متوسط السن عند بدء الدورة الشهرية الأولى أخذ في التناقص بين فتيات الجيل الشاب في الولايات المتحدة، وخاصة بين أولئك اللاتي ينتمين إلى أقليات عرقية وإلي فئات محرومة من ذوي الوضع السسيواقتصادي(1) الأدنى، وفقا لدراسة جديدة أجراها باحثون في كلية تشان Chan للصحة،العامة التابعة لجامعة هارفرد. ووجدت الدراسة أيضًا أن متوسط الفترة الذي تستغرقها الدورة الشهرية حتى تكون دورة منتظمة(2) آخذة في الازدياد.
نشرت الدراسة في 29 مايو 2024 في شبكة مجلة الجمعية الطبية الأمريكية المفتوحة(3) JAMA Network Open. هذه هي أحدث ما نشر من دراسة أبل Apple لصحة المرأة(4)، وهي دراسة طولية للدورة الشهرية وحالات النساء المرضية وصحة المرأة بشكل عام التي أجرتها كلية تشان للعلوم الصحية التابعة لجامعة هارفارد بالتعاون مع المعهد الوطني للعلوم الصحية البيئية وشركة أبل Apple.
وقالت شروثي ماهالينجايا Shruthi Mahalingaiah، الباحث الرئيس المشارك والأستاذ المساعد في الصحة البيئية والصحة التناسلية وصحة المرأة في كلية تشان للصحة العامة: "قد تؤدي النتائج التي توصلنا إليها إلى فهم أفضل لصحة الدورة الشهرية طوال فترة الحياة وكيف يؤثر محيطنا الذي نعيش فيه في هذه الدورة الحساسة و المهمة جدًا".
على الرغم من أن الدراسات السابقة التي أثبتت أن هناك اتجاهات نحو انخفاض السن الذي تبدأ عنده الدورة الشهرية أول مرة على مدى العقود الخمسة الماضية، إلَّا أن البيانات حول ظهور هذه الاتجاهات ضمن المجموعات العرقية والحالات السسيواقتصادية المختلفة كانت محدودة. بالإضافة إلى ذلك، لدى قلة من الدراسات بيانات كافية لمعرفة أي اتجاه تكون عليه الفترة الزمنية قبل أن تنتظم الدورة الشهرية.
استخدم الباحثون مجموعة البيانات الكبيرة والمتنوعة لدراسة Apple لصحة المرأة والتي هي عبارة عن مشروع تعاوني بين كلية الصحة العامة في جامعة هارفرد والمعهد الوطني لعلوم الصحة البيئية وشركة Apple لسد هذه الثغرة البحثية. المشاركات اللاتي سجلن في الدراسة بين نوفمبر 2018 ومارس 2023 – واللاتي بلغ عددهن 71341 مشاركةً في المجموع – أفدن بالسن الذي بدأت فيه أول دورة شهرية عندهن، كما أفدن عن العرق الذي ينتسبن اليه وعن وضعهن السسيواقتصادي.
قسم الباحثون المشاركات إلى خمس فئات عمرية: مواليد 1950-1969، 1970-1979، 1980-1989، 1990-1999، و2000-2005. صنفوا سن أول دورة شهرية على أنها مبكرة إذا كان سن الفتاة أقل من 11 سنة، كما صنّفوها على أنها مبكرة جدًا إذا كان سن الفتاة أقل من 9 سنوات، وعلى أنها متأخرة إذا كان سن الفتاة 16 سنة فما فوق. أبلغت مجموعة فرعية من المشاركات (وعددها 61,932) عن الفترة الزمنية التي أخذتها دورتهن الشهرية حتى أصبحت دورة منتظمة. ومن هذه الحيثية تم تصنيفهن إلى خمس فئات: 1) الدورة الشهرية التي تأخذ عامين حتى تنتظم، 2) الدورة التي تأخذ بين ثلاث إلى أربع سنوات حتى تنتظم، 3) الدورة التي تأخذ فترة أطول من خمس سنوات حتى تنتظم ، 4) الدورة التي لا تنتظم أبدًا، 5) الدورة التي أصبحت منتظمة بعد استخدام هرمونات. مجموعة فرعية أخرى من المشاركات (عددها 9865) زودت الباحثين بمؤشر كتلة أجسامهن (BMI) حين بدأت لديهن الدورة الشهرية.
وجدت الدراسة أنه كلما كانت سنة الميلاد أقرب (أي المشاركات الأصغر سنا)، انخفض متوسط السن عند بدء الدورة الشهرية وزادت الفترة من بدء الدورة الشهرية إلى انتظامها. بين المشاركات المولودات في الفترة من 1950 إلى 1969 ميلادية، كان متوسط السن عند بدء الدورة الشهرية 12.5 سنة، ونسبة الفتيات اللاتي حدثت لهن أول دورة شهرية المصنفات ضمن الفئة الأولى والثانية (المبكرة والمبكرة جدًا) كانت 8.6% و 0.6% على التوالي. بين المشاركات المولودات في الفترة من 2000 إلى 2005 ميلادية كان متوسط سن أول دورة شهرية 11.9 سنة، ونسبة الفتيات اللاتي حدثت لهن أول دورة شهرية من الفئة المبكرة والمبكرة جدًا كانت 15.5% و 1.4% على التوالي. في كلتا المجموعتين، انخفضت نسبة اللاتي أصبحت دورتهن الشهرية منتظمة خلال عامين من بدء أول دورة شهرية من 76% إلى 56%. لاحظ الباحثون أن هذه الاتجاهات كانت موجودة بين جميع المجموعات الاجتماعية والديموغرافية ولكنها كانت أكثر وضوحًا بين اللاتي صُنفن على أنهن من العرق الأسود، أو من أصول إسبانية أو آسيوية، أو من أعراق متعددة، والاتي صنفن أنفسهن على أنهن ينتمين إلى وضع سسيواقتصادي منخفض.
أثبتت النتائج أن مؤشر كتلة الجسم في سن الدورة الشهرية يمكن أن يفسر جزءً من الاتجاه نحو الدورات الشهرية التي تبدأ مبكرًا - بمعنى آخر، السمنة لدى الأطفال(5)، وهي عامل احتمال للبلوغ المبكر ولذلك تعتبر السمنة وباءً متصاعدًا في الولايات المتحدة، ويمكن أن تكون السمنة عاملاً مساهماً في البدء المبكر للدورة الشهرية(6). وأما العوامل المحتملة الأخرى التي قد تفسر هذا الاتجاه تشمل النمط الغذائي والضغط النفسي(7)، وتجارب الطفولة السلبية [وهي أشكالًا مختلفة من الإساءة البدنية والعاطفية والإهمال والخلل الوظيفي المنزلي، الذي يعاني منه الأطفال(8)]، والعوامل البيئية(9) مثل التعرض إلى المواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء وتلوث الهواء(10).
وقال المؤلف الرئيس زيفان وانغ Zifan Wang، زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في قسم الصحة البيئية بكلية تشان للصحة العامة في جامعة هارفارد: "الاستمرار في دراسة الدورة الشهرية المبكرة والعوامل المؤثرة فيها يعتبران أمرين بالغي الأهمية". "الدورة الشهرية المبكرة تقترن بارتفاع في احتمالية حدوث مخرجات صحية ضارة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية(11) والسرطان(12). ولمعالجة هذه المخاوف الصحية - التي تفيد نتائجنا بأنها قد تبدأ في التأثير في عدد كبير من الفتيات من السكان المحرومين بالفعل [من الفقراء أو المنبوذين اجتماعيًا] تأثيرًا غير متناسب(13) بالمقارنة مع الفئات السكانية الأخرى الأفضل حالًا - نحتاج إلى الاستثمار أكثر في أبحاث صحة الدورة الشهرية.
لاحظ المؤلفون بعض القيود على الدراسة، بما في ذلك أنها اعتمدت بشكل كبير على تقارير ذاتية عن حالات سابقة أو عن الحالة بشكل عام.