2024/12/26 | 0 | 17
معادلة الانتصار الإلهي والقيم العليا
لا غرابة إذن لأن معيار الانتصار والهزيمة لا يتعلق عنده بالنتائج المباشرة للمواجهة على أرض الواقع، ولا بالنظرة المادية المحسوسة، بل يتعلق عنده بمعيار طهراني يرتبط ارتباطا مباشرا بعقيدة الخلاص في التراث الديني.
لذلك، وفق هذه العقيدة لا معنى للهزيمة في تصوراتهم، مهما كانت قاسية عليهم، فهم تربوا بالتالي على تصور واحد وهو الانتصار الذي يكاد يكون مفهوما مقدسا لأنه يرتبط ارتباطا مباشرا بفكرة الخلاص تلك.
وجدوا أنفسهم في موقع يحق لهم عندها أن يقولوا «أنهم أشرف الناس وأشجعهم وأكثرهم قوة ومقاومة». لذلك، سردية كونهم كذلك ظلت تحتل موقع الصدارة في البروبوغندا الإعلامية التي كرّسها حزب الله منذ 2006.
هذه حقيقة لا يمكن إغفالها إذا ما أردنا أن نفسر الكثير من المواقف والسلوكيات التي يظهرها أفراد حزب الله وبيئته القريبة منه. فالعقيدة الخلاصية الطهرانية هي التي تأسس عليها مثل هذا السلوك الذي لم يتشكل في يوم وليلة، بل جاء وفق خطط مدروسة اجتماعية وتعليمية واقتصادية وسياسية ودينية تحول معها مجتمع الجنوب اللبناني «أغلبه» إلى دولة حزب الله على رأي وضاح شرارة، تتغلب فيها الدولة اللبنانية وتتحكم فيها من العمق.
ولم تكن هذه الخطط سوى النماذج المستعارة من المجتمع الإيراني قبيل الثورة وما بعدها.
لكن قد يبدو من المفيد هنا أن نضع تجربة حزب الله فيما يتعلق بعقيدته الخلاصية الطهرانية موضع المساءلة إذا ما طابقنا سلوكه بالقيم التي يستمدها من عقيدته تلك. وسأذكر حدثين مهمين قام الحزب بارتكابهما، ابتعد بهما عما يظنه يمارس سلوكا تطابق قيمه، الأول دخوله سوريا مناصرة للنظام السوري المستبد ضد شعبه وقتل الكثير من الخارجين على النظام وتشريد الأطفال والنساء من بيوتهم ومنازلهم، ومناصرة الظالم على المظلوم ينافي تلك القيم، كذلك القيام بغسيل الأموال والمتاجرة بكل ما هو محرم دوليا وشرعيا، وكذلك القيام بصنع المخدرات مثل الكبتاجون وغيره وتهريبه إلى دول الخليج، وهذا نوع من الفساد الذي ينافي جميع القيم التي يدّعي الحزب الانتماء إليها. طبعا دون أن نغفل سلوك التكبر والغرور والاستقواء بالسلاح ضد الداخل اللبناني، وترهيبهم وتكميم الأفواه وقتل المعارضين الذين يعارضونهم بالرأي فقط، وتخوين الكثير.
إن ظاهرة حزب الله هي بالأساس واحدة من ظواهر متعددة للإسلام السياسي المنتشرة في العالم العربي، تستدعي التطرف والتطرف المضاد، العنف والعنف المضاد، وتستعدي الدولة بنظامها المدني المؤسساتي الحديث انتصاراً لفوضى الميليشيات بأسلحتها المنتشرة في كل مكان.
وأريد أن أختم المقال بما أشار إليه الكاتب المعروف حازم صاغيه في مقاله تحت عنوان «في أننا بحاجة إلى أساطير مؤسسة جديدة لبلدان المشرق». إلى أن المشرق العربي قد انتهت صلاحية أساطيره التي قامت عليها عقائده السياسية من حزب البعث إلى الإسلام السياسي، فهو بحاجة إلى أساطير جديدة تذكي مخيلته وتبعده عن ممارسة العنف الذي يبدو عنصرا مشتركا بين أساطيره، وتدخله في ممارسة تربوية وطنية تنتصر للوطن أولا وأخيرا.
فهل نرى هذه الأساطير تتحقق حسب رأي حازم صاغية إذا راقبنا سلوك هيئة تحرير الشام بعد سقوط الأسد ؟! أظن الحديث سابق لأوانه في اللحظة الراهنة وإن كانت هناك بوادر ظاهرة.
جديد الموقع
- 2024-12-26 نحو معارض للكتاب الخيري
- 2024-12-26 أحياة هي أم ظروف حياتية؟
- 2024-12-26 د.نانسي أحمد أخصائية الجلدية :العلاج البيولوجي أحدث وأهم الخيارات في معالجة الصدفية
- 2024-12-26 "ريف السعودية" ونادي الشباب يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز المسؤولية المجتمعية
- 2024-12-26 تجهيز عربة عيادة أسنان في الأحساء
- 2024-12-26 4 مليارات لفرص المسؤولية الاجتماعية خلال 21 شهرًا
- 2024-12-26 نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء
- 2024-12-26 ما الكون إلا زمان .. إلاك
- 2024-12-25 قراءة في حياة الشاعر علي الحمراني
- 2024-12-25 أغنى لغات العالم