2022/05/17 | 0 | 2510
عندك نسخة PDF؟
يتردد السؤال عن توفر نسخة الكترونية للكتب التي يتم الإعلان عن إصدارها سواء الحديثة منها أو ما مر عليها ردحٌ من الزمن، جميل هو الحرص على القراءة والحث عليها لاستقاء معلومةٍ مفيدةٍ أو حلّ مشكلةٍ تصادفنا أثناء مسيرنا في طريق الحياة الوعرة منعطفاته، لكن الأهم من القراءة هي كيفية تلك القراءة وهل أننا نحصل على المعلومة بطريقةٍ شرعيةٍ قانونيةٍ أم أننا نتحصل على ما نريد بعد ارتكابنا واحدةً من الجرائم الأخلاقية؟ تلك الجريمة التي تصنَّف اليوم ضمن الجرائم الإلكترونية تحت بند انتهاك الحقوق الفكرية للنتاج المطبوع.
قبل سنوات وأثناء دراستي الجامعية، أضفت لجدول الدراسة مادةً لم يتوفر لها كتاب في مكتباتنا المحلية، بحثت وزملائي عن ذلك الكتاب فلم نجده إلا على موقعٍ الكتروني يبيعه بثمنٍ عالٍ مقابل النسخة الالكترونية، ذلك المبلغ الذي يزيد قليلاً في حال تم طلب الشراء للنسخة المطبوعة منه، لذا لجأنا إلى البروفيسور الذي يقدم تلك المادة آملين منه أن يزودنا بنسخةٍ مصورةٍ من ذات الكتاب كونه يحمله بين يديه، فوجئنا حينها برفض البروفيسور الهندي لطلبنا واصفاً ذلك بالجريمة في حق المؤلف الذي يمتلك حقوق كتابه ولا يسمح لأحد أن يتعدى على تلك الحقوق وإن كان طالباً يدرس كتابه، وأننا لو كنا في الهند لقام البروفيسور بتقديم شكوى ضدنا لتحريضنا إياه على الشروع في تلك الجريمة، ذلك الموقف لا يزال حاضراً أمامي وأنا أشاهد الكم الكبير من الانتهاكات التي تحدث في مجموعاتٍ يدّعي أصحابها أنهم روادٌ للثقافة والمعرفة وأنهم بمشاركتهم النسخ الالكترونية من الكتب يساهمون في نشر المعلومة وتسهيل إيصالها إلى المتلقي.
لكن، هل فعلاً يقوم هؤلاء بنشر الثقافة كما يدّعون؟ أم أن من يقوم بذلك لا تخلو ذمته من انتهاك لحقوق المؤلفين الفكرية؟ حينما نتأمل ما يحدث على الساحة الفكرية فإننا نجد أن القانون البشري الذي يمنع نشر النتاج الفكري بدون إذن صاحبه جدّ مخيف؛ وأننا نحذر ألف مرة قبل مشاركة المعلومة سواء المطبوعة أو الالكترونية خوفاً من المساءلة القانونية، لكننا لا نحذر القانون الإلهي الذي يحظر علينا نشر ما لا يجوز لنا نشره إلا بإذن أصحابه؛ مستسهلين بذلك الذنب الذي نُقدم عليه متغافلين عمن سيحاسبنا على ذلك ولو بعد حين.
فهل سألنا أنفسنا متى يمكن للقانون البشري أو القانون الإلهي محاسبتنا على ما ننشره من نتاج غيرنا؟ وبما أننا كمجتمعات فينا من لا يأبه بالقانون الإلهي واستسهال الذنب لديه كشرب الماء وهذا واقع ومشاهَد؛ فهل دققنا على القانون البشري كأضعف الإيمان؟ القانون البشري الذي ينص على أن حقوق الملكية الفكرية للمؤلف تستمر طيلة حياته وبعد مماته بخمسين عاماً قبل أن تتحول لملكية عامةٍ يمكن لناشر المعلومة استخدامها كنقلٍ يجب الإشارة لصاحبه في حينه، وأن أي تغيير في المادة الفكرية يعتبر من السرقة المنصوص عليها للنتاج الفكري غير المنسوب لأهله، وهذا ما يحدث واقعاُ حيث نجد أمامنا جملةً من المواقع والمجموعات الخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي تقوم بنشر تلك النتاجات دون وجه حق وتسمي أنفسها بالمجموعات الثقافية الداعمة للحركة الفكرية، المضحك في الأمر ما كتبه أحدهم حينما نشر نتاجاً فكرياً لأحد المؤلفين وقد أردف رسالته بعبارة تفيد بأنها صدقةٌ لكل من يقرأ ذلك الكتاب!! متى بات السارق كالمتصدق بالأسحار يا عزيزي المثقف؟
إضافة لذلك فإننا نرى ونسمع دائماً مَن يطلب منا بعض النتاجات حديثة الطباعة بصيغ الكترونية كونه يستكثر دفع قيمة ورق ذلك النتاج المطبوع، سؤال لا يخلو من الصلافة واقعاً خصوصاً حينما يكون النتاج حديث عهدٍ بالوجود على الساحة الفكرية، ذلك النتاج الذي قد يدفع المؤلف مبالغاً كبيرةً مقابل طباعته لنجد من يطمع في قراءة ما فيه والاستفادة منه دون أن يبذل أي جهد يُذكر، فيكون بذلك قد مثّل أعلى صفات الأنانية وبصفحة وجهٍ قويٍّ لا يخجل من الطلب وكأنه صاحب الفضل على المؤلف حين يقرأ له، والطامة الكبرى أن كثيراً من سائلي ذلك يوجهون طلبهم للمؤلف نفسه!!
لذا علينا أيها المثقفون أن نعي ونفكر ملياً قبل الوقوع في الخطأ الذي يعرضنا لعقوبة القانون الإلهي كما لا يجعلنا في موضعٍ بعيدٍ عن المساءلة القانونية وفق ما ينص عليه القانون البشري، أو على أقل تقدير المساءلة الأخلاقية، فصاحب الملكية الفكرية وأصحاب الحقوق المجاورة لذات الملكية مُجازون لرفع القضايا التي تكفل لهم حماية حقوقهم ومعاقبة من تسوّل له نفسه المساس بها بأي صورةٍ من الصور سواء في وسائل التواصل الاجتماعي أو في المحافل والاجتماعات العلمية بدرجاتها. فليكن شعارنا أن نعم لنشر الثقافة وإثراء الفكر والقراءة المفيدة لكن بشرطها وشروطها وطرقها السليمة التي تضمن لنا الأجر على ما نقدمه لا اكتساب السيئات الدنيوية منها والأخروية، هذا والله ولي التوفيق..
جديد الموقع
- 2024-09-19 سمو محافظ الأحساء يشيد بمضامين الخطاب الملكي في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى
- 2024-09-19 أمير الشرقية: الخطاب الملكي أكد على مضي بلادنا لتحقيق المزيد من التطور والازدهار والنماء
- 2024-09-19 سمو نائب أمير الشرقية يشيد بمضامين الخطاب الملكي السنوي
- 2024-09-19 قصيدة النثر باعتبارها صندوقا مملوءا بالذهب
- 2024-09-19 أفراح العباد والبخيت بالمطيرفي تهانينا
- 2024-09-18 التعصب والمتعصبون
- 2024-09-17 الفتيات الصغيرات تستخدم مستحضرات مضادة للشيخوخة شاهدنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. الضرر النفسي الحاصل بسببها أعمق من الضرر الذي أصاب البشرة
- 2024-09-17 التدخين أثناء الحمل يضر بالأم وبالجنين ولاحقًا بمستوى تحصيل الطفل الدراسي
- 2024-09-17 الأدلة لا تفيد بأن من عاشوا خلال المراحل الأخيرة من العصر الحجري في شمال غرب المملكة العربية السعودية قد واجهوا تحديات موجات جفاف مما اضطرّهم الي الترحال، بل عاشوا حياة متقدمة ومزدهرة
- 2024-09-17 ما الصور الذهنية وما فوائدها؟