مسجد الامام علي بالمطيرفي ومسجد العباس بالمطيرفي ومسجد الشيخ الاوحد بالمطيرفي
2020/02/04 | 0 | 6617
الشيخ حسين العباد . بعنوان : سوء الخلق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾. [طه: 25 ـ 28.].
عن الإمام علي (ع) أنه قال: «من ساء خُلقه أعوزه الصديق والرفيق». [غرر الحكم، الآمدي: 667.].
لا زال الكلام حول الأخلاق، وقد تحدثنا في الأسابيع الثلاثة الماضية عن الأخلاق الحسنة، ونختم الكلام في هذه الجمعة عن سوء الأخلاق.
يقول الإمام علي: من ساء خُلقه أعوزه الصديق والرفيق. فمن كان أقرب إلى الإنسان، وهو الصديق والرفيق، يكون سيّئُ الخلق بحاجة إليه فلا يجده، ولا يمكنه إيجاده والحصول عليه.
فالرفيق والصديق قد يكون أقرب للإنسان من جميع أقاربه، فهو العارف بأسراره والمشارك له في همومه وآماله وأحلامه وآلامه. بل قد يكون أقرب في بعض الجوانب حتى من الوالدين والزوجة، إذ يبوح الرفيق لرفيقه، والصديق لصديقه بما لا يبوح به لهم. إلا أن من يسوء خلقه يبتعد عنه الصديق والرفيق، فلا يمكن له الحصول عليهم ولا الاحتفاظ بهم.
فسوء الخلق له انعكاس في ثلاث مراحل: الأولى في الدنيا، والثانية في البرزخ، فلمن ساء خلقه في الدنيا عذاب مخصوص في البرزخ. والثالثة في الآخرة، ففي الآخرة هنالك مكانة ووضع خاص لمن كان سيّئ الخلق في الدنيا.
ولعل البعض ـ مع الأسف ـ يتفاخر في الحياة الدنيا ببعض مفردات سوء الخلق، كأن يتعدى على هذا أو يسبّ هذا أو ينتقص من ذاك، فيتصور أن سوء الخلق يحقق مكانة اجتماعية، وهو في الواقع مرض، ولكن صاحبه لا يلتفت إليه ولا يشعر به.
ومعنى سوء الخلق: تلك العادات والصفات والطباع التي يبغضها الله جل وعلا. فمن أراد أن يخطو خطوة، أو يعمل عملاً، أو يتعامل مع زيد من الناس، فلا بد أن ينظر: هل أن ذلك مما يرتضيه الباري جل وعلا، أم لا؟ فإن كان مما لا يرتضيه الباري فهو في الدائرة الحمراء التي يجب أن لا يدخلها.
إن سوء الخلق هو منشأ فساد حياة الإنسان في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة، أما في الدنيا فمن الطبيعي أن من ساء خلقه يكون وضعه الاجتماعي مزرياً، فالجميع يبتعد عنه ويقطع صلته الاجتماعية به، فيكون منبوذاً غير محبوب. حتى لدى المجتمع غير المتدين، فالفطرة الحسنة مجبولة على الخير، وتدعو إلى حسن الخلق.
وأما في البرزخ ـ وهي الحالة الوسطية التي يعيشها الإنسان بين الدنيا والآخرة ـ فقد بينت الروايات أن هناك عذاباً خاصاً بمن كان سيئ الخلق في الدنيا، لا سيما مع أهل بيته.
فمن القصص المعروفة ما حصل لسعد بن معاذ، الصحابي المعروف، وهو ما أخبر به الإمام الصادق (ع). فقد ورد عن الإمام الصادق (ع) أن رسول الله (ص) أُخبر بوفاة سعد بن معاذ، فقام هو وأصحابه لتجهيزه والصلاة عليه وتشييعه ودفنه. فلما حُنط وكفن وحمل على سريره وتبعه رسول الله (ص) وأصحابه، كان رسول الله (ص) بلا حذاء ولا رداء، وكان يأخذ يمنة السرير تارة ويسرته تارة أخرى. فلما بلغ إلى القبر، نزل رسول الله (ص) معه إلى اللحد، وساوى عليه اللبن. فقالت أم سعد: هنيئاً لك يا سعد. فقال (ص): «يا أم سعد، مه، لا تجزمي على ربك، فإن سعداً قد أصابته ضمة. قال: فرجع رسول الله (ص) ورجع الناس، فقالوا له: يا رسول الله، لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد، إنك تبعت جنازته بلا رداء ولا حذاء. فقال (ص): إن الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء، فتأسيت بها. قالوا: وكنت تأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة. قال: كانت يدي في يد جبرئيل آخذ حيث يأخذ. قالوا: أَمرت بغسله، وصليت على جنازته، ولحدته في قبره، ثم قلت: إن سعداً قد أصابته ضمة. قال: فقال: نعم، إنه كان في خُلُقه مع أهله سوءاً». [الأمالي، الشيخ الصدوق: 384.].
فسوء الخلق مع العيال من موجبات ضمة القبر، أي ضغطته وعصرته. فقد يكون المرء حسن الخلق خارج البيت مع الناس والمجتمع، لكنه سيئ الخلق مع أهله.
وأما في الآخرة فهنالك العقاب الشديد الذي لا ينجو منه.
ثم إننا لو سألنا سيئ الخلق: هل تقبل بأن تُقابَل بسوء الخلق من غيرك؟ وما هي ردة فعلك على ذلك؟ فسوف نجد أنه لا يرضى بذلك بالتأكيد، فلماذا يرضى هذا الخلق لغيره؟ فمن العدل أن لا يرضى لغيره ما لا يرضاه لنفسه.
ومن هنا كان الأئمة (ع) يؤكدون على محاسبة النفس كل يوم وليلة، فقبل أن ينام المرء عليه أن يقف مع نفسه دقائق معدودة ينظر في صحيفة أعماله في ذلك اليوم، ويسأل نفسه: هل ساء خلقه مع أهله؟ أو مع أقرانه؟ أو أهل بيته؟ أو جيرانه؟ وهل قصّر في واجب أو ارتكب محرماً؟ فالموت طالب حثيث، واليوم الآخر قريب مهما رأيناه بعيداً. فيمكنه عند المحاسبة أن يتدارك ما فات وما وقع كي لا يعيش منبوذاً في الدنيا، ويعيش ضغطة القبر في البرزخ، والعذاب الشديد في الآخرة، فيكون أبعد الناس منزلاً من رسول الله (ص) يوم القيامة. ومن الطبيعي أن من يزرع شوكاً لا يحصد سوى الشوك، ومن عاش في هذه الدنيا بسوء الخلق فلن يجني سوى النتائج السيئة، في الدنيا والبرزخ والأخرة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
جديد الموقع
- 2024-11-21 توقبع اتفاقية شراكة بين جمعية أدباء بالاحساء وجمعية هجر التاريخية
- 2024-11-21 أمانة الاحساء تُكرّم الفائزين بــ ( جائزة الأمين للتميز )
- 2024-11-21 سمو محافظ الأحساء يبحث مع معالي وزير التعليم خطط ومشاريع تطوير التعليم في المحافظة
- 2024-11-21 «الغربة باستشعار اللون».
- 2024-11-21 البيت السعيد
- 2024-11-21 القراءة للكسالى
- 2024-11-21 القراءة واتباع الأحسن
- 2024-11-21 روايات أسامة المسلم بين جيلين.
- 2024-11-21 ( غرق في المجاز، مَجازٌ في الغرق ): قراءة في ديوان الشاعر جابر الجميعة
- 2024-11-20 الدكتور عبدالمنعم الحسين يدشن حملة التشجير الثالثة ببر الفيصلية