2022/08/03 | 0 | 3674
(التحول في عالم البشريه ( التحولات العنيفه في عصر المعلوماتيه)
سماحة الشيخ عبد الجليل البن سعد محاضرة الليلة الثالثة - فريق صدى المنبر -لخيص حكيمة آل حماد
قال تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ}
يأتي الحديث عن المعلوماتية والتحولات التي تتولد عنها ضمن ثلاث نقاط:
أ-ماهي المعلوماتية.
ب- اذا كانت المعلوماتية بهذه الخطورة على الأمن الروحي والفكري للإنسان فهل هناك من المبدعين من ساهم في تخليص أخيه الإنسان من هذا الخطر؟
ج-تغذية راجعة عما تتحدث فيه هذه الشخصية لنتعاون معه في تكامل الصورة التي يحتاجها شبابنا اليوم.
- التساؤل عن مفهوم المعلوماتية:
هذا تساؤل صلب وحقيقي لأن المعلوماتية واسعة ونحن أمام ثلاثة مفاهيم للمعلوماتية:
1-هنالك المعلوماتية التقنية وتسمى هندسة المعلومات ولا علاقة لنا بهذا المفهوم؛ لأنها تتحدث عن خوارزميات ونظم من خلالها تحدث هذه الأجهزة والبرمجيات للمعلومات وهذا معنى تقني.
2-أصبحت المعلوماتية كلمة رديفة للفضاء الافتراضي وتشير إلى المعلوماتية الرقمية والحقيقة وهذا المعنى مهم وحساس وفاعل في حياة الشباب.
3- نركز في هذه المحاضرة عند مفهوم المعلوماتية التي تحدث نزعة لاواعية عند الإنسان لبناء الأفكار والقناعات.
—————————————
ب-كيف تكون المعلومات سببا في تحولات انحرافيه وانتكاسات أخلاقية عقائدية عند الإنسان؟
هذه حقيقة ولا يمكن تجاهلها، ومحاولةً للوصول السريع لهذه لفكرة نلجأ بهذه الورقة إلى شخصية عربية إسلامية انخرطت في سلك الإلحاد والمادية بناء على المعلوماتية التي استقبلتها ثم انتبهت بعد خمس وعشرين سنة، وعندما انتبهت للخسارة الروحية الكبيرة التي نتجت عن المعلوماتية الخطيرة التي اختطفتها واختطفت عقلها ووعيها ووجدانها- ولأنه مفكر -آلى على نفسه إلا أن ينتقم من المادية فأبدع نظرية للانتقام منها؛ إنه الدكتور عبد الوهاب المسيري.
هذا المتحول طرح نظرية للانتقام من المادية ولقطع الطريق عليها أمام الشباب وعرقلة حركتها في اختطاف العقول والقلوب، وكتب كتابا قيما جدا وهو (رحلتي الفكرية) لم يشهد العالم العربي والإسلامي كتابا يتحدث عن رحلة إيمانية بحجم ودقة هذا الكتاب.
طرح الدكتور عبد الوهاب في كتابه هذا النظرية المعلوماتية الموضوعية.
وهي أن المعلومات تضع العقل أمام موضوعيتين؛ معلومات تجعل العقل فوتوغرافيا (مجرد كاميرا) يحاول أن يحيط بالواقع كله وأن ينقل تفاصيل الواقع كلها وبحذافيرها وكأنه غير قادر على الحذف والاختيار.
فهو يرى أن المعلوماتية من مشاكلها أنها قد تحول العقل إلى عدسة فوتوغرافية يعب المعلومات عبا لكنه لا يستطيع أن يربط أو يجرد بين أجزاء المعلومات أبدا.
وتناول مثالا لذلك:
إن محققينِ دخلا غرفةً حدثت فيها جريمة أحدهما قام بعملية الرصد و التسجيل (لون السقف ، لون السيراميك- ارتفاع الحائط....)
أما الآخر فدوّن المعلومات التالية:( جثة القتيل -مسدس – محفظة فارغة......
واستخلص منها أن هناك جريمة قتل اُستخدم فيها مسدس بهدف السرقة.
المحقق الأول وقف على معلومات فهو فوتوغرافي؛ فالعقل -حسب هذا النموذج- سلبي بسيط مثل الكاميرا يحيط بالواقع لكنه غير قادر على الحذف والاختيار، أما الثاني فلديه مهارة الربط والتجريد.
والنتيجة الأولية التي استخلصها المسيري من هذا العرض أن 90% من عقلية الشبيبة الإسلامية أمام المادية هي عقلية فوتوغرافية انخدعت بالمعلومات وقيدتها وخدرتها فصاروا يعبون المعلومات عبا ولكن من دون ربط ولا تجريد.
العالم الفيزيائي اينشتاين وغيره من العلماء استدلوا على الله بهذه المادة؛ لأنهم حينما نظروا إلى هذه المعلومات لم ينظروا اليها بصورة فوتوغرافية بل قاموا بعملية الربط والتجريد.
———————————
ج- تغذية راجعة:
يرى الدكتور عبد الوهاب أن الموضوعية الفوتوغرافية يقابلها الموضوعية الاجتهادية وهي الربط والتجريد حتى تصل إلى حقيقة الشيء وما وراءه.
ويضرب على ذلك مثالا:
أن هناك مجنون يخرج الى السوق ويهتف :( أنا فلان بن فلان خطبت ابنة السلطان )ويٌقابل بالسخرية فيرد على استهزائهم:(فأنا موافق على هذا الزواج ، كما وافق كل من أبي وأمي عليه ولم يبق سوى موافقة ابنة السلطان وأبيها وأمها) هذا المجنون لم يكذب فهو وأبوه وأهله يمثلون 50% من العناصر الموضوعية لكن هذه الحقيقة يهدمها الحقيقة الأخرى فلا قيمة لها أمام النصف الثاني .
وكتغذية راجعة لهذه النظرية نقول للمسيري: (لا شك أنك أحرزت نظرية مهمة وواضحة ويمكن أن تدفع الشاب ليضع حداً للمادية ولا يسمح لنفسه أن يفتح سمعه وعينه على المادية إلا ببصيرة، ولكنك لم تأتِ على أقسام الموضوعية الاجتماعية، وأقسامها مهمة في منظومة التحول.
والتعرف على أقسام هذه الموضوعية الاجتماعية الإيجابية مهم في منظومة التحول والتحولات المرتقبة.
كتابه يتحدث عن الاجتهادية الذاتية ولكن الاجتهادية ليست هذه حدودها؛ هناك اجتهادية ذاتية واجتهادية تبعية.
يخرج من يقدم رؤية اجتهادية للدين فيحدث تحولا عند الناس؛ لأن ليس كل انسان يستطيع أن يحقق الاجتهادية؛ فهو يحتاج إلى مستويات وحتى أصحاب المستويات أحيانا ك(صاحب اجتهاد) يُصدم باجتهاد غيره ويتنازل عن اجتهاده وهذا أمر طبيعي؛ لأن البراعة نسبية والإبداع نسبي؛ لذلك تشكلت في القرن العشرين -في بدايته إلى قريب نهايات النصف الثاني منه-
تشكلت ظاهرة الكتب المتفجرة (ابداعات اجتهادية) استطاعت أن تحول العالم الإسلامي من يمين إلى يسار ومن يسار إلى يمين حيث كان حضور الكتاب في ذلك الوقت أقوى من اليوم.
هذه الكتب هزت العالم بعد أن هجمت المادية وصارت تخطف بعض العقول- حتى بعض الأزهريين- هذا الأمر هز الغيارى أصحاب الفكر اللامع، فشخصوا المشكلة؛ وهي حاجة عالمنا إلى ترقية الخطاب الديني فهو بحاجة إلى تجديد؛ أي تجديد آليات وأدوات وليس تجديد جوهر ( تجديد أساليب واستراتيجيات من قريب إلى أقرب ومن نافع إلى أنفع ومن بسيط إلى أبسط في المنطقة المرنة الحرة ).
عندما انقلبت تركيا إلى العلمانية جاءت سلسلة محاولات باءت كلها بالفشل، ولكن كان
هناك رجل معروف بعقله المتفتق وبخطاباته الخلاقة يسمى (بديع الزمان النورسي) كتب كتابا اسمه (رسائل النور) أحدث هذا الكتاب حركة عميقة عريضة ذات امتدادات مختلفة، وظلت حركة النور والنوريين تقاوم بقوة حتى عام 1960 حيث لفظ هذا الرجل أنفاسه.
-قدمت (رسائل النور) خطابا دينيا إلى الشباب حتى تحولوا من العلمانية إلى العمق الإسلامي
وهذا الخطاب من وجهة نظرنا صوفي.
الخطاب الصوفي اليوم ينازع كل الحوزات والمدارس الدينية شيعة وسنة لأنه يتكلم عن معنى الإنسان والحياة، والناس تريد أن تفهم ذلك.
هذا المعنى جعل الكثير ينزلق في هذا الاتجاه ومنهم جارودي؛ فقد تحول إلى الإسلام بميول صوفية لذلك خبط خبط عشواء في تحديد بعض المفاهيم الإسلامية.
- السيد عبد الأعلى السبزواري من القلة الذين حولوا من الفقه مادة خطابية إذا قرأتها وتابعت معه تجد معاني كثيرة للحياة ومعاني لوجود الانسان ومركزيته.
وهذا يزيدك ارتباطا بالفقه وتعتز بالفقه وتدرك أن الفقه هو منبع من منابع العقل والروح.
ونشر السبزواري فكره هذا في ثلاثين مجلدا ولازلنا ننتظر من يتفرغ له ويجمعه.
حقق ونقح السبزواري نظرية سهولة الشريعة وصار يوازن بين الأحكام ويعطي استدلالات.
وهناك مثال آخر:
بعض المفكرين المغاربة ممن ترك اليسارية وهو المفكر محمد طلابي يُسأل عن سبب ترك اليسارية هل هي صدفة أو اجتهاد ذاتي؟فأجاب:( هناك كتاب ما إن قرأته حتى ولت الأفكار اليسارية من عقلي ووجداني لمفكر عراقي وهو كتاب اقتصادنا)
تمزق التيار اليساري داخل العراق وخارجها على يد هذا البطل (محمد باقر الصدر) وبمشرطه وسلسلة كتاباته الأخرى، فقد حطم وفتت الأسس والبنى اليسارية بالمنطق والعقل بدون تشنج.
الحصيلة النهائية لهذا البحث:
إن المعلوماتية ممكن أن تكون معلوماتية فوتوغرافية تزيد مرض الإنسان، بل تحمل المستقيم على الضياع، وهناك موضوعية اجتهادية علمية تجعل الإنسان يعمل بميزان الانتخاب والاختيار وطلب الارشاد، حتى في تناول المعلومة يبحث عن المرشدين أصحاب الخبرة والتجربة وعلى رأس المرشدين أولئك الذين ابتعدت بهم أمواج التحول ثم عادوا ونجحوا في العودة).
جديد الموقع
- 2024-12-22 احنا جيرانه (ص) أهداها الله كفوفه (1)
- 2024-12-22 يا يوم لغتي .. أينك أم أيني عنك
- 2024-12-22 ألم الرفض الاجتماعي
- 2024-12-22 نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته أبكر مما تظن
- 2024-12-22 الكتاب السادس عشر لـ عدنان أحمد الحاجي (تطور اللغة واضطراباتها وعسر القراءة عند الأطفال)
- 2024-12-22 تأثيرات لغوية للقراءة الرقمية
- 2024-12-22 الزهراء (ع) .. المجاهدة الشهيدة
- 2024-12-22 نحو كتب في الشوارع
- 2024-12-22 بين فيزيائية الكتب وكيميائية الكلمات
- 2024-12-22 من أجل القراء المترددين