زيـــارة

( هاني الحجي )

رأيتني في يوم الحشر وقد أُخذت مع من سيُقادون إلى جهنم، كانت أنظارنا شاردة تبحث عن أهداب الأمل معلقةٌ في صدقة تطفئ لهيب النار ، أو دمعة انسكبت في عاشوراء تروي ظمأ الشوق ، أو حسنة مبعثرة في حياتنا ترفعنا في يوم الحشر ، كنا نُقاد إلى جهنم و الذاكرة تسترجع تاريخ ولائنا .

لم تكن هناك صلاة نتعلق بها ، ولا أعمال خير تتحول إلى زورق نعبر به ، لم تبق إلا سفينة تلوح أشرعتها من بعيد .. حب الحسين . كانوا ينادون : من زار الحسين منكم فليلتحق بسفينته ، فقد أرسلها في آخر محطة لإنقاذ من قطع الأميال والبحار و الجبال من أجل زيارته ،انكسرت نظراتي على الأرض ،لم أكن ممن زاروا الحسين ،طفت البلدان ، سافرت لبنان و إندونيسيا وتايلاند لكنني لم أفكر في زيارة الحسين .

بعد أن أخذت السفينة زوار أبي عبد الله كنت أتحرق ندماً وفي لحظة رأيت امرأة تخرج من السفينة وتصرخ : يا أبا عبد الله هذا الرجل كان وسيلتي إلى زيارتك فاجعله يركب معنا . أخذتني المرأة إلى السفينة والحيرة و السؤال يختلطان بالفرح : هل سأنجو أخيراً من جهنم .. ؟؟

عندما سألتها عن سبب اصطحابي قالت: كنت أجلس أمام مسجد شويخ أطلب الصدقات من المؤمنين و كنت أنت ممن يتصدق علي كل يوم ، في إحدى ليالي الجمعة ظللت أبكي بحرقة لأنني أريد زيارة أبي عبد الله الحسين ولم أكن أملك مبلغ الزيارة كنت أصيح بكل من يمر: أقرضني مبلغاُ لأزور الحسين ، لم تكن إلا صدقات عابرة ومررت كعادتك تجاوزتني و رجعت .

- هو: لحظتها شعرت بهزة ،فكرت لماذا لم أزر الإمام الحسين وهذه المرأة الفقيرة تتحرق شوقاً لزيارته ، عدت إليكِ .عندما دخلت وصليت مع الجماعة تحدث الخطيب عن مصيبة الإمام الحسين وفضل زيارته بكيت بشدة ، وأثناء بكائي رأيت فارساً موشحا بلباس أخضر وهالة من نور وهو يقول : إن كنت تحبني فلماذا لا تزورني ؟ أو تتكفل بزيارة من يحبني ، نذرت بعدها أن أتكفل بزيارتك ، خرجت من المسجد و أعطيتك مصاريف الزيارة .

- هي : زرت بحرارة الفاقد وتقبل الله ورسوله هذه الزيارة وبسببها نجوت أنا وأنت .