2017/10/30 | 0 | 3547
الأمانة و مسؤولية صيانتها
قال تعالى : - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ )
أهمية الأمانة : -
الأمانة من أهم المقدسات والقيم الأخلاقية التي دعى اليها ديننا الحنيف ، بل هي من القيم الإنسانية التي تدعوا اليها قيم الانسان مهما كان انتمائه ، ونحن نجد في القرآن الكريم الكثير من الايات التي أكدّت على هذه القيمة الأخلاقية ، بل و تؤكد على الربط بين الإيمان وقيمة الإمانة
- قال تعالى : - ( وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) إشارة الى أن أداء الامانة يعتبر من أهم القيم الإنسانية التي يتصف بها الإنسان المؤمن، فلايمكن ان يكتمل إيمان الفرد بدون أن تكون صفة الأمانة متأصلة في سلوكه و الإيمان بدون الأمانة يعتبر ناقصا مآخذ عليه شرعاً ومحاسب عليه أمام الله عز وجل.
مفهوم الأمانة : -
وللأمانة مفهموم عام و هو كل مايؤتمن به الإنسان ، فهناك امانة الفكر والعقيدة ، و أمانة السلوك وطاعة الله سبحانه وتعالى كما في قوله تعالى:- (( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا )) هذه أمانة الإيمان وطاعة الله عز وجل
وهناك أمانة الولاية للرسول الأعظم (ص) في قوله تعالى : - (( ياأيها الذين امنوا لاتخونوا الله والرسول ))
وهذه الاية لم تفصل بين أمانة طاعة الله وطاعة الرسول الأعظم حيث أن الخيانة هنا خيانة واحدة لا انفصال بين أمانة الرسول وأمانة الله فمن خان الرسول فقد خان الله عز وجل ،
وقد شملت الآية المفهوم العام للأمانة ( وتخونوا أماناتكم) فهناك أيضا أمانة المال وأمانة العرض وامانة العلاقة الزوجية هذه الخيانة هي نقيض الأمانة وأداؤها التي أؤتمن بها وعليها الزوج وكذلك الزوجة ،
وأمانة المجالس أيضاً عندما يكون هناك حديث خاص بين أفراد محددين بحيث يكون هذا الحديث سرا بينهم فإن كشف هذا السر يدخل ضمن خيانة الأمانة.
إذن نقول أن الأمانة متعددة في صورها ومجالاتها ، وإن كانت أمانة الاموال هي أول مايتبادر الى الذهن لكنها حقيقة تعتبر جزء وفرع من فروع الأمانات الكثيرة والعديدة المذكورة في الأحاديث والروايات
الأمانة مقياس لحقيقة الإيمان
وهناك إشارات كثيرة من الروايات الشريفة حول عدم الإغترار بالتدين الشكلي ، فلايقاس التزام المرء من خلال كثرة ركوعه وسجوده وإنما هناك موازين يقيّم بها الإنسان ومن أهم تلك الموازين الإيمانية هي أداء الإمانة
ــ قال الإمام الصادق(ع) : - ( لاتنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده فإن ذلك شيئا اعتاده فلو تركه استوحش لذلك ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء الأمانة)
العبادة الروحية ليست علامات كاملة للإيمان إنما المعاملة بالأمانة وتحمل مسووليتها بمختلف المجالات العملية والعلمية ،
كيف نحافظ على الأمانة :-
السعي الجاد للمحافظة عليها كما في العمل فلايجوز التقصير عن اداء العمل الذي وكّل به الإنسان ،لذلك نحن أشرنا سابقاً ان الاجازات التي يأخذها الموظف بدون سبب ومبرر بتقديم أوراق تحمل أعذارا كاذبة فهذه تعتبر خيانة للعمل تدخل ضمن قوله تعالى: - ( ياأيها الذين امنوا لاتخونوا الله والرسول...)
فلا يجوز للموظف أن يتوقف عن العمل لإجازة مرضية - على سبيل المثال- وهو غير مريض او يتهاون ويتأخر في أداء العمل أو يخرج في ساعات العمل مع وجود الحاجة له فهذا يدخل ضمن خيانة الأمانة في العمل .
أيضاً حفظ أموال الآخرين
في حال اذا اؤتمن عليها الفرد وقصر في حفظها وأصابها تلف او ضياع فهو المسؤول عن إرجاعها لصاحبها الذي أودع هذه الأموال عنده.
عدم جواز التصرف ومد اليد الى الأمانة : -
فقد يغري الشيطان الإنسان في التصرف بالأمانة أو سرقتها في حال عدم وجود إثبات قانوني ، كذلك قد يكلف الفرد بمهمة أو نشاط اجتماعي فيعطَى أموالاً لتمويل النشاط فلايجوز له الاقتراض من هذه الأموال حتى لو كان بنية إرجاعها اذا لم يعلم رضى أصحابها، وهذا يدخل ضمن خيانة الامانة
فعن النبي الأعظم (ص): - ( الأمانة تجلب الغنى و الخيانة تجلب الفقر)
فإذا كان التصرف بالأموال بدون علم أو رضى أصحابها فإن هذا جالب للفقر و سالب للإيمان أيضاً كما ذكر النبي الأعظم (ص) ( لاإيمان لمن لاأمانة له)
عدم التسويف في أداء الأمانة : -
وهو المماطلة في رد الأمانة فلايجوز التسويف والتأخير لأي سبب كان قال تعالى : - ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا )
- من وصية لقمان لإبنه( يابني أد الامانة تسلم لك دنياك وآخرتك ، وكن أميناً تكن غنيا) إشارة الى الربط بين الأمانة وبين التوفيق الألهي للغنى
- الإمام علي (ع) : - ( أدوا الأمانة ولو إلى قتلة الانبياء وأولادهم) وهذا يبين أهمية الإلتزام بقيمة الأمانة حتى مع الكافرين والمفسدين فكيف اذا كان صاحب الامانة إنساناً مومناً مسالماً
روي عن النبي الأعظم مخاطباً الإمام علي (ع) " ياأبا الحسن أد الأمانة الى البر والفاجر فيما قل وجل حتى في الخيط والمخيط "
كتمان السر : -
كشف الأسرار قد يؤدي إلى فتن ومشاكل بين الناس وخصومات فلابد من المحافظة على أسرار الناس التي تكون في مجالسهم الخاصة ، فكم من فتنة تحدث بين أشخاص وأُسر ومجتمعات بسبب إفشاء الاسرار
و قد روي عن النبي الأعظم (ص) " إنما المجالس بالأمانة"
فلاتجوز الفتنة بين الناس حتى لو كان من باب قول الصدق فإذا كان قول الصدق سيتسبب في الفتنة والنزاع بين الناس فلايجوز الصدق في هذه المواقع
- و روي عن الإمام علي (ع) " جُمع خير الدنيا والآخرة في كتمان السر"
-" ولاتذع سراً أودعته فإن الإذاعة خيانة"
النبي الأعظم(ص) يقول " ياأبا ذر المجالس بالأمانة وإفشاء سر أخيك خيانة"
ونختم بهذه الرواية في قوله تعالى : - ( ويقتلون النبيين بغير حق)
قال الإمام الصادق(ع) في الرواية عنه : - ( أما و الله ماقتلوهم بأسيافهم و لكن اذاعوا سرهم و أفشوا عليهم فقتلوا ) اشارة الى خطورة إفشاء السر و أهمية كتمانه بين الناس
والحمدلله رب العالمين
جديد الموقع
- 2024-12-26 نحو معارض للكتاب الخيري
- 2024-12-26 معادلة الانتصار الإلهي والقيم العليا
- 2024-12-26 أحياة هي أم ظروف حياتية؟
- 2024-12-26 د.نانسي أحمد أخصائية الجلدية :العلاج البيولوجي أحدث وأهم الخيارات في معالجة الصدفية
- 2024-12-26 "ريف السعودية" ونادي الشباب يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز المسؤولية المجتمعية
- 2024-12-26 تجهيز عربة عيادة أسنان في الأحساء
- 2024-12-26 4 مليارات لفرص المسؤولية الاجتماعية خلال 21 شهرًا
- 2024-12-26 نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء
- 2024-12-26 ما الكون إلا زمان .. إلاك
- 2024-12-25 قراءة في حياة الشاعر علي الحمراني