2018/02/04 | 0 | 3453
سماحة الشيخ محمد العباد التوافق الزوجي في البيت العلوي
ماهو التوافق الزواجي ؟
التوافق الزواجي يعرّف بأنه ( وجود مؤشرات تدل على الإنسجام بين الزوجين ) وبالتالي تكون هذه العلاقة بعيدة عما يعكّر صفوها من الشجار والإختلافات التي تفقد العلاقة الزوجية لذتها وسعادتها .
التوافق ينقسم الى قسمين : -
توافق غير تام بين الزوجين بوجود مميزات عند أحدهما لاتوجد عند الآخر ، ووجود مميزات عند الآخر يفتقدها الأول فيكمل كل منهما الآخر بهذا يكون التوافق غير التام بالإنسجام في بعض الصفات والإختلاف في صفات أخرى ،
مثال : - قد يكون زوجان أحدهما يمتلك جانبا من العلم لايحمله الشريك الآخر ، و في قبال ذلك يحمل الشريك الآخر صفات تميزه كحب العمل والخدمة والتفاني في ارضاء الطرف الآخر ، فيكون كل منهما يكمل الآخر
- السيدة زينب وعبدالله ابن جعفر
لقد كانت السيدة الحوراء تتميز بعلم لدني لايملكه عبدالله ابن جعفر ، وعبدالله ابن جعفر كان يتميز بالثراء وكل منهما يكمل الآخر من خلال التمايز بينهما فالسيدة زينب عليها السلام تقوم بدور تربية الأبناء على أساس ماتملكه من علم وعبدالله ابن جعفر يعينها على هذه التربية من خلال المال الذي لاتملكه السيدة زينب (ع) ،فالإنسجام ليس انسجاماً تاماً بينهما ، و مثل هذا الإنسجام غير التام يكون علاجه بالتعاون والتقبل والتفاني بين الزوجين والتعاطف والتغاضي عن الأخطاء والتسامح ولغة الحوار عند الإختلاف و بهذه العناصر يعد الزوجان نحو التكامل ويصل كلا الطرفين بما يرضي الآخر وخلق اجواء الراحة والسعادة بينهما
النوع الآخر من التوافق وهو التوافق التام بين الزوجين في كل شيء فلا يوجد هناك تمايز لأحدهما على الآخر ، فالصفات الموجودة في هذا الزوج موجودة عند تلك الزوجة وهذا الإنسجام التام لايكون إلا بين زوجين معصومَين ، اما غير المعصومين قد يوجد بينهما انسجام نسبي بحسب تمايز احدهما على الآخر وتكامل بعضهما البعض
الاسرة التي امتلكت حقاً الإنسجام في كل شيء هي أسرة علي وفاطمة التي امتلكت جميع جوانب الإنجسام الزوجي والأسري
مؤشرات الإنسجام التام بين علي وفاطمة عليهما السلام
الوحي : -
حيث أخبر به الوحي عن الله عزوجل ،
قال تعالى : - ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) هذا مؤشر عظيم جداً من مؤشرات الإنسجام التام بين النورين فلا يوجد نقص في أحدهما بحيث يكمله الآخر .
والرواية التي ذكرناها في تصدير الخطبة في قول جبرائيل عن الله عز وجل ( يامحمد لو لم أخلق علياً لما كان لفاطمة إبنتك كفؤ) إشارة إلى توازن الكفاءة بين الزهراء والإمام علي عليهما السلام ، وهذه الكفاءة الكاملة كانت قبل وجودهما في عالم الشهود ، وإنما كان من عالم الغيب عندما خلقهما الله من نور واحد حتى جاء وقت الزواج قال جبرائيل عليه السلام للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله ( زوّج النور بالنور) فلا توجد ظلمة في أحدهما ولانقص،
وهذا يعطينا أهمية الإنسجام في الجانب المعنوي والروحي للزوجين في واقعنا ، فمن المهم جداً أن يتوافق الزوجان بنسبة كبيرة على الأقل في جانب الطهر والنزاهة والتدين والإلتزام فلايكون الشاب اهتمامه فقط في الجمال الظاهري للفتاة وإنما من المهم النظر الى تدينها والتزامها وكذلك بالنسبة الى الفتاة عليها أن تنظر الى تدين الشاب والتزامه قبل الإرتباط به.
-- الإستعداد لتحمل مسؤوليات الزواج
الزواج مشروع قائم على المسؤوليات ، ومن الخطأ الشائع لدى البعض من الشباب والفتيات اعتبارهم الزواج للراحة فقط وهذا له انعكاسه السلبي على الطرف الآخر ، فلابد أن تكون النظرة الواقعية للزواج هي تحمل المسؤوليات وأما الراحة فهي ثمرة تحمل المسؤولية ، لكن اذا كان الزوجان يعيشان الإتكالية بدون بذل جهد للعطاء والعمل على إدارة شؤون الأسرة معاً فكيف تنال هذه العلاقة الراحة والسكن والسعادة !
فكل من الزوجين لابد أن يحملا حس الشعور بالمسؤولية ، ومما يؤسف له أن البعض من الأزواج عنده اعتماد كلي على الزوجة فيما يرجع للنفقة حتى لو لم يكن عندها مصدر دخل جهلاً بمسؤوليته المادية تجاهها وحقيقة أن الزوج هو مسؤول عن نفقة الزوجة قبل مسؤوليته على الوالدين كما واضح من الرأي الفقهي أن النفقة واجبة على الزوج لزوجته ،اما الوالدان إذا كانا فقيرين يجب على ابنهما الإنفاق عليهما واما اذا كان عندهما مصدر مالي فلا يجب ، نعم من باب البر والإحسان وهذا مهم لإعطاء حق الأبوين وإدخال السرور على قلبيهما، لكن الزوجة سواء كانت فقيرة أم غنية فالزوج مسؤول عن نفقتها . فلايجوز للشاب أن يكسل عن العمل ويعزف عن مسؤلياته وطلب الكسب الحلال فإذا كان الشاب يعمل في وظيفة راتبها لايكفي معيشته وحصلت له وظيفة اخرى براتب أعلى فيجب عليه شرعاً الذهاب لمصدر الرزق الذي يوفي النفقة على زوجته وعائلته بحسب قدرته وقد توفرت عنده القدرة على استيفاء النفقة من خلال العمل الآخر وعليه لا يجوز له أن يضيق على ابنائه وزوجته وهو قادر على أن ينفق عليهم بالنفقة الكافية.
الزهراء وعلي والزواج المسؤول
- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الزهراء ويحنو عليها حنوا كبيرا ، وما يكاد يطيق فراقها فلما زفت إلى الإمام علي (ع) ، وتحولت إلى بيته ، لم تمض سوى أيام معدودة ، حتى ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الزهراء فقال لها : إني أريد ان أحولك إلي ، فقالت : ' فكلم حارثة بن النعمان ان يتحول عني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : - ( قد تحول حارثة ابن النعمان عنا حتى استحييت منه) ، فبلغ ذلك حارثة ، وجاء النبي فقال : - يا رسول الله انه بلغني انك تحول فاطمة إليك ، وهذه منازلي ، وهي اسبق بيوت بني النجار إليك ، وإنما أنا ومالي لله ولرسوله ، والله يا رسول الله ، للمال الذي تأخذ مني أحب إلي من المال الذي تدع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صدقت بارك الله عليك) ، فحولها رسول الله إلى بيت حارثة .
فجاء رسول الله إلى بيت فاطمة وعلي وأوضح لهم مسؤولياتهم وقال (ص) لعلي (ع) - وبما معناه -
انت مسؤولياتك من باب الدار الى الخارج والزهراء مسؤولياتها من وراء الباب الى داخل المنزل ، اشارة الى توزيع المهام والمسؤوليات بين الزوجين
ثم قالت الزهراء عليها السلام : ( فلايعلم ماداخلني من السرور إلا الله لكفايتي رسول الله تحمل رقاب الرجال) "
وتذكر الروايات أن الزهراء كنست منزلها حتى اغبرت ثيابها وطحنت حتى مجلت يداها وقامت بمسؤولياتها تجاه منزلها وزوجها وأبنائها .
- تحمل أعباء الحياة :-
إن الحياة مليئة بالمشاق والصعوبات والعقبات ولابد من الزوجين أن يشتركا في تحمل هذه الصعوبات وتجاوزها ،
في الروايات ان السيدة الزهراء عليها السلام دخلت على أبيها فرأى وجهها مصفرا من الجوع . فقال لها ادني مني .. فدنت منه السيدة (ع) ووضع يده الكريمه على صدرها وقال : - ( اللهم مشبع الجائع ورافع الوضعة لاتجع فاطمة بنت محمد ).
- وفي الرواية ان عليا عليه السلام اصبح جائعاً فسألها (ع) ( هل عندك شيء تغذينيه؟
قالت : - ( *لا والذي أكرم ابي بالنبوة وأكرمك بالوصية ماأصبح الغداة عندي شيء وما كان شيء أُطعمناه منذ يومين إلا شيء كنت أؤثرك على نفسي .
فقال (ع) : - ( يافاطمة ألا اعلمتيني فأبغيكم شيئا )ً؟
قالت له : - ( ياأبا الحسن إني استحي من إلهي أن اكلف نفسك مالاتقدر عليه) .
إشارات ودلالات واضحة من الروايات على تحمل السيدة الزهراء الظروف الصعبة التي مر بها الإمام علي عليه السلام ،
وهذه هي واقع العلاقة الألهية السامية التي ترتفع عن العلاقة الدنيوية والقضايا المالية التي تمحي الأنس بين الزوجين .
المشاركة في الهموم العامة:-
هناك هموم أمة تحملها الإمام علي (ع) والسيدة الزهراء (ع) ، من مثل شأن الإمامة والدعوة الإسلامية وبصورة عامة كانا يشتركان في الدعوة والإصلاح الإجتماعي والنفقة على الفقراء والمساكين فهذه هموم كبرى اشتركا فيها النوران مما يدل على الانسجام التام بينهما
وخلاصة هذا الإنسجام التام هو ما عبر عنه أمير المؤمنين (ع) عندما سئل عن علاقته بالسيدة الزهراء (ع) قال : - ( *فوالله ما أغضبتهاولاأكرهتها على أمروماأغضبتني وماعصت لي أمرا حتى قبضها الله إليه
ولا أغضبتني ولا عصت لي أمرا و لقد كنت أنظر إليها فتنجلي عني الغموم والأحزان* ).والحمدلله رب العالمين
جديد الموقع
- 2024-12-26 نحو معارض للكتاب الخيري
- 2024-12-26 معادلة الانتصار الإلهي والقيم العليا
- 2024-12-26 أحياة هي أم ظروف حياتية؟
- 2024-12-26 د.نانسي أحمد أخصائية الجلدية :العلاج البيولوجي أحدث وأهم الخيارات في معالجة الصدفية
- 2024-12-26 "ريف السعودية" ونادي الشباب يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز المسؤولية المجتمعية
- 2024-12-26 تجهيز عربة عيادة أسنان في الأحساء
- 2024-12-26 4 مليارات لفرص المسؤولية الاجتماعية خلال 21 شهرًا
- 2024-12-26 نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء
- 2024-12-26 ما الكون إلا زمان .. إلاك
- 2024-12-25 قراءة في حياة الشاعر علي الحمراني