2019/10/19 | 0 | 2024
زيارة الامام الحسين (ع) ـ 3
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾().
لا زال الحديث حول قول الإمام الرضا (ع) لابن شبيب : «يا ابن شبيب إن سرّك أن تلقى الله عز وجل ولا ذنب عليك، فزُر الحسين (ع)»(). وبلغ بنا المقام إلى الحديث عن الذنب، والمصطلحات الواردة في القرآن الكريم بهذا الخصوص. وكل مصطلح من هذه المصطلحات يكشف لنا بعداً خاصاً، وهذه هي طريقة القرآن الكريم في التصرف في البيان وفق المطلوب، وهذا أحد أسرار كونه المعجزة الخالدة للإسلام حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
فكل بُعد من أبعاد المصطلح الذي ذكره القرآن الكريم بخصوص الذنب يكشف معنىً خاصاً. وأسلوب التنوع والاستعمالات المستخدمة في القرآن الكريم يقصد هدفاً معيناً، فليس التنوع واستخدام الألفاظ المتعددة لغواً، ولا تكراراً، ولا ترادفاً، ولا استعراضاً.
حوالي ثمانية عشر مصطلحاً استخدمها القرآن الكريم في معنى الذنب.
1 ـ المصطلح الأول : الذنب نفسه. فقد ورد هذا العنوان في القرآن الكريم، ومعناه في اللغة التابع، وحيث إن كل عمل مخالف للشريعة يتبعه نوع من الجزاء، إما دنيوياً أو أخروياً، أو كلاهما، لذلك سمي التابع ذنباً. قال تعالى : ﴿فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ﴾(). فعجل عاقبة الذنب في الدنيا.
2 ـ المصطلح الثاني : المعصية، وهي التمرد والخروج عن الأوامر الإلهية، وتعتبر تعدياً لحدود الله من الإنسان. قال تعالى : ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فيها وَلَهُ عَذابٌ مُهينٌ﴾().
3 ـ المصطلح الثالث : الإثم، ومعناه الخمول والعجز والحرمان من الأجر والثواب، وفيه دلالة على أن الآثم إنما هو شخص عاجز ومحروم ولا ينبغي له أن يتصور أنه إنسان فطن عندما يقدم على الإثم. فهو إنسان عاجز خامل.
قال تعالى : ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالمَيْسِرِ قُلْ فيهِما إِثْمٌ كَبيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما﴾().
4 ـ المصطلح الرابع : السيئة، وهي العمل القبيح والسيّئ الموجب للهوان والمذلة، وتقابلها الحسنة، ومعناها السعادة والفلاح. قال تعالى : ﴿وَالَّذينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها﴾().
5 ـ المصطلح الخامس : الجرم، وهو في الأصل اللغوي انفصال الثمرة عن الشجرة، وفي الاصطلاح يعني الجريمة، وتعني ابتعاد الإنسان وانفصاله عن الصراط السويّ وعن السعادة وعن الطبيعة الإنسانية. قال تعالى : ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُون﴾().
6 ـ المصطلح السادس : الحرام، ويعني المنع والحظر. وقد ورد هذا في أمور عديدة، فمن يلبس الإحرام للعمرة أو الحج يسمى مُحرِماً، أي أن هناك الكثير من الأمور المحظورة التي يجب عليه التزامها والامتناع عنها.
ومنه أيضاً الشهر الحرام، فهنالك أشهر حُرّم فيها القتل، وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب. أي منع فيها المسلم من الابتداء بقتال.
ومنه أيضاً المسجد الحرام، وهو المسجد الذي مُنع المشركون من دخوله، ومنع فيه الكثير من الأمور الأخرى.
ومنه أيضاً العمل السيّئ الذي يُقدم عليه الإنسان، فيقال: هذا العمل حرام، أو محرّم.
7 ـ المصطلح السابع : الخطيئة، وتعني الذنب غير المتعمد. وقد يقال هنا: كيف يسمى الذنب غير المتعمد ذنباً؟ وهل يصح المحاسبة عليه؟ الجواب: ليس الملاك في أنه يحاسب عليه أو لا يحاسب، إنما الملاك في نفس الفعل، فهو وإن لم يكن متعمداً لكنه في نفسه ذنب.
8 ـ المصطلح الثامن: الفسق، ومعناه الخروج، وهو في الاصطلاح خروج العبد عن الطريق الصحيح المرسوم له، وهو طريق الطاعة.
9 ـ المصطلح التاسع : الفساد، وهو ضد الصلاح والاعتدال والاستقامة، والنتيجة هي الضياع. قال تعالى : ﴿وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَساد﴾().
10 ـ المصطلح العاشر: الفجور، ومعناه الشق الواسع، فالفاجر يزيد عن الحد في شق الطريق المستقيم. فهو يفجر في الخصومة، أي يزيد عن الحد المتوقع والمعقول في الخلاف بين المتخاصمين.
11 ـ المصطلح الحادي عشر : المنكر، وهو الأمر غير المعروف، وضده المعروف. ويقال: أنكر هذا الأمر، أي عرفه ثم تظاهر بعدم معرفته. قال تعالى : ﴿وَتَأْتُونَ في ناديكُمُ الْمُنْكَر﴾().
12 ـ المصطلح الثاني عشر: الفاحشة، وهي الكلام والعمل القبيح الذي لا يشك في قبحه، أي أن المجتمع يجمع على قبحه. قال تعالى : ﴿وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمينَ﴾().
13 ـ المصطلح الثالث عشر: الخبط، وهو عدم التوازن في القيام والقعود. قال تعالى : ﴿الَّذينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسّ﴾().
14 ـ المصطلح الرابع عشر: الشرّ، وهو كل قبيح يرفضه الناس، وفي مقابله الخير. قال تعالى : ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرَّاً يَرَهْ﴾().
15 ـ المصطلح الخامس عشر: اللمم، وهو خطأ أخفّ من الذنب. أو أنه يطلق على القليل من الذنب. قال تعالى : ﴿الَّذينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ﴾().
16 ـ المصطلح السادس عشر: الوزر، وهو الثقل، ويستعمل كثيراً في حمل الذنب عن الآخرين. قال تعالى : ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ﴾().
17 ـ المصطلح السابع عشر: الحنث، وهو التمايل والانحراف نحو الباطل. قال تعالى : ﴿وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظيمِ﴾().
18 ـ المصطلح الثامن عشر: الحوب، وهو بمعنى الإثم والذنب أيضاً. قال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبيراً﴾(). وفي الدعاء الوارد عنهم (ع): «ربّ تقبل توبتي، واغسل حوبتي»().
هذه أبرز المصطلحات التي وردت في القرآن الكريم.
كما وردت مصطلحات أخرى في الروايات الشريفة، ومنها:
الجريرة: وسميت بذلك لأنها تجر العقوبة إلى الجاني. ورد عن أمير المؤمنين (ع) : «ندم القلب يمحص الذنب ويكفر الجريرة»(). وتقول العرب: في الجريرة تشترك العشيرة.
وكذلك الجناية، والزلة، والعثرة، والعيب.
ثم يقول الإمام الرضا (ع) في الرواية الآنفة الذكر: «يا ابن شبيب، إن سرّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي وآله (ص) فالعن قتلة الحسين»().
وعن داود الرقي قال : كنت عند أبي عبد الله (ع) إذا استسقى الماء فلما شربه رأيته قد استعبر واغرورقت عيناه بدموعه ثم قال لي: «يا داود، لعن الله قاتل الحسين (ع) وما من عبد شرب الماء فذكر الحسين (ع) وأهل بيته، ولعن قاتله، إلا كتب الله عز وجل له مائة ألف حسنة، وحطّ عنه مائة ألف سيئة، ورفع له مائة ألف درجة، وكأنما أعتق مائة ألف نسمة، وحشره الله عز وجل يوم القيامة ثلج الفؤاد»().
والمقطع الأخير من الرواية عن الإمام الرضا (ع): «يا ابن شبيب إن سرّك أن تكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين (ع) فقل متى ما ذكرته: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً. يا ابن شبيب إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا وعليك بولايتنا فلو أن رجلاً تولى حجراً لحشره الله معه يوم القيامة»().
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
جديد الموقع
- 2024-04-26 مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري يكرم بر حي الملك فهد
- 2024-04-26 فرع مركز الملك عبدالعزيز بالشرقية للتواصل الحضاري يكرم مركز بر الفيصلية .
- 2024-04-25 اترك أثراً إيجابياً.
- 2024-04-25 مؤسسة رضا الوقفية تكرم الفائزين في مسابقتها التصوير الفوتوغرافي - النسخة الثانية
- 2024-04-25 «خيوط المعازيب».. والذاكرة المنسية
- 2024-04-25 ناشط قرائي
- 2024-04-25 يحيى العبداللطيف و ( دكتوراه ) جديدة لسجل شرف ( الينابيع الهَجَريّة )
- 2024-04-25 13298 خريجًا وخريجة أمير الشرقية يرعى حفل تخرج الدفعة الـ 45 من خريجي جامعة الملك فيصل بالاحساء
- 2024-04-25 %150 زيادة الطاقة الاستيعابية لمطار الأحساء
- 2024-04-25 16 جمعية وقفية في المناطق والمحافظات