2015/09/25 | 0 | 1989
ظواهر في الشعر الديني..
لاشك بأن للشعر الولائي وعبر امتداد التأريخ الإسلامي قيمة كبيرة ، واحتفظ الشعر الولائي بالقيمة هذه ولكن مع مرور الزمن وتطور المدارس الشعرية نجد بأن مهمة الشعر الولائي وتحدياته تغيرت واختلفت عما كانت عليه بحكم المتغيرات التي تسارعت، وبعض القضايا المستجدة..
والموجود حاليا من شعرائنا عامة بعض من الظواهر الفنية التي تتبع وتتلازم مع قصائدهم ومنتجاتهم ، وهذه الظواهر تقوّض من الشعرية وروح الشعر وأولويات الشعر ..
وقبل أن أوغل في هذه القضايا أرفع القبعة للكتاب والشعراء المبدعين والمنتجين وأسجل احترامي لهم، فلا أقصد الإساءة لهذا النوع المهم في ثقافتنا وعقيدتنا أبدا..
ولكن وضع اليد وتحسّس نقاط القوة والضعف مما يعزز هذا الجانب ويصحّح مساره كما يفترض له، وهنا كذلك لا أدعو لخلط الحابل بالنابل ، أتفهم أن أنشودة لعمر معين، وتكتب تحت شروط معينة بحسب الشريحة المستهدفة العمرية أو التعليمية مختلفة عن قصيدة محفلية عامة، أو قصيدة مغلقة رغم كونها ولائية الطابع أو دينية الهدف ، أو غير ذلك..
أنا لا أقصد في عرضي هذا تلك الأصناف وإن وجد عليها أيضا بعض الملاحظات ، ولكن موضوعي محدّد عن بعض الضعف الموجود في نواحي بمجموعها تشكل ظواهر لزم التنبيه والتأكيد عليها..
إذن هذا عرض موجز لهذه الظواهر التي ينبغي التوعية بها بعد التأكيد على احترام كافة المبدعين وعدم التشكيك بمقاصدهم أو الدخول في نواياهم أو الحط من شأنهم فأجرهم ـ بإذن الله ـ يوفّى لهم حسب جهودهم ونواياهم:
1ـ غلبة النزعة الموروثة وأثرها في اللفظ والمفردة ..
أصبحنا نجد اجترار وتكرارا على صعيد المفردات ، وعلى صعيد الصور وهذا موجود من حيث النسق الذي تتبعه القصيدة الولائية ..
فذاكرة النص تلقائية وسطحية وترتكز على أقرب الخيارات القريبة من الذهن على صعيد المفردات إلا من النزر اليسير من الشعراء الذين انتبهوا لهذا الأمر..
فقد أصبحت المفردة القريبة تشكل للأسف الخيار الذي لاكه واستهلكه كثير ممن سبق من غير تصفية ولا تنقية..
تقرأ قصيدة ولائية شعرية ولا تجدها تخلو من عبارات مكررة من قصائد يرددها الناعون واللاطمون والماحون من غير تجديد ولا ابتكار..
بل إن الإقتباس والتناص أصبح غير مبهر وغير مدهش بسبب طرق تقديمه وعرضه من قبل الشعراء..
2ـ الخطابية والمباشرة ..
لا تختلف كثيرا معظم القصائد عن مثيلاتها وسابقاتها الولائية في اتخاذ شكل من الخطابية والتقريرية والمباشرة في معالجة الموضوع المتصل بصاحب الشخصية ، فتبين عظم نسب الممدوح وقربه من الله وطاعته وحب الله له ولأهل بيته، وربما تنتهي بطلب الشفاعة منه وأمل زيارته ، والتوسل به في قضاء الحوائج ، وهذا أصبح مملا، فانتقاء الظواهر المعلوماتية والإعجازية أصبح مكتظا في القصيدة ذات الطابع الديني..
أنا لا أنتقد وجود هذه الأمور بما هي موضوعا، ولكن أنتقد الإفراط في الوقوع بها، حيث من الممكن تسليط الضوء عبر رؤى غير مطروقة أو جانب يعاد طرقه بأسلوب جديد ، أو يقدّم ربط بين هذا الموضوع بما هو قائم الآن ، فأي قيمة للشعر إن قال كل شيء وقدّمه كما يقدمه الخطيب أو القاص أو الراوي ، لذا فهو مسوغ للوقوع في النثرية بل أزعم أن هؤلاء أيضا يشتركون في هذه النقطة ..
وأعتقد أن للخطباء بتقاعسهم عن التجديد في ميدان القصائد التي يكتبها الشعراء المعاصرون دور كبير في استدلالهم بشعر مكرور ملّه المستمعون ربما، فهم حفظوا قصائد لكل مناسبة لذا لا حاجة في نظرهم إلى التعاطي مع قصائد جديدة مختلفة البنية رغم أنها تخدم الهدف، ولكن ثقافة الخطيب المحدودة لها دور في تحجيم الذائقة العامة، ولا شك بأن الشعراء مستعمون ما ينطبق على غيرهم ليسوا بمعزل هم عنه ..
3ـ أسطرة البطل في الشخصية الدينية أو خرافيته
حينما تستمع لقصيدة في مدح إحدى الشخصيات فستشعر بأنك أمام آلهة أو أسطورة وربما خرافة
وكأنه لم يبق ما يقال في غير هذا الممدوح ..
وهذا للأسف لا يرتكز مثلا على خيال خصب يعالج بطريقة تجعل من الممكن قبول الرؤية التي يعرضها المبدع أمامنا، بل تشعر بغياب المنطق والموضوعية وعدم جدوى هذا الطرق الذي لم يعد يفيد المجتمع ، أو لم يعد يستثيره من أجل الاستفادة من صاحب الشخصية أو القيمة المطروحة..
بل إنك أحيانا تستمع إلى قصيدة شعرية ولائية وإذا بك تخالها درس في التاريخ أو محاضرة يلقيها أحد الأساتذة في جامعة معينة عن حادثة معينة.
وهنا لا أدعو لتشفير القصيدة وغلقها وجعلها تبدو وكأنها لغز حداثيّ محكم ، بل القالب والطابع والنزعة والعاطفة والحال عناصر مهم مراعاتها.
4ـ الحكم بعاطفة تقليدية على الشخصية وتجميد التعاطي معها
محظور الشك ومبدأ الشك والسؤال الحر عند شرائح من النخب الدينية، وهذا ينعكس بالضرورة على الشاعر الذي لا بد له أن يراعي السمت العام الذي يريده رجال الدين..
خاصة وأنه سيلقي بعضا من نتاجه بتواجدهم وربما بمباركتهم أو وصايتهم أحيانا، وهذا حتما يجعل الشعر وصايا فقهية إفتائية بحت تفقد حيوية الشعر ، ودوره في إنعاش القضايا ، وإعادة النظر والترتيبات لبعض المفاهيم ، وإن كان هذا ليس من واجبات الشعر الأولى بالضرورة، فهنا جعل الشعر يقينيّ الرؤيا يفقد الشعر قيمته، وروحه القائمة على التباين وليس التقليد ..
5ـ الابتذال في إدخال بعض العواطف للشخصية
حين تقرأ شعر من بعض القصائد والجلوات والأهازيج فإنك تشعر بأن مقام الإمام أصبح كأي حبيب يحبه العاشق ويظهر له حبه ويريد منه أن يرى طقوسه وممارساته وشعائره بطرق للأسف لا تليق بالموضوع ولا بالممدوح أو حتى صاحب المصيبة في حالة كون الهدف ضمن المراثي ..
فمسألة النزول بصاحب الشخصية لتفاصيل وإسفافات أمر للأسف أصبح موجودا في القصائد الدينية أو ذات الطابع الولائي، وهنا أدعو لتنزيه الشخصية والموضوع عما لا يليق بمقامها علوّا وغلوّا فضلا عن الهتك والإزدراء..
أكتفي بهذا القدر وأتمنى أن نرتقي بما نتعاطاه وأن نصل لمستويات تعمم تناسب تاريخ وعراقة هذا النوع المميز في إرثنا الثقافي ، فليس من المناسب أن نكرر نفس خصائص تلك العصور والحقب الماضية من دون تأثير ذلك على هيبة الشعر ودور الشعر الرسالي المهم ..
جديد الموقع
- 2024-05-01 النقد الأدبي بين الفاعلية والمجاملات الرقمية والإعلامية.
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس المجلس المحلي للمحافظة
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس اجتماع اللجنة العليا لإنشاء المستشفى الجامعي التعليمي
- 2024-04-29 وعي القلم والأمل نص مستخلص من مجموعة (كلام العرافة) للدكتور حسن الشيخ
- 2024-04-29 ريم أول حكم سعودية لرياضة رفع الأثقال حازت على الشارة الدولية
- 2024-04-29 بيئة الأحساء تدشّن أسبوع البيئة 2024 تحت شعار "تعرف بيئتك"
- 2024-04-29 منتدى البريكس الدولي يكرم الفنان السعودي الضامن في غروزني الشيشان ..
- 2024-04-29 حققوا المركز الأول على مستوى المملكة كأعلى تسجيل للطلاب طلاب "تعليم الرياض" يفوزون بـ13 ميدالية في أولمبياد "أذكى"
- 2024-04-29 جمعية العمران الخيرية بالاحساء للخدمات الاجتماعية تحظى بتكريم مرموق من مركز الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري .
- 2024-04-29 مبادرة خطوة قبل الشكوى تبدأ فعالياتها بتأهيل اناث الدمام