محاضرة الليلة الثانية من شهر محرم ١٤٤١ .الشيخ أمجد الأحمد (سبيل الأنبياء و منهاج الصلحاء ).

  يواصل الشيخ أمجد خطابه لليلة الثانية من عاشوراء الحسين عليه السلام في إبراز القيم الإنسانية التي انطلقت منها النهضة الحسينية و ها هو يعرض في ثلاث محاور قيمة انسانية سامية و فريضة دينية ثابتة وهي الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر التي هي ( سبيل الأنبياء و منهاج الصلحاء ) .

 انطلق في محاضرته من الآية الكريمة قال تعالى :" وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165)"

 قدم الأنبياء عليهم السلام التضحيات البالغة في سبيل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الإمام الحسين عليه السلام هو وارث الأنبياء فطريقه طريقهم و سبيله سبيلهم .

 وجاءت المحاور على النحو التالي

 المحور الاول / أهمية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .

 تكمن أهميته في :

  أنّها من فروع الدين العشرة بجانب الصلاة و الصوم و الحج و بعض العلماء يسميها ( الواجب المنسي ) لأن الكثير من الناس يغفل عن وجوبها .

 أنها السياج الذي يحفظ الفرائض و يصون القيم .

 " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ " بدون الأمر بالمعروف يتعرض الايمان بالله للعبث  ولو أديّت و أقيمت لاستقامت الفرائض و عمّرت الأرض و به ترد المظالم .

 و عدم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر يؤدي إلى ادمان المنكر و إنقلاب الموازين و انكسار الحاجز النفسي عند الناس تجاه المنكر . جاء عن الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله وسلم " كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟ قالوا: أو يكون  هذا يا رسول الله؟ قال: وشر من ذلك، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ قالوا: ويكون ذلك يا رسول الله؟ قال: وشر من ذلك كيف بكم إذا أصبح المعروف منكرا والمنكر معروفاً "

 ثم عرض الشيخ نموذجاً لذلك و هو الشذوذ الجنسي و كيف تدرج إلى أن أصبح لهم جمعيات و نوادي و غيرها حتى أصبح من يعارضهم هو المتخلف و هو الشاذ بنظر البعض .

 و أشار للكاتب الأنجليزي المستشرق مايكل كوك الذي ألّف كتاب " الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في الفكر الإسلامي " و يعتبر هذا الكتاب من أوسع الدراسات في هذه الفريضة الذي عرض فيه كيف تطورت و مدى تأثيرها على المسلمين .

 لعن الله أقواماً لأنهم تركوا هذه الفريضة . " لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ "

كما أن الله أهلك جماعة متدينين لأنهم لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر  كما جاء في قصة أصحاب السبت .

 و أشار الشيخ أنّه لابد أن يكون مع الصلاح عملية إصلاح فلا يكفي أن يكون الرجل صالحاً  .

 المحور الثاني / الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الحرية الشخصية .

1-  البعض يقول أن الامر بالمعروف و النهي عن المنكر يتعرض مع الحرية الشخصية للإنسان و الجواب على ذلك : الإسلام لا يوجد حرية مطلقة للإنسان فهو عبد الله وعليه تكاليف من المولى .

  2-  لا نتحدث عمن يمارس المنكر في بيته سرا الذي لا يجوز انتهاك خصوصيته والتجسس عليه وإنما الكلام عمن يعمل المنكر أمام الناس فمن حق الناس أن ينهوه لأنه يهدد الأمن الاخلاقي للمجتمع.

 3-   الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر من حق المنهي و المأمور و ليس حق الآمر و الناهي فقط وذلك من أجل المحافظة على سلامته وحياته الأخلاقية والروحية .

  4- المنكر مجاله واسع لا يقتصر على حالة معينة فردية بل يشمل المنكرات الاجتماعية الفقر و الطلاق و العنف الأُسَري ولهذا تعد هذه الفريضة قيمة حضارية سامية دعى لها الاسلام و حث عليها .

 المحور الثالث / كيف نأمر بالمعروف و ننهى عن المنكر

 ما يؤسف له أنّ البعض شوه هذه الفريضة و قدمها للناس بطريقة سلبية ممن يقوم بها ولا يلتزم بالاداب التي يجب مراعاتها في ذلك .

 الآداب و الشروط التي يجب مراعاتها في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر :

 1-   معرفة المعروف و معرفة المنكر .

 2- مراعاة الأولويات و الآداب .

  هنا تطرق الشيخ إلى وصايا المرجع سماحة آية الله السيد علي السيستاني حفظه الله التي أطلقها قبل موسم عاشوراء .

مراعاة وحدة المجتمع و انسجامه .

 الرحمة بالعصاة .

 النهي عن المنكر بالعمل المؤسساتي وليس الفردي فقط .

 ودعى الشيخ أمجد إلى الوقوف مع المؤسسات الخيرية و دعمها و خصوصاً في ظل هذه الظروف الإقتصادية الحالية و المشاركة في القضاء على المشاكل التي تهدد المجتمع .

 على من يخوض هذا السبيل أن يتدرع بالصبر "  يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ "

 وقدّم الأنبياء عليهم السلام الكثير من التضحيات لكن لم يقدم أحداً كما قدمه أبوالأحرار عليه السلام و أول تلك

التضحيات هي مفارقة وطن جده رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم .