كيف بكم إذا فَسَدَت نساؤكم وفسق شبابُكم، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟ فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ فقال: نعم، وشرٌّ من ذلك، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك؟ قال: نعم وشرٌّ من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً» ( آل عمران : 104 ).
هذا الكلام من رسول الله (ص) كان مع أصحابه، وكما هو واضح من النص أنه كان يقرأ المجتمع الإسلامي ويستشرف المستقبل، فيسأل عن حالهم لو فسدت نساؤهم، وفسق شبابهم، ولم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر، فسألوه بتعجب، إذ لم يكونوا آنذاك يتوقعون أن تصل بهم الأمور إلى ذلك الحد، إلا أن النبي (ص) أخبرهم بما هو أشد، وهو أن يمارسوا هذه الوظيفة على العكس مما أراد الله سبحانه وتعالى، أي أن يأمروا بالمنكر وينهوا عن المعروف .
عندئذٍ ازداد العجب عندهم، ولم تتحمل عقولهم هذا المصير، إلا أنه أجابهم بما هو أشد أيضاً، وهو الطّامّة الكبرى، إذ أخبرهم أنهم سوف يجعلون من المنكر معروفاً ومن المعروف منكراً.
وهذه المراحل والأدوار الثلاثة التي ذكرها الرسول الأعظم (ص) مرّ بها المجتمع الإسلامي على مدى التاريخ، فقد تُرك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم نُهي عن المعروف وأُمر بالمنكر، وليس ببعيد أن يكون العكس في نظر المؤمنين، أي أن يروا المنكر معروفاً والمعروف منكراً، كما هو في المرحلة الثالثة .
وها نحن اليوم نجد الكثير من الصور لهذه المراحل الثلاث بأجمعها، فقد نجد فساداً مسكوتاً عنه، فلا يُنهى عن منكر ولا يؤمر بمعروف. كما نرى أيضاً جانباً من الدور الثاني، وهو أن هناك من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، وهكذا في الدور الثالث، إذ نجد الكثير من المسلمين يرى المنكر معروفاً والمعروف منكراً.
فمثلاً نجد أن الكثير من الناس يمتعض ممن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويعدّ ذلك تدخلاً في خصوصيات الناس وشؤونهم. وكمثال أوضح أننا نرى انتشار الغيبة في مجالسنا، وهي من أعظم الكبائر التي نهى عنها الشرع، وأن الكثير منا إما أنه ساكت لا ينهى عنها، أو أنه لا يرضى بالنهي عنها، بل قد يتفاقم الأمر إلى المرحلة الثالثة بحيث يراها البعض أنها أمر طبيعي لا منكر فيها، ويجعل لها العديد من العناوين .
آثار ترك الأمر والنهي :
عن الإمام الباقر (ع) قال: «إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، وتَأمن المذاهب، وتَحِلُّ المكاسب، وَتُرَدُّ المظالم، وتُعمَرُ الأرض، ويُنتصف من الأعداء، ويستقيم الأمر». ( الكافي، الكليني5 : 56) .
وعن النبي الأعظم (ص): «لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر والتقوى، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات، وسلط بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء». ( عوالي اللآلئ، ابن أبي جمهور الأحسائي3 : 188) .
أي أن الناس ليسوا بخير ما لم يأمروا بمعروف أو ينهوا عن منكر. فالرواية تقول: «لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر». فإن لم يفعلوا ذلك نزعت منهم بركات السماء والأرض، وسُلط بعضهم على بعضهم .
ولعل بعضنا يتعجب، كيف يسلَّط بعض المؤمنين على بعض، ولكن بجولة سريعة في المحاكم الشرعية سوف نلاحظ أن الجار يشتكي جاره، والأخ يشتكي أخاه، بل أعظم من ذلك أن البعض يدفع المبالغ الطائلة ليثبت الحكم على أخيه، من أمه وأبيه .
بل بلغ بنا الأمر إلى ما هو أبشع وأفظع، بأن يشتكي الابن على أبيه، ويضطره للتردد على المحاكم! ودونكم المحاكم وما يجري فيها مع الأسف. وثقوا بالله أن هذا كله ما هو إلا مصداق الرواية الواردة عنهم (ع) بآثار ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أيها الإخوة: عندما نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر في البيت والأسرة والأهل والعشيرة سيكون لذلك انعكاس في المجتمع الإسلامي كما تقدم. فلا يقل أحدنا: إن هذه المظالم لن ترتفع عن مجمعاتنا الإسلامية إلا عند الحديث على نطاق واسع من خلال المنبر أو الاحتفالات أو اللقاءات العامة، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يبدأ من البيت والأسرة والإخوان والعشيرة فإن ذلك ينعكس على المجتمع الإسلامي .
إن المنكر يبدأ بحالات بسيطة جداً، وهو بطبعه ضعيف، لكننا إذا ما إذا ما تركنا تلك الحالات تستفحل، فسوف تصبح ظواهر كبيرة يصعب مواجهتها بالقياس مع ما كانت عليه بادئ الأمر. وسوف يعم التخاصم والترافع للمحاكم .
ومن آثار ترك الأمر بالمعروف والنهي عن الأمر أن لا يكون لنا ناصر في الأرض ولا في السماء، فنستغيث في الأرض فلا يستجاب لنا، ونستغيث بمن في السماء فلا يستجيب لنا .
أحكام الأمر والنهي :
للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحكام كثيرة، منها: يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كان المعروف واجباً والمنكر محرماً. فإذا كان المعروف واجباً، كالصلاة والصوم وغير ذلك، كان الأمر به واجباً، وكذلك في حال المنكر، فيجب النهي عنه إذا كان محرماً قطعياً في الشريعة، كما في حرمة الغيبة والكذب والبهتان وغير ذلك. فالمعروف قد يكون واجباً، وقد يكون مستحباً، فالواجب إذا تركه المسلم أثم، كما في الواجبات العينية .
ومن أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه واجب كفائي، فإن قام به من به الكفاية سقط عن الباقين، ولكنه من حيث الموضوع يكون بحسب متعلقه، فإن كان متعلقه واجباً أو محرماً وجب الأمر والنهي كما ذكرنا. أما إذا كان المتعلق مستحباً، كما في صلاة النافلة، فلا يجب هنا، إنما يكون مستحباً، ويجب أن يُلقى برفق بعنوان التذكير لا بعنوان الأمر والزجر .
كما أن هنالك مقدمات وشرائط للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سوف نذكر بعضها. فلو كان هنالك مجلس فيه غيبة أو نميمة، وجب على المكلف أن يردع المغتاب أو النمام طبقاً للشروط الآتية في مراتب وشرائط الأمر والنهي، فإذا قام به من به الكفاية سقط الوجوب عن الباقين، أما إذا لم يقم به أحد أثم الجميع بتركه .
ولكن هذا الوجوب لا يسقط عن الآخرين في مجلس آخر، وهذا هو معنى الوجوب الكفائي، لا أنه إذا قام به أحد الأفراد سقط عن الجميع في كل موضع، إنما يشترط (الكفاية) فلو قام بالواجب من كان في مجلس معين لا يكفي ذلك في سائر المجالس، إنما يكفي في المجلس المعين فقط. فالوجوب الكفائي إنما يكون في الدائرة التي أنت فيها فقط إذا حصلت به الكفاية.
أما وجوب إظهار الكراهة قولاً أو فعلاً من ترك الواجب أو فعل الحرام فلا يسقط بفعل البعض. فلو رأى أحدنا منكراً، كالنميمة مثلاً، فإظهار الكراهة لا يسقط عنه، كما لا يسقط عن أي أحد كان .
مراتب الأمر والنهي :
وهنالك مراحل أيضاً في التعاطي مع المنكر، تتناسب مع مقتضى الحال، فقد يستلزم الأمر الإنكار بالقلب فقط، أو باللسان، أو باليد. فهذه مراحل ثلاث على المؤمن أن يكون ماهراً في تشخيص الموضوع فيها، وهل أنه يستحق التغيير باللسان أو القلب أو اليد.
إلا أن كثيراً من الفقهاء يرى أن الانتقال إلى مرحلة النهي باليد يحتاج إلى إذن الإمام أو الحاكم الشرعي نائب الإمام .
فمما ورد عنهم (ع) في الموقف من أهل المنكر، ما جاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع) قوله: «أمرنا رسول الله (ص) أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرّة». ( الكافي، الكليني 5 : 59 )، وهي في حقيقة الأمر حالة طبيعية تعتري من يرى أمراً لا يرتضيه، فتتغير ملامح وجهه وتختلف، وهذا ما أمر به رسول الله (ص) في التعامل مع أهل المعاصي كما يروي الإمام أمير المؤمنين (ع) .
والمسألة الأخرى التي ينبغي توضيحها أكثر هي أن المعروف إذا كان مستحباً كان الأمر به مستحباً، كما تقدم في نافلة المغرف أو نافلة العشاء أو غيرها، وكذا الحال فيما إذا كان المنكر مكروهاً، فيكون النهي عنه مستحباً .
يجلس البعض في المسجد ينتظر الصلاة، وهذا في نفسه مستحب، لكن البعض ينشغل مثلاً بأمور لا فائدة فيها، فيمكن أن تقول له على نحو النصيحة : لو استثمرت هذا الوقت في قراءة القرآن أو التسبيح لكان خيراً لك. فهذا أمر بالمعروف، إلا أنه مستحب وليس واجباً. فإذا أمر به كان مستحقاً للثواب، وإن لم يأمر به لم يكن عليه إثم ولا عقاب، ويلزم أن يراعي في الأمر المستحب أن لا يكون على نحو يستلزم إيذاء المؤمن وإهانته .
أيها الإخوة: عندما تريد أن تأمر بالمعروف بلحاظ الاستحباب فيجب أن لا تصل الحالة إلى درجة إيذاء المؤمن، برفع الصوت مثلاً، أو الإيذاء بأي شكل كان، لأن إيذاء المؤمن حرام، ولا يُطاع الله من حيث يُعصى. فلا بد أن نسلك منهج التحبيب والترغيب بالعمل الصالح المستحب .
كما أنه لا بد من الاقتصار فيه على ما لا يكون ثقيلاً عليه، بل لا بد من التحبيب والترغيب، بذكر فوائد العمل وثمراته، كأن تذكر له آية أو آيتين، أو رواية أو روايتين، أو بأي وسيلة من وسائل الدفع باتجاه العمل ترغيباً وتحبيباً .
ويجب أن يلحظ الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن لا يكون أمره أو نهيه سبباً في تزهيد الناس في الدين ونفورهم منه .
وهنالك قصة تذكر في هذا المقام، أختم بها الحديث في هذه الجمعة، وهي حادثة حصلت في الصدر الأول من الإسلام، إذ دخل الإسلامَ رجلٌ وأعلن إسلامه في المسجد بحضور رسول الله (ص) لكنّ من سعى لإدخاله في الإسلام كان هو نفسه سبباً في إخراجه منه سريعاً. فقد أعلن إسلامه في الصباح الباكر بحضور رسول الله (ص) فاستبشر المسلمون خيراً بهذه الحادثة، ثم تفرقوا.
فجلس صاحبه الذي أدخله الإسلام يعلّمه أحكام الإسلام، فأراد الرجل الرجوع إلى أهله ليسعى في حاجات عياله، لكن صاحبه منعه، وأمره أن ينتظر صلاة الظهر، فأحس بثقل الانتظار. ثم حلت صلاة الظهر فصلى معهم، وأراد أن يخرج، لكن صاحبه طلب منه أن يبقى حتى صلاة العصر، وهكذا حتى صلاة العشاء. فما كان منه إلا أن ترك الإسلام .
إن من يتصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بد أن تكون لديه القابلية على التحبيب والترغيب، ومن ليست لديه القابلية في الترغيب والتحبيب فعليه أن لا يتصدى إلى مثل هذه الحالات التي تتطلب ذلك، لأنه سوف ينفّر الناس عن الشريعة .
وهنالك ضوابط أخرى للأمر والنهي سوف نحاول ذكرها فيما يلي من الأيام، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين .
جديد الموقع
- 2025-05-21 محاضرة "أخلاقيات السرد " للدكتور كميل الحرز وسط حضور نخبوي
- 2025-05-21 من المتوقع أن يتحلل الكون في 1078 سنة، أي قبل وقت أطول بكثير مما كان يُعتقد سابقًا
- 2025-05-21 بيئة الأحساء تُفعّل اليوم العالمي للنحل في لولو مول
- 2025-05-21 الجامعة الأهلية بالبحرين تتوسع في استقطاب الطلبة السعوديين المتميزين وتطلق حملتها من "الأحساء مول"
- 2025-05-21 برعاية سمو المحافظ : انطلاق منتدى ( الاحساء صديقة الطفل ) 25 مايو
- 2025-05-21 وفد الجامعة العالمية يلتقي الملحق الثقافي العراقي في لندن
- 2025-05-21 تخرج احفادي من الابتدائية فرحة اعادت لي ذكرياتي الاولى
- 2025-05-20 سمو محافظ الأحساء يُقلّد مدير الدفاع المدني بالمحافظة رتبته الجديدة
- 2025-05-20 "قرع الطبول في زيارة إسطنبول" للكاتب منير المنيري
- 2025-05-20 برعاية سمو محافظ الأحساء وكيل المحافظة يشهد حفل تخريج طلاب أكاديمية الكفاح المتوسطة تحت شعار طموح