أقلام وكتابات
2023/12/16 | 0 | 1361
بمناسبة تدشين كتاب (شخصيات عاصرتها وعرفتها) للكاتب عبدالله الجاسم
• السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدالله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد وآله
•اتقدم بالشكر الجزيل إلى ملتقى ابن عساكر على ثقته الغالية ولاستاذنا الكاتب الكبير والمثقف الغزير علي عساكر مشرف المتلقى مع اخوانه الكرام على اختيارهم وعلى اهتمامهم بالثقافة والمثقفين والكتاب.
للكلمات معاني وللكتاب والأدباءِ نظراتٌ وفلسفاتٌ حين يتأملون، ينظرون للمكان بأبعاد الخيال قبلَ الطولِ والعرضِ ويوثقوا الزمانَ بنظرة المؤرخ المتفحص في دقائقِهِ وساعاتِهِ وتقلباتِ مناخِهِ وأحداثِهِ.
حين تمتلأ الذاتُ بالذكريات وتفيضُ الروحُ بالنغمات تحاكي الواقعَ بانطباعات مختلفة وببصماتٍ منقوشةٍ في الذاكرة، يسجلون الحدثَ بقلم المتأمل الموثق له، والشاهدِ على التاريخ.
الكتابةُ الغيريةُ هي رؤية الآخر وتجاوزُ قيودِ الذات وكسرِ قيود الأنا الكبرى ومحو ضغوطاتِ الأنا والإحساسِ بالغير ومنحه حقَّهُ حين يُؤثِرُ الناسَ على نفسهِ بالسخاء المعرفي والثقافي.
الكتابةُ عن الغير ترجمةٌ للآخر الفاعل بنفس الأنا وهو خطابٌ متبادلٌ بين الذات والآخر والرأي والرأي الآخر لتنتج الموضوعيةَ والحياديةَ وتقربَ إلى العدالة في الحكم، الكتابةُ الغيريةُ تخرج نورهَا من نافذة المنطقة العمياء في نافذة (جوهاري).
الكتابةُ عن الضميرِ الغائبِ هو استحضارُ الوقتِ الماضي الذي لا يعود إلا من خلال العطاءِ والإنتاجِ وبقاءِ الأثر حتى لا يَتعبُ الباحثُ والقارئُ في البحث عن الزمن الضائع كما في رواية مارسيل بروست.
لو تركت الذاكرة بدون تدوين ظلمنا بعضَ المنجزين، فالذاكرة انتقائية مصلحية تتذكر ما تريد أو ما تستنفع منه.
في كتاب جمع بين الكتابة الغيرية والسيرة الذاتية ( أو ما يسميها فيلسوفُها فيليب لوجون الميثاق بين المرء ونفسه )
هي ترجمة الآخر والغير وتحليقٌ بمعاني الشخصيات في فضاء أرحب بنظرة شموليةٍ وربطِ الشخصية المكتوب عنها بالمكان وما يحتويه من معالمَ وعاداتٍ وأعرافٍ تسترجع الذكرياتِ بجماليةِ الحاضر.
الكتابة الغيرية هي توثيق لشخصيات تركت أثرا جميلا ومعلما باقيا، شهدت على التاريخ وربطت بين بوح الذات والاحساس بالمكان والزمان وما بينهما والتفاعلُ مع الواقع بشخوصه وظروفِه.
الكتابة الغيرية كتابةٌ عن رموز سبحت في عالم الإبداع شعرا ونثرا وعبرت عن ذاتِها وتفوقت بعلمِها وتميزت بإنتاجِها وعطائِها الأدبي والاجتماعي والثقافي والرياضي.
الكتابة الغيرية عكس ما قال روسو : "أريد أن أقدم لبني جنسي إنسانا في أجلى حقيقته الطبيعية. هذا الإنسان سيكون أنا"، أو كما قال مونتاني: "أنا نفسي مادةُ كتابي"، فالكتابة الغيرية كتبتها أقلامُ المنصفين والمقدرين الأشخاصَ بأخلاقهم وعطائهم وإنجازاتهم.
هكذا هو كتاب ( شخصيات عاصرتها وعرفتها ) للمؤلف الأستاذ عبدالله الجاسم المؤلف الذي شرب من عين الحويرات ساقيةَ النخيل بزلالها وقطفَ من بساتينها ورودا، وثقَ ساعات الزمان بأجمل المناسبات وأحلى اللقاءات والجلسات، هكذا هو الجاسم ارتوى من عين أم زنبور وارتاد مسجد العباس وانتقل بين مدن وقرى الاحساء وتفحص أحيائَها وتمشى في دروبها وتأمل أزقةَ الحارات القديمة وارتاد شوارعَ الأحياء الجديدة بخصائصِها الحديثة فمزج انطباعَهُ الكتابي بين الأصالة والحداثة.
كاتبنا تذوق تمرَ الاحساءِ واستظل بسعفِها واستزاد بعطائها، ففاضت الذاكرةُ بفائض المعرفة والثقافة من خلال القراءة والحوارات والنقاشات.
عين الجاسم كاخبار المطيرفي امتلك حسَ أهميةِ الأخبار الوطنية وضرورةِ نقلِ إنتاج الكتاب ومناسات الشخصيات والمجتمعات جعل من موقع المطيرفي عين ترصدُ المكان بمعالمه التراثية والحديثة، يحلل الواقع بشخوصه وأطلاله.
رصدُ المشهد الثقافي الاحسائي قراءة وميدانا ورصدُ رموز الشعر والأدب والرواية والخطاب الثقافي ، فوثق للشخصية المنتجة فرفض نكرانَ الذات التي لا تذكر الانجازات، فأخذ على عاتقِهِ توثيقَ الشخصيات بما قدموا وابدعوا.
الجاسم صادق الشعراء والكتاب والمثقفين ورجال الاقتصاد والاعمال والرياضة، تبادلَ معهم الآراءَ والأفكارَ ودون إنتاجهم في موقعه المنتشر بين القراء ووثق مواقفهم الجميلة، واكتسب شهرة في الاعلام الالكتروني فلم يخلو نشاط من آثار قدمه وصور بعدسته الفعاليات وسطر بقلمه العناوين.
ابومحسن الف كتابه الثاني بجهد طويل وعناء مضني اسماه ( شخصيات عاصرتها وعرفتها).
كتاب (شخصيات عاصرتها وعرفتها) للاستاذ الكاتب عبدالله الجاسم مولوده الثاني الابداعي الذي احتوى على ٧٤٦ صفحة سلط الاضواء على شخصيات صادقها وتعرف عليها من خلال ثقافتها وكتاباتها ونشاطاتها، كتب في مقدمة الكتاب " فما أجمل الذكريات لأنها هي الجنة الروحية التي تبهرنا وتدوم لفترة طويلة".
الإنسان يعتمد على ذاكرته في حفظِ الاسماء ومواقفَ الأخوة والاصدقاءِ ولكل شخص بصماته التي لا تنسى في مسيرة أي إنسان.
كتاب مثل شخصياتٍ عاصرتها كتاب السيرة الغيرية بنظرة المؤلف، جمع فيه المبدعين والفاعليين والناشطيين في عالمِ الأقتصاد وريادة الأعمال ونجوم الرياضة للكتاب عدة عناوين ومواضيع بعضها اشتمل على السيرة الذاتية بانطباع الكاتب.
الاستاذ عبدالله الجاسم في هذا الكتاب يوثق علاقاته وصداقاته بنظرة إيجابية مع كل من عرفهم في مدينته وفي مدرسته وعمله وفي نشاطاته الاجتماعية والثقافية، كما قال المؤلف "لهم مكان في قلبه وعناوين الشخصيات الأخلاق".
استهل الكتاب بفئة رجال الاعمال والاقتصاد تنوعت الشخصيات منهم من تخصص في العقار وآخر في الصناعة والتجارة لهم سماتهم الخاصة بالاعمال وتجاربهم في عالم التجارة، آثارهم في الاحساء ملموسة وباقية وبعضهم رحلوا من هذه الدنيا لكنهم تركوا اثرا ايجابيا في شخصية الكاتب ابومحسن.
في القسم الثاني كتب المؤلف عن شعراء وادباء وكتاب ومثقفين اعتقد هذه الفئة كان لها النصيب الاكبر في الحضور النفسي للكاتب لأن هؤلاء لديهم قواسم واهتمامات مشتركة مع المؤلف، لهذه الشريحة مناخها الثقافي وفعالياتها بحيث يكونوا منتشرين ومشاركين في المناسبات الثقافية والادبية خصوصا أن الاحساء مشهورة بإقامة امسيات شعرية وندوات ادبية نقدية وفعاليات ثقافية.
كذلك لهذه المجموعة المعروفة بنشاطاتها حضورا اجتماعيا، هذا ما اكدته احدى الشخصيات الثقافية المعروفة بمؤلفاتها حين قال الثقافة حلقة وصل بين المثقفين والثقافة اهم حلقات التواصل والاتصال والتعارف.
الكتاب يكشف عن جوانبَ جميلةٍ لم تكن معروفةً في حياة الشعراء والأدباء عند القراء بل بعضُهم تواروا عن الأنظار وعزفوا عن المشاركات الثقافية، الكتابُ اشار لهم.
في القسم الثالث خصصه عن شخصيات الملتقيات والمنتديات الثقافية والاجتماعية.
فالاحساء اشتهرت بالملتقياتِ والمنتدياتِ الثقافيةِ وهي مواقعُ ومناسباتٌ للتعارف بين المثقفين والنشطاء الاجتماعيين، لكن في ظل هيمنة الوسائط الرقمية تحولت بعضُ المنتديات إلى مجموعاتٍ في ادوات التواصل الاجتماعي يتواصلون الاعضاءُ بالمعلومة والمعرفةِ وتبادلِ الأفكارِ والآراء ولها مناخُها الثقافي الخاص.
ومن صفحة ٥١٤ بدأ الكاتب في سرد شخصيات ربطتْه علاقاتٌ وطيدةٌ وتبادلٌ معها المعارف والتجارب الحياتية.
ولان علاقاتِ المؤلفِ واسعةٌ وممتدةٌ بالوطن العربي خصص الكاتب الجاسم نماذجَ ثقافيةً وشعريةً من خارج الوطن لهم بصماتُهم في الكتابة والثقافة والشعر في علاقاته الشخصية معهم مثل شعراء ومثقفين عراقيين.
ايضا كان لأرحامِ واقاربِ وابناء مدينته نصيبٌ في كتاب وفاءا لهم، اكتسب منهم خبراتٍ حياتيةً وتبادلَ معهم الافكار والاراء وجمعته مناسباتٌ عديدة اكتنزت ذاكرةُ المؤلف بشخصيات عديدة ومتنوعة ذات تأثير اجتماعي إيجابي.
ولأصدقاء العمل بصماتٌ في شخصية المؤلف خصص لهم صفحاتٍ، تعرّف على شخصيات متنوعة من كل مناطق ومدن المملكة فرسم لوحةً وطنيةً بتنوع سكنِهم وتعليمهم وثقافتهم ، ولأن الكاتبَ موظفُ شركة ارامكو السعودية التي تفرض طبيعة عمله الانتقال من موقع إلى آخر تعرف فيها على زملاء في دورات مهنية حتى جمعته علاقات اخوية مع موظفي وفنيي شركات وطنية متنوعة.
كذلك خصص المؤلف صفحاتٍ عن شخصيات عرفها بجامع الحسين بالمبرز ولم ينس ذكرَ بعضِ جيرانِه في توثيق علاقته بهم.
مسقط رأسه مدينة المطيرفي لها نصيب في كتابه الأول (المطيرفي في الذاكرة ) وكتابه الثاني (شخصيات عاصرتها وعرفتها) من شيوخ ووجهاء ونشطاء وعوائل امتلأت ذاكرتُه بذكريات جميلة معهم، ذكر اسماء من عائلته بعينها وشخصياتٍ من بعض العوائل التي عاصرها، وتضم هذه العوائل اطباءَ ومهندسين ورجالَ اعمال وكتابًا ومثقفين.
وفي صفحة ٧٢٨ كتب خاتمة جميلة اوجز فيها ما اراده الكاتب من توثيق هذه الذكريات وعلاقته بالشخصيات.
كتاب شخصيات عاصرتها وعرفتها وثيقة لحقبة زمنية تمتد اكثر نصف قرن انطبعت بشخصيات مختلفة في مستوى تعليمها ومناصبها الوظيفية والمهنية ومتنوعة الثقافة، أهم اهداف الإنسان التعارف والتواصل مع الناس وما قام به المؤلف عبدالله الجاسم في كتابه الثاني جهد مميز ووفاء منه لمن عاش معهم وعاصرهم اكتسبوا منه واكتسب منهم، وثق علاقته بالأفراد في الصفحات ودون انجازاتهم وإنتاجاتهم المعرفية والثقافية والاقتصادية والرياضية.
ندعو للكاتب الأخ العزيز عبدالله الجاسم ابومحسن بالتوفيق وكما ذكر أنه مستمر في إصدار كتاب آخر.
