2021/07/24 | 0 | 1448
ملا حداثي
كان بليداً منذ ولادته , لم ينجح في دراسته أدخله والده الحوزة العلمية ليتدثر بعباءة المشايخ لتغطية كسله وتبريراً لفشله في الحياة . لكن ملا طقران لم يجتز أكثر من ( ألفية ابن مالك ) واكتفى بأن يصبح خطيباً حسينيا .
بهذا المقطع ابتدأ الأديب والقاص الأحسائي هاني الحجي قصته القصيرة بعنوان ( ملا حداثي ) ليسلط الضوء على قضية الخطابة الحسينية , وكيف حاول ملا طقران أن يتحول من تقليدي يقرأ قصائد السيد الحلي والشريف الرضي , إلى حداثي يستشهد بنظريات فرويد , ونيتشه , وسارتر , ونظرة المجتمع لهذا النوع من الخطاب .
المنبر الحسيني وما يحمله من موروث ضخم تأصل في نفوس الشيعة , مر بمراحل مختلفة في محاولة لمواكبة تطلعات الناس , فتحوله من مجرد رثاء لأهل البيت عليهم السلام وذكر مصائبهم إلى منبر توعوي يناقش قضايا الدين والمجتمع .
هذا التطور شكل حاجز لدى النسبة الكبيرة من الخطباء , ولأن البعض منهم نظر لهذا المنبر على أنه مصدر رزق , أو من جانب تجاري يتقاضى من خلاله مبالغ فلكية , حاول أن يقلد المجددين في الخطابة الحسينية بداية بالشيخ جعفر التستري وصولاً إلى الدكتور الوائلي رحمه الله الذي وضع انموذجاً احتذى به الكثير من هؤلاء الخطباء .
اتسعت الدائرة فأصبح المنبر يناقش قضايا اجتماعية وفكرية في محاولة للتماشي مع تطورات العصر والتغيرات التي طرأت عليه . هذه الدائرة المتسعه جعلت الأمر يزداد سوءاً , فمعرفتهم القاصرة وقدرة بعضهم على التحليل والمقارنة بين الموروث الديني المليء بالأحاديث الضعيفة جعل من هذه المنابر منبعاً للخرافات والأساطير وأصبح مغذياً باتجاه سلبي للفكر الشيعي .
فالخطيب المستتر بعيوبه خلف ذلك المنبر، يعلم جازماً بأنه محمي من الانتقاد، لأن الخطابة الحسينية بطريقتها الحالية أمنت له الأرضية المناسبة لأن يسوق أفكاره دون أي محاسبة .
تناولت في مقالي السابق ( صاية ووصاية ) خطورة المنهج التلقيني , وأن الخطاب بهذه الكيفية سيخلق ازدواجية بين ما يطرحه ذلك الخطيب والدين الذي يحمل قيماً سامية .
فالخطيب لو نُوقش فيما يطرح من أفكار في المجلس نفسه , فلن يرتقي المنبر إلا من هو كفؤ له , ولكن الواقع عكس ذلك والخطيب ما زالت لديه الحصانة الدينية التي تجعله يقول ما يشاء وبالكيفية التي يراها , سواءً كانت ذات قيمة أو أنها لا تعدو كونها خرافات وأساطير أكل عليها الدهر وشرب .
أدعو القارئ العزيز للتأمل في وجوه الحاضرين للمجلس الحسيني أثناء طرح الملا لموضوعه الفارغ , ليجد حالة التململ والتفتيش عن أي شيء يلهيهم عن ذلك الموضوع , ويصعب علي أحياناً بعضهم الذي يحاول جاهداً فهم ما يطرحه ذلك الخطيب من كلام .
أتساءل إن كان الخطيب يعي ذلك الخلل أم أنه لا يراه , فإن كان لا يعي فهذه مصيبة وإن كان يلاحظه ويستمر في نهجه فتلك مصيبة أعظم .
وعي الناس المتزايد وتنوع مصادر المعرفة لدى هذا الجيل جعل الفجوة تزيد بين دور المنبر الحسيني وبين تطلعاته , و أجد أنه في الأيام القادمة إن لم يتم تصحيح ذلك الوضع ولم يؤخذ الموضوع بجدية؛ فإن الفجوة ستزداد وسيميل الناس للعزوف عن تلك المجالس لأنها ستكون هدراً للوقت ولا تضيف لهم أي شيء جديد .
إن الدور الذي يقوم به المجتمع من رفع قيمة وضيعة وحط قيمة رفيعة هو الذي شكل مثل هذه الظواهر , ولذلك علينا أن لا نترك العقول الفارغة تلوث عقولنا وتتلاعب بمشاعرنا باسم الحسين , علينا أن نسوق لمن هو أهل لأن يرتقي ذلك المنبر , لمن يبحث ليقدم خلاصة بحثه , لمن يحسب ألف حساب قبل صعوده لذلك المنبر, أو أن نختار من يقرأ المصاب ليبكي الناس فقط , فذلك أحفظ لهذا المنبر وللمجتمع الشيعي ممن يحاولون دفعنا ألف عام للوراء.
جديد الموقع
- 2024-05-18 إيماءات الأطفال، وماذا تعني
- 2024-05-18 أفراح سادة آل سلمان "الكاظم "و العلي " تهانينا
- 2024-05-18 الشاعران بيلا والحرز في منتجع ماربيا
- 2024-05-18 قاسم العبدالسلام عريسا في الدانة البيضاء بالاحساء
- 2024-05-18 التمار والحسان تحتفل بزواج ابنيها " علي وحيدر "
- 2024-05-18 قطوف دانية من كلام الإمام الرضا (عليه السلام)
- 2024-05-18 مشهد الطروبة "في ذكرى مولد المولى أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام"
- 2024-05-17 (نادي ابن عساكر) يستضيف الباحث (المطلق) في فعالية (الآراء التاريخية الشاذة)
- 2024-05-17 أفراح الجزيري تهانينا
- 2024-05-17 الكتاب الذي ينسيك أنك تقرأ