2018/03/18 | 0 | 3622
سماحة الشيخ محمد العباد : وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ
من المسؤول عن صلاة الأبناء ؟
هناك حقوق كثيرة تقع على عاتق الوالدين فيما يرجع إلى تربية أبنائهم ومن أهم تلك الحقوق الملقاة على عاتق الوالدين هو حق التربية الروحية و المعنوية التي يمكن أن نعبر عنها بالتربية العبادية وذلك لخلق علاقة ورابطة للأبناء بالله عز وجل وطاعته والإنقياد إليه وعدم الخروج عن هذا المنهج الذي رسمته السماء وجاء به الأنبياء ، ومن هذه الأمور العبادية المهمة التي تقع في صدارة العبادات هي الصلاة فهي من أهم الواجبات والتكاليف الإلهية التي تؤسس الصلة بين العبد وربه ، فإذا حافظ المؤمن على أداء الصلاة ذلك يعني أنه مازال متصلاً بالله ، وإذا تهاون في الصلاة فضلاً عن تركه لها فيعني أنه قطع الصلة بالله عز وجل وبالتالي فهو يقطع كل حبائل التواصل مع الله بتهاونه في أداء الصلاة وعدم المحافظة عليها ، من هنا أقول ان الوالدين من مسؤلياتهما التأكيد على هذه الصلة بين الأبناء والله عز وجل من خلال التأكيد على الصلاة ، وربما يشتكي البعض من وجود أبناء لايحافظون على الصلاة أو يتركون هذا الفرض كليا لاسمح الله فهنا المسؤولية الأولى للإهتمام بهذا الفرض تقع على الوالدين والأسرة ، لأن الوالدين هما المسؤولان عن محافظة الأبناء على الصلاة ، فإذا بدر التقصير من الآباء فالنتيجة الحتمية لهذا التقصير هو تهاون الأبناء بالصلاة ، وفي الأيات الشريفة تأكيد على هذا المعنى في قوله تعالى ( وأمر أهلك بالصلاة ....)
وهذا الخطاب صحيح أنه موجه للرسول الأعظم (ص) لكنه يعني جميع الناس من تقع على عاتقهم هذه المسؤولية ، بمعنى أيها الآباء والأمهات لاتتساهلوا بتنمية وزرع روح العبادة والصلاة في أبنائكم.
وفي آية أخرى في شأن نبي الله اسماعيل مدحاً له من خلال قيامه بهذه الوظيفة في قوله تعالى : - (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا " وكان يأمر أهله بالصلاة (54 - 55) سورة مريم ، إشارة الى أن من وظائف رب الأسرة هو أن يأمر ابنائه بالصلاة ولايهمل هذه الوظيفة المناطه به ، فلاينبغي ترك الأبناء الى أن يكبروا ونعتبر الصلاة في مساحة الحرية الشخصية هم باختيارهم أو رغبتهم أو برغبات أصدقائهم في أداء الصلاة أو تركها وبالتالي يحرم الأب من نيل رضا الله عزوجل ( وكان عند ربه مرضيا) إشارة الى أن الرضا الذي يناله المؤمن مترتباً على أداء مسؤولياته ووظائفه ومن أهمها التربية الروحية وتعزيز الجانب العبادي في الأبناء .
وفي قوله تعالى (لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) تعني أيها الأب لاتنتظر الرزق فقط من ابنائك أن يكبروا ويكونون لك العون على صعوبات الحياة المادية فهذه أمور قد تكفل بها الله عز وجل. نعم التوجيه مطلوب من الأب لكن لاتكن النظرة والإهتمام فقط في جانب الرزق المادي على حساب الإهتمام بصلاتهم ، فالصلاة أولى والمحافظة عليها من أولويات الحياة ، والأبوان مسؤلان أمام الله ومحاسبان على عدم اهتمامهما وإهمالهما جانب الصلاة في أبنائهم ، فالصلاة نعمة على كل حال وهي النور الذي يسبق المؤمن الى قبره وجنته لكن المال قد يكون نعمة إذا سخر في عبادة الله وقد يكون نقمة اذا كان سبباً في البعد عنه سبحانه ،
قال تعالى (قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) آية 6 سورة التحريم ، فالوقاية من النار مسؤولية وأول عتبة لتحمل هذه المسؤولية هي الصلاة والأمر بها في الأسرة فإذا ارتفع عنصر الوقاية هذا -الصلاة- يأتي دور التوفيق الإلهي للمؤمن بالوقاية المندرجة تحت الصلاة.
أما اذا لم يُعتمد على هذا العنصر عند الأب والأم فستكون النتيجة لهذا هو الإنصياع للشهوات والمعاصي (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)) سورة مريم
وفي شأن لقمان قال تعالى : - (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) 17 سورة لقمان نحن نريد ابناء أقوياء في شخصياتهم ويتحملون صعوبة الحياة والقرآن يشير إلى أن المؤمن لايمتلك هذه المميزات إلا اذا حافظ على الصلوات ( إن ذلك من عزم الأمور) فالأبوان هما البيئة الأولى التي يتربى فيها الابناء على الصلاة والمحافظة عليها .
كيف نربي الأبناء على الصلاة ؟
محافظة الوالدين على الصلاة
فإذا الأبناء وجدوا من آبائهم التقصير والإهمال في أداء الصلاة أو تركها لاسمح الله فكيف نتوقع من هؤلاء الأبناء أن يكونوا محافظين عليها ! فالوالدان هما القدوة والمنهج لأبنائهم وفي ذلك قال الله تعالى عن لسان نبي الله عيسى (ع) : - (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ) 31 سورة مريم
-وفي قول الإمام الصادق - ع - ( كونوا دعاة لنا صامتين) هذه الدعوة ليست فقط لأتباع غير المذهب أو غير المسلمين إنما تشمل حتى الأبناء وتربيتهم بالقدوة العملية من الآباء وعدم الإكتفاء بالدعوة باللسان فقط وإنما برسم المنهج العملي من خلال الوالدين .
انعكاس الصلاة على السلوك
إذا كانا الوالدان مهتمين بالصلاة لكن هذه الصلاة لم تعكس أثرها المرجو عليهما في التعامل الحسن والكلام الطيب فلن ينظر الأبناء بإهتمام إلى الصلاة ، فالجيل المعاصر الجديد يضع إهتماماً بالغاً على السلوكيات أكثر من التوجيهات وعلى آثار العمل اكثر من العمل نفسه ، فإذا أردنا تعزيز روح الصلاة والعبادة في الأبناء لابد أن ننظر الى سلوكنا وتأثير هذه العبادة وانعكاسها علينا وعليهم حتى نغرس بذرة الصلاة في قلوب الأبناء وأهميتها ودورها في تقويم السلوك.
تحبيب الصلاة للأبناء
من الأخطاء الشائعة في التربية العبادية هي التهديد والوعيد بالنار ، والصحيح هو ذكر الآثار الإيجابية للصلاة وآثارها على حياة المؤمن المعنوية والمادية
النبي الأعظم (ص) قال " حُبب إلي من دنياكم ثلاثة ... " إشارة الى ان الصلاة ينبغي أن تكون بدافع الحب والرغبة في ثمارها وآثارها وليس خوفاً ورهبة .
تعزيز ثقافة الصلاة
قال تعالى : - (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاة)َ 37 سورة إبراهيم ، القرآن الكريم ذكر الصلاة في مواضع كثيرة لتكون الصلاة ثقافة في حياتنا وفي مواقيتنا ومواعيدنا وربط الأعمال والإرتباطات اليومية بها وذلك بدوره يعزز ثقافة الصلاة في الأسرة والأبناء.
التشجيع بالهدايا
كما أننا نعد ابنائناونقدم لهم الحوافز للتفوق الدراسي كذلك ينبغي تقديم الحوافز لهم في حال الإهتمام بالجانب الروحي والعبادي حتى لو لم يكن بشرط مسبق وإنما مكافأة تقدم لهم بين فترة وأخرى نتيجة محافظتهم على الصلاة .
التواصي بالصلاة بين الأبوين
قال تعالى : - (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) 3 سورة العصر
فحين يوصي الوالدان أحدهما الآخر بإيقاضه من النوم للصلاة هذا بدوره يغرس قيمة الإهتمام بالصلاة عند الأبناء وعدم الإستخاف بها.
وفي الروايات أن عبدالله بن عباس عندما كان غلاما صغيرا يقول جئت الى دار خالتي ميمونة-زوجة النبي الأعظم ص- وبت عندها تلك الليله ، فذهب النبي للصلاة ثم رجع قال ياميمونة هل صلّى الغلام؟
فقالت ميمونه: بلى صلى .
-وكان عبدالله حينها صبيا صغيرا - السؤال هذا بدوره يربي الطفل على الإهتمام بالصلاة -
المرحلية في الصلاة
ينبغي تعليم الأبناء الصلاة مند الصغر وفي مراحل متقدمة لا أن نفاجأهم بالتكليف الشرعي ووجوب الصلاة دفعة واحدة
-- روي عن الإمام الصادق - ع - ( نحن نأمر صبياننا أن يصلوا اذا بلغوا خمس سنوات فمروا صبيانكم أذا كانوا بني سبع سنين) والأمر بمعنى التعليم .
دعاء الوالدين
قال تعالى : - عن لسان إبراهيم -ع - (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) سورة إبراهيم
الدعاء للأبناء من الأمور المهمة التي لاينبغي التقليل من شأنها فدعاء الوالدين لأبنائهم منظور من الله عز وجل لأنهم يريدان الصلاح والخير لأبنائهم. ، ونبي الله ابراهيم أبنائه أنبياء (إسماعيل وإسحاق ويعقوب) لكنه يؤكد على مبدأ الدعاء للأبناء .فالأم حينما تدعوا في صلواتها بإلحاح وتوجه وقلب صادق فلهذه الدعوات أثرها في التوفيق الإلهي للأبناء لأداء الصلوات .
والحمدلله رب العالمين.
جديد الموقع
- 2024-12-26 نحو معارض للكتاب الخيري
- 2024-12-26 معادلة الانتصار الإلهي والقيم العليا
- 2024-12-26 أحياة هي أم ظروف حياتية؟
- 2024-12-26 د.نانسي أحمد أخصائية الجلدية :العلاج البيولوجي أحدث وأهم الخيارات في معالجة الصدفية
- 2024-12-26 "ريف السعودية" ونادي الشباب يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز المسؤولية المجتمعية
- 2024-12-26 تجهيز عربة عيادة أسنان في الأحساء
- 2024-12-26 4 مليارات لفرص المسؤولية الاجتماعية خلال 21 شهرًا
- 2024-12-26 نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء
- 2024-12-26 ما الكون إلا زمان .. إلاك
- 2024-12-25 قراءة في حياة الشاعر علي الحمراني