2018/04/12 | 0 | 4455
الشيخ محمد العباد : الشهيد الصدر نابغة العصر
تصدير : -
قال الله تعالى : - (( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ))
مرّت علينا خلال الأيام الماضية ذكرى رحيل الشهيد محمد باقر الصدر قدس الله نفسه ، واخته السيدة العلوية بنت الهدى
ومن خلال هذه الذكرى نقف على نافذة من نوافذ شخصية الشهيد الصدر الذي قضى من الدنيا شهيداً في سبيل الله عز وجل عن عمر لا يتجاوز 48 عاما ، لكن عطائه كان كبيراً جداً يضاهي أضعاف عمره الشريف وذلك لما تمتع به من نبوغ فكري وعلمي قل نظيره بين اقرانه من الرجال والنساء.
ولد الشهيد الصدر عام 1353 من الهجرة واستشهد عام 1400 ،
نبوغه العقلي : - وقد برز نبوغه وذكائه من صغر سنه ويقول فيه أحد استاذته في المرحلة الإبتدائية : -
( كان - الشهيد الصدر - طفلاً يحمل أحلام الرجال ويتحلى بوقار الشيوخ ، ووجدت فيه نبوغاً عجيباً وذكاءً مفرطا ، وكل مايدرس في هذه المدرسة يعتبر دون مستواه العقلي والفكري ... إلى أن قال وكلما وقعت عيناه على كتاب قرأه وفقه مايحتويه في حين يعز فهمه على من أنهوا المرحلة الثانوية )
إلتحاقه بالحوزة : -
إلتحق الشهيد الصدر بالحوزة العلمية في سن العاشرة من العمر وقد كان هناك إتجاهان مخيّر بينها الشهيد من قبل عائلته بعد معرفتهم بنبوغه الفكري ،
فالبعض رجح له الإتجاه نحو التعليم الأكاديمي المعاصر ،وهناك كوالدته رحمها الله من يوجهه للدراسة للحوزه العلمية ، وكان الشهيد الصدر يميل نحو الدراسة الحوزوية بحيث أنه امتنع عن الطعام لأيام لم يأكل فيها إلا كسرات من الخبز ، فلاحظت عائلته منه ذلك وسألوه عن السبب فقال لهم إن الذي يستطيع أن يعيش على قطعة صغيرة من الخبز أياماً عديدة قادر على أن يستمر آخر عمره على هذا ، فأنا لاأخشى من الفقر ولاأخاف من الجوع - إشارة إلى رغبته بالدراسة الحوزوية - فالتحق بالحوزة العلمية وعمره آنذاك عشر سنوات ،
وبعد التحاقه بالحوزة في السنة الثانية كتب رسالة في المنطق الذي يعتبر من العلوم الفكرية المهمة جداً .
في سن الرابعة عشر من عمره حضر حلقات البحث الخارج وفي العادة يحتاج طالب العلم إلى سنوات عديدة من الدراسة ليستطيع الإلتحاق بحلقات البحث الخارج.
ألّف كتاب فدك في التاريخ وعمره 13 عام
ووصل الى مرحلة الإجتهاد في عمر الثامنة عشر
ووصل الى المرجعية في الأربعينات من عمره مما يدل على نبوغه في العلم والفكر
تواضع الشهيد الصدر : -
قد يُصاب الإنسان الذي يتميز بالنبوغ والذكاء والوصول لمرحلة متقدمة من العلم بالشعور بالعجب، والشعور بالعظمة في شخصيته وتضخيم الذات و بحيث يصل به الأمر إلى عدم النظر إلى الرأي المخالف له باحترام و يظهر منه انتقاد الآخرين أكثر من الطرح الموضوعي وهذه الصفة بشأنها أن تهز أرضية العالِم وتقلل من عطائه النافع و تضعف جانبه الروحي فإن العالم لايكون عالماً إلهياً إلا إذا تميز بالتواضع ،
وهذا الذي ميّز الشهيد الصدر وقد شهد على تواضعه كل من زاره وجالسه آنذاك فإنه على قدر نبوغه العلمي على قدر مايعرفه العارفون من تواضعه ، ، ويقول أحد تلامذته : - ( كان طعامه الطعام المتواضع حتى أن سأله أحدهم قال له أنت في مقام المرجعية وعندك أموال المسلمين وهذا طعامك؟ فكان يلفته الشهيد أن العيش البسيط كان ديدن الأنبياء والأئمة عليهم )
شمولية مدرسته الفكرية والعلمية :-
لم تكن مدرسة السيد الصدر تختص بعلم وتخصص وإتجاه واحد و منحصرة فقط في العلوم الحوزية ، بل كتب الشهيد في الإقتصاد ، والفلسفة ، وله كتاب يقال عنه في علم الإجتماع وله كتاب الأسس المنطقية للإستقراء ، فكانت مدرسته إستيعابيه لشتى العلوم والمعارف ومدرسة متعمقة في الفكر الآخر ،
- بمعنى آخر نقول إنه عادة إذا كان الإنسان مؤمنا بنظرية معينه فإنه يعمل جاهداً لإبطال الرأي الآخر والتأكيد على سلامة نظريته دون استيعاب للنظريات الأخرى وهذه من الأخطاء الكبيرة أن يناقش الإنسان نظرية لم يستوعبها ويفهم عمقها ، فيأتي على سبيل المثال شخص يناقش الإلحاد دون أن يعرف ماهو الإلحاد وماهي مرتكزاته وماهو منطلقه ، فيدخل في نقاش مع الملحدين وهو غير ملم بكل المرتكزات ثم يقع في مشكلة لإنه لايستطيع معالجة النظريات الموجهه له ،
والشهيد الصدر تعمق في الفلسفات الأخرى ، الرأسمالية. ،الشيوعية، الإشتراكية وغير ذلك ودرسها دراسة موضوعية وعالجها معالجة موضوعية ، فيطرح النظرية ويبينها ويبين أدلتها والقائلين بها ونتائجها ثم بعد ذلك يناقشها ،
فالموضوعية التي تميز بها الشهيد الصدر جعلت منه مرجعا عالميا ،
والمتعارف عليه في مذهبنا الشيعي أن المرجعية تعني المرجعية الدينية يرجعون إليها اتباع المذهب في اخذ الأحكام الشرعية ، لكن الشهيد الصدر تجاوز حدود المرجعية الدينية ليصبح مرجعية فكرية شمولية فتجاوز الحدود الجغرافية والمذهبية بحيث أن الكثير من أتباع المذاهب الأخرى يقفون موقف اجلال ً وإكبار لهذه الشخصية العظيمة في نبوغها وعلمها وعطائها،
أقوال في حق الشهيد الصدر : -
-- الدكتور شوقي الغنجري أستاذ الإقتصاد الإسلامي في القاهرة ومؤلف كتاب المذهب الإقتصادي أثناء زيارته للشهيد الصدر في النجف الاشرف قال : -
( إن كتبكم تعتبر آية في عمقها ودقتها العلمية ومحتواها الفكري فقد نالت إعجابي وإعجاب عدد من اصدقائي الأساتذه ) ،
-- الدكتور محمد النجيمي معاصر سعودي عضو مجمع الفقه يقول : -
( أنا اريد أن اتكلم بعداله مع الجميع ، ولو أن أحداً تكلم عن محمد باقر الصدر كلاماً غير منصف لقلت له إتق الله فإنه صاحب الكتاب العظيم إقتصادنا )
-- الكاتب راجي العوادي في موقع كتاب ، يقول : -
( محمد باقر الصدر أفضل من كينز في الإقتصاد وأروسطو في الفلسفه )
هذه الشهادات تؤكد على مرجعية الشهيد الصدر كمرجع عالمي وفكري إستيعابي لمجالات كثيرة من العلوم والمعارف التي يقال عن بعضها بإنها العلوم الإنسانية ،
هناك مقلدون للشهيد الصدر من دول مختلفه في عصره ورجع إليه الكثير من العراق وإيران وباكستان ودول الخليج وهذا مايميز المرجعية الدينية عندنا، فالمرجعية لاتحدها حدود جغرافية وإنما ترتكز على أسس وقواعد متى ماوجدت هذه الأسس في عالم من العلماء يمكن الرجوع إليه ومن هذه الأسس هو وصول الإنسان إلى درجة الإجتهاد و ايضا العدالة بأن لايكون العالم فاسقاً مرتكباً للمحرمات وأن يكون رجلاً إضافة إلى شرط الأعلمية على اختلاف في درجة اشتراطها فمتى ما أحرز المكلف أعلمية مرجع ما فلابد ان يرجع إليه في التقليد ،
وقفة مع الدعوة إلى المرجعية المحلية : -
ومن هذا المنبر أود التنويه حول بعض الدعوات التي نسمعها بين آونة وأخرى وهي الدعوة إلى المرجعية المحلية ،
نحن نتسائل ماهي أسس المرجعية الشرعية ؟
إن المرجعية الشرعية في المذهب الشيعي تعتمد على أسس دينية ليس لها علاقة بسياسة أو ظروف معينة ، وإنما تستند على شروط دينية فقهية معينة كما أشرنا إلى بعضها و لابد من توافرها في المرجع فمتى ماتوفرت هذه الشروط في مرجع في أي بقعة من العالم نحن نقلده ، قد يكون باكستانيا أو أفغانيا أو خليجيا أو عراقياً أو ايراني أوغير ذلك ،
لذلك نحن نرى في النجف الأشرف مراجعات من قوميات مختلفة ومتعدده. ،
الشيخ بشير النجفي باكستاني
الشيخ الفياض أفغاني السيد السيستاني إيراني السيد الحكيم عربي ،
في مذهبنا لايوجد مرجعية محلية أو قومية بل لابد من النظر إلى الأسس الشرعية التي تبنى عليها المرجعية ، ونحن نتمنى أن يخرج من منطقتنا عالم يشهد له الآخرون بالأعلمية على العلماء المعروفين في العالم ،
فنقول للأحبة الذين يدعون الى المرجعية المحلية لابد أن تسندوا هذه المرجعية على أسس شرعية ، فالمرجعية ليست زعامة قبلية ولاغير ذلك من الزعامات المحصورة في حدود جغرافية أو قومية ، بل انها مرجعية إسلامية كما هو شأن العلماء و رؤساء المذاهب و أئمة الحديث في المذاهب الأخرى وعلى سبيل المثال الإمام البخاري محدث يرجع إليه نسبة عالية من المسلمين العرب وهو ليس بعربي، والإمام مسلم وغيره من أئمة الحديث. ، ، فلماذا تخرج من عندنا دعوه للمرجعية المحلية !
والحمدلله رب العالمين
جديد الموقع
- 2024-12-26 نحو معارض للكتاب الخيري
- 2024-12-26 معادلة الانتصار الإلهي والقيم العليا
- 2024-12-26 أحياة هي أم ظروف حياتية؟
- 2024-12-26 د.نانسي أحمد أخصائية الجلدية :العلاج البيولوجي أحدث وأهم الخيارات في معالجة الصدفية
- 2024-12-26 "ريف السعودية" ونادي الشباب يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز المسؤولية المجتمعية
- 2024-12-26 تجهيز عربة عيادة أسنان في الأحساء
- 2024-12-26 4 مليارات لفرص المسؤولية الاجتماعية خلال 21 شهرًا
- 2024-12-26 نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء
- 2024-12-26 ما الكون إلا زمان .. إلاك
- 2024-12-25 قراءة في حياة الشاعر علي الحمراني