2022/08/04 | 0 | 3725
الشيخ أمجد الأحمد :من يقـيّـدُ حريـتي؟!
المأتم: حسينية المطر (الأحساء ـ الفضول) الليلة الخامسة محرم 1444هـ
يقول تعالى: (لَآ إِكْرَاهَ فِى ٱلدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَىِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤْمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَا ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة 256.
مقدمـة
إنّ للحرية قيمة ومفهوم أصبح له حضور كبير بحيث ينظر له بأنه رمز لرقي الإنسان وكرامته. وعلى هذا الأساس أصبح تقيم المدارس والمجتمعات البشرية بقدر احترامها لحرية الإنسان تحترم.
تحدث الخطيب حول هذا الموضوع من عدة محاور أساسية:
الأول: الحرية في الإسلام
الثاني: هل الحرية مطلقة أم مقيدة؟
الثالث: من يقيد الحرية؟
الرابع: الجمع بين فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحرية الشخصية.
المحور الأول: الحرية في الإسلام
هل الحرية أصل في الإسلام أم لا؟ بهذا السؤال استهل الخطيب حديثه حول هذا المحور حيث أكد أن الحرية هي جوهر الإسلام وهو تكريما للإنسان فقد خٌلق الإنسان حراً ومختاراً صاحب إرادة وليس مجبراً فقد زوده بالعقل والإرادة والاختيار وبصّر الإنسان بطريقه، يقول تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) الإنسان 3.
كما أكد الخطيب على أن الله تعالى لم يجبر الإنسان على الإيمان به ولم يأذن لأنبيائه أن يكرهوا الناس على ذلك، وفي ذلك توجيه للنبي صلى الله عليه وآله من قبل الله تعالى في قوله: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) الغاشية ولو شاء الله الإيمان به بالإكراه لخلق الناس كلهم مؤمنين لقوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) يونس، وفي ذلك قوله تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف 29 وقوله تعالى: (لَآ إِكْرَاهَ فِى ٱلدِّينِ) البقرة 256.
وقد لفت الخطيب إلى أن هذه الآيات آنفة الذكر تدل على مبدأ الحرية التكوينية لدى الإنسان وليس إلى عدم وجود الإيمان ، فالإنسان مختار وليس مكرهاً لاتباع الدين كما أنه من باب تحصيل الثواب واستحقاق العقاب. كما أن الفكر والمعتقد لا يفرض بالقوة ولم يأذن الله لأنبيائه أن يفرض عليهم ذلك وإنما بالدليل والإقناع والبرهان.
وقد أشار الخطيب إلى لفتة تربوية مهمة بقوله إذا كان الله لم يأذن لأنبيائه أن يكرهوا الناس على اتباع أفكارهم ورسالتهم فمن باب أولى أن الله لا يقبل لغير الأنبياء أن يأتي غيرهم على أن يكره الآخر على اتباع عقيدته أو فكره بل حتى داخل الدين الواحد أو المذهب ، وأكد أن الحقد والتحريض والمعاملة بعنف ضد الآخر عند مخالفة قناعات شخص ما فإن هذا ليس من الدين.
كما أكد الخطيب بأن الإسلام جاء لتحرير الإنسان من كل عبودية زائفة تؤدي إلى إهانة الإنسان وتذله وتحوله إلى عبودية الله وفيها العزة والكرامة مستدلاً بقول أمير المؤمنين عليه السلام: (إلهـــي كفاني فخرا أن تكون لي ربا . وكفانـي عـــزا أن أكون لك عبدا . أنت لي كما أحب ، فاجعلني لك كما تحب).
وأوضح الخطيب بأن الإسلام ركز على الحرية الذاتية للإنسان وهو تحرير الإنسان من الشهوات والأهواء والرغبات كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: (لا تكن عبد غيرك، وقد جعلك الله حراً).
المحور الثاني: هل الحرية مطلقة أم مقيدة؟!
يسلّم الخطيب بأن الحرية هي مقيدة وليست مطلقة بل هي ضرورة بأن تكون مقيدة ، كما أنه لا يوجد من ينادي بإطلاق الحرية منها القوانين الوضعية هي كذلك تقيد الحرية لأن قيمة الحرية قد تتعارض مع قيم أخرى، كقيمة حفظ النفس فالقانون لا يقبل الحرية فيها كم في المخدرات وقتل النفس. كما أن قيمة الحرية قد تتعارض مع قيمة العدالة وحقوق الإنسان لذا يقال بأن تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الاخرين بإيذائهم والتعدي عليهم أو التعديل على نظام البلد كقطع إشارة المرور أو مخالفة لبس الكمام وغيره.
كما أن الفرق بين القوانين الوضعية والقوانين الإلهية هي أن الإنسان أو مجموعة من الناس قاموا بوضع هذه القوانين وهي متغيرة وأما القانون الإسلامي فهو من عند الله وهذا معناه التزام بالقيود الإسلامية طالما اختار الإنسان هذا القانون الإسلامي.
المحور الثالث: من يقيّد الحرية؟
تحدث الخطيب عن هذا المحور من خلال عدة نقاط:
1- إنّ منشأ تقييد الحرية في القانون الإسلامي هو الله وهو أولى بالإلتزام لأنه خالق الإنسان وهو أعلم ما يصلحه وما يضره بعكس قوانين البشر فالخطأ موجود لعدم ملائمته للإنسان يقول تعالى: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الملك 14.
2- أنّ تشريع الله سبحانه هو من أجل صلاح الإنسان وكرامته وقيمه وليس لمصلحة الله وأما تشريعات الإنسان فهي من أجل مصلحته حتى لو كانت مخالفة للقيم يقول تعالى: (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ئ( الإسراء 7.
المحور الرابع: كيف يمكن الجمع بين الأمر والنهي عن المنكر ومع الحرية الشخصية؟
وضح الخطيب كيفية الجمع خلال عدة نقاط:
1- إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم فرائض الدين فعن الإمام الباقر عليه السلام: (إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء، ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحل المكاسب، وترد المظالم، وتعمر الأرض، وينتصف من الأعداء، ويستقيم الأمر).
2- طالما التزم الإنسان بالمنظمة الإسلامية فمن الواجب القيام بتذكيره بما ألزم الإنسان نفسه باتباع هذا القانون الإسلامي وليس هذا معناه التدخل في خصوصياته.
3- إن الحديث الموجه بخصوص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو ممارسة المنكر بشكل علناً لأنه يسيء إلى قيم المجتمع والأجواء الإيمانية بالمجتمع كشرب الخمر علانية فإن هذا يؤذي ويؤثر على الآخرين.
4- إن من حقوق الأخوة هو المحبة الصادقة للآخرين والتناصح فيما بينهم ومن هذا الباب يتم ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدليل قوله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) التوبة 71. وقوله تعالى: (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) العصر 3.
5- إن فريضة الأمر بالمعروف ونشر الفضائل والنهي عن المنكر هي فريضة عامة كمحاربة الفقر لأنه يدعو للرذيلة ومحاربة العنف والإرهاب لأنه يهدد أمن الناس ومحاربة السرقة لأن فيه اعتداء على الناس وهذه مسؤولية الجميع كما قام بها الأنبياء والأئمة عليهم السلام.
جديد الموقع
- 2024-12-22 احنا جيرانه (ص) أهداها الله كفوفه (1)
- 2024-12-22 يا يوم لغتي .. أينك أم أيني عنك
- 2024-12-22 ألم الرفض الاجتماعي
- 2024-12-22 نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته أبكر مما تظن
- 2024-12-22 الكتاب السادس عشر لـ عدنان أحمد الحاجي (تطور اللغة واضطراباتها وعسر القراءة عند الأطفال)
- 2024-12-22 تأثيرات لغوية للقراءة الرقمية
- 2024-12-22 الزهراء (ع) .. المجاهدة الشهيدة
- 2024-12-22 نحو كتب في الشوارع
- 2024-12-22 بين فيزيائية الكتب وكيميائية الكلمات
- 2024-12-22 من أجل القراء المترددين