وجد باحثون بقيادة جامعة جونز هوبكنز، ممن يعملون مع مجموعة المؤشرات الحيوية لضوابط كبار السن المعرضين لاحتمال الإصابة بالخرف (BIOCARD)، أن بعض العوامل لها علاقة بضمور الدماغ بشكل أسرع وانحدار سريع في قدرات التفكير الطبيعية إلى الضعف الإدراكي البسيط أو الخفيف (MCI) (1). ظهر على المصابين بمرض السكري من النوع 2 والذين لديهم مستويات منخفضة من بروتينات معينة في السائل الدماغي الشوكي (2) تغيرات دماغية سريعة وتطورت إلى ضعف إدراكي خفيف (1) بشكل أسرع من غير المصابين بالسكري 2.
الدراسات طويلة الأمد، التي تتتبعت تغيرات الدماغ على مدى سنوات عديدة، تعتبر نادرة، ولكنها ذات قيمة. تناولت الأبحاث السابقة في الغالب حالات متعلقة بزمن معين [بدون الاخذ في الاعتبار ما قبل تلك الفترة أو ما بعدها والمعبر عنها بـ snaphshot in time]، والتي لا يمكن أن تثبت كيف تغيَّر دماغ شخص على مر السنين. بمتابعة المشاركين لمدة وصلت إلى 27 عامًا (متوسط الفترة بلغ 20 عامًا)، تقدم هذه الدراسة أفكارًا جديدة حول كيف يمكن للحالات المرضية تسريع شيخوخة الدماغ (3).
في دراسة بعنوان "تسريع ضمور الدماغ (4) والانحدار من إدراك طبيعي إلى تدهور إدراكي خفيف"، نُشرت شبكة مجلة الجمعية الطبية الأمريكية المفتوحة (5) JAMA Network Open، استخدم الباحثون مجموعة BIOCARD لدراسة عوامل الاحتمال المرتبطة بتسارع ضمور الدماغ والانحدار من الإدراك الطبيعي إلى تدهور إدراكي خفيف. [عامل الاحتمال risk factor هو متغير متعلق بزيادة احتمال الإصابة بالمرض أو بالالتهاب. عوامل الاحتمال هي عوامل تلازمية وليست بالضرورة سببية، لأن التلازم لا يعني السببية (6)].
بدأ مشروع BIOCARD في المعاهد الوطنية للصحة في عام 1995 واستمر في جامعة جونز هوبكنز من عام 2015 إلى عام 2023. وقد فُحص ما مجموعه 185 مشاركًا، متوسط أعمارهم 55 عامًا في البداية وجميعهم طبيعيون من الناحية الإدراكيًة. وخضعوا لفحوصات الدماغ وفحوصات السائل الدماغي الشوكي على مدى 20 عامًا، لقياس التغيرات التي تطرأ على بنية الدماغ ومستويات البروتينات المقترنة بمرض الزهايمر.
بينت النتائج أن المعدلات المرتفعة لضمور المادة البيضاء وتضخم تجاويف الدماغ (وهي تجاويف ventricles مملوءة بالسوائل) كانت مؤشرًا هامًا على بداية التدهور الادراكيّ الخفيف في وقت سابق. على وجه التحديد، اقترن ضمور المادة البيضاء بزيادة احتمال الإصابة بتضخم التجاويف الدماغية بنسبة بلغت 86% مع ازدياد احتمال الإصابة بالتدهور الادراكيّ الخفيف بنسبة بلغت 71%.
تبين أن احتمال إصابة الذين لديهم مرض السكري بالتدهور الادراكي الخفيف ارتفعت بنسبة بلغت 41٪ في المتوسط مقارنة بغير المصابين بالسكري.
النسبة المنخفضة من ببتيد بيتا النشواني Aβ42 إلى ببتيد بيتا النشواني Aβ40 في السائل الدماغي الشوكيّ اقترنت بازدياد في احتمال الإصابة بالتدهور الادراكي الخفيف بلغت نسبته 48%. هذه النسبة هي بمثابة مؤشر حيوي على مرض الزهايمر، حيث وُجد أن اختلال التوازن بين هذين الشكلين من بروتينات بيتا النشواني (7) هو سبب تكوين لويحات شيخوخية (من ببتيد بيتا النشواني) (8) ضارة في الدماغ.
في حالة كان المشاركون مصابين بمرض السكري 2 وكانت لديهم نسبة ببتيد بيتا النشواني Aβ42 إلى ببتيد بيتا النشواني Aβ40 منخفضة، زاد احتمال اصابتهم بالتدهور الإدراكي الخفيف بنسبة بلغت 55%، مما يدل على أن هذين العاملين معًا يزيدان بشكل كبير من احتمالية التدهور الإدراكي.
تدعم هذه النتائج أهمية التشخيص المبكر لمن لديه ضمور دماغي متسارع وبعض المؤشرات الحيوية غير المواتية. بتشخيص متى يكون هناك احتمال عالي للتدهور الادراكي، يمكن تحسين استراتيجيات التدخل الوقائي لتأخير أو حتى منع الاصابة بالتدهور الادراكي الخفيف.
تعد الدراسات الطولية (9) مثل هذه الدراسة الحالية ضرورية لتعميق فهم كيف تتفاعل هذه العوامل ومدى تأثيرها في شيخوخة الدماغ.