اعتمد الشاعر والناقد السعودي محمد الحرز على ثقافته ورؤيته العميقة في أعماله النقدية، ولم يخفِ انفعالاته عند الكتابة كونه اختار لنفسه أن يكون الشاعر الناقد، عُرف بانشغالاته النقدية في قراءة المشهد الثقافي السعودية، ورصد التحولات التي يمر بها ثقافيا وفكريا وأدبيا، في وقت كان يلاحق فيه الشعر في تفاصيل الحياة وبعد وقفات من التأمل. اختار قصيدة النثر واعتبرها كنزا وحافزا في فهم الحياة. وأصدر العديد من المجموعات الشعرية من بينها "قميص بذكريات معطوبة" و"رجل يشبهني" و"أخف من الريش أعمق من الألم" و"أسمال لا تتذكر دم الغربة" كما أصدر العديد من الكتب النقدية من بينها "الهوية والذاكرة – تعدّد أشكال ومسارات النقد" و"شعرية الكتابة والجسد". كما شارك في العديد من الملتقيات والمهرجانات داخل السعودية وخارجها.
-
لماذا اخترت الاشتغال على النقد؟
لم يكن اختيارا، كانت اللحظة تتطلب الالتفات إلى الخطاب النقدي بوصفه – كما كنت أنظر إليه في لحظتها قبل عقدين من الزمن – الكاشف عن جماليات النص الحديث وتعدّد أوجه شاعريته، والكاشف عن التطور الكبير الذي وصلت إليه العلوم الإنسانية في مسألة الشعر والشاعرية والنص والعالم. ناهيك أيضا عن مسألة في غاية الأهمية على الأقل بالنسبة إليّ كوني شاعرا لا يملك من أدوات التعبير اللغوية سوى اللغة الأم العربية، وهي ترجمة شعراء العالم الذين عكف على ترجمتهم أغلب شعراء الحداثة المعروفين، وكانت معضلة تلقي الترجمة في حينها تلقي بظلالها على الذائقة التي كانت تواجه صعوبة في تلمس جماليات النص المترجم.
انطلاقا من هذه الملاحظات التي ذكرتها كان هو دافعي للاشتغال النقدي على اعتبار أنه سيساعدني كثيرا لفهم شعرية النص الحديث، بالخصوص كانت أمامي تجارب شعرية حديثة من الأصدقاء، وكانت الحاجة ملحّة للتواصل معهم بعمق من خلال نصوصهم. لكنني رغم ذلك كنت حذرا إلى الانجرار وراء التنظير الأكاديمي النقدي الميكانيكي الجامد.