
2025/10/16 | 0 | 164
أهذا يحدث في فواتح العزاء والأعراس أم لا؟
تمهيد:
مات الشاب وأحدث هزة شعورية على أهله، فاعتلى أحد "رجال الدين" عندنا منبر المأتم، وزجر العوام بعدم السلام على كامل المجلس كيلا يضيع الوقت، وتُنسى تلاوة القرآن الكريم!
من المتعارف عليه هُنا وهُناك قوة التواصل والنسيج الاجتماعي، بالحضور الكثيف، والتعداد الأليف، ولا سيما في وسطنا الأحسائي (ولله الحمد والمنة).
نعم، قد تجد مناسبة تلمَّ أحدهم بآهات القدر، إلا وتجشمت الأرواح للسير نحوه في الأفراح والأتراح، دون مُبالاةٍ بعواق الطريق، ومُنزلقات المادة؛ وما هذا التواصل إلا ثمرة جيدة أشادَّ بها القرآن، وامتدحها الرحمن بتواتر الأحاديث القدسية الشريفة.
فهل هذا الجانب (دينيْ أم اجتماعيْ)؟!
بلى، يزعم البعض بأن السلام على كافة الحضور إضاعة للوقت، وتناسى ثواب المصافحة والسلام، والروايات التي تحث عليها كما ورد: ”إذا التقى المؤمنان فتصافحا أقبل الله بوجهه عليهما وتتحات الذنوب من وجوههما حتى يفترقا“، وكذلك ”إن الله عز وجل لا يقدر أحد قدره وكذلك لا يقدر قدر نبيه وكذلك لا يقدر قدر المؤمن، إنه ليلقى أخاه فيصافحه فينظر الله إليهما والذنوب تتحات عن وجوههما حتى يفترقا كما تتحات الريح الشديدة الورق عن الشجر“؛ وأيُّ طريقٍ أقصر للجنة وأفضل كهذا؟!!
فكم واحدٍ منا على خلافٍ مع أهله، وأسرته، وصحبه، ومجرد أن يلتقِ به، تزول الأوهام، ويحلو الصرام بالعناق والضحكات!
أجل، فالمصافحة تُزيل الأحقاد، وتشد المداد، وما هذه اللحمة إلا من باب التفاعل الاجتماعي، والذي حث عليه الدين بأكثر من دلالةٍ ومقامٍ سامٍ.
والغريب في الأمر، والمُضحك في آنٍ واحدٍ: بأن البعض يأمر بعدم إضاعة الوقت بالمصافحة، ويجهل فضلها وما وردت فيها من أجرٍ كبيرٍ.. وحين يدخل أحدهم المجلس، إلا وتسيّد مكان أهل العزاء، وحينها تُزلزل الأرض تحت الأقدام من قبل الحضور للسلام عليه في مكانه؛ ولم نرَّ أيّ الأحدٍ منهم قد نبذ هذا؛ أم هي: (طيطْ طيطْ بلاليطْ)؟!
هذا بخلاف الفوضى والتزاحم لنيل البركة، ولا أعلم ما قرينة هذا الفعل بما أوردته السيرة والسلف الصالح، وكذا من هو الأولى بالسلام على الآخر، هل الواقف والآتي على الجالس، أم الجالس على الواقف الحاضر؟!
حقيقةً تنتابُني القشعريرة للأفواه التي تتسارع كي تطبع قُبلاتها على الرؤوس، وتنحني معها الأظهر، وتمسح الوجه بالأيدي، وتتجاهل ونتنصل من أوصى الله برعايتهم بالصُحبة ورد الجميل على أقل تقديرٍ؛ كما جاء بهذه الدلالة القرآنية الكريمة: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً﴾..
فبالله عليكم، من يستحق له الانحناء، وكم قُبلة نُقبلها إياهم ساعة لقياهم، وما الشعور والأجر الذي نتحصل عليه؟
وأيُّ طريقٍ أقصر كهذا؛ وأيُّ صُحبة نالتها الأم والأب؛ وأيُّ جنة تحت أقدام الأمهات، وأيُّ قولٍّ أنت ومالك لأبيك؟!!
وما أوجع تلك الجباه المتفطرة لكبار السن، وما أبهى تلك الأنامل التي أرهقها منجل الحياة؛ ساعة من يُطأطئ الأغلب لهم برأسه ويده للتقديس الأعمى؛ فواعجبي!
هذا بخلاف من يصعد الأعواد، ويُهزئ العباد، بعد مقدمته المعتادة: ”يا ليتنا كنا معكم، فنفوز والله فوزاً عظيماً“، وهو يشترط قيمة المجلس، كما هو هاتف العملة مع الأسف!
همسة ختام:
من الجميل أيضاً إذا ما حضرنا حفل الزفاف أو أي مأتم أن نحترم كبار السن، والشباب المصطفين (بالطابور)؛ ولا (ندابخ بالبقاره وأوزار العيارة)، برفع الصلوات من الحاشية، وأصحاب المكان؛ فأين الوعظ والنصيحة حينها؛ (ولا خلها على طمام الشايب؛ ونكذب كالعوايد)؟!
كما هو حال مع من تتفق معه على توقيتٍ مُعينٍ لوليمةٍ، أو دعوة بساعةٍ مُعينة فيزيدها بالتسويف والتأخر لاستقباله بالضجيج المتعمد والمقصود للفت الانتباه!
مع قبلاتي الحارة عزيزي القارئ الواعي لجدك الذي ترك مكانه ليُجلس من يصغره بنصف قرن من الأعوام ويزيد، وكذاك لمن يُرسل إلى ثغرك رأسه لتقبله وهو يتحدث بالهاتف النقال، وكذا من يُلغي الصفوف، ويُطارح الحتوف، ويُنافي المألوف بالحزن والفرح بتجاهل قول الحديث المعروف: ”الله الله في نظم أموركم“!
جديد الموقع
- 2025-10-18 المؤمن يجذب الأنظار لشعراء عكاظ
- 2025-10-18 الحسن يخطف ببوحه الهجري القلوب
- 2025-10-18 حسن بن رمزي القطان عريسا بالأحساء
- 2025-10-18 أفراح الاستاد والخير الله بالهفوف
- 2025-10-18 الدكتور سمير زمزمي استشاري القلب : الوقاية من أمراض القلب تبدأ بخطوات بسيطة. والفحص المبكر ينقذ الحياة
- 2025-10-18 أسرة بوخمسين وخمسٌ وثلاثون ربيعاً من التميّز
- 2025-10-17 الزواج والاهتمامات القرائية المتقاربة
- 2025-10-17 "دار الرحمة" تزور مدير بلدية الجفر لتعزيز الخدمات المقدمة
- 2025-10-17 مركز حمدان بن محمد لإحياء الترات في الإمارات تشكر الزميل الاعلامي السعودي زهير بن جمعه الغزال
- 2025-10-17 سلمْ على النبي محمد