2018/01/07 | 0 | 3789
سماحة الشيخ محمد العباد :ماعال من اقتصد
الجزء الأول : -
عوامل معنوية في الإقتصاد الفردي و الأسري
- الإيمان والإعتقاد بإن الرزق الذي يأتي هو من عند الله عز وجل ، وأنه سبحانه وتعالى ضمن للإنسان رزقه في هذه الحياة الدنيا في قوله تعالى : - ( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)
قد تأتي سنوات من الرخاء لدرجة يحتار فيها الأنسان أين ينفق أمواله وسنوات عجاف ربما يحتار الإنسان من اين يكتسب ، وهذه حالات متداولة وطبيعية في الحياة ومن الأمور المسلّم بها ، ومن عاش قبل سنوات الطفرة وجد كيف كانت المعيشة عند الأسر في تلك السنوات ، فقد شهدنا أن القصاب يبيع الذبيحة الواحدة بقطع صغيرة تشتريها بعض الأسر وقد لا تجد الكثير من الأسر مبلغا لاشتري من تلك الذبيحة لأنه ليس كل سكان القرية يستطيع شراء هذه القطعة من اللحم ،
و الغني هو الذي يملك الدار والمزرعة وماأكثر الذين لايمتلكون الدار فضلاً عن المزرعة ، فعاشوا البساطة حتى ان بعض الاسر يلتحف الإثنان أو الثلاثة من الأبناء بلحاف واحد ،
ثم بعد ذلك جائت سنوات الطفرة كما عبر عنها المجتمع وكانت سنوات غير متوقعة ان تصل المعيشة بحيث كما وصف احد التجار انهم ينثرون المال نثراً في المنزل من كسب اليوم الواحد لكثرة الدخل آنذاك ،
فتغير الأمور و الأحوال المعيشية متداولة في المجتمعات البشرية وبالطبع متوقع أن تأتي سنوات على خلاف ماكنا نعيشها خلال تلك العقود الماضية الثلاثة ، فمن المهم أن يمتلك الإنسان عنصراً مهماً وهو عنصر التوكل على الله عز وجل والإعتماد عليه ،
- الفقر والغنى نسبيان ، فكما ذكرنا أن السابق من يمتلك بيتاً ومزرعة يعتبر من الأثرياء فاليوم قد يكون شخص يمتلك البيت والمزرعة لكنه يعاني الفقر بنسبة معينة ،
وقد لانصل الى الفقر الذي كان عليه آبائنا السابقون لكن مستوى المعيشة وقلة الموارد سينخفض من خلال الأوضاع المتغيرة الإقتصادية في العالم وليس فقط في وطن واحد .
الدور المعنوي : -
التقوى : - قال تعالى : - ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا *وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)
يحتاج الإنسان ان يمتلك عنصر التقوى ومعنى ذلك أن يجعل العمدة في إعتقاده وتوكله ليس فقط على مجرد جهوده وإنما على الله عز وجل ( فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ) الله عز وجل يقول وكلوا من رزقه تعالى وليس من رزق الإنسان فالله هو الذي يفتح أبواب الرزق ويهيئ الأسباب
- ومن كلام الإمام الحسن العسكري عليه السلام : - ( اعلم أن المدبر لك أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه فثق بخيرته في جميع أمورك يصلح حالك .. )، فقد يختار الله لنا الغنى والرفاه في وقت معين ، وقد يختار لنا وضعا اقتصادياً اقل من الرفاه و هذا بحسب مصلحة الإنسان وهنا يحتاج الإنسان الى عنصر التوكل على الله عز وجل
تَوكلْتُ في رِزْقي عَلَى اللَّهِ خَالقي
وأيقنتُ أنَّ اللهَ لا شكٌ رازقي
وما يكُ من رزقي فليسَ يفوتني
وَلَو كَانَ في قَاع البَحَارِ العَوامِق
ِسيأتي بهِ اللهُ العظيمُ بفضله
ِولو لم يكن مني اللسانُ بناطق
ِففي أي شيءٍ تذهبُ النفسُ حسرة ً
وَقَدْ قَسَمَ الرَّحْمَنُ رِزْقَ الْخَلاَئِقِ
فلماذا يعيش الإنسان حالة من اليأس والقنوط والتفكير وحمل الهم الكبير لاسيما اذا كانت هذه الأمور ليست بيده فلابد أن يعيش الأمل بالله عز وجل والثقة به عز وجل ،
- فقد تمر على الإنسان حالات إبتلاء ومنها الغنى والفقر ،
قال تعالى : - ( فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ )
فهذه المشكلة تنبئ عن ضعف الإيمان . فاذا وسع الله في رزقه قال أحبني الله وإذا ضاق رزقه قال لم يحبني الله ،
الله عزوجل يحب عبده في الفقر والغنى مادام العبد متمسكاً بالتقوى سواء كان غنياً أم فقيراً فالله عز وجل يحبه مادامت حياته كلها تسير في مسار طاعة الله عز وجل ،
وقد يُبتلى الإنسان في رزقه ليبحث عن ابواب الرزق وكسب المال الحلال ، ومهما كان الظرف والضيق المادي لايجوز للإنسان أن يبحث عن أي وسيلة لكسب المال حتى لو كانت غير مشروعة مع تقديم الإغراءات فيرتكب المحرمات من اجل المال من ضمنها تعاطي المخدرات فلايوجد شخص يتاجر بالمخدرات أو يتعاطاها ولن يكون هنيئاً في الحياة ولايعيش الرفاه الواقعي ،
في الرويات أن زوجة صحابي إذا خرج زوجها للكسب تقول له : ' ( إتق الله فينا ولاتطعمنا الحرام فإننا نصبر على الجوع ولانصبر على النار) "
فلا يُستغل الشاب عن طريق الإغراءات ليكسب من الحرام لاسمح الله
و من العوامل المعنوية المؤثرة في اللرزق
السخاء والبخل
فلهما دوران مهمان في رزق الإنسان في الزيادة أو النقص .
روي عن النبي الأعظم (ص) " مامن صباح إلا وقد وكل الله ملكين يناديان اللهم اجعل لكل ممسك تلفاً ولكل منفق خلفا"
فالإنسان في حالة الرخاء أو انخفاض المستوى المعيشي عليه أن ينفق حسب سعته وقدرته ، فلا يبخل الفرد في الإنفاق إذا ضاقت عليه المعيشة وفي هذا جانب معنوي مهم كبير لابد من الإلتفات اليه مهما تغيرت عليه الظروف المعيشية فإن السخاء مما يجلب الرزق للفرد والبخل يجلب الفقر
--قال تعالى : - ( وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ)
--وري عن النبي الأعظم(ص) " ماجعل الله أولياءه إلا على السخاء وحسن الخلق"
-- ( إن افضل الناس أيماناً ابسطهم كفا) وهذا من ثقة العبد بربه ورزق الله له بحيث يصل إلى درجة إيمانية عالية بالله عز وجل .
- عامل الإقطاعية في المجتمعات
، وغياب العدالة الإجتماعية في التوزيع مما يجعل أن ترى شخصا فاحشا في الغنى وشخصا يعيش الفقر المدقع
وروي عن الإمام علي (ع) ( ماجاع فقير إلا بما مُتع به غني)
فهناك غني غنى فاحشا لم يخرج حق الله ولم يستفيد من ماله الفقراء فينعكس ذلك على الفقير والغني لأنه سيبتلى بهذه الأموال التي لن تجد آثارها في المجتمع إلا اذا كانت متداولة ، فإذا كان هدف الأنسان فقط جمع الأموال يعني ذلك أن المال لم يُعط دوره في النماء الإقتصادي في المجتمع .
- عامل سوء إدارة المال والمعيشة
بالإسراف والتبذير وبذل الأموال في غير مكانها وعدم تفعيل الأموال في الإنتاج أو فتح مصادر أخرى للرزق فيكون استهلاكيا أكثر مما هو منتج
وقد جاء في الروايات الشريفة أن من مايعالج به الفقر هو حسن تدبير المال .
-- روي عن النبي الأعظم - ص - ( لاعقل كالتدبير)
-- (التدبير نصف المعيشة)
-- ( إن السرف يورث الفقر والقصد يورث الغنى)
-- روي عن الإمام علي (ع) " ضمنت لمن اقتصد أن لايفتقر"
فحسن التدبير له الأثر الإيجابي في غنى الفرد .
وهذا ما سنتاول بيانه في جمعة لا حقة
والحمدلله رب العالمين
جديد الموقع
- 2024-10-31 العمل الفردي ومعضلة الاستمرارية.
- 2024-10-31 دع الكتب تمضي
- 2024-10-31 يعيشون بيننا - الأستاذ المرحوم أحمد الحبابي
- 2024-10-31 تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد
- 2024-10-31 قراءة في ديوان الشاعر محمد الحرز ( مشّاؤون بأنفاس الغزلان) -تمثيل وتشخيص وترجمة سرديّة وأمثولات رمزية وتوغُل في صميم التجريب.
- 2024-10-31 جمعية أدباء بالاحساء تعقد جلسة أنسها الأدبية الثامنة
- 2024-10-31 الروضة بالاحساء ينظم برنامج كبارنا معلمو الحياة
- 2024-10-31 متلازمة القلب المنكسر؟ - ومسائل انفعالية أخرى
- 2024-10-30 الكتاب المسموع منافس أم مكمل؟
- 2024-10-30 مفارقة اللذة