
2014/11/03 | 0 | 2755
أمتي هل لك بين الأمم... منبر للسيف أو للقلم؟
نداء الأمة بصوت أبنائها في عاشوراء 1436هـ
تقدمه لكم؛
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الهداة الميامين.
أيها المؤمنون الغيارى..
ها هي ذي ذكرى عاشوراء الحسين الخالدة تًحيينا من جديد، تَستنهضُ الهمم وتشدنا للقمم وتبعث فينا الأملَ بأن نعود خيرَ أمةٍ أخرجت للناس..
وما الحسين للأمةِ إلاّ الضمير الحي، وقسطاس الحق، ومقياس العزم ومَعلمَ الصدقْ والإيمان والنبراس والمتراس..
إن للحسين مبدأٌ لا ينكسرُ مع الأمد ولا يستحيلُ إلى فند، أصله ثابتٌ وفرعهُ في السماء، غراسه العزة والإباء وثماره الرضوان والخلود.
لذلك ما كان الحسين ( ع) ليخرج لهوا ولا أشِرا ولا بَطِرا ولا مُفسِدا ولا ظَالما ولا حباً في الدنيا وزينتها، إنما وجد الشيطان يأَمر فيُطاع، واللهُ يأمر فيُعصى!، فحذارِ يا أمةَ نبي الرحمة محمد (ص)، أن نكون للشيطان عوناً باتخاذنا الدين هزواً ولعباً، وإنَّ من الدين الصلاة والزكاة والحلال والحرام، وحبَّ الخير وبغض الشر واجتناب سوء الظن والغيبة والنميمة والجهر بالسوء وترك العفو وإشعال الفتنة وقطع الارحام والتباغض والتخاصم.
وكأنَّ الحسين (ع) في قيامه يقول لأُمة جده: من أقام الصلاة فإنّه منّي ومن آتى الزكاةَ فإنه منّي ومن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فإنّه منّي ومن عبد الله مخلصاً له الدين فإنّه منّي ومن جاهد نفسه والشيطان في سبيل الله حتى يأتيه اليقين فإنّه مني وينادي: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).
علمتنا عاشوراء أن ليس هناك أفضل من منبر الحسين (ع) لاستنهاض الأمة وشحذ هممها، هذا الإمام الهُمَام الذي جعل من دمهِ المقدّس جسراً للخلود وحبراً من نور غير محدود خطّ به دساتير الكمال وصحف الجمال. ولقد سلك -صلوات الله عليه- أعظم سبيل للتأثير في القلوب والألباب إذ قدّم في كربلائه مواقف وبطولات تهز الضمير الإنساني وتحرك العقول الراكدة فتنقادُ طيعةً وراءَ جاذبية الحق وقوة الإيمان واليقين والتسليم لله.
فمن واجبنا -نحن السائرين بدرب الحسين عليه السلام- أن نقتدي به فنغيّر -بأيدينا وألسنتنا وإلا فبقلوبنا- كل منكر ونأمر بالمعروف امتثالاً لقوله جل وعلا: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَئكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
إخوتي وأخواتي في الله اعلموا أنّه في هذا الزمن الصعب وضمن هذه المتغيرات السريعة يستوجب علينا نحن المسلمين الوعي والبصيرة..
والوعي بإدراك مجريات الأمور وما يخطط للأمة الإسلامية من انقسام وضياع وإسلام بلا مسلمين. وعلى الأمة أن تعيّ الخطط الاستكبارية لتقف في وجهها، ولا تقبل كل ما يُملى ويطرح عليها من الخارج في جميع الأصعدة العقائدية والثقافية والاقتصادية والسياسية والإدارية.
فبعد الوعي تتحرك الأمة في خطوتها الأولى في الوقوف في وجه هذه المخططات، وعدم الرضوخ والركون لها وإفشالها، وفي خطوة ثانية بعد التصدي تبدأ عملية التوعية الداخلية والحفاظ على المكتسبات الإسلامية، وفي نفس الوقت، أو في خطوة أخرى تبدأ بالهجوم ولا تكتفي بموضع الدفاع؛ وهنا يأتي دور البصيرة، فالإنسان الذي لا يمتلك البصيرة قد يخطئ الهدف أو يسير في نفع العدو من حيث لا يعلم وإن كانت نيته صادقة لخدمة الدين والمسلمين.
وهاتان المسألتان تستلزمان رصَّ صفوف الوحدة والتأكيد عليها، والعمل بها بين المسلمين، هذا من جانب. ومن جانب آخر عدم حسن الظن بالعدو والمستكبرين أبدًا، فهم لن يعملوا شيئًا خلاف مصالحهم، ومصالحهم فقط. فهم لا يقبلون ديننا ليعملوا لأجلنا؛ بل هم أعداؤنا، فلن يعملوا شيئًا فيه مصلحتنا.. لذا، فاستيقظوا!
كما إن الاعتصام بحبل الله هو أهم شروط ديمومة الوحدة وبإمكان هذا الطريق وحده توحيد الناس فضلاً عن ذلك، فإن معيار الأفضلية بين سالكي طريق الحق هو التقوى، لذلك فهم متساوون فيما بينهم؛ يجمعهم هدف واحد وهو التصدي للقوى الظالمة وتحقيق العدالة في العالم، فهم كقطرات الماء التي تتحول إلى سيل جارف قادر على إغراق المفسدين وقض عروش الظالمين. من هنا فإن الوحدة الإسلامية، ووحدتنا الإجتماعية المؤسسة على قاعدة الإخلاص لله وخدمة الناس هي السبيل الوحيد الموصل للنجاح وتحقيق الأهداف ومدعاة لنزول الرحمة الإلهية فيما لو اقترنت بحبل الله. (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً).
ولمزيد من الوعي وكسب البصيرة علينا بتقوية العلاقة بالله تعالى أولاً، واستقراء واستنطاق القرآن الكريم الذي يبيِّن لنا الصالح من الطالح والصديق من العدو، ولابد من أن نتواصى بالسؤدد ونعود لبناء ذواتنا من الداخل والاعتراف بأن الخطأ الذي سببه انشغالنا عن تعاليم الدين والنأي عن قرآنه وسنته وعترته. (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
ختاما، الأمة بحاجة ماسة إلى تكاتف الأيدي، ونبذ الظلم والتوقف عن التحريض ومحاربة بعضنا البعض، وسوق الفتن فيما بيننا. وعلينا الوقوف حصناً منيعاً في وجوه المغرضين والمجرمين والمخرّبين، الآمرين بالمنكر والناهين عن المعروف. كما أننا بحاجة إلى تعديل ما تحمل الخطابات الدينية والثقافية والاجتماعية من صور سوداء، إلى بيضاء ناصعة تحمل بين سطورها كلمات الحب والألفة والمودة والرحمة. بهذا يتم التمهيد لدولة العدل الإلهي ويكون كل واحد منا قد عمل بتكليفه الفردي والاجتماعي على مستوى المجتمع والأمة. فلنلبي نداء الرحمن ولننصر المظلومين بالكلمة الطيبة والأخلاق الحميدة والالتزام بأوامر الله ونهيه والابتعاد عن كل ما يؤدّي إلى البغضاء والشحناء فيما بين المسلمين جميعاً.
(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) وصلى الله على محمد وآل الطيبين الطاهرين والحمد لله ربِّ العالمين.
جديد الموقع
- 2025-04-27 أقوى تلسكوب في العالم لاستكشاف أسرار الكون
- 2025-04-27 برعاية سمو محافظ الأحساء وكيل المحافظة يدشّن النسخة الخامسة من مبادرة "امش 30"
- 2025-04-27 سمو محافظ الأحساء يرعى الحفل الختامي لميدان الفروسية بالأحساء لعام 2025 ويتوج الفائزين
- 2025-04-27 زوار معرض الرباط الدولي يشيدون بركن وزارة الشؤون الإسلامية: تجربة معرفية وتقنية تبرز ريادة المملكة في خدمة الإسلام
- 2025-04-27 زواج ثنائي سادة الهاشم (( الدكتور علي والمهندس حسين )) بالاحساء
- 2025-04-26 العمل التطوعي بين التنظير والممارسة
- 2025-04-26 تجربتان شعريتان في أمسية ابن المقرب
- 2025-04-26 أفراح الجاسم بالمطيرفي والبوحسن والخليف تهانينا
- 2025-04-25 سمو محافظ الأحساء يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة ماتحقق من إنجازات لرؤية المملكة 2030
- 2025-04-25 سمو نائب أمير المنطقة الشرقية: رؤية السعودية 2030 تواصل ترسيخ مكانة المملكة في مصاف الدول المتقدمة