2024/07/04 | 0 | 2289
في نادي ابن عساكر الأدبي جعفر عمران يتناول تجربته الفنية في كتابة اليوميات والتعامل مع الألم
أقام (نادي ابن عساكر الأدبي) بالأحساء أمسية للإعلامي والقاص جعفر عمران بعنوان "تمارين الكتابة" أدارها الصحفي عبد الله السلمان مساء الأربعاء 27 ذو الحجة 1445هـ الموافق 3 يوليو 2024م.
افتتح الفعالية نائب رئيس النادي الشاعر جاسم محمد عساكر، مرحبا بالحضور الكريم، ومعبرا عن سعادته بأن يكون مسك ختام فعاليات النادي لهذا العام 1445هـ هو هذه الفعالية المميزة بموضوعها المميز، وضيفيها المميزين، وذلك لندرة جمال ما يقدمانه من جهة، وندرة ظهورهما الإعلامي رغم انغماسهما في الإعلام من جهة أخرى. وذلك قبل أن يتلو نصا أدبيا رائعا اقتبسه من صفحة الضيف (جعفر) على الفيس بوك يتكلم فيه عن فعاليته المرتقبة في نادي ابن عساكر.
وتناول عمران تجربته في كتابة اليوميات التي بدأها في العام 1994م والتي ساهمت خلال ثلاثين عاماً على تطوير مهارته في الكتابة مما فتح الأفق أمامه لتجريب مختلف أشكال التعبير والأجناس الأدبية، مثل: القصة وكتابة السيناريو والمسرحية والمقالات، بالإضافة إلى كونه شاعراً، حيث بدأ في نشر قصائده النثرية منذ العام 1991م في (جريدة اليوم) ثم توقف عن النشر بعد أن أخذته الصحافة التي بدأها في العام 1993م.
وركز عمران في المحاضرة على الصراع النفسي الذي عاشه في داخله بين الشاعر وبين الصحفي، حيث الصحافة تستهلك الطاقة الإبداعية والكتابية، وتشترط إقامة العلاقة الاجتماعية كشرط أساس للصحفي الناجح، منوّهاً إلى أن كثير من الشعراء والأدباء ممن يعملون في الصحافة يتوقفون عن الكتابة الإبداعية بعد انخراطهم وغيابهم في دهاليز الصحافة التي تستنزف الطاقة الكتابية وتأكل الأخضر واليابس من الوقت، والتي تدعو الكاتب إلى الاستسلام -ربما رغماً عنه- أمام بريق النشر في الصحافة، والشهرة مقابل الضوء الخافت والتواجد المتواضع للأديب والشاعر والمبدع.
وقرأ عمران بعض اليوميات التي تكشف عن صراعه النفسي الذي عاشه في داخله بين الصحفي والشاعر، ملمحاً إلى أن كتابة اليوميات في الشهور الأولى تكون يومياً كتدريب على الكتابة والتعبير، ثم تتحول إلى عادة وجزء من مشاغل الكاتب، وفيما بعد ليست بالضرورة أن تكون يومية، ولكنها مع الوقت تكون من ضمن الواجبات الحياتية بجانب القراءة والتي هي من مغذيات الكاتب، وتغذي حالة الكتابة للتعرف على الأساليب الجديدة التي وصل إليها الكتّاب الآخرون.
كما تناول عمران تجربته في تأملات الألم وكيفية التخلص منه بالكتابة كشفاء، أو التخفيف من حدة الألم على الأقل من الجانب النفسي ومقاومته وعدم الاستسلام له، وقرأ بعض النصوص السردية حول تلك التجربة.
وحول سؤال عن أهمية الانطواء والعزلة للكاتب ودورها في الكتابة بشكل مختلف، أجاب عمران أن العزلة مهمة للكاتب ولكل شخص منتج حتى لو كان حرفياً يعمل بيده، بشرط أن تكون عزلة منتجة، أي الخروج من العزلة بإنتاج فني وإبداعي، لافتاً إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي أخذت تشوّه صورة العزلة من خلال المقالات أو الفيديوهات من دخول بعض أطباء النفس على الخط، والتحدث عن العزلة كحالة مرَضية، موّضحاً الفارق الكبير بين العزلة التي تؤدي إلى المرض النفسي، والعزلة التي يحتاجها المبدع للقراءة والكتابة والتأمل والحفاظ على الحالة الإبداعية، وعدم الاستسلام أو التنازل عن الحالة الإبداعية أمام الركض المتواصل خلف متطلبات الحياة، أو تطويع الإبداع من أجل إرضاء الجمهور.
وحول سؤال عن كيفية تطوير مهارة الكتابة، قال إن الكتابة الإبداعية الأولية في الأغلب ليست اختيارية ولا واعية، ويكون الوعي في المراحل التالية، وهي التعديل والحذف والإضافة وإعادة الصياغة، وهي المرحلة الأصعب أمام الكاتب، لأنها تحتاج إلى صرامة وشراسة للوصول إلى الشكل الفني للنص، لأن الكاتب ربما يرفض حذف الجمل التي كتبها في المرة الأولى، ويجد صعوبة في حذفها عند التعديل رغبة في إطالة حجم المقالة (على سبيل المثال) وقد تسبب هذه الإطالة ترهّل المقالة أو النص وبالتالي تضعف من جماليته الفنية، داعياً إلى الجدية في التعامل مع الكتابة، والتعامل معها كواجب يومي، أو وظيفة تستدعي الالتزام والرغبة في التطوير، مشيراً إلى أن بعض النصوص تكون عصية وصعبة ومتفلتة، تحتاج إلى زجر ونظام بلباس رسمي، وبعضها يحتاج إلى الرأفة والتسامح، لافتاً إلى ضرورة أن تكون بين الكاتب ونصوصه ومقالاته علاقة ودية ومستمرة وبمزاج ونفسية تماماً مثل التعامل مع البشر.
وفي ختام الأمسية كرّم رئيس النادي الكاتب علي عساكر الإعلامي جعفر عمران والصحفي عبد الله السلمان لمشاركتهما في فعاليات نادي ابن عساكر.
من دفتر اليوميات لجعفر عمران:
الخميس 4/6/1422هـ
يبدو أن العالم لا يأبه بأحد، عليك أن تقوم بنفسك، أن ترعاها، وألا تنتظر أحدا.
لا أشك أن هذا كلام قاس، فمن الصعب أن يعيش المرء بمفرده، ولكن الواقع يجبرنا على ذلك.
لا أعلم ما هو مصيري مع الصحافة، أحبها، أعشقها، ولكن في الوقت نفسه أتذمر منها كثيرا، ربما أتذمر من حالها السيء، وهو تذمر عام يأتي من كثير، فالصحافة لا تستطيع أن تلبي مطالب أحد.
وبتوقفي عن الجريدة الآن بعد تسع سنوات من الركض الصحفي أظن أنني سأنقذ الشاعر الذي فيني، ولكن يبدو أن الأوان قد فات وسلب مني الشاعر دون رجعة، فها أنا متوقف عن الجريدة منذ ثمانية أشهر، إلا أنني لم أرجع لتبييض نص كتبته، ولم أكتب نصا شعرياً جديداً، كتبت قصصاً جميلة، أنا راضٍ عنها، ولكن لا أكتب بشكل يومي، أو أسبوعي، لا شك أن الكتابة ليست وظيفة، والآن تطرى علي الصحافة، تعود لي مرة أخرى، وأتخذ مبررات في ذلك، كي لا أفقد لياقتي في الكتابة، فالصحافة مستقبل، والأمر لا يتعلق بالشعر أو الكتابة أو الصحافة، كنت أظن أن ابتعادي عن الصحافة هو انتصار للكتابة أو الشاعر في داخلي، ولكن المرء بحاجة إلى مديح أو ثناء كي يواصل، وهذا المديح أو الحوار يكون في بيئة حية، ويبدو أن الموت مخيم فينا، فلا أحد يناقش أو يقول، وزمن التضحيات ولّى، فإن كنتُ توقفت عن الصحافة لأجل الإبداع، فإن هذا الأمر لا يعني أحداً، أصارح نفسي بذلك، حتى لا أمضي وقتا كبير في الوهم.
جديد الموقع
- 2024-12-29 المرأة في الشعر الإسلامي الزهراء أنموذجًا
- 2024-12-28 افراح البقشي تهانينا
- 2024-12-28 القبلة بوصفها ملاذًا للذاتقراءة في ديوان «قبلة تسرق الحزن» للشاعر عبدالله العطية
- 2024-12-28 المخطوطات الأحسائية والعالمية والباحث في التاريخ
- 2024-12-28 أفضلية الورقي.. أسباب أخرى
- 2024-12-28 برامج جديدة متاحة لعلاج للمصابين بالتأتأة
- 2024-12-28 بقايا دخان السجائر الإلكترونية من المواد الكيميائية المترسبة على أسطح الأشياء قد تلحق ضررًا بالجهاز المناعي للأجنة
- 2024-12-26 نحو معارض للكتاب الخيري
- 2024-12-26 معادلة الانتصار الإلهي والقيم العليا
- 2024-12-26 أحياة هي أم ظروف حياتية؟