تزدحم فضاءات الإنترنت بمواقع تصنيفات الأفلام السينمائية التي تتناول تحليل تلك الأفلام والحكم عليها بالاستناد إلى أدوات قياس تتباين بين موقع وآخر، لكن اللافت أن بعض التقيينات تتفاوت على نحو كبير، ففيما ينال الفيلم مثلا تقييما من 5 نجوم في موقع ما، قد ينال تقييما من نجمة واحدة في موقع آخر.

وأرجع سينمائيون سعوديون، أسباب التفاوت الكبير في تقييمات الفيلم الواحد في المواقع الإلكترونية المتخصصة بتجميع وتقييم الأفلام إلى اختلاف أدوات القياس.

وبين هؤلاء أن المحكمين يقيمون الأفلام من خلال عدة منطلقات، بينها 3 منطلقات رئيسة، وهي: الأخلاقي، والاجتماعي، والفني، مشيرين إلى أن هذا يصنع الفارق في قياس وتقييم الأفلام، لأنه أكثر سهولة ولا يحتاج غالبا إلى تخصص في التقييم والنقد.

الجمهور العادي

أبان السينمائي السعودي الدكتور محمد البشير، أن الموقعين الأبرز والأكثر شهرة لتقييم الأفلام السينمائية، هما: موقع IMDB الذي يعتمد على آراء الجمهور العادي، حيث يمكن للجمهور التسجيل بالموقع وتدوين التقييم للفيلم، وكذلك موقع «الطماطم الفاسدة» Rotten tomatos الذي يعتمد بشكل أساسي على آراء النقاد، حيث يجمع تقييمَ النُقّاد للفيلم، ويحسب إحصائيًا من خلال المتوسط الحسابي لجميع التقييمات للفيلم، للوصول إلى تقييم يحمل مصداقية لا بأس للحكم على الفيلم وتقييمه، إضافة إلى نسبة مئوية بالمراجعات الإيجابية.

وأوضح «أن اختلاف الأدوات بين الموقعين ينعكس على نسب التقييم للفيلم الواحد في هذين الموقعين، فنجد تقييم للفيلم 5 نجوم والآخر نصف نجمة (فارق كبير)، والفيلم الذي يصنع جدلًا في التقييم في نهاية المطاف يعد جيدًا، واستطاع أن يحظى بردود أفعال واسعة، ولم يمر مرورًا عابرًا دون أن يثير ردود أفعال أو دون صناعة ضجة في التقييم».

وأضاف «إثارة الجدل حول فيلم ما، يعد أمرًا صحيًا، وهو يقود إلى تقديم كثيرين لآرائهم التقييمية للفيلم بكل صراحة ووضوح، وهذا إيجابي لصانع الفيلم حيث يأخذ جميع الملاحظات بالحسبان، ويحسّن ويجوّد إنتاجه في المرات المقبلة في صناعة الأفلام».

مجاملة المحكم

بعيدا عن مواقع تقييمات الأفلام، ذهب السينمائي السعودي جعفر عمران إلى أن اختلاف التقييم يحدث عادة حتى بين أعضاء لجان التحكيم في المهرجانات والملتقيات السينمائية حيال الفيلم الواحد، خصوصًا حين تضم تلك اللجان أشخاصًا غير مختصين، كأن يكون بين المحكمين شاعر أو روائي أو ناقد للشعر أو الأدب، فهؤلاء يطبقون معايير الشعر والرواية على الأفلام، وهذا مشكلة كبيرة في تقييم الأفلام من غير المتخصصين في الأفلام.

وتابع «لا يمكن إنكار أن الساحة الفنية تحتشد بالمجاملات الكبيرة، ولذا مشهد في بعض الأحيان توزيعًا غير عادل للجوائز، أو توزيعًا للجوائز من باب المجاملة لإرضاء صانعي الفيلم أو صانعي الأفلام في المسابقة الواحدة، وبالتالي هناك تفاوت كبير في التقييم».

وشدد على ضرورة اختيار ناقدين متخصصين لتقييم الأفلام، وأن يكون أعضاء لجان التحكيم والتقييم من ممتهني صناعى السينما، كأن يكون منهم كاتب السيناريو أو المخرج لأنهما قادرين على نقد الأفلام ويحق لهما الحكم عليها، وقال «أما آراء غير المتخصصين فلا تعد نقدًا، وإنما مجرد انطباعات بسبب تنوع الأفلام وعدم وجود المقاييس والمعايير المحددة لكل نوع، فهناك الأفلام الكوميدي، والتراجيدية، والدرامية، وهناك الفيلم القصير، والفيلم الطويل».

التقليدية والتجريبية

في معرض رده على استفسار «الوطن»، حول مبررات الفارق الكبير في نتائج تقييم الأفلام، أوضح السينمائي السعودي عمر البدران، أن «التباين في الآراء النقدية موجود في السينما مثلما هو موجود في كل الفنون، وحين ندخل في التفريعات المتعلقة بالأفلام وصناعتها نجد التباين قد اتسع، ونجد الخلاف قد اشتد، فهناك السينما التقليدية والتجريبية والشعرية والرمزية والوثائقية إلى آخر الأشكال والألوان السينمائية».

من جانبه، يوضح السينمائي السعودي أحمد بن حمضة أسباب التباين الشديد في تقييم الأفلام مقارنة ببقية الفنون الأخرى، وقال «يعود هذا التفاوت لكون الفن السينمائي منذ بداياته فن شعبي وجماهيري، وما يزال كذلك، لذا فالتعامل معه مربوط مع جماهير غفيرة وواسعة جدًا لم يحظ بها أي فن آخر، لذا كلما اتسعت نسبة التعامل مع فن معين ومع النظر إلى التفاوت الثقافي والفني لكل فرد، نجد أن مستوى تفاوت التقييم للفيلم الواحد أمر طبيعي، بل يصل لكونه أمرًا صحيًا، وذلك عائد إلى تفاوت ثقافة الفرد ومدى متابعته للأفلام».

ـ تختلف تقييمات الأفلام تبعًا لاختلاف أدوات القياس

ـ مواقع تعتمد آراء النقاد وأخرى تعتمد آراء الجمهور

ـ الاختلاف أمر صحي ومطلوب ويعود لاختلاف الثقافات

ـ تحظى الأفلام بتقييمات كثيرة لأنها فن شعبي وجماهيري