2016/05/10 | 0 | 4100
عشق مختلف
كلما استعدت في ذهني اللحظات الأولى لذلك المعشوق الذي شغل حيزاً كبيراً من حياتي , أستعيد تلك الذاكرة لأجد أن القدر كان له معي وقفة صادقة مع ذلك الحب الذي سيطر على عقلي وكل مشاعري .
تبدأ الحكاية في عام 2002 عندا التحقت بجامعة الملك سعود بالرياض بكلية العلوم .. وبعد نهاية السنة التحضيرية كان القرار الأصعب في اختيار التخصص , ولأني كنت أميل لمادة الكيمياء اخترتها لتكون شريكة حياتي الأولى وبالفعل تقدمت للقسم باعتماد اوراقي لأنظم لذلك القسم.
في إجازة نهاية العام الدراسي كان باب التسجيل للترم الصيفي مفتوح وبالفعل سجلت مادة بأسم ( التركيبات والبوليمرات ) وكانت الاختبار الأول لي مع تلك الشريكة التي لم تستمر معي سوى اسبوعين فقط لأقرر بعدها الإنفصال .
لا اعلم ما الذي حصل , ما الذي دفعني لذلك القرار , ولكني اجزم بأن القدر اختار لي مكانا آخر .
وفي تلك الأجواء أتذكر تماماً الأيام الأولى التي دخل فيها ذلك المعشوق لحياتي , كانت الأيام الأولى صعبةً جداً إلا أنها مليئة بالحب والعشق المتبادل .
سمعتهم ينادونه بالفيزياء , تجولت بحثا عنه لأجده مهتما بالطبيعة , مفتشاً عن خبايا ذلك الكون المليء بالألغاز , أحببت اهتمامه , تقدمت له بطلب التعرف عليه أكثر , فوجدت أني وقعت في حبه من دون أن اشعر أحببته إلى حد الجنون الذي لا أستطيع وصفه , كنت متطرفا في حبي له , اتغنى بإسمه في يقضتي ومنامي .
أمسك بيدي كالطفل ليكشف لي بعض الغاز الطبيعة , كان يهمس في اذني أن الكون بديع خلفه صانع بارع أتقن صنعه , جعله دقيق إلى حد أنك تستطيع وصفه.
تعرفت معه على علوم الميكانيكا والكهرومغناطيسية والذرية والنووية وغيرها .. وفي كل مرة كنت أنهي فيها مقرراً من المقررات أجدني في حالة نشوة عارمة توصلني إلى عنان السماء .
مرت الأيام سريعة جداً وحان موعد الوداع , كانت لحظات عصيبة , أن يفترق العاشقان عن بعضهما .. لملمت حقائبي للرحيل وذهبت لتوديعه , كنت اتجول في قاعات القسم كالمجنون اشتم رائحة الطباشير التي لطالما قلبتها بيدي قي ساعات الصباح , مررت بمكاتب الاساتذة , حسدتهم على تواجدهم بالقرب من ذلك المعشوق , ورحلت بصمت المكسور الذي فقد حبيبة .
في السنوات التي تلت تلك الحادثة كان المعشوق يناديني بصوت أخف أنا معك .. فبعد تعييني كمعلم لمادة الفيزياء كان حملاً ثقيلا أن أنقله لطلابي , كنت مهوساً بأن يحبوا الفيزياء , كتبت لهم ذات مرة قانون نيوتن الثاني على السبورة وسألتهم ماذا ترون فأجابوني بإجابات عبر بعضهم عن فضوله والآخر عن لون الخط وجماله , لكني بعدها أخذت في قراءة تلك المعادلة وكأنها لوحة فنية بارعة اخبرتهم بان يحسوا بما نكتبه من معادلات كي نحس بالطبيعة , تغزلت في المعادلة كما يتغزل العاشق في معشوقته , لدرجة أن أحد الطلاب أرتسمت على محياه ابتسامة توحي بالإستغراب من ذلك الأستاذ .
مرت الأيام والسنين والاشتياق يزداد لذلك المعشوق , هل أراه مرة اخرى .. هل سيعيدني القدر لأحضانه ..كنت أنتظر الفرصة أن أكون قريباً من احدى الجامعات لأعبر عن ذلك الأشتياق .
في أحد الأيام لاحظت أن جامعة الملك فيصل بالاحساء طرحت برنامجا للماجستير في الفيزياء , قدمت أوراقي للإلتحاق بذلك البرنامج , وكانت لحظة لا توصف عندما حصلت على القبول , إحتفلت بتلك اللحظة , واستعدت الذاكرة الجميلة .
رغم أني كنت على رأس العمل والمسؤوليات ازدادت عن السابق , إلا أني كنت أقضي الساعات تلو الساعات بحثا عن المعلومة التي أخذها من اساتذتي , انهيت المقررات وبدأت في مشروع الرسالة .
اشرف على رسالتي الباحث الاستاذ الدكتور صبحي السيد ابراهيم الذي رأيت فيه نموذجا للعاشق للفيزياء , كان يقضي الساعات الطويلة في الجامعة بين مكتبه ومختبره .
وجدت ضالتي مع ذلك الاستاذ وشاركت معه في أكثر من بحث توج أحدهم بحصوله على المركز الرابع على مستوى المملكة في المؤتمر العلمي الذي اقيم بمدينة جدة , تعلمت من ذلك الاستاذ أن المواد لن تعطيك النتائج ان لم نحس بها .. أن عشقك للفيزياء هو المحرك الرئيسي للإبداع في وصفها .
هذا الدرس هو من جعلني أكرس وقتا طويلا في المختبر , لم أتذمر يوماً من طول المدة التي تأخذها العينة في التحضير , كنت اجلس بالساعات في المختبر أراقب فيها تلك العينات , أعتني بها كما يعتني الأب بأطفاله .
وفي يوم المناقشة للرسالة في مثل هذه الايام من العام الماضي كنت على ثقة لم اجدها من قبل , كنت أتحدث عن النتائج وكأنها جزءاً لا يتجزأ من شخصيتي , أجيزت الرسالة بشهادة المحكمين بأمتياز وعبر عنها أحدهم بأنها ترتقي لدرجة الدكتوراه , كان شعوراً لا يوصف اختلط بين الفرح والإعتزاز بتلك الشهادات وحزناً على أني سأفارق ذلك المعشوق .
وها انا وبعد عام من الفراق أجدني أحن لذلك القسم .. أستعيد الذكريات مع ذلك المعشوق , فهل يمنحني القدر مرة اخرى أن أعود لذلك المعشوق ..
جديد الموقع
- 2024-09-20 أفراح البراهيم و الصمايل تهانينا
- 2024-09-20 عذوق النخيل إلى المؤلف السعودي عادل القرين
- 2024-09-20 أفراح الجابروالبوعلي تهانينا
- 2024-09-20 نادي أطياف يشع بأحلى القصيد
- 2024-09-20 حين تكون القراءة هي العقوبة
- 2024-09-19 سمو محافظ الأحساء يشيد بمضامين الخطاب الملكي في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى
- 2024-09-19 أمير الشرقية: الخطاب الملكي أكد على مضي بلادنا لتحقيق المزيد من التطور والازدهار والنماء
- 2024-09-19 سمو نائب أمير الشرقية يشيد بمضامين الخطاب الملكي السنوي
- 2024-09-19 قصيدة النثر باعتبارها صندوقا مملوءا بالذهب
- 2024-09-19 أفراح العباد والبخيت بالمطيرفي تهانينا