
2022/11/17 | 0 | 1360
الأحساء.. نموذج التعايش المذهبي.
اليمامة -محمد عبد الرزاق القشعمي
حمل لي الصديق عبدالله الرستم هدية ثمينة من الأستاذ محمد علي الحرز وهي آخر إصداراته ( الأحساء نموذج التعايش المذهبي ) ط1، 1444هـ، 2022م.
قرأت الكتاب باستمتاع إذ أعاد لي ذكريات مر عليها ما يقرب من نصف قرن بعيداً عنها إذ كنت أعمل بمكتب رعاية الشباب بالهفوف ( 1395 - 1398هـ) 75 - 1979م.
وكنت شاهداً على صدق ما أورده المؤلف الحرز من مظاهر التسامح عند علماء الأحساء وعمق العلاقة بين أعلام البلاد سنة وشيعة في بعض النواحي العلمية. كالتقاضي عند الطرف الآخر. وأورد مثلاً للعلاقة العلمية الوثيقة بين ثلاثة من الأعلام الكبار هم الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي والشيخ علي بن فارس والشيخ محمد بن عبدالله آل الفيروز النجدي الأحسائي.
وعن دور الشيخ محمد البوخمسين وتصديه لوأد الفتنة الطائفية في مهدها. كما أورد نماذج من السجال الأدبي عند علماء الأحساء وتحديداً في السجال الشعري ما بين الأعلام من كلا الطائفتين وغيرها من الصور التي تثبت عمق وصدق الحياة الأحسائية وصورتها الحقيقية، بعيداً عن التطرف والعصبية وإلغاء الآخر الذي يبني البعض نفسه من خلالها، فالأحساء بلد الجميع وخيرها للجميع دون مسميات أو تكتلات.
وقال: إن العلماء الواعين والرجال اليقظين الذين يعملون بإخلاص على إيجاد نقاط الالتقاء الجامعة والموحدة.. فتاريخ الأحساء يمثل هذه النماذج المضيئة في صفوف العلماء ممن كان لهم أبلغ الأثر في صناعة السلم الاجتماعي.. بل نجد العلماء يقفون موقف المتصدي لكل من يحاول تمزيق نسيج ووحدة واتفاق المجتمع الأحسائي وخلخة صفوفه ومحاولات جر وسحب البلاد إلى شقاق طائفي بغيض من قبل أياد خارجية.
واستشهد بما ذكره الدكتور عبدالله العثيمين من التنوع المذهبي في الأحساء.. المذهب الجعفري جنباً إلى جنب مع المذاهب السنية الأربعة، وقال في تاريخ المملكة «.. وربما كان لوجود مذاهب دينية مختلفة في تلك المنطقة أثر في تقدم الحركة العلمية فيها، وقدوم طلاب العلم إليها من مناطق أخرى».
وقال الدكتور عبدالاله العرفج عن العلاقة بين السنة والشيعة: « أما على مستوى العلاقة السنية الشيعية فإن تكريس علماء الأحساء لمنهج التعايش السلمي والشراكة المجتمعية مع الطائفة الشيعية – رغم معرفة الخلاف الأصولي والعقائدي – ساهم في حضور هذه الثقافة العاقلة والرشيدة بصورة واضحة».
واستشهد بما كتبته جريدة مكة في 19 مارس 2015 بعد حادثة الدالوة، وأن المناسبات التي تجمع الأحسائيين متعددي المذاهب الخمسة كثيرة في أفراحهم وأتراحهم، وقال : «التجارب الحية التي يعيشها الأحسائيون لا تزال تعطي دروساً للآخرين، دون أن تنفك مجالس العزاء لـ الشيعة) تكون في حسينياتهم، فيؤدي إخوانهم من أهل السنة واجب العزاء لهم هناك، ولا يرون حرجاً في ذلك، والتسامح نفسه يتجسد عملياً أيضاً في مدينة الهفوف، وتحديداً في الكوت شمالاً إلى نهاية حي النعاثل جنوباً، فهناك على هذا الامتداد الذي يصل إلى 1500 متراً، تقع مساجد متجاورة للمذاهب الخمسة..».
وذكر أسماء المساجد المتجاورة بالكوت:
•المسجد الجبري ويتولى إمامته أتباع المذهب الشافعي من أسرة الجعفري منذ القرن العاشر الهجري.
•مسجد الدبس تابع للمذهب الشافعي.
•مسجد النعاثل القبلي وهو مسجد للشيعة يصلي فيه الشيخ حسين الشواف.
•جامع الإمام فيصل بن تركي، شارع المساجد بالهفوف أوقفه لذرية آل مبارك المالكيين.
وقال: إن الأسر بمختلف توجهاتها المذهبية حافظت على تدريس أبنائها وفق المذهب والرأي الذي تتبناه منذ مئات السنين، سواء الحنفي أو المالكي أو الشافعي أو الحنبلي أو الشيعي، فتجد في الأحساء لكل مذهب من المذاهب الخمسة مدارس مستقلة يتم فيها تعلم وتدريس معالم المذهب..
ثم استعرض المذاهب الإسلامية في الأحساء معرفاً بها وبأبرز علمائها ومدارسها، وعن مظاهر التسامح عند مختلف العلماء واستعراضه لبعض الدعابات الأدبية الطريفة.
والكتاب يقع في 377 صفحة وفيه إطلالة على فكر كل مذهب ومن فصول الكتاب: مظاهر التسامح عند علماء الأحساء. في التجاذبات العلمية الأحسائية والشيخ محمد البوخمسين والتصدي للفتنة الطائفية. نماذج من السجال الأدبي عند علماء الأحساء. من مظاهر التعايش المذهبي في الأحساء. التكاتف في المواقف الصعبة. الأخوة في الرضاعة بين أبناء السنة والشيعة. فعلى سبيل المثال، ما قاله الحاج علي بن عبدالله الجنوبي «إنني رضعت في طفولتي كثيراً من امرأة من أسرة المري وزوجها من بني هاجر، فوالدتي من الرضاعة رحمها الله كانت سنية، كما رضعت من امرأة من أسرة الشريدة».
التكافل الاجتماعي الدراسة والتدريس، المجالس الثقافية المفتوحة: المراسلات. شعر الاخوانيات التعايش الأحسائي.
وهذا يذكرني بالفترة التي قضيتها بالأحساء إذ لا يُعرف السني من الشيعي، فقد كان من زملائي في رعاية الشباب من لم أعرف أنه شيعي إلا بعد عشرين عاماً، إذ كنا نعمل ونصلي ونأكل سوياً ونسافر ونشارك في معسكرات ولم نفرق أو نهتم بأن هذا سني وذاك شيعي إلا فيما بعد بسنوات عندما ظهرت واشتدت ظاهرة التطرف والتعصب، وأذكر أننا اخترنا مجموعتين من شباب الأندية الرياضية لتنظيف المساجد والحسينيات في مناطق الأحساء من القرى الشرقية حتى العيون بالغربية مروراً بالهفوف والمبرز طوال 3 أشهر أيام الخميس وصباح الجمعة وفي أحد الأيام كنت أمر بجوار جامع الكوت قرب إمارة الأحساء فوجدت الشباب ينظفون الجامع برئاسة القائد الكشفي مؤيد عبد الرزاق وجاء يسلم علي وعرفني بأنه الشيخ إبراهيم الخضيري رئيس المحكمة الشرعية.. وقال إن ابنه طلب منه الموافقة على مشاركة الشباب في تنظيف المساجد فلم يصدقه، وتبعه ليرى صدق كلامه، فقلت للشيخ إن الفرق موزعة على جميع المدن والقرى وأن نصفهم أو الأكثر من أبناء الشيعة، ولم يستنكر بل شجعنا ودعا لنا بالتوفيق.
جديد الموقع
- 2023-12-07 بين الواقع والمتوقع: تحليل ومقارنة
- 2023-12-07 هيئة الأدب والنشر والترجمة تُنظّم "مهرجان الكُتّاب والقرّاء" في عسير.. يناير 2024
- 2023-12-07 مركز التنمية الاجتماعية بالأحساء يحتفي بالفرق التطوعية .. تزامنا مع يوم التطوع السعودي والعالمي 2023
- 2023-12-07 تأسيس فرق تطوعية متخصصة
- 2023-12-07 ابتداءً من اللقمة الأولى، حاسة التذوق تساعدنا على تنظيم عملية تناول الطعام وتجنب الأمراض
- 2023-12-07 الأساس العلمي للإعتذار
- 2023-12-07 بفضل التماس البدني المباشر بين الأم ورضيعها يقل بكاء الطفل وتتحسن صحة أمه النفسية
- 2023-12-07 بالتزامن مع اليوم العالمي للتطوع .. "ملتقى الريادة التطوعي" بجمعية التنمية الأهلية بالكلابية يستعرض التجارب الرائدة بالأحساء
- 2023-12-07 الشيء المفاجيء الذي يساعدك على التكيف مع التغيير
- 2023-12-07 بر الفيصلية بالهفوف ينهي حملته الثانية للتشجير بتوزيع 5500 شتلة .