2024/01/25 | 0 | 1041
أن تصبح شاعرًا خلاف أن تصبح روائيا
-أن تصبح شاعرا ليس قرارك، ولا هو طوع بنانك إذ بمجرد ما تقول بينك وبين نفسك: أريد أن أكون شاعراً تتحول فجأة إلى شاعر، وكأن بين يديك فانوساً سحرياً فما عليك سوى أن تفركه فيلبّي الجنيُّ الذي يخرج منه طلبك..لكن من جهة أخرى أن تصبح روائياً هو قرارك بالدرجة الأولى، والسؤال الذي أودُّ الإجابة عنه فيما تبقى من المقال، هو تفسير هذا الكلام.
-الشاعر يولد وفي داخله بحيرة شفافة صافية مياهها كالبلور، وكلما كبر في الحياة أصبحت هذه البحيرة أكثر صفاء وأكثر عمقا ، فلا شيء يحركها من العمق ، ولا شيء يثير فضولها للنظر فيما حولها ، فهي مكتفية بذاتها وبكائناتها البحرية التي لا تعرف شيئا عن حياة الشخص الذي تسكنه وهو يمشي على الأرض، ثم لا حقا بعد أن تأتيه إشارات غامضة من هذه البحيرة، كإشارة أمواجها الساكنة في أعماقها، أو كالإشارة التي تصدرها جراء الضباب الذي يظل نائما فترات طويلة على ملمس وجهها المائي ، فتنحجب عيناها عن النظر، وكأنه تغط في نوم عميق.-هذه الإشارات التي يلتقطها الشاعر وهو مشغول بحياته تختلف من شاعر إلى آخر، قد تكون ذبذباتها قوية عند البعض من الشعراء بسبب قوة الجذب في الرادار الذي يمتلكه مثل هؤلاء، وبالعكس قد تكون ضعيفة عند البعض الآخر وذلك لضعف الرادار في التقاط الإشارة، لكن ما هي الإشارات التي إذا ما تم التقاطها من طرف الشاعر تعطينا مؤشرا على أنه شاعر؟- المؤشرات على شاعرية الشاعر .. هي وبكل بساطة تلك التفاصيل الدقيقة التي تعبره وتعبر به في الحياة اليومية، وتكون تلك التفاصيل ممتلئة بالأحاسيس البركانية المتراكمة ، أحاسيس مثل البراءة والدهشة والانكسار والخوف الطفولي والهشاشة، وعند كل من هذه التفاصيل يكون كل عبور له بهذه الطريقة لا تكون بحيرته هادئة، وهذه البحيرة سيتعكر ماؤها وسيتوجب عليه أن ينقذ مياهها الغرق، وهنا تنشأ بينهما صلة وثيقة في الحياة، وهذه الصلة هي ما نسميها اللغة الشعرية، التي تكون بمثابة المنقذ لكليهما: الشاعر من انفجار براكينه وبحريته من غرقها بسبب الثقل الذي نعاني منه.
-عندما ننظر إلى الشاعر من خلال هذا التشبيه حتى نقرب الصورة إلى كون الشاعر لا يمكن معرفة دواخله التي تقوده إلى الشعر سوى بالصور الشعرية التي هي من جنس اشتغالاته، وهي تصوري الأكثر واقعية ومصداقية من اللغة المنطقية المجردة عند الكثير من النقاد.. وهذه الصلة التي بين الاثنين التي أوجدها التشبيه هنا تدل على أن الشاعر لا يملك من أمر وعيه في أن يكون شاعرا أولًا يكون، وأنا أتحدث هنا عن الشعراء الحقيقيين.
-أما أن يكون قرار المرء في يده حتى يصبح روائيا فهو يصبح كذلك طالما كانت في حياته قصة ويظن أنه على الآخرين أن يسمعوها ويصغوا إليها، لأنها جديرة بذلك.
- هذه هي المعادلة البسيطة التي تكمن خلف الكثير من القصص الروائية التي تشكلت بإرادة كتابها الذين امتلكوا الإرادة وسعوا إلى امتلاك أدوات الكتابة السردية حتى يصلوا إلى ما يمكن أن اسميه الامتلاء الواعي بحياة الناس والعالم بإزاء الامتلاء اللاوعي بالوجود عند الشاعر.
جديد الموقع
- 2024-09-07 مذكرات امرأة تزوجت قارئًا
- 2024-09-07 مذكرات امرأة تزوجت قارئًا
- 2024-09-07 وزارة التعليم تحتفي بتتويج أبطال مسابقة تحدي "القراءة العربي" في موسمه الثامن على مستوى المملكة
- 2024-09-07 برعاية أمير الشرقية .. مؤتمر دولي يسلط الضوء على أحدث التطورات في علاج السكري
- 2024-09-07 القراءة تحت الضوء الخافت لا تضر بالبصر
- 2024-09-07 افراح الغزال والسعيد في قاعة الدانة البيضاء بالهفوف
- 2024-09-05 العيون الخيرية تقدم 50 أضحية لمستفيديها مقدمه من مشروع المملكة العربية السعودية بالتعاون مع جمعية الدعوة والإرشاد بالعيون " 380 أضحية قدمت منذ مطلع أغسطس حتى اليوم "
- 2024-09-05 سمو محافظ الأحساء يشارك في ورشة عمل برنامج "شتاء السعودية"
- 2024-09-05 سمو محافظ الأحساء يرأس اجتماعاً تمهيدياُ لمناقشة تشكيل لجنة عليا لتطوير النزل الريفية
- 2024-09-05 أساليب أدائية من دواوين الكاتب والشاعر السعودي عادل القرين