2020/07/29 | 0 | 1295
أزمة الخطاب الديني بالأحساء (1)
طبيعة النفس البشرية تواقة للكمال بالحد الأدنى بين ذاتها ومتعلقاتها ، وتخشى حالة العجز والحيرة خاصة اذا تعلق الامر بمكانتها الاجتماعية إذ أن مثل هذا الوضع يمثل التقهقر من أعلى قمة المجد .
كما أنها تستأنس الإطراء والمديح والتفوق ولا تسعد بأي لون من التنافس وإن غلب هذه الحالة الموضوعية بل والايجابية ولا أقل من أمثلة حالة الأنبياء أهل زمانهم فبالرغم من ثبات نبوتهم بالأدلة الخارقة والمعجزات الا أنها اصطدمت ومساحات النفوذ لهذه الأقوام مما حدا بالبعض كما بالآية :
وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا سورة نوح آية 7
إن حالة الاستكبار بذيل الآية تكشف حالة التطرف الذي يلجأ اليه بعض الأقوام في الصد عن منابع الهداية لا كرهاً وانما نتاج تمكن وهيمنة النفس الشريرة على مكمن جوارح الانسان فتقفز به من جو الرجاء الى حالة اليأس.
هذا السلوك المتطرف عايشه كل المصلحين وعانوا منه بل وقدموا التضحيات بالسمعة والنفس والأهل والمال .
وأجلى مثال ما نال النبي محمد صلى الله عليه وآله وما نال اهل بيته من بعده وعلى هذا الطريق استمر منهاج الاصلاح على تقديم التضحيات جيل بعد جيل .
وكان لزوماً أن يتكيف المصلح مع آليات ومعطيات الزمن في توجيه المجتمع نحو الأسس السليمة لصلاحه واستقامته وهذا سر نجاح بعض المصلحين رغم عدم تكافئ المعادلات الاجتماعية فمعرفة سر إمكانيات الصمود وجه العواصف والرياح العتية هو جوهر النجاح كما أن الالتفاف على مصادر القوة في الحجة والبرهان قد يسبب النكبة تلو النكبة وتضيع جهود الباذلين وأهل التضحية وتبرز عوامل العجز تجاه الحجة والمنطق بل والعقلانية.
إن من أجلى مصاديق الحركة التصحيحية بالمجتمعات هي عادة ملازمة المجالس الحسينية وخطاب الجمعة الاسبوعي فهما مشعلان للتمثيل الحقيقي للمصلحين في زمن تعج به أدوات الاعلام المضاد والتي بدأت بالمجلات والصحف وتطورت للمذياع والقنوات الفضائية وانفجرت بتقنيات الشبكات العنكبوتية والتواصل الاجتماعي ، وكلها وسائل ذات وجهين فبالإمكان تحويل هذه المصادر لمعين حقيقي في تحقيق مبدأ الاصلاح وبالإمكان الاستسلام للحركات المضادة والالتفاف كما قلنا نحو الضرب تحت الحزام لتجريد هذه القوى من مشروعيتها وبذا نفقد الاصلاح الحقيقي كما سنصد الهجوم عبر خداع الذات وتزوير الانتصار .
إن المتتبع للخطاب الديني الاصلاحي يعاين بما لا يدع للشك مجال أن الأزمات تتفاقم جيل بعد جيل ، فكم كنا موفقين بأن يرزقنا المولى بشخصيات فذه استطاعت مواجهة أعتى الموجات التغريبية كالشيوعية والرأس مالية في زمن اجتاحت هذه الافكار معظم المجتمعات الاسلامية واخترقتها بناء على ضعف الحالة السائدة وعدم تفرغها المناسب وقوة الاختراق المقابل ولكن تصدي أمثال الشهيد باقر الصدر وبعبقريته الفذة والتي استطاعت الوقوف بقوة وصلابة تجاه هذا المد الجارف واستعادة البوصلة للفكر الاسلامي الحصيف بل واستعادة الثقة مرة أخرى بالأصالة الاسلامية .
أضرب مثال بالشهيد كونه من الجيل المعاصر والا تاريخ الحركة الفكرية مليئ بمثل نماذج الشهيد من ناحية الفكر والدور البناء.
لربما من المفاخر التي نتمنى أن تتكرر مثل ظاهرة الشهيد الصدر وعلى أفق أوسع تعنى بالصد والتفنيد لكل هجمة معادية وبأدوات عصرية لا تمت للخيال ، وعلى ذلك حاول جمهور من العلماء أن يسير في ذات مدرسة الشهيد وان خفت العبقرية لمحدودية النبوغ والبراعة الا أن ذات المبدأ متأصل في نواياهم وجهودهم.
كما أن هذا الصد لم يكن محصورة في العباءة الدينية وانما أخذت أبعاد مغايرة فبرع علماء الاجتماع في كشف الثغرات وان لم يستطيعوا صدها ولكن اسهامهم في كشف مواطن الخلل أصل مناعة جديدة للفكر الاسلامي وتم اكتشاف مضادات فكرية لأي هجوم مؤدلج.
بالرجوع للخطاب الديني ، فمن الطبيعي أن يتفاوت بين مرجعايات الفكر ومن الطبيعي أن يحصل الصدام بين المدارس الفلسفية والاخبارية والاصولية بما تملكه كل مدرسة من مبررات بقاء ولكن خروج هذا الصدام عن المنهج السلوكي الجامع في التعامل مع مخرجات كل مدرسة يوقعنا في أزمة تفكك للمجتمع ويكون الخطاب الديني صاحب التهمة في نتاج حالة الاحتقان الاجتماعي .
فتلامذة الشهيد الصدر والذين واصلوا السير على ذات الركب يعانون حالياً هجمات متتالية تصل ذروتها بالتضليل والانحراف من ذات المدرسة التي لازمت الشهيد الصدر وقدمت له فكره للعالم .
لربما بالمثال تتضح الصورة : عند استعراض نتاج المفكرين فقد يجانبهم الصواب في المجمل عدا البسيط من الفكر الشاذ والراجع بالأساس لحالة الفجوة بين المفاهيم وقد تكون ذات هذه الفجوة بين علماء المدرسة الواحدة فلكل مفهومة وعليه تصديره للطبقة المتبعة له ولكن ، لماذا تفرط بعض الوجاهات العلمية تجاه بعضها البعض بصورة تخلق الصدام بين اتباع كل جهة .
ولماذا حالة التحذير من كل مخرجات المدارس الأخرة المغايرة لصاحب هذه المدرسة بل لماذا يلجا البعض الى حالة التهويل المريع تجاه من يختلفون معهم ايدلوجياً .
بالأمس استعرض لي أحد الاصحاب استفتاء لمرجع نجفي يحذر من تأبين عالم ومرجع ويصف من يؤبنه أو ينعاه بالمؤبن لأشقى الاشقياء وفالق هامة أمير المؤمنين عليه السلام ، فهل نحن في زمن العجز حتى نصف من يختلف معنا نتاج استدلاله بهذه الاوصاف العنيفة والمؤذية ،ألا يعتبر الركون لمثل هذه الازمات نوع من العجز وقلة الحيلة ولماذا لاينبري أصحاب الحجج لردع هذه الافكار التي يرونها شاذة بذات الحجة وبنفس المنطق وما حال العلماء والذين بعضهم يتبوأ مقام المرجعية والقيادة العامة للمسلمين وقد أبنو شخصية مرجعية وعلميه لها أتباعها في العراق ولبنان وبعض الاقطار الشيعية المترامية فهل ينطبق عليهم هذا النعت المخزي .
كل ذلك يكشف أزمة حقيقة في الخطاب الديني وتورط الكثير ممن يقفزون فوق منطق الحجة والبرهان ليخرسوا الآخر بسلوك العدوانية والنبذ، وعلى أهل المسؤولية والدراية أن يجدوا علاج فعال في عودة الدفة لأهل الحكمة وأهل الاصلاح .
جديد الموقع
- 2024-09-26 افراح العبدالله والشقاق تهانينا
- 2024-09-25 سمو محافظ الأحساء يطلع على مبادرة التعليم "نعاهدكم ببناء جيل منافس عالمياً"
- 2024-09-25 مؤسسة البريد السعودي | سبل تصدر طابعاً تذكارياً بمناسبة اليوم الوطني السعودي الـ 94
- 2024-09-25 برلمان الطفل العراقي حاضرا في معرض بغداد الدولي للكتاب
- 2024-09-25 رئيس مركز يبرين يهنئ القيادة بذكرى اليوم الوطني ال 94
- 2024-09-25 ( في رثاء المعلمة بتول الحمادة )
- 2024-09-25 اليوم الوطني 94 في دائرة الأوقاف والمواريث بالأحساء
- 2024-09-24 أفراح البخيتان وسادة الحسن تهانينا
- 2024-09-23 أمين عام جمعية البر بالاحساء م. صالح بن عبدالمحسن ال عبدالقادر: اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى
- 2024-09-23 حسين الجسمي يصدح في حب السعودية بأغنية "الفخر من هنا" في اليوم الوطني الـ 94