وسط أجواء مفعمة بفيض من مشاعر المحبة والوفاء ، سعدنا كثيراً ليلة أمس الأول بمشاركة جمع كبير من وجوه المجتمع البارزين في حفل توقيع كتاب للأستاذ أحمد الأمير يتناول سيرة وعطاء أحد رجالات العلم والأدب وأحد الأعلام في فن التوثيق التاريخي ، ممن برعوا بشكل يدعو للفخر في ميدان الاستقصاءات البحثية للتاريخ وللجغرافيا أيضاً بعصامية فريدة ….. والعصامي ينال من المكانة في قلوب العارفين له مالا يناله العظامي ( والعظامي عكس العصامي ، لذا قالوا كن عصامياً ولا تكن عظامياً ).

إن ماقدمه المرحوم الشيخ جواد يمثل قيمة ثقافية واجتماعية وتاريخية وحضارية وتربوية ، ولطالما مرت فترة كنا نتمنى الجلوس معه والإستئناس بالحديث معه كوننا مقيمين وقتئذ خارج المحيط الجغرافي حتى وفقنا وحظينا بجلسة جمعتنا به في مجلس الأخ علي ( علي السلطان ) في بلدتنا المنصورة ، وكانت جلسة لها تاريخها الذي لايبلى ، ولاتزال تفاصيلها عالقة بالأذهان .

لقد أتاح الحفل لنا التعرف أكثر على المزيد من بعض جوانب شخصية الشيخ المشرقة ، بدءاً بالكلمة الإفتتاحية الضافية التي أضاء سراجها باقتدار وبمهارة فائقة الشيخ المبدع علي عساكر ، الذي ما أن اقترب من المنصة حتى أخذ يترنم بعبارات منتقاة ماشكل بها لوحة أدبية سمعية بصرية فائقة الإبداع وبالغة الروعة وجزْلة الديباجة ، وقد أحسن صنعاً من رشحه لهذه المهمة الهامة .

ثم أخذت فقرات الحفل تتوالى كينبوع متدفق حاملاً معه أعلاماً ترفرف بمشاركات جميلة استهلها المقرئ محمد الأمير بتلاوة عطرة مباركة من الذكر الحكيم ، تلاوة خاشعة عمّت بها نفحات إيمانية في أرجاء القاعة وخشعت لها القلوب وسادت السكينة في النفوس ،

ثم تقدم الدكتور محمد القريني الذي آلى على نفسه إلا أن يُسْكِب من نمير نفائسه في معين الحدث ، وإن كان ذلك يستلزم منه الاستعانة بأحد أو أن يتوكأ على عصاه وهذا مافعل ، وهذا لعمري لهو من أسمى معاني الوفاء الصادق .

وأطل على الجمهور الأستاذ محمد الجلواح الذي سبقته ابتسامته كالمعتاد ، وابتسامته أصبحت مترادفة مع إشراقاته ، وقد أبهر الجمهور بعزفه مقطوعَةً سيمفونية رائعة كعادته على قيثارة شعره وهو يتفاعل مع أدائه اللافت وكأنه يقود فريق أوركسترا على مسرح فاكهة الكلام كما يقال ، أي الشعر ،
وكانت قصيدته بعنوان " شيخ المؤرخين " .

ثم جاء دور الشيخ محمد الحرز الذي أثرى الجمهور بلباقة الأذكياء بتقديمه تعريفاً ولمحة عامة عن كتاب الأستاذ أحمد الأمير .

ومن بعده لاح نجم الأستاذ الصحيح الذي نثر من درره ما ملأ به مزهريات طافحة بشذى الشعر المتألق والنثر المتلألئ وكأنه أشار إلى الجمهور أن أنصتوا فإن لدي مشاركة بعنوان " جواد الرمضان …. الوصي على عرش التأريخ " ، وكان له ماأراد .

وقبل " لملمة " أوراق الختام ، كان للأستاذ حسين الرمضان كلمة قدم من خلالها باقات من الشكر والعرفان لكل من شارك مشاركة فعلية أو حضورية ( والرمضان وهو مثال يحتذى في بر الوالدين ، ونهديه عبارات التقدير والتبجيل على ذلك ،
والشكر والامتنان على حفاوة الاستقبال ،
ونهنئه على حسن التنظيم والإعداد الجيد للمناسبة ونجاحها ) .

وجدير بالذكر أن الأستاذ عساكر عندما عاد إلى الواجهة ليكمل إضاءة مصابيح تألقه تعمّد أن يفاجئ الحضور بخاتمة لطيفة خفيفة ظريفة طريفة وذات طابع مختلف أبهجت الحضور ،
ثم قام بمناولة المؤلف الأستاذ أحمد الأمير مفتاح مسك الختام ، الذي بدوره قدم كلمة تضيف إلى جمالية المناسبة بهدوء المبدعين ، فشكر جميع من وقف معه وسانده ودعمه بالرأي والفكرة والمشورة في مشروعه المتميز هذا ، خاصة وأنه يمثل باكورة أعماله الأدبية ، كما شكر الحضور ، وقد صفق له الجميع بمشاعرهم على هذا الإنجاز وعلى كلمته التي استطاع من خلالها مد جسور الألفة إلى كل من كان حاضراً في القاعة .

وكلمة حق حقيق لها أن تقال أن كل من شارك في الحفل أبلى بلاءً حسنا ، بمن فيهم من كانت مشاركته خارج سياق فقرات الحفل المتتابعة كالدكتور عبدالله البطيان رئيس نادي النورس الثقافي ، الذي كان واضح الحرص لإنجاح الحفل ولحركته الدؤوبة ودوره الفعال قبل وأثناء الحفل أثر ملموس في تحقيق أهداف الحفل كما كان مخططاً له .

وبقدر مانثمن جهودهم وجهود كل من أسهم في نجاح الحفل بقدر مانبارك لهم جميعاً هذا النجاح الذي أمتع الجميع ،

وللجميع أصدق التحايا