2021/07/23 | 0 | 2340
المرحلة الراهنة و رهان الإصلاح
سلام من الله على المفكر الأديب محمد العلي :
عندما اختلف مع الحوزويين ، أول ما فعل هو نزع العمامة من على رأسه ، ثم نزل من على المنبر و فسخ الصاية و الجبة و العباء و غادر النجف !
في ذلك الوقت حنق عليه الكثيرون الكثيرون من علماء الحوزة و طلابها ومن خارج الحوزة على فعلته هذه، وإن كان لهم حق ففي نصرته لحزب البعث الذي أجرم في العراق ولَم تسلم الحوزة من إجرامه و هذا ندم ما انفك يؤرق سكينة أستاذنا ، وما يخفف وطئته عليه أنها كانت مراهقة سياسية إنعتق منها سريعا . لكن لم يكن موقفهم من نزعه اللباس الديني يجانب الصواب ، فهم لم يتعودوا رؤية المواقف التي تفصل ما بين الأبيض و الأسود ، بل كانوا يستحسنون المنطقة الرمادية التي طالما فضل الكثير منهم الجلوس فيها و الإستكانة بها.
كان ممن درّس محمد العلي في الحوزة والدي الشيخ باقر رحمه الله ، وكان الأستاذ محمد إذا دخل الحسينية عندنا أو رأى والدي في مكان ما ، يتوجه اليه و يترك الجميع ، وكنت أستغرب من هذا الموقف ، وكان إستغرابي من موقف والدي الحوزوي أكثر ، فقد كان يبالغ في الترحاب بالأستاذ ( هذا ما كنت أظنه ) ولا يكتفي بمصافحته بل يقبله على مرأى من الجميع بما فيهم العلماء الذين تجهمت وجوههم منذ أن دخل عليهم الأستاذ محمد .
لماذا أنا أستذكر الأستاذ محمد العلي أطال الله في عمره و أمده بالصحة و العافية ، إنه بسبب هذه التصرفات المسخة و المعتوهة من "السيد" أحمد القبانجي ، فسرعان ما تلوح صورة الأستاذ محمد حليق اللحية ذو الشنب الأبيض بالغترة البيضاء تارة و بالشماغ الأحمر تارة ، وأترحم على والدي و أعتب على من ناصب الأستاذ العداء من الحوزويين ، فيا ليتهم يَرَوْن هذا المسخ الذي تاجر ولا يزال يتاجر بالعمامة السوداء التي يحتفظ بها على رأسه التي ترمز لإنتسابه الى نبي الإسلام الذي لا يألوا القبانجي جهدا في ذمه و تحقيره و تحقير كتابه " القرءان " وقد تكون كلمة "الكاذب " التي يطلقها على هذا الرجل العظيم الذي شهد به مفكرون من شتى الحضارات و الديانات ، أقل الكلمات تحقيرا في المفردات التي يصدح بها القبانجي.
فإذا كان محمدا ص عند القبانجي كاذبا و مخادعا ومحتالا فلماذ يصر على إرتداء عمامة ترمز للإنتساب إليه. واذا كانت الحوزات الشيعية فاسدة و منحطة و متخلفة و ،،، و ،،، فلماذا لا يخرج علينا ولو لمرة واحدة بدون لباسه الحوزوي !!!؟
لماذا ؟
لأنه لا يستطيع فهو مفلس لا يملك إلا هذه البضاعة فهي تجارته عند بعض أمراء الخليج المطبعين ، بل المتحالفين مع دولة الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين الكنعانية .
هو ، أحمد القبانجي يعرف تمام المعرفة أنه لا يقدر على نزع زيه الحوزوي ، فهو عندما ينطق من تحت العمامة السوداء فهو يسرق عاطفة مستمعيه المحبة لجده الذي يقدح فيه ويذمه لأن في قرارة نفسه يعلم علم اليقين أن خزعبلاته لن تنطلي على أصحاب العقول اللبيبة فيستعين عليها بسرقة قلوبهم عبر هذا الزي الحوزوي ، فهو لم يعد ذلك الآخوندي الجاهل المحتال ، بل هو المتحرر من عبودية الدعوة المحمدية ومن الإنتساب الى أهل بيته ، والدليل على ذلك لباسه !، نعم إنه يتكئ على الصورة التي يريد أن يراها فيه مستمعيه قبل أن يزنوا كلامه في عقولهم !.
ولنا الحق النظر في هذه الظاهرة المشبعة بالمتناقضات ، فالقبانجي لم يحتفظ بها لنفسه ، بل جعلها بضاعة يتسوق بها و يبتاع وبالتالي تقليبنا لبضاعته قبل الشراء حق مكتسب لنا سنمارسه ، ولابد أنه لن يمانع في ممارسة حريتنا التي صادرها الإسلام حسب زعمه ، ولو كان هو الخاسر ، وإن أزعجه ذلك ، فليتمظهر بمظهر الفرح و يفتعله كما يفتعل ذلك في الظهور بزيه الحوزوي ، فأنا أشهد له بالشطارة في هذا المضمار .
من هنا نقول و نسئل : هل فساد بضاعة القبانجي التي يعرضها كما أسلفنا هي السبب في إصراره على إخراج صورة تحمل حالة من التناقضات لا غير ذلك ، أم هناك أسباب أخرى !؟. نعم أسباب أخرى و أهم من السبب الذي ذكرناه وهي :
1-عقدة المفكر الإيراني عبدالكريم سوروش فهذه العقدة لم تنفك من الحالة النفسية التي وقع فيها السيد أحمد القبانجي ، لأنها مسكونة فيه ، فهو لم يعرف في الوسط الأدبي ثم الفكري إلا أنه المترجم لكتب سوروش المكتوبة باللغة الفارسية ، الى اللغة العربية ، ومهما حاول القبانجي تقمص دور المفكر إلا أن لعنة سوروش تلاحقه عبر أسئلة جمهوره ، وما المفردات البالغة في البذاءة التي لم يخلو قاموس القبانجي منها يوما ، إلا أسلوبا مبتدعا من القبانجي لصرف ذهن السائل عن أفكار سوروش الى شخصيته المتمردة ، لأنه في حقيقة نفسه لا يملك أفكارا، بسبب التبعية التي نشأ عليها .
2-نفسه التابعة ، أحمد القبانجي من العراقيين الذين انتقلوا من صفوف الجيش العراقي الى صفوف ( العدو ) الحرس الثوري الإيراني ، وحارب ضد جيش صدام ، لكن ماذا حدث نتيجة هذه الإندفاعة الى المتناقضات وفي عجلة من أمره، التي خلفت مرارة و حقد و كره لا متناهي للجهة العراقية (الأحزاب الدينية الشيعية ) التي ربطته بالحرس الثوري و التحاقه بجبهات القتال ، ففد فقد يده اليمنى من وسط الذراع ! فتراه لا يلبس البشت (العباء) بل يطويها و يضعها عل ذراعه الأيمن المقطوع ، وهذا تقليد مألوف عند وجهاء رجال الخليج ، ولَم يعرف في الوسط الحوزوي ، والقلة يعرفون سبب تصرف القبانجي هذا ، والذي لا يعلم سوف يفاجأ حين السلام على " السيد " الذي سيقوم بمد يده اليسرى للمصافحة . وهذه عقدة أخرى سكنت وما انفكت عن " السيد" بل زادات من تأزمه النفسي الذي تطلب علاجا نفسيا بجانب الجراحة و الأدوية التي لازمته الى حين الشفاء من فقدان يمينه .
3-كان سبب دخول "السيد " القبانجي معترك الفكر. الأدب هو حس المسئولية من مسئوليه لإخراجه من الحالة النفسية المتردية ، فكونه " السيد " يتقن اللغتين العربية و الفارسية قراءة و كتابة وله باع في المصطلحات الفكرية في كلتي اللغتين ، جاء من أشار عليه بترجمة بعض الكتب للمفكرين الإيرانيين الى اللغة العربية ، وليس لي علم إذا كان " السيد " قد قام بترجمة كتب لكتاب إيرانيين قبل كتب سوروش ، وما هو معلوم أن إختيار كتب سوروش ليس لأنه في خلاف مع الحوزة فهذه مرحلة لاحقة جاءت فيما بعد !، بل لكون سوروش مفكر مثقف يعيش حالة الوئام و الود مع حوزة قم ، وكانت كتبه خصوصا كتاب " البسط و القبض " نال رضى الحوزويين و المثقفين على حد سواء فقام " السيد " القبانجي بترجمته ، ونال شهرة كان الكتاب قد نالها بطبعته الإيرانية ، و للقارئ الكريم أن يتصور "السيد" القبانجي المهزوم نفسيا الخالي من كل شيء ما عدى عاهته ، أن يكتسب شهرة لم يكن هو الفاعل الرئيسي فيها حيث لم ينصفه القدر الذي جاء بهذه الشهرة " مترجم " مقرونة بشهرة مفكر .
4- يبدو أن حالة الرضا من حوزة قم لإطروحة البسط و القبض التي شرحها سوروش في كتابه ذائع الصيت ، لم تنال الرضا من سوروش نفسه ، بل قال البعض أن عبدالكريم كان يتوقع السخط من هذه المؤسسة الدينية على كتابه ، وذلك لحب في نفسه لنفسه ، فهو الجامعي المستقل ( صفة لا يملكها القبانجي ) الذي يستطيع نقد المؤسسة الدينية ، وليس الذي يجري خلف الطلب في ودها ، فكتب كتابا آخر "بسط التجربة النبوية " تعمد فيه الجرح و النقد "لتجربة " نبوة محمد ص ، بدليل إنتقائه المتعمد لروايات من صحيح مسلم و البخاري ، ومن كتاب أسباب النزول للواحدي ، وهذين كتابين من المدرسة السنية وليسا من مدرسة أهل البيت ، بل هما محل جرح و شك ولا يقطع بمروياتهما إلا انهما يصبان في الهدف المرسوم من كتابته لهذا الكتاب ، إلا وهو الطعن في الوحي المرسل و المرسل إليه . و أشفع إستنتاجاته الظنية بأقوال من محمد إقبال الهندي ذو الشهرة في الوسط الإيراني ، كما أن سوروش تجنب متعمدا قدر ما أمكنه الإستشهاد بآيات من القرءان الحكيم كي لا يقع ضحية بلاغته التي حاول سروش تسطيحها و تجريدها من ملكوتيتها لمعرفته الجازمة أن لا قدرة منه على الإستشهاد بها .
5-تعد هذه المرحلة إنقلابا في تموضع سوروش من الود الى السخط مع المؤسسة الدينية الذي انتهى بمسرحية مفتعلة كان سوروش ضحيتها و بطلها في نفس الوقت .
هذا التموضع لسوروش تطلب تموضعا مختلفا من بطلنا "السيد " أحمد القبانجي فدار معه حيثما دار ، لا لسبب بل لعدم قدرة شخصية سيدنا الغير مستقلة على الإستقلال بسبب التراكمات النفسية التي خلفتها الأحزاب الدينية التي ما انفك السيد من التهجم العصبي عليها . وظن السيد أنه وجد ضالته في الإنتقام لمن سبب العاهة الدائمة له ، فأصبح الناطق الشيعي العربي لمظلمة سوروش التي انتقلت الى إستماتة في تعرية " النظام الفارسي الصفوي " .
6-الحالة السياسية المتقلبة في إيران بين القوميين الفرس و بين الإسلاميين كانت هاجسا إشتغل عليه الكثيرون بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية وكان وقتها ملائما لدخول القوات الأمريكية بلاد الرافدين و الإطاحة بنظام صدام حسين عدو الشعب العراقي و عدو الأنظمة من حوله . هذه الحالة المستجدة في العراق أثارت أسئلة حول الإنتماء الذي ينتمي إليه الشعب العراقي والى هويته الوطنية . هذه التساؤلات تجذرت حتى وصلت الى عمق الفكر و المعتقد الشيعي كان المتهم فيها هو " الفارسي الصفوي " في الدرجة الأولى .
7-هاجر سوروش الى أمريكا حاملا شعار "البطل " معه، الذي سرعان ما نسيته الدوائر الأمريكية المختصصة بالشأن الإيراني ، مكتفية بتأمين وظيفة كان سوروش يشغلها كمدرس في أحدى الجامعات الإيرانية ، فهل ينتظر " سيدنا " القبانجي مصير النسيان كمعلمة سوروش ، أم يتغلب على نفسيته ذات التبعية الغير مستقلة و يبادر بإنقاذ نفسه بنفسه من هذه الحفرة التي وجد نفسه فيها .
من الواضح جدا ، أن "سيدنا" أحمد القبانجي وصل الى مرحلة من العمر ما يجعله يفكر مستقلا عن سوروش ، في وضعه المالي وفِي مكانته في الوسط الأدبي و الثقافي ، وفِي دوره في عجلة "الإصلاح" التي يرفع بيرقها ، وأن مكوثه في العراق "الضائع " في الصراعات المكلفة دون جدوى (على الأقل من وجهة نظر سيدنا ) لن يحقق شيء له ، فمشروعه الإصلاحي (ذو الوجاهة و الشهرة والمال) يتحقق في دولة حديثة تمتلك المقومات المالية و الإعلامية و الطموح في التوسع و بسط النفوذ ، وهي مستعدة لإشباع أصحاب النزوات ممن عندهم المؤهلات التي يصدق عليها المثل الشعبي " كُلي يا جبتي "
لكن و السؤال هنا لمن يرفع صور "سيدنا " القبانجي و ينشر محاضراته و مقابلاته في السوسيل ميديا من المثقفين العلمانيين ، هل القبانجي جدير بأن يكون هو رجلهم في التغيير لهذه المرحلة ؟؟ ، سواء رضينا به أم لم نرضى ، صدقناه فيما يدعي أم كذبناه .
فهناك نموذج وطني مرضي عنه في الوسط الثقافي المتدين و العلماني هو النموذج الذي طرحته في بدايات هذا المقال مقابل شخصية القبانجي المضطربة ، ألا وهو شخصية أستاذنا الأديب محمد العلي الذي مارس الإصلاح طيلة أكثر من نصف قرن في سكينة و وقار .
ولماذا أقول هذا ؟
أقول هذا لأننا نعيش مرحلة جديدة من الانفتاح ومن قبول الآخر ومن نزع ما هو مقدس مما ليس هو بمقدس ، فالقبانجي لا يصلح لهذه المرحلة ولا يخدمها بل يسيء اليها و يصرف النظر الى ما تريده هذه المرحلة من صرف النظر عنه . أم أن المثقفين العلمانيين سيظلون حاملي الشمسيات بالرغم من توقف سقوط المطر في واشنطن ؟! ، وسيظلوا يتمسكون بها مرددين مقولة :
" مغنية الحي لا تطرب أهلها " ، ومقولة "فلا حظت برجيلها ولا خذت سيد علي "
——————
جديد الموقع
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس المجلس المحلي للمحافظة
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس اجتماع اللجنة العليا لإنشاء المستشفى الجامعي التعليمي
- 2024-04-29 وعي القلم والأمل نص مستخلص من مجموعة (كلام العرافة) للدكتور حسن الشيخ
- 2024-04-29 ريم أول حكم سعودية لرياضة رفع الأثقال حازت على الشارة الدولية
- 2024-04-29 بيئة الأحساء تدشّن أسبوع البيئة 2024 تحت شعار "تعرف بيئتك"
- 2024-04-29 منتدى البريكس الدولي يكرم الفنان السعودي الضامن في غروزني الشيشان ..
- 2024-04-29 حققوا المركز الأول على مستوى المملكة كأعلى تسجيل للطلاب طلاب "تعليم الرياض" يفوزون بـ13 ميدالية في أولمبياد "أذكى"
- 2024-04-29 جمعية العمران الخيرية بالاحساء للخدمات الاجتماعية تحظى بتكريم مرموق من مركز الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري .
- 2024-04-29 مبادرة خطوة قبل الشكوى تبدأ فعالياتها بتأهيل اناث الدمام
- 2024-04-29 افراح الشبيب والعبدالسلام في قاعة الفارس بالاحساء