2013/05/10 | 0 | 2925
الجراد في الذاكرة الأحسائية
لكنّهم مع ذلك كانوا يقاومونها , و يتواءمون مع وجودها و ربما استفادوا منها .
لغز شعري :
قالت فتاة لأمهّا :
رأيت طوير البرّ يا أمّ فافهمي طويرّ صغير ضاع فيه تفهّمي .
له خافقي نسر و ساقي نعامة و جرأة مقدام و سطوة ضيغم .
كسته أفاعي الأرض بطنا و أنعمت عليه جياد الخيل بالرأس و الفم .
لقد استطاعت هذه الفتاة أن تصف جسد الجرادة و سلوكها من خلال تشبيهات منتزعة من بيئتها الصحراوية , فأمواج الجراد تنتقل عبر الصحاري , و لأنها تنتقل بالقفز و الطيران فإنها تشبّه بالطير , و لأنها تمتاز بالسطوة و القوة تشبه صفات الفرسان و الأسود , فقد انتزعت لها صفات قوية لحيوانات قوية , فجناحاها جناحي نسر و ساقاها في القوة و الرشاقة تشبه ساقي النعامة , و بطنها الأملس بشبه بطن الأفعى , و رأسها و فمها كرأس و فم الخيل .
-
مواسم الجراد :
عادة ما تهاجم الجراد مواسم الشتاء أو الربيع و بدايات الخريف , و تتوافق مع مواسم , و تتوافق مع بدايات النبات ( تأبير النخل ) و كذلك ( بين البرادين ) .
-
أطوار الجراد :
و الجرادة حشرة ثلاثية الأطوار , حيث تبيض الأنثى البيض في الأرض و يخرج منها ( الدّبا ) و هي طوره الأصغر و هو شديد الشراسة و يأكل الأخضر و اليابس و تكون أعداده بالملايين , ثم ينمو فيسميه الأهالي ب( الخيفان ) و هو أيضا شديد الفتك بالزروع , ثم يتحوّل إلى حشرة كاملة ( جرادة ) .
و المسمّيات الثلاث ( الدّبا ) و ( الخيفان ) و ( الجراد ) كّلّها كلمات عربية فصيحة .
و تسمّى الذكر ب(العصفور) و هو في العادة أصفر اللّون غالبا و أمّا الأنثى فتسمّى ( مكنه ) لتمكّنها من الفتك بالزروع , ولونها بني , أملح , و في ذيلها بيوضها التي يسميها الأهالي ب( المحاح ) .و يلتّذ الأهالي بالتهام تلك المحاح .
-
سلوك الأهالي تجاه الجراد :
يختلف الأهالي بحسب كميات الجراد القادمة , فإن كانت بكميات متوسطة , وصغيرة , كانوا يستبشرون بها , فكانوا حضرا و بداة , يخرجون لها ليلا البريات القريبة , ك(جبل الأربع ) قرب الطرف , أو( ويسه) أو( الدليجية ) و يكمنون , و يجهّزون خياشهم , فإذا جاء قبيل صلاة الفجر ,بدأوا بجمعه و هو دون حراك , لأنه يكون متأثرا بالبرد .و يرجعون محمّل مخياشهم مع إشراقة الصباح و الجراد يحركها حتى يغدوا ظهر حاملها ساخنا .
أمّا إن كان بكميات ضخمة , و بدأ باجتياح المزراع , فكانوا يقاومومنه بأساليبهم و البسيطة , حيث يخرجون عددا من التنك , و يقومون بقرعه بالمطارق , و عيدان الخشب , كي ينفر من مزارعهم , لكن تلك الطريقة , لا تعدّ ناجعة أبدا مع تلك الكميّات الضخمة , لكنها هذه كانت الوسيلة المتاحة في أيديهم .و لقدّ وثّق الشاعر (علي الكاظم) من أهالي الفريج الشمالي بالهفوف ,حال الأهالي و هم يجابهون الجراد بتلك الوسيلة البدائية أفضل وصف :
الخيفان ما سوّى فعل .
خلّى العالم تعتتشل
الله عسى عنّا يذل .
ما تمت إلنا ذرعان !
الله يذّلّ الخيفان .!
الخيفان من جانا و كثر
ما خلّى شمروخٍ خَضَر !
حتّى النّخل خُوصه حَسَر
والتّعب رايح مجّان .
الله يذلّ الخيفان .
و يلاه أوّ ويلي إشيفيد ؟
يومٍ إن وصل خذ ما يريد !
خلّى النّخل كلّه جِرِيد!
و احزن اقليبي الفرحان !!
اللّه يذلّ الخيفان !.
-
مع الحاج علي المرزوق :
( عندما كنت في الخامسة عشر من عمري , كنت أتشوّق للخروج لجمع الجراد في مواسمه , و كان والدي يمنعني من ذلك , خوفا عليّ لما يكتنفه الأمر من مخاطر , فأعديت العدّة بشكل سري و للخروج , فاشتريت تمرا من السوق , لم آخذ من تمر البيت , كي لا يشعر بي الوالد , و جهزت خيشتين , و خرق بللتها بالكيروسين , و حفظتها في علبة معدنية , لأن الأجواء كانت قبل ذلك ممطرة قبل ذلك , و أخشى ألا أجد صعوبة في إحراق بعض الأعشاب .
و في الصباح الباكر خرجت , و التقيت بالمجموعة , عند دروازة الخباز , و لمّا هممت بالخروج , قال أحدهم للعسكري , هذا ما عنده حمار , فأرجعني العسكري و منعني من الخروج .
و رجعت مغضبا منهم , و اتجهت لدروازة جنوبية ( دروازة ال زيد ) فخرجت منها , و لما جاء الظهر وصلت الدليجية , واسترحت و أكلت شيئا من التمر و واصلت المسير إلى (ويسه ) حيث التقيت بتلك المجموعة و كانوا وصلوا للجراد و كان كمية كبيرة جدا مخيفة , فتعجبوا من وصولي و دعوني للإنضمان إليهم
فلم أنضّم إليهم لغيظي منهم فبقيت أجمع نبات الرمث كي أشعله مساء , وجمعت كمية كبيرة منه , و كنت ألاحظهم , يقومون بنفس العمل , لكن ما أن جاء وقت إشعالها لاحظت أنهم مرتبكين و لا يقدرون على إشعال الحطب لرطوبته من أثر المطر .
وفي وقت قصير قمت بتسجير الحطب الذي جمعته بالخرق المبللّة و بالجاز , فتعجّب الجماعة , اقترب أحدهم مني و قال كيف اشعلت الحطب ؟
قلت : نفخت عليه و من غيظي أشتعل !!!
و ما أن توسط الليل , قمت بجمع كمية كبيرة من الجراد ,في خيشتين .
ثم لاحظت أن أحد الجماعة لم يتمكن من جمع شيء لتيبس يديه من البرد فجمعت له أيضا في خيشته و انصرفنا مع إشراق الشمس .و بدأت الجراد بالتحرك .
و في سنة أخرى قصدنا جبل أبو غنيمة , كان الجراد كثيرا , لاحظ أحد كبار السن , و أشار للجبل و قال لي أنظر هذا الذيب , و فعلا صار يعوي و كنا على حذر و و كان لدى مطراق , و الجماعة انشغلوا بمراقبة الذيب ,
و كنت بدأت جمع الجراد و كان الجوّ دافئا و كان صيد الجراد متعبا و هو نشيط , بسبب الدفء , و كانت الجماعة و تقول لي :
( ليمن يبول عليه النجم = مثل حساوي يعني حتى يبرد الجو, قبيل الفجر ) حتى يسهل اصطياده , لكن النجم لم يبل !! و ازداد الجوّ دفئا , بدأ الجراد بالطيران قبل الفجر و تعسّر الحال عليهم , و تركتهم و رجعت محملا بخياشي .
-
بيع الجراد :
كان الجراد يباع حيا , فيحضره بعض أهل البادية ,و كانت الخيشة غالية الثمن و قد تصل لريالين فضة , كما كان يباع أيضا مطبوخا مسلوقا بالماء و الملح , كان من يقوم ببيعه مسلوقا يحضر معه الميزان .فيزن و يبيع .
و كانت البلدية تأخذ على الباعة أجرة الأرضية , و كان مكان البيع السوق مقابل القيصرية .
و قد يؤكل الجراد مشويا , بشكّه في شوكة و يشوى على النار .
-
مخاطر في جمع الجراد :
تكتنف عملية جمع الجراد وع ما فيها من التشويق و المغامرة , بالنسبة للأهالي كانت تكتنفها الكثير من المخاطر , لأنها تكون في مناطق بريّة قاحلة .فقد يظلّ الطرق و يتعرض للتهلكة حينها , قد حدث ذلك لبعض الشباب من أهالي الفريج القبلي , فقد خرجوا في موسم الجراد و لم يرجعوا أبدا .
و من المخاطر وجود الحيوانات المفترسة , كالذئاب و الأفاعي و العقارب , و لأن جمع الجراد يكون عشوائيا و بالخياش ليلا , فقد يحمل معه الجامع الحيّات و العقارب , في خيشته , أو يتعرض للّدغات السامة وأثناء الجمع .
و في إحدى الحالات لاحظت سيدة منزل كانت جهّزت قدرا كبيرا لسلق الجراد وجود جربوع بريّ في القدر !!
الجراد في الأمثال :
و قد ورد ذكر الجراد و أطواره كثيرا في الأمثال الشعبية الأحسائية منها :
( كأنه – كأنها خيفانه ) أي أنه- أنها ضعيفة البنية , كثيرة الأكل و يقال عن المرأة أكثر .
( كأنهم الدّبا ) مثال عن الكثرة , لأن الدبا تكون كثيرة العدد .
( طلاّبه ما يستحي و أكّاله ما يشبع ) , هذا المثل يدّل على سلوك اجتماعي كان من المألوف أن من يحمل خيشة الجراد - وقد جمعها بنفسه - قد يطلب منه , شيئ من الجراد خاصة من النساء , و كان هذا الأمر غير معيب , بل المعيب ردّه , و كذلك لأنه أكلة غير مشبعة , فإنه لا يشبع حتى لو استكثر منه .
( ليمن يبول عليه النجم ) أشرنا له سابقا .
( كلّ مجرود مبروك ) يشير إلى ناحية اللطف الألهي بالأهالي حيث أنهم كانوا يلاحظون أنه في سنوات الجوائح التي تغزوا فيها الجراد الزروع و تخربها , كانوا يلمسون نوعا من اللطف الخفي , فتسع أرزاقهم بوسائل أخرى يباركها الله تعالى .
و مجرود يشير إلى الجراد ,
جديد الموقع
- 2024-05-02 تزامناً مع اليوم العالمي للصحافة و باستضافة نادي كيو بارك .المعلق الرياضي جعفر الصليح .16 عام أمام المايك في 6 قنوات و المعلق العربي و الأجنبي اضافة لمتعة الكرة السعودية
- 2024-05-02 أفراح العايش والفرحان تهانينا
- 2024-05-01 النقد الأدبي بين الفاعلية والمجاملات الرقمية والإعلامية.
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس المجلس المحلي للمحافظة
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس اجتماع اللجنة العليا لإنشاء المستشفى الجامعي التعليمي
- 2024-04-29 وعي القلم والأمل نص مستخلص من مجموعة (كلام العرافة) للدكتور حسن الشيخ
- 2024-04-29 ريم أول حكم سعودية لرياضة رفع الأثقال حازت على الشارة الدولية
- 2024-04-29 بيئة الأحساء تدشّن أسبوع البيئة 2024 تحت شعار "تعرف بيئتك"
- 2024-04-29 منتدى البريكس الدولي يكرم الفنان السعودي الضامن في غروزني الشيشان ..
- 2024-04-29 حققوا المركز الأول على مستوى المملكة كأعلى تسجيل للطلاب طلاب "تعليم الرياض" يفوزون بـ13 ميدالية في أولمبياد "أذكى"