قال رسول الله (ص): (إنَّ هذا الدِّينَ متينٌ فأوغِلْ فيه بِرِفْق)

▪️في هذا المساء يتجه بنا الحديث في وجهه جديدة ضمن سلسلتنا التحول في عالم البشرية إذ أننا نحاول استنتاج بعض القواعد التي توجب في حياة الإنسان التحول والانقلاب و التقهقر وغير ذلك مما يمكن أن يوصف به.

▪️ونستنتج بعض القواعد من أجل أن نحولها إلى دروس وإنذارات تعمل بشكل دقيق في حياتنا لئلا نقع فيما وقع فيه الغير، ولا بد أن نعرف بأن التحول يكون على مستويات -بغض النظر عن اتجاهه سواء كان تحولا يمينيا أو يساريا أو ديمقراطيا أو راديكاليا أوتحولا عن الدين وبأي مستوى من المستويات انفصاليا كان أو امتزاجيا؛ لأن بعض التحولات تجعل الإنسان ينفصل عن أصله انفصالا تاما بعض التحولات يبقى المسلم مسلما لكنه يمزج بين الإسلام وبين غيره، أو يبقى الشيعي شيعيا لكنه يمزج بين التشيع وغيره وهكذا. إذا ما سألنا عن خلفيته فسوف نجد أنفسنا أمام خلفيتين:

الخلفية الأولى/ الخلفية العلمية:
وهو أن يتحول الإنسان من وجهة إلى وجهة بمحض العلم، فليس لديه مشاكل وأموره النفسية مضبوطة، ولكن التعلم قاده إلى أن يختار بين منابع العلم.

▪️أبو الحسن الأشعري -على سبيل المثال- الذي أسس المذهب الأشعري، لم يكن أشعريا حين ولد، فقد كان مذهبه الاعتزال ولكنه تحول عن الاعتزال وأسس مذهبا مستقلا بعد أربعين سنة من خدمته للمذهب الاعتزالي. فهذا التحول ذو خلفية علمية في نظر البعض، وهناك من يسميه متذبذبا؛ لأنه في عهد من حياته كان سلفيا وفي عهد من حياته كان متكلما وفي عهد من حياته كان معتزليا، فالرجل متذبذب.

الخلفية الثانية/ الخلفية النفسية
هناك تحولات تعبر عن تفاعل نفسي ليس للعلم فيها أثرا؛ تحولات كبرى مكلفة لحياة الإنسان خلفيتها نفسية أو تفاعل نفسي، تكشف عن موقف الضعف النفسي.

▪️نعرض بعض الأمثلة لنستخلص دروسا منها؛ ولأننا نعيش في عصر أصبح التحول فيه بالمجان ويعرض هذا التحول على كل إنسان قسرا إلا الإنسان غير المنفتح.

▪️إن قراءة الشخصيات أو المدارس التي شهدت تحولا، أو الأسباب النفسية لتحولها، أو التعاطي مع المبررات النفسية ليس أمرا هينا. وعند قراءة المتحولين قراءة نفسية لابد من البحث عن المبرر.

التحليل والتبرير النفسي له منزلة وأهمية في حال من حالين:

▪️الحال الأول؛ أن يكون هذا المتحول قد كتب كتابا واعترف بنفسه اعترافا ذاتيا بعقده النفسية.

▪️الحال الثاني؛ أن تكون له آثار مثل كتابات أومواقف أوتسجيلات وما شابه، لم يتحدث فيها عن حالته النفسية لكنه عندما يتحدث يكرر كثيرا مشاكله النفسية ويكرر صدمات ولديه كلمات وعبارات يعيد معها الأزمات -ولوفي أرذل العمر- يستشف القارئ من خلالها أنه متأثر بأزمة عاشها في حياته
1-قواعد نفسية للتحول:
1-القاعدة الأولى/ عقدة الطفولة.
2- القاعدة ثانية/ الثقافة الدخيلة على الأدب وكيف أصبح الأدب آلة من آلات التحول.
3- القاعدة الثالثة/ امتزاج الأسباب كلها.

2-مفارقات بين متحولي الثقافة بالأمس واليوم.
1-القاعدة الأولى/عقدة الطفولة:
تخلق الطفولة عقدا عندما لا تخضع لرعاية، وهذه العقد أبسط نتائجها الانقلاب أو التحول.

▪️عبدالله القصيمي تحول من السلفية إلى الإلحاد وتحوله أحدث زلزالا في وقته. فجميع من قرأ له على اختلاف اتجاهاتهم وأديانهم اتفقوا على أن الأزمات التي عاشها في حياته أثرت عليه بشكل واضح، مثلا صالح المنجد يوعز تحوله إلى العقد التي عاشها، وجورج طرابيشي وهو مسيحي أيضا قيّمه تقييما نفسيا وكذلك حسين مروة يقول أنه: (خاضع في معظم أفكاره وتأملاته وخواطره إلى عدد من الضغوط النفسية والفكرية العنيفة ، التي يصح أن نجعلها كلها في حالة أو وحدة تؤلف ما نسميه بالأزمة ، إذا لم نسمها عقدة ).

▪️عاش هذا الرجل طفولة قاسية بعد فراق والده لوالدته، وصار يبحث عن والده في الإمارات وكانت أمه في المنطقة الغربية، فحتى عندما لحق بأبيه عانى القسوة وجعلت منه كالكرة المتدحرجة.

▪️هذا الرجل رد على الشيعة فصفق له السلفية وبالغوا في ذلك وقالوا: (قد دفع مهر الجنة )، وبدل أن يرد على الشيعة رد على الإسلام وارتد ارتدادا تاما.

▪️عقدة الطفولة واضحة في عبد الله القصيمي باعترافه بما كتب وبما ذكر وبما نُقل عنه.

▪️الشاعر العربي المعروف مهدي الجواهري شاعر لا يخفى على أحد. هذا الرجل كان معمما في النجف الأشرف تحول تحولا كاملا على مس…