2024/06/25 | 0 | 258
واحة النخيل والولايه
في العام العاشر من الهجرة النبوية كان إنتاج التمور كبيرا ووافرا جدا في هجر التي تم بناء مسجد جواثا التاريخي فيها لكونه ثاني مسجد في الإسلام صُليت فيه صلاة الجمعة.
لتوفر الماء في العيون المنتشرة في الواحة وخصوبة أرضها الزراعية وتوفر العمالة من أبناء البلد وعناية أهل هجر بالنخيل. كانت مصدرا للغذاء مع الحيوانات الأليفة من البقر والماعز والدجاج والطيور وغيرها.
وكان أحد المزارعين الشباب له توجه اقتصادي ومتعلم وقد درس في (الكتاتيب ) لتعلم القرآن الكريم التي كتبت الآيات على الرقاع (قطع من الورق أو الجلد).
وبعد جمع المحصول من التمر قرر السفر الى المناطق الأخرى لبيع جزء من المحصول و زيارة يثرب التي سميت بعد ذلك المدينة المنورة واستقرار النبي (ص) فيها، وجعل منها منارة للعلم والمعرفة وبسط نفوذه فيها، واليها يفد الوفود ممن يرعب التعرف على شخصية النبي (ص) والدعوة المحمدية والإسلام ويتعلم القرآن الكريم، وتدوينه ويعتق الأسرى ففدى بعض أسرى بدر بتعليم عدد من صبيان المدينة بتعليم القراءة والكتابة.
بعدما سمع قومه إنه يرغب بزيارة يثرب انبرى له مجموعة من الشباب وأعطي الهدايا، مثل: السفر والحصير وغيرها من إنتاج هجر وحملوا بعض الأسئلة الفقهية وطلبوا منه كتابة الآيات الجديدة التي نزلت مؤخرا، وقدموا له بعض الغلمان لمساعدته على تحمل عثرات الطريق.
شد الرحال وانطلق مع بداية العام الهجري للسنة العاشرة، وكان حذرا جدا في الطريق من قطاع الطرق و يتنقل من طريق الى آخر مع الدليل الذي يستعين به في السير في الصحراء ومعرفة أين يجد الماء ومكان الاستراحة ولكن مرض بعض أصحابه وموت احدهم فتم دفنه عند هضاب بعض الجبال، ووضع علامة على قبره وما يميز صاحبنا معرفته الحساب والكتابة وتدوين كل شيء وحتى من توفى ومرض وكان يحمل معه بعض الأعشاب المهمة للأمراض الطارئة ودائما يحرص على استخدام الماء للوضوء والشرب باقتصاد صارم لكي؛ يغطي المسافة التي يستطيع التزود فيها بالماء .
ويستمع الى دليل القافلة ومساعده لكي؛ يتجنب المناطق التي فيها حيوانات مفترسة. ولقد هجم عليه بعض الذئاب لكن إشعال النار، والتناوب في الحراسة حمي بعضهم بعضا.
بعض القرى تقبل على شراء التمر فيقايضهم ببعض ما يلزم الرحلة. لقد شاهد بعض كبار السن ممن أسلم حديثا فقالوا له: أين تذهب؟ وهو يحاول التهرب منهم حتى لا يقع في أيدي المشركين ولكنه توسم فيهم الخير، فقالوا له: نحن نقصد يثرب لنشاهد النبي (ص) ونسمع حديثه، أسلمنا ولم نره. وهنا هلت دمعته. فقال: ما تقربت عن وطني ومنزلي وأهلي إلا لهذا السبب آمنا به، وصدقناه ولم نره وهذه خسارة كبيرة وكم من أهلي توفى وحلمه أن يراه ولو في الحلم.
وقال: من يريد منكم الرحيل معي يجهز نفسه ويتزود بالماء والغذاء والراحلة جمل قوي يسابق الريح. فضحكوا قائلين له: أهي للسباق أم وسيلة للنقل؟
وجد المسير ووصل يثرب وأخذ له سكنا قريبا من مسجد النبي (ص)، وأخذ يتردد على المسجد، فسلم على النبي، وقدم له الهدايا فتلقى إجابة على أسئلته وسجلها. وقبل أن يقرر السفر إلى مكة شاهد حركة نشطة في يثرب فعزم الذهاب الى مكة المكرمة، ولكنه سمع أن النبي (ص) سوف يذهب للحج بنفسه بعد فتح مكة واستقرار الأمر له وبسط نفوذه. وبهذا استطاع المسلمون من خلالها فتحَ مكة وضمَّها إلى دولتهم الإسلامية. ويسمى فتح مكة الفتح الأعظم حيث وقعت الغزوة فيها في العام الثامن من الهجرة.
وقرر الذهاب معهم وحمل ما تبقى من التمر ليبيعه في مكة حيث يفد اليها من كل المدن التي حولها و سوف يحج بحج النبي (ص)، يحضر من يستطيع ذلك ليتعلم الحج المحمدي وبتعاليم الإسلام وكيفية لبس الإحرام وعقد النية والطهارة الجسدية والمعنوية والطواف والسعي والوقوف بعرفات ومزدلفة ومنى ورمي الجمرات ويختم بالطواف وكل شعيرة يعملها النبي (ص) يتم تدوينها من قبل الشاب وكـأنه مصور محترف بقلم وورقة ويقول في نفسه: هذه هدية وعطية رب العباد ومنحة كريمة من النبي (ص ) وفرصة لم يحظ بها قومي .
وبعد انتهاء الحج عزم على وداع النبي (ص) شد راحلته مع القوم الذين معه إلى الوطن محلقين مؤدين النسك مضحين. وتعلموا كيف يختارون أفضل أنواع الأنعام دون عيوب، وتقديمها قربة الى الله -عز وجل- ونقول كما ورد يوم عيد الأضحى:
اَللهُ اَكْبَرُ عَلى ما رَزَقَنا مِنْ بَهيمَةِ الاَنْعامِ، وَالْحَمْدُ للهِ عَلى ما اَبْلانا.
وأثناء مروره على "غدير خم" تزود من الماء لإكمال سفرته، وهو قريب من الجحفة بعد عدة فراسخ إذ يسمع نداء أيها العير قفوا. فقال هل أخذنا صواع الملك كما جاءت في قصة النبي يوسف (ع)؟ فقالوا: لا. إنه طلب النبي (ص) من الجميع اللقاء به مجددا. ورجعوا. وحينها نزل النبي محمد (ص) غدير خم، فأمر أن يعملوا له منبرا مرتفعا من الأحجار وأحداج الإبل، فأصعد عليا - عليه السلام- معه على المنبر ورفع يده ممسكا بيد على (ع)، وبلغ الأمة أن الولاية التي جعلها الله له على الأمة جعلها لعلي بعده.
وتمت التهنئة لعلي يوم الغدير حيث أمر النبي (ص) بنصب خيمة لعلي (ع) وأمر المسلمين أن يبايعوه فبايعوه، وأمر زوجاته فجئن إلى خيمة علي وبايعنه، فغمس على (ع) يده في سطل ماء، ثم غمسن فيه أيديهن.
وقد بايع الهجري مع المسلمين. وبعد ان استمع لقصيدة حسان بن ثابت ودونها. وبعد الانتهاء من مراسم البيعة أمرهم النبي (ص) بالعودة إلى أوطانهم وتلا عليهم آخر آية نزلت من القران الكريم:
"حُرِّمَتۡ عَلَیۡكُمُ ٱلۡمَیۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَحۡمُ ٱلۡخِنزِیرِ وَمَاۤ أُهِلَّ لِغَیۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ وَٱلۡمُنۡخَنِقَةُ وَٱلۡمَوۡقُوذَةُ وَٱلۡمُتَرَدِّیَةُ وَٱلنَّطِیحَةُ وَمَاۤ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّیۡتُمۡ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَن تَسۡتَقۡسِمُوا۟ بِٱلۡأَزۡلَـٰمِۚ ذَ ٰلِكُمۡ فِسۡقٌۗ ٱلۡیَوۡمَ یَىِٕسَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِن دِینِكُمۡ فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِۚ ٱلۡیَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِینَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ نِعۡمَتِی وَرَضِیتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَـٰمَ دِینࣰاۚ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ فِی مَخۡمَصَةٍ غَیۡرَ مُتَجَانِفࣲ لِّإِثۡمࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیم". سُورَةُ المَائـِدَةِ 3.
وعندما وصل الهجري إلى وطنه هجر حف به قومه وهو يقص عليهم أحداث الرحلة وخصوصا حديث الغدير وما جرى في غدير خم، وبيعة وتنصيب علي (ع) خليفة ووارث النبي (ص) وأن بيعته التي عقدها مع المسلمين ملزمه للجميع.
وانتقل حب عليا (ع) الى الأجيال وحديث عيد الغدير يتجدد سنويا ينشد عنه الشعراء أجمل القصائد، ونورد نصا جميلا
من ديوان فراشة على كتف الغدير الإصدار الثالث لعام 1435هـــ - 1436هـــ
من قصيدة عشق لا شريك له للشاعرة آيات علي يوسف العبد الله.
ونختم بالجزء الأخير من القصيدة الجميلة معنى وتصويرا بديعا:
جديد الموقع
- 2024-06-28 زواج الفضل وال الحميد في قاعة فايف ستار بالاحساء
- 2024-06-28 "سلطان" يدخل القفص الذهبي .. ابن الإعلامي جعفر السلطان
- 2024-06-27 «قميص بذكريات معطوبة » لمحمد الحرز
- 2024-06-27 جمعية أدباء بالاحساء جلسة الأنس الأدبي السادسة عيد سعيد وإصدار جديد
- 2024-06-27 هل هناك دواعٍ للقلق من مستويات هرمون الضغط النفسي - الكورتيزول - في أجسامنا؟
- 2024-06-27 الكاظمي .. ولغة قومه
- 2024-06-27 معالجة 50 حالة إدمان رقمي
- 2024-06-27 تقنية سعودية لإطالة عمر الفواكه
- 2024-06-27 شعراء يتنافسون في الزهيري
- 2024-06-27 الأحداث والشخصيات وتاريخ الأفكار