2018/11/28 | 0 | 1912
الشيخ حسين العباد : محاسن اللسان ( الصدق )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين. واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾. [طه: 25 ـ 28].
الحديث في هذه الجمعة عن محاسن اللسان، وقد كان حديثنا قبل فترة عن بعض محاسن اللسان، وذكرنا الشعر، وأوضحنا أن الشعر سلاح ذو حدين، فيه محاسن وفيه مساوئ، وأنهينا الكلام في المحاسن التي أثنى عليها أهل البيت (ع) وقبل ذلك رسول الله (ص) وذكرنا شواهد وأحاديث في ذلك وفي هذه الجمعة نتحدث عن الصدق .
ما هو الصدق :
الصدق هو الإخبار بما يطابق الواقع. وجميع محاسن اللسان تنطلق من هذه القاعدة، فإذا كان الإنسان صادقاً مع الله تعالى ومع نفسه والناس، تكون محاسنه كثيرة.
وليس الصدق من الأمور الصعبة، فعندما يعتاد الإنسان على الصدق منذ الصغر والطفولة، فسوف يسير على هذا النهج طيلة حياته. فالصدق ممارسة وليس نظرية، أي أن الإنسان عندما يتحلى بالصدق مع أهله ومحيط أسرته وجيرانه ومجتمعه فسوف تكون هناك ثمار تنعكس على الإنسان حتى يكون الصدق ملكة نفسانية سامية، وقوة إرادة، يستطيع بموجبها الإنسان أن يبرهن على حسن خلقه. فعندما يُمدح الإنسان ويثنى عليه فلا بد أن يراجع نفسه، ويسألها: هل هو صادق؟ إن كان صادقاً مع العناوين التي ذكرناها، مع أهله وعياله وأسرته ومجتمعه وجيرانه، فسوف يبرهن على حسن خلقه. أما إذا كان يمدح ويثنى عليه وهو ليس بصادق بينه وبين نفسه أو عياله أو مجتمعه، فبالتأكيد سوف يبرهن على سوء خلقه بالكذب، الذي تقدم الحديث عنه.
ثم إن الصدق يكشف عن الطهارة في ذات الإنسان، فالصادق يكشف من خلال سلوكه وحديثه عن طهارة ذاته. كما أنه يؤدي إلى حصول التقدير والاحترام للصادق من المجتمع، فيشار له بالبنان على أنه صادق ويثق به الجميع، فإن تقدم لخطبة امرأة كان محل ثقتها وثقة أهلها. وفي الحديث: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه». ]عوالي اللآلئ، ابن أبي جمهور الأحسائي3: 340[. وعلى رأس المواصفات في الخلق الحسن الصدق.
ومن أصناف الصدق وأنواعه أن لا يخالف اللسان القلب، ولا القلب اللسان. فمن أخبر بما لا يطابق الواقع، أي واقع كان، فهو كاذب. فالبعض يختلق الأحاديث أحياناً لكي يكون له وجود في مجلس ما. فالمعيار لديه في أن يشار له بالبنان في مجلس أن يتحدث بما لا يطابق الواقع. وهذا كذب مذموم في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة عن رسول الله (ص) وأهل البيت (ع).
يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا اتَّقُوْا اللهَ وَكُوْنُوْا مَعَ الصَّادِقِيْنَ﴾. [التوبة: 119]. صحيح أن المصداق الأكمل والأبرز للصادقين هم محمد وآل محمد، إلا أن لسان الآية عامّ، وينطبق على من دونهم من الصادقين. فالله تعالى يطلب منا أن نكون في حزب الصادقين، ابتداء من رأس الهرم محمد وآل محمد، وانتهاء بكل صادق. أي أن المؤمن لا يمكن أن يكون إلا في جهة الصادقين. أما الكاذب فهو مريض لا بد من علاجه وإصلاحه، فالمريض إن لم يعالج سيكون ضرره على نفسه والمجتمع كبيراً جداً. وقد ذكرنا فيما سبق الكثير من الآيات والأحاديث في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن جاءك أحد بخبر فلا بد لك أن تتأكد منه قبل ترتيب الأثر عليه. بل إذا كان الخبر مسيئاً لمؤمن، حتى لو حلف لك من جاءك به بأغلظ الأيمان فلا تصدقه، بل لو جاءك بشهود وأنكر المؤمن ذلك، حتى لو بلغوا خمسين قسامة بحسب الروايات الشريفة. ففي الحديث الشريف عنهم (ع) : «كذّب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قولاً فصدقه وكذبهم». (الكافي، الكليني8: 147). فالحياة في المجتمع لا تستقيم إذا ما أخذنا بالظنة والشبهة، ولا بد من إشاعة الثقة بين المؤمنين، وإلا ستكون الحياة جحيماً إذا ما استندنا للظنة والشبهة، وتركنا التثبت.
عن النبي الأكرم (ص): «أقربكم مني غداً في الموقف أصدقكم للحديث، وآداكم للأمانة، وأحسنكم خلقاً، وأقربكم من الناس». (تحف العقول، ابن شعبة الحراني: 46). فالمعيار الحقيقي طبقاً لهذا الحديث هو الصدق، وليس كثرة الصيام والصلاة ولا غيرها، لأن الصدق هو المنطلق الذي ترتكز عليه جميع تلك المظاهر العبادية، والثمرة المرجوة منها. فالمظاهر العبادية وسيلة للتربية والصدق ثمرة من ثمرات تلك التربية.
لقد كان رسول الله (ص) منذ أيام العصر الجاهلي يعرف بالصادق الأمين، وقد كانت هاتان الصفتان شبه معدومتين في العصر الجاهلي. فالإنسان وإن كان يولد على الفطرة في أي مجتمع، إلا أن أخلاق المجتمع تنعكس عليه وينطبع بها، لكن رسول الله (ص) لم يكن نسخة من ذلك المحيط الجاهلي.
فالمجتمع يمكن أن يربي الإنسان على الكذب، بل الأبوان والأسرة، إذ يطرق الباب طارقٌ أحياناً، فيقول الأب لابنه : قل للطارق إن أبي ليس في البيت، وهذا يعني أنه علمه الكذب بشكل غير مباشر، بمعنى أن الولد استساغ الكذب، وأصبح يرى أنه غير مستهجن.
فرسول الله (ص) كان يعرف بالصادق الأمين، حتى أنه عند قيامه بأمر النبوة أحرج القوم، لا سيما الكبار، حتى اضطروا للاعتراف بصدقه وأمانته.
وللصدق أنواع وضروب، منها الصدق في القول مع الناس والمجتمع، وهو أوضح مصاديقه ومعانيه. ومنها الصدق في الاعتقاد، بأن يكون صادقاً مع الله تعالى. ومنها الصدق في العمل، بأن يكون مخلصاً في عمله، إذ يكون عمله بوجود مدير العمل أو المسؤول أو بعدمه واحداً، وأن يكون مراقباً لنفسه في ذلك. وكذلك في العلاقة مع الله تعالى، فأنت تصلي لله تعالى، فإن كانت الصلاة رياءً كذبت على ربك، وهو لا تخفاه خافية، وهو المطلع على السرائر. فلا بد أن تكون النية سليمة عند الصلاة والصيام وقراءة القرآن والصدقة وغيرها. ومنها الوفاء، فهو نوع من أنواع الصدق، سواء كان الوفاء بالوعد أم العهد أم غيره.
عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: «لا تغتروا بصلاتهم ولا بصيامهم، فإن الرجل ربما لهج بالصلاة والصوم حتى لو تركه استوحش، ولكن اختبروهم عند صدق الحديث وأداء الأمانة». (الكافي، الكليني2: 104). فهذا هو العنوان الأبرز لدى المؤمن.
وهنالك الكثير من الأحاديث التي وردت عن النبي (ص) وأئمة أهل البيت (ع) ولكن لا يسع الوقت ذكرها.
هذا ما أحببنا أن ننبه إليه، وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
جديد الموقع
- 2024-05-04 بيت الشعر في الفجيرة ينعى الأمير بدر بن عبد المحسن
- 2024-05-04 الأمير سلطان بن سلمان : الأمير بدر بن عبدالمحسن ترك ارثاً لا يمكن أن يحمى مهما طال الزمن
- 2024-05-04 افراح الدويل و الغزال في احلى مساء بالاحساء
- 2024-05-04 عميدة اسرة العليو بالاحساء في ذمة الله تعالى
- 2024-05-04 فريق طبي في مدينة الإمامين الكاظمين (عليهما السلام) الطبية يجري عملية تثبيت وتعديل الفقرات القطنية لمريض بعمر (56) عام
- 2024-05-03 مستشفى اليرموك التعليمي يجري عملية قسطارية طارئة لمريض يعاني من احتشاء العضلة القلبية
- 2024-05-03 مستشفى الأمام علي (عليه السلام) العام في بغداد يجري عملية تداخل قسطاري طارئ لمريض يبلغ من العمر 48 عام
- 2024-05-03 "بيئة الأحساء تنفذ يوم بيئي مع جماهير نادي الفتح الرياضي"
- 2024-05-03 النجف رصاصة طائشة تصيب زائر أثناء تأدية صلاة المغرب في الصحن الحيدري
- 2024-05-03 بعد عقم دام 7 سنوات أسرة ترزق بتوأم في مستشفى كمال السامرائي