2018/05/05 | 0 | 4453
سماحة الشيخ محمد العباد :ماذا نستوحي من الصلاة المهدوية
يمثِّلُكَ الشوق المُبَرِّحُ والفكرُ
فلا حُجُبٌ تخفيك عني ولا سترُ
ولو غبتَ عنّي ألف عام فإن
لي رجاءَ وصال ليس يقطعه الدهر
وما أنت إلا الشمس ينأى محلها
ويشرق من أنوارها البرُّ والبحر
هو القائم المهدي ذو الوطأة التي
بها يذر الأطواد يرجحها الذر
هو الغائب المأمول يوم ظهوره
يلبيه بيت الله والركن والحجر
نزف اليكم والى عموم المؤمنين والمسلمين اسمى ايات التهاني والتبريكات للذكرى العطرة من ولادة إمام زماننا والمنتظر لإقامة العدل الإمام المهدي المنتظر (ع) ، ونسأل الله عز وجل ان يعجل له الفرج ويجعلنا من أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه
وبهذه المناسبة نتحدث حول ( *ماذا نستوحي من صلاة الإمام المهدي - عج -)*
قال تعالى : - *(الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )*
بداية لابد من الإلتفات بأن هناك روايات ذكرت أن الآية القرآنية تشير الى الإمام المهدي (عج) عندما يمكنه الله من الأرض
*ماذا تعني الصلاة المهدوية وماذا نستوحي منها؟*
1- *الصلاة المهدوية دينية النهضة*: -
إن هذه الدولة المنتظرة للإمام (ع) هي دولة إلهية ودينية بمنعى أن الدين هو المقوم لهذه النهضة المهدوية ، بل هو السر الأكيد لتحقيق الإنتصارات التي ستكون على يد إمام زماننا عجل الله فرجه الشريف ، وأهم شعاراتها بل ووظائفها هي الصلاة كما بدأت بها الآية الشريفة آنفة الذكر
فعندما تكون هذه النهضة قائمة على الصلاة واعني بها الصلاة القائمة وليست كل صلاة ، وانما الصلاة بفلسفتها وأهدافها وقيمها وادابها ، هذه الصلاة التي يقيمها الإمام (ع) في دولته ستكون من أهم أسرار تحقيق هذه الإنتصارات على يديه (ع) ، إذن الدين هو المقوم و الصلاة هذه ستكون من أهم العلامات على أن هذه الدولة المهدوية دولة دينية حيث بدأت الآية الشريفة بذكرها
( *الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة* ..) فنحن عندما نذهب الى دولة لمعرفة انهم مسلمون ام غير مسلمين ، ننظر اذا حان وقت الصلاة هل نجد مصلين ام لا! والمظهر العام سيكون هو الحكم في هل هذا المجتمع مسلم ام لا حتى لو كان هناك القلة من المسلمين فالنظرة تكون للظاهر العام وليس على القلة من الأفراد في المجتمع. ،والإمام المهدي سيقيم الصلاة على كل ربوع الكرة الارضية ليؤكد ان نهضته هي نهضة دينية إلهية إيمانية، وليست فقط دنيوية وليست فقط لتحقيق القضايا الدنيوية من الرفاه الاقتصادي وغير ذلك وانما الهدف الأول هو العروج الروحي نحو الكمالات المعنوية بعد ذلك تتحقق الإنتصارات الإلهية وتتحقق الأماني الدنيوية .
وفي حادثة يذكرها الشيخ الشعراوي المصري يقول : - كان في سان فرانسيسكو وفي إحدى السنوات فالتفت اليه أحد المسيحين قال له ياشيخ هل قرآنكم كل مافيه صحيح ؟
قال نعم فالقرآن كله صحيح لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
قال المسيحي إذن لماذا جعل الله للكافرين عليكم سبيلا؟
قال لأننا مسلمون ولسنا بمؤمنين - فهناك فرق بين الإسلام والإيمان ، وقد نجد مجتمعا مسلما لكنه يفتقد للإيمان ، والمطلوب لتحقيق العزة والكرامة وتحقيق الأهداف التي من اجلها سيخرج الإمام المهدي ع هو الإيمان ، فإقامة الصلاة تعني الإيمان الواقعي وليس مجرد بشكل صوري ظاهري -
ثم ذكر الشعراوي آيات قرانية منها
قوله تعالى : - ( *وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا*)
الآية ذكرت المؤمنين وليس فقط مسلمين ينطقون الشهادتين ويرتكبون المعاصي ويفسدون في الأرض
ثم في آيه اخرى ذكر أن شعور الامة بالعزة وعدم الهوان مرتبط أيضاً بالإيمان
قال تعالى : - ( *وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* )
وأكثر من ذلك قد نبحث نحن عن النصر لكن النصر الإلهي مرتبط ارتباطاً وثيقا بالإيمان ( *وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِين*َ )
هنا أقول أن السر في نجاح النهضة المهدوية وإقامة العدل على كل ربوع الكرة الأرضية هو الإيمان وأساس الإيمان الصلاة
وإقامتها ، فإذا اقيمت الصلاة في عصر الظهور ستنعم البشرية بخيرات النهضة المهدوية وبركاتها ،
2- *الصلاة المهدوية و العمل المبارك* : -
تذكر الرويات أن أول مايخرج الإمام الحجة سيخرج من مكة المكرمة وأول مايقوم به قبل أن يتحدث ويعلن عن الظهور هو أن يصلي اربع ركعات بين الركن والمقام وفي روايات أخرى تذكر انها ركعتان وهي صلاة المسافر ، على كل حال رغم اختلاف الروايات لكن الأهم هو المعرفة بأن بركات حركات الإنسان مرتبطة بالصلاة ، فالذي يبحث عن الرزق والبركة في العمل لابد أن يبدأ هذه الحركة بالصلاة ، وهناك في الروايات ان نبي الله عيسى 'ع- عندما يصلي خلف الإمام الحجة -ع- سيصلي صلاة الفجر ، فانطلاقة الدولة العالمية مرتبطة بالصلاة والمحافظة عليها واداؤها في اوائل أوقاتها بحيث تكون للصلاة الأولوية في حياتنا وتحركاتنا ،
وفي رواية عن أمير المؤمنين -ع- قال : - ( *وأعلم ان كل شيء من عملك تبع لصلاتك*) إشارة الى أن كل حركتنا في الحياة لابد ان تكون نحو الله عز وجل والارتباط به من خلال الصلاة ،
ونحن عندما نريد الإحرام للحج او العمره نصلي الصلاة المستحبة قبل الإحرام لإن العبد سيبدأ حركته نحو العروج الروحي والمعنوي نحو الله سبحانه و تعالى ، فالصلاة لها الدور الكبير جداً في التوفيق في الحياة الدنيويه والزاد الإخروي .
3- *الصلاة المهدوية وحدة وتآلف* : -
نعرف هذا من
صلاة النبي عيسى -ع- خلف الإمام المهدي (عج)
كما في روايات يذكرها الفريقان السنة والشيعة
- كما عن الكراجكي أحد علماء السنة في كتاب التفضيل ص 24 حيث يقول : - ( *ومما نقلته الشيعة وبعض محدثي العامة -أي غير الشيعه- أن المهدي صلى الله عليه إذا ظهر أنزل الله تعالى المسيح فإنهما يجتمعان فإذا حضرت صلاة الفرض -وفي بعض الروايات صلاة الفجر- قال المهدي للمسيح تقدم ياروح الله ، فيقول المسيح ع انتم اهل بيت لايتقدمكم أحد فيتقدم المهدي ثم يصلي المسيح خلفه*)
ونستوحي من ذلك أن الصلاة هي شعار الوحدة بين الأديان فضلا أنها شعار الوحدة بين المسلمين ولهذا تؤكد الروايات الإهتمام بالصلاة في اوقاتها و في الأوقات المشتركة بين كل المسلمين فعندما يرفع أذان الصلاة في منطقة ما يقع عليهم جميعاً فرض الإستجابة للنداء في نفس الوقت ، مما يعطينا أن الصلاة شعار لوحدتهم وتآلفهم ، وستكون في عصر الظهور رمز وحدة المجتمعات البشرية كلها تحت مظلة الإمام المهدي (عج) ،
وإذا كانت الصلاة شعارا للوحدة فمن المهم جداً أن يحافظ عليها وعل هدفها هذا ، وهنا الفت النظر الى ان الصلاة لاينبغي أن تكون سبباً للتفرقة والتمزق بين المسلمين وأفراد المجتمع الواحد ، ، وأوكد هنا أن حتى الخطبة التي يلقيها الخطيب في المسجد سواء في الجمع أم غيرها لابد أن تكون أهدافها تصب في صالح وحدة المسلمين و تآلف المجتمع ومن غير المناسب أن يكون إمام المسجد شخصية صدامية بحيث انه يستخدم منبر المسجد كأداة لإحداث صدام بين أفراد المجتمع ،
ولابد أن نتطلع إلى ذلك الهدف الكبير والذي تحمله الصلاة المهدوية
ومن هنا أوكد نفسي أولا و على إخواني الفضلاء من أئمة المساجد المحترمين وأنا أقل منهم وأقول علينا جميعا أن نحافظ على هذا الهدف السامي من الصلاة و بحيث لايكون المنبر منصة لتصفيات الحسابات مما ينتج تتمزق كلمة المجتمع ووحدته .
4- *الصلاة المهدوية تؤكد الثقة بالدين* : -
ان صلاة النبي عيسى - ع - خلف الإمام المهدي - ع - تعطينا الثقة أكبر بديننا الحنيف وتؤكد على الأخذ بقوله تعالى : - ( *إن الدين عند الله الإسلام*) وهذه الثقة علينا ان نعيشها دستور ديننا و ثقافته ، فنبي الله عيسى الذي يتمسك به المسيحيون واذا هو بنفسه يصلي خلف الإمام المهدي (عج) ، هذا يعني إيمانه بما جاء به رسول الله (ص) والذي يحققه ويسلك نهجه الإمام المهدي (عج) ، ولذلك فنحن لانحتاج الى ثقافة غربية تتعارض مع الإسلام في عقيدته و شريعته وانما نحتاج أن نرجع الى ديننا وقرآننا وبالتالي ننال بذلك العزة والكرامة اذا أردنا أن نحدد بهما .
نسأل الله ان يعجل في فرج وليه وأن يجعلنا من انصاره واعوانه والمستشهدين بين يديه
والحمدلله رب العالمين
جديد الموقع
- 2024-12-26 نحو معارض للكتاب الخيري
- 2024-12-26 معادلة الانتصار الإلهي والقيم العليا
- 2024-12-26 أحياة هي أم ظروف حياتية؟
- 2024-12-26 د.نانسي أحمد أخصائية الجلدية :العلاج البيولوجي أحدث وأهم الخيارات في معالجة الصدفية
- 2024-12-26 "ريف السعودية" ونادي الشباب يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز المسؤولية المجتمعية
- 2024-12-26 تجهيز عربة عيادة أسنان في الأحساء
- 2024-12-26 4 مليارات لفرص المسؤولية الاجتماعية خلال 21 شهرًا
- 2024-12-26 نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء
- 2024-12-26 ما الكون إلا زمان .. إلاك
- 2024-12-25 قراءة في حياة الشاعر علي الحمراني