2020/04/03 | 0 | 2222
الشوق و الحنين في رسائل أحسائية
من أبلغ العبارات التي تختصر المشاعر التي يخلفها الاغتراب عن الوطن هو ( الغربة كربة ) , و أي كربة هي التي تجعل المرء يخرج عن وطن كالأحساء الواحة الغنّاء , و مياهها المتدفّقة في ذلك الزمن الوادع , و إذا تزاوج ذلك مع فراق الأهل و الأحبّة من آباء و أمهات و زوجات و أبناء و أصدقاء و فلك أن تتخيل وضع أولئك الآباء الذين كانوا يضربون في سبل الأرض ابتغاء للمعيشة الكريمة , و يكابدون المشاقّ و إليك عزيزي القارئ عزيزتي القارئة هذا النموذج لرسالتين كتبها أحد أولئك الآباء المكابدين لصديق و ابن .
بسم الله
3 رجب سنة 1356هـ
لجناب الأجلّ الأمجد الأعزّ الأرشد المكرّم موسى بن المرحوم الحاج محمّد بن محمد حسن بن موسى سلّمه الله أمّا بعد فسلام عليكم و رحمة الله و بركاته , شريف تحيّاته ,و جزيل هباته على الدّوام , و بعد جزيل السّلام هو السؤال عن كم و عن أحوالكم , لازلتم سالمين غانمين بحق محمد و آله الطاهرين , ثم نعرّفكم أنّا نحبّ أن نكون بيننا و بينكم المكاتبة و المذاكرة و لكن لم يكن سبيلا متصلا و إلا لم نزل مشتاقين لمذاكرتكم فالآن لمّا رأينا القاصدين حدانا الشّوق أن نتشرّف بهذه الحروف لجنابكم فيكون - إن شاء الله- تراجعنا بالسّلام و تعرّفونا عن أحوالكم ثمّ باللازم- إن شاء الله- تلزمون الولد ناصر يصلنا منه كتاب من عنده , لنستبشر به , لأنّكم تعلمون شفقتنا عليه و ودادنا له , و أن قصّر بنا الزّمان عن الوصل ثمّ إن الله أعلم أنّا لم نخرج من الوطن إلا اجتهاد الجهاد للشؤون اللازمة من قضاء الدّين و المعيشة للعيلولة , و التوفيق بيد الله و هو مقدّر المقادير , بحكمته و قد بشّر عباده في محكم كتابه إذ قال (( إن مع العسر يسرا إنّ مع العسر يسرا )) أمّأ الحال من طرف علي بن محمّد إبن عمّكم لا يكون في فكر و أنّي غافل عند لا و الذي نفسي بيده , بل إنّي مشفق عليه توفيرا على نفسي و لكن , الأمور تجري بمقادير الله فإن حصل منه الفسح حتى تجمّل الله فيه , إن شاء الله عن قريب والله القريب المجيب , و نحن إن شاء الله على ما يحبّ في كلّ طريق , كان و لم اعدّ إلا أعزّ أولادي و خاصّتي و أنت مكاني في ذلك , إن شاء الله ما يقصّر و قد عرّفت الإخوان في هذا الطلب , وهذا ما لزم و أنت سالم , و السّلام و سلّم لنا على أخيك حجي أحمد و عياله , و ابناءك طاهر و حسين و و عمّك حسين , و علي بن عمّك و علي بن محمّد , أخواته و أحمد آل علي و حسن بن موسى , كافّة الحمولة , و من هو لديك عزيز و ,ال بقشي و من لدينا الأولاد و كافّة الجماعة أطياب و يقرؤونكم السلام .
صحّ
محمد بن حسن السّميّن .
بسم الله .
3 رجب سنة 1356هجرية[1] .
من الوالد الشفيق المودّ الرفيق محمّد بن حسن السّمين إلى جناب الأجلّ الأمجد الأعزّ الأرشد الولد العزيز و من أرجوه لي ركنا حريز , ناصر بن محمد السّمين المحترم , سلّمه الله تعالى , و أبقاه و حماه من جميع المكاره , بحقّ محمّد على مولاه آمين آمين أمّا بعد سلام عليكم و رحمة الله و بركاته , و مغفرته و مرضاته و أزكى و أشرف تحياته و جزيل هباته على الدوام و بعد مزيد السلام السؤال عنكم و عن صحة أحوالكم التي هي عندنا غاية المرام و المراد ثم يا بنيّ اعلم أني من ساعة سفري منكم و انتزاحي عنكم , إلى حال التاريخ لم أبتلى بألم أوجع علّي من فراقكم حيث أني لمفتتن بك , و أن كنت مقصرا في حقكم و أسأل الله الملاقاة , و أن يعجّل بالاجتماع معكم , و الالتمام بكم إنّه قريب مجيب , فيكون بنيّ إن شاء الله تواصلنا بكتاب و تذاكرنا بخطاب لنتسلّى بالجواب لأنه نصف الملاقاة و لأنه لم تزل تتراءى لي في المنام فإذا استفقت لم أر شخصا و لم أسمع كلاما و هذا دأبي و السلام و سلّم لنا على أخوالك و ابنائهم و أعمامك و ابنائهم و أخوانك و أبناء أعمامك و ابنائهم و أهل بيتك و كافة الحمولة و الأصحاب و والدتك , ومن يعزّ عليك ومن لدينا أخوانك و كافة الجماعة يقرونكم السلام و حرر أعلاه .
الرسالة كتبت على ورقة شبه شفاف بقلم حبر رفيع و بخط غاية في الجمال و الدقّة , بخط النّسخ , و كاتبها هو الأديب المنشيء المرحوم الحاج محمد بن حسن بن علي ( الملقّب بالسميّن ) بن محمد آل علي بن عبدالله .
هذا الرجل لم يكن شخصيّة عابرة و لا مجرد صائغ محترف , بل كان من أرباب النباهة و الأدب و أثر عنه هذا الأمر و بإصطلاحنا اليوم هو من الطبقة المثقّفة .عاش جلّ حياته مغتربا في طلب الرزق , كان أغلب إقامته بين دبي و عمان .و رغم اغترابه كان يزور الأحساء كثيرا لكن زيارات متباعدة تفصلها بعض السنوات .
و قد تزوج المرحوم زواجات عديدة أثمرت أبناء و بنات بعضهم عاش و بعضهم توفي في حياته و آخرون توفوا بعده :
- تزوج من أسرة المحمد علي و أنجب ابنة واحدة ( فاطمة ) وتوفيت هذه الزوجة شابة .
- الثانية من أسرة آل الشيخ عبدالمحسن السليمان و أنجب منها :
- حسن ( بو عبدالهادي ) .
- حسين ( بو عباس) ) .
- مريم ( توفت شابة ) .
تزوج امرأتين من أسرة بو جبارة و لم يعقب منهما .
تزوج من آل الحمد المهنا و أعقب كل من : - عبدالله ( بو علي )
- ملا أحمد .
- علي ( بو عبدالحسين ) .
- بتلة .
- آمنة .
تزوج آمنة بنت محمد بن محمد حسن بن محمد بن الشيخ موسى آل علي بن عبدالله و أنجب منها : - ناصر ( توفي شابا يافعا ) .
- عبدالمحسن ( توفي رضيعا )
- عبدالحميد ( توفي طفلا )
- مريم (توفيت صغيرة )
- فاطمة ( زوجة المرحوم الخطيب الشيخ عبدالله بن حسين السميّن ) .
- ثم ّتزوج فاطمة الدوخي .
و هاتان الرسالتنان تنضحان أدبا جمّأ و عاطفة صادقة , حيث يعرض فيهما المرسل ما يعتلج في خاطره من أليم الفراق و حنينه إليهم , و المرحوم الحاج محمد بن حسن كان في تلك الفترة قد تخطى السبعينات و يحبو في الثمانينات و رغم وجود العديد من الأبناء و البنات فقد كان متعلقا بهذا الشاب اليافع و الذي كان يعقد عليه بعد الله آمالا عريضة لما أبداه من نباهة و صلاح منقطع فكما وصفه من عاصره , كان على حداثة سنّه حريصا على التفقّه و لزوم الصلاح و الاستقامة و العبادة و التهجّد , بل و التبليغ بالأحكام الشرعية لأترابه , بل كان يقصد مجالس تدريب[2] المخايطة الناشئين و هم في العادة أكبر منه سنّا ليباحثهم في هذا الشأن , و ليس غريبا عليه ذلك فقد نشأ في وسط متدين و في كنف خاله المرسل له ( الحاج موسى بن محمد بن محمد حسن الموسى ) و الذي رعاه رعاية خاصة لغياب والديه و قد كان هذا الرجل كما عرفه من عاصره شيبة كريمة , من حملة كتاب الله متفقّه في الأحكام الشرعية و كان يمارس قراءة المقتل من كتب المقاتل و الفخري و عمله الكثير في الصياغة و الطواشة و تنقلاته لم تذهله عن صلة أرحامه بل رعاية أيام أسره و كفالتهم [3] .
و قد نشأ هذا الشاب تحت ظلّه في مدينة الهفوف , وتظهر الرسالتان شّدة تعلّق الوالد بهذا الابن حتى أنّ كما ذكر لي قد هدّ ركنه و اعتلّت صحته بعد أن سمع بخبر وفاته المفاجئة[4] فتدحرجت و توفي بعدها بأشهر مريضا مغتربا .
الأشخاص المشار لهم في الرسالة :
- المرسل له : الحاج موسى بن محمد بن محمد حسن بن محمد بن الشيخ موسى آل علي بن عبدالله .
- والدته : لطيفة بنت عبدالله الناصر العبد الله
صائغ و طوّاش من مواليد الكويت , و تنّقٌل بين الكويت و الأحساء و مدن الخليج , توفي في الكويت عام 1961هـ و دفن في النجف الأشرف ,
- علي بن عمّك محمد : أشرنا له في موضوع سابق .
( أخيك حجي أحمد ) يقصد به الصائغ الحاج أحمد بن محمد بن محمد حسن الموسى 0 ت 1951م مخلفا 4 بنات.[5]
- أبنائك طاهر يقصد به المرحوم ملا طاهر بن موسى ( الخطيب الشهير , و المعلّم المعروف و الصائغ الماهر , و هو من مواليد الكويت رجع مع والده للأحساء حيث عمل صائغا , عرفته الأحساء خطيبا حسينيا متمكنا و معلّما للكتابة و القراءة و الحساب و استفاد منه الكثير من ابناء الهفوف[6] أمتاز بجودة الخطّ , ثم قفل راجعا للكويت مع والده حيث واصل لعمله في الصياغة و الخطابة الحسينية , توفي عام 1986م و دفن في الكويت قد ترجم له معجم الخطباء للسيد داخل السيد حسن , الأستاذ أحمد عبدالهادي المحمد صالح في كتابه ( أعلام الخطابة الحسينية في الأحساء )[7]
( حسين ) يقصد به : ملا حسين بن الحاج موسى بن محمد : عمل في خياطة البشوت في الأحساء و الكويت و كان يمارس الخطابة الحسينية على نطاق غير واسع , و توفي شابّا في حادث سير عام 1971م.
ملمح في الرسالة الأولى :
- أحيانا كانت حركة التجارة فتضعف بعض الأشهر فيتبعها توقّف لحركة الرسائل التي تصل عبر المسافرين من التجار .
- ( عمّك حسين ) يقصد به : الحاج حسين بن محمد حسن بن محمد بن الشيخ موسى الصائغ .
عمل في بداية حياته في الصياغة و خياطة البشوت ثم بيع الأقمشة و قد كفّ بصره في نهاية حياته و توفي عام مخلفا ولدين( عبدالعظيم وعبدالهادي ) و ابنه
علي ولد عمّك : الصائغ الحاجّ علي بن حسن بن محمّد حسن بن الشيخ موسى . بو حسن )
علي ولد محمد : سبق الكتابة عنه .
حسن بن موسى : ( يقصد به
حسن بن موسى بن علي و هو والد النسابة المرحوم موسى ولد حسن ) .
و كاّفة الحمولة : يقصد آل بن موسى و آل علي بن عبدالله .
و آل البقشي : و هم من اكثر الأسر مصاهرة معهم .
أشكر إفادات كلّ من :
الأستاذ عادل ملا حسين الموسى .
الحاج محمد ملا طاهر الموسى .
الخالة الكريمة / فاطمة الحاح محمد بن حسن السميّن .
الأخ الحاج ملا حسين بن الشيخ عبدالله بن حسين السميّن .
العم الحاج الصائغ / محمد بن أحمد العلي الموسى .
الوالد الشيخ حسن بن علي البقشي بو منير .
[1] يوافق تاريخ الرسالة الثلاثاء 7/9/1937م .
[2] أشار لذلك المرحوم الحاج عبدالله المسلم .
[3] يشير الوالد الشيخ حسن البقشي : أنّ مع تكاثر الأعباء الاجتماعية عليه و حرصه على رعاية هؤلاء اضطر لبيع بيت سكناه في فريج الرفعة في الهفوف و السكن بالإيجار وفاء لهذا المسؤولية التي ألزم نفسه بها و كان يتضامن فيها مع صاحب الرسالة في ذلك الأمر .
[4] يذكر الوالد الشيخ حسن البقشي أن هذا الشاب توفي في بيت والده و زوج خالته الحاج علي بن حسن البقشي ( بو عبدالهادي ) .
[5] هؤلاء هنّ بتلاء أم محمد علي البقشي و فاطمة أم علي الراضي بو حليقة , و أم محمد ملاطاهر الموسى , أسماء أم علي ملاحسين الموسى . و هن من زوجته الأولى فاطمة السميّن أما زوجته الثانية فاطمة الموسى فلم ينجب منها .
[6][6][6] يشير الوالد الشيخ حسن البقشي بو منير : ممن تعلم لديه أخي وقتها اخي عبدالهادي , أنا و باقر و جواد أبناء الحاج عبدالله الرمضان و الأستاذ عبدالله بو نهيّة , .
[7] الطبعة الأولى عن دار أطياف لعام 1439هـ .
جديد الموقع
- 2024-05-04 عميدة اسرة العليو بالاحساء في ذمة الله تعالى
- 2024-05-04 فريق طبي في مدينة الإمامين الكاظمين (عليهما السلام) الطبية يجري عملية تثبيت وتعديل الفقرات القطنية لمريض بعمر (56) عام
- 2024-05-03 مستشفى اليرموك التعليمي يجري عملية قسطارية طارئة لمريض يعاني من احتشاء العضلة القلبية
- 2024-05-03 مستشفى الأمام علي (عليه السلام) العام في بغداد يجري عملية تداخل قسطاري طارئ لمريض يبلغ من العمر 48 عام
- 2024-05-03 "بيئة الأحساء تنفذ يوم بيئي مع جماهير نادي الفتح الرياضي"
- 2024-05-03 النجف رصاصة طائشة تصيب زائر أثناء تأدية صلاة المغرب في الصحن الحيدري
- 2024-05-03 بعد عقم دام 7 سنوات أسرة ترزق بتوأم في مستشفى كمال السامرائي
- 2024-05-03 طوارئ مستشفى الحلة التعليمي في بابل تنقذ حياة طفل تعرض إلى صعقة كهربائية
- 2024-05-03 مستشفى بعقوبة التعليمي في ديالى ينجح بإجراء عملية تطويل عظم الساق لمريض يعاني من قصر الطرف السفلي
- 2024-05-03 بعملية منظارية طارئة فريق طبي في مركز كربلاء لأمراض وجراحة الجهاز الهضمي والكبد ينقذ حياة طفل ابتلع قطعة نقود معدنية